الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتمية الخيار الثالث

ناجي الناجي

2006 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تمر جل الشوارع العربية في هذه الحقبة من التاريخ الإنساني بحالة من التخبط و السلبية و قلة الحيلة و الإبحار في وسط المحيط دون معرفة المآب أو رؤية نورسا يحلق ليبشر بشاطىء على مرمى البصر ، هذا التيه رافقه إنحدار منطقي في معظم جوانب الحياة : إنحدار في المجتمع و الأد ب و الفن و العلم و الإقتصاد و حدث و لا حرج .
و لعل أحد أهم أسباب هذه الحالة العامة من الإبهام هو مفترق الطرق الذي تصطف عنده الجماهير العربية لتجبر على اختيار أحد طريقين : إما القبول بالأنظمة الحاكمة الحالية و ما يترافق معها من حرص على العروش و حدها مع إهمال المتطلبات الثقافية و الإجتماعية و الحياتية لاسيما المقهور ، و إما اختيار الحركات الدينية النشطة بين الصفوف لتقديم نفسها كبديل للأنظمة القائمة مستغلة في انحسار دور الدولة و الجمهور في تحديد ملامح البنيان الاجتماعي و مستغلة أيضا عاطفة اللجوء إلى الكتب المقدسة أوقات المحن ، فأضحت تعمل بكد على إلتقاط أصغر الأخطاء و أكبرها للأنظمة الحاكمة لتحشد المزيد من الشعبية المكتسبة من أخطاء الغير ، إلا أن قدرة هذه الحركات الفائقة على التأويل و الاستعداد للتحالف مع أي كان للوصول إلى سدة الحكم بدأت تثير علامات استفهام لدى المواطن العربي القادر على التحرر من قيد حرمانية السؤال عن شرعية هذه الحركات ، أو القادر على الفصل بين الدين و السياسة .
الوضع الراهن من إضطهاد و اضمحلال جعل المواطن العربي يفقد الثقة جملة و تفصيلا في أنظمته و يقتنع بأن عدد المعتقلات المنشأة في يزيد على عدد المشاريع الاقتصادية لدولته مما جعله يؤثر الصمت و الإكتفاء بدور المشاهد فأمسى السير بجانجب الحائط و النأي عن الحياة السياسية سمة الكثيرين مع الدعاء سراَ بتلاشي هذه الأنظمة و قدوم الحركات الدينية بديلا عنها لأنه يرى أنها الأنشط و الأكثر جماهيرية و الأقدر على مقارعة النظام ، أما القناعة الأيديولوجية أو الإجتماعية الإقتصادية فهي لا تزال بعيدة عن إدراكه في ظل غياب الثقاة العامة و و تلاشي القناعة بدور الفرد كنواة للمجتمع .
هذا الجدل الدائر بين خيارين – أرى كليهما غير مجد للجمهور العربي – أنتج ضرورة صعود بديل حقيقي و مخلص و قادر على تحقيق التوازن بين النهضة الإقتصادية داخليا و و التفاعل مع المجتمع الدولي غير النتمثل في الولايات المتحدة على المستوى الخارجي ، لا بد من بديل يعمل على إعادة مردود موارد الدولة إلى مستحقيها ، بديل يعمل على حث المقهور و الفقير و العاطل على العمل بإخلاص ليكافىء بإخلاص ، بديل ينحر الفساد و العمالة و الإستغلال و ينحاز للمهمشين لا لرؤوس الأموال ، بديل تقدمي لا يعيدنا ألفا و خمسمائة عاما إلى الوراء ، بديل ينمو بين بين صفوف الجماهير و يعمل لنصرتهم بشفافية محضة ، بديل يبني مجتمعا متماسكا قادرا على الوقوف أمام المتربصين بأوطاننا و المراهنين على جهلنا و أساطيرنا .
لا بد للمثقف العربي أن يغادر برجه العاجي و يقف بين صفوف الجماهير يفتح مداركهم و يحثهم على اجتثاث الموت القابع بين صدرورهم إن أردنا الحياة فلابد أن نقتل الردى الرابض في أزقتنا و لابد أم نكسر أصنامنا و نقف مالمتاريس في و جه الشعارات المقدسة ، لنبدأ عملنا بالوصول إلى المقهورين ثانية ، بالمزمار و القلم و البندقية و ريشة الفنان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرائق غابات أشعلتها صواريخ حزب الله تجتاح شمال إسرائيل


.. مطالب في ألمانيا بترحيل مرتكبي الجرائم الخطيرة حتى إلى الدول




.. بلجيكا.. لماذا لا يهتم البلجيكيون من أصول مهاجرة بانتخابات ا


.. ألعاب باريس: روسيا متهمة بشن -حملة تضليل- مكثفة لتشويه سمعة




.. ثلاثة مجالس في أوروبا.. اثنان منها فقط من مؤسسات الاتحاد الأ