الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب ، قصيدة : -صُرّةُ الفقراءِ المملوءةِ بالمتفجراتْ- ، وصفٌ وترجمة 1-3

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2022 / 5 / 21
الادب والفن


1. مقدمة
في معرض الإيفاء ببعض البعض من الوفاء لسيد الشعراء العرب : مظفَّر عبد المجيد النوّاب – الذي غادرنا بالأمس (20/5/2022) غريب الدار مثل غيره من عشرات أنفس يواقيت الأدب والفن العراقي و العربي و العالمي طوال القرنين العشرين والواحد والعشرين – اخترت عرض ووصف وترجمة قصيدته الشهيرة عن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني النازي لفلسطين ذات العنوان أعلاه في هذا الجزء من المقالة وما سيليها .
نص القصيدة المثبت هنا منقول من تسجيل بالصوت و الصورة للشاعر نفسه و هو يلقيها في حفل جماهيري ، مُتاح على الرابط :
https://www.youtube.com/watch?v=NmEJoZrDsKI
مع مقايسته مع نصها المنشور في كتاب :
الأعمال الشعرية الكاملة : "مظفر النوَّاب ، مع ديوان الرّيل وحَمَد" ، مكتبة البوَّاب ، بغداد (ص: 416-427).
2. نص القصيدة
صُرّةُ الفقراءِ المملوءةِ بالمتفجراتْ
"أبو مشهور مقاتلٌ فلسطيني ، قاومَ في مذابح الأردن ، ورفضَ أن ينسحب ، وماتَ بظروف غامضة بعد ذلك . في "أبو مشهور" فردٌ ورمزٌ في القصيدة ."

أفَلَ الليلُ ،
وَقبرُكَ في الأُفُقِ الشرقيِّ يُوازي الشمسَ ،
يُوازي همَساتِ السَّعفِ ،
وَثمةَ طيرٌ منكفئٌ تَدفعُهُ الريحُ ،
ورأسُكَ في الطينِ الباردِ ساكنةٌ
ترتاحُ إلى حَجَرٍ أرحَمَ من هذي الدُّنيا وسفالتِها ـ
فالعالمُ آلةُ إيذاءْ .
لا تتغيرُ بعد الآنَ ، ولا الأرضُ ،
فإنَّكَ بالاسمِ الأولِ أحلى الأسماءْ .

أقسمُ أنك تلتفتُ الآنَ الى بلدِ الموتِ ،
وقبركَ بعضُ خيامِ فلسطينَ ،
تفتِّشُ عن بيتٍ يجمعُ كُلَّ الغرباءْ -
الثورةُ بيتٌ يَجمعُ كلَّ الغرباءْ .
وتفتّحُ جفنيكَ رطوبةُ ليلِ القبرِ نشيجاً
لم يجدِ الوقتَ الكافيَ بالأمسِ لديكَ ،
وحرفاً يكتظُّ على شفتيكَ بكلِ أداناتِ الشهداءْ -
والحرفُ يشخّصُ بعضَ الأوهامِ ،
وبعضَ الأسماءْ .

هل أنتَ تصيخُ خلالَ مسامِ الأرضِ
لريحِ بساتينِ الموزِ
تهبُّ على الغورِ
وتذرو في الليلِ بقايا مذبحةِ الأردنِ والأشلاء ؟
لم يبقَ سوى وتدٍ واحدَ في الأرضِ
يطلًّ على نهرِ الأردنِ في صمتٍ ،
ويثبِّتُ حقاً بالعودةِ
أكثرَ من كلِّ حشودِ الخوفِ العرجاءْ .

أدينُ بموتكَ مقبرةً حولي يتفسّخُ فيها الأحياءْ .
أدينُ بموتكَ
أزياءَ التهريجِ وقاعاتِ المؤتمراتِ ،
وعرضُ النظريات الأزياء .
أدينُ بموتكَ عُهرَ الشارعِ
يَقرأ فاتحةً وتثاؤبتينِ على الشهداءْ .
أدينُ بموتكَ أنَّ رؤوسَ الأموالِ وراءَ الأشياءْ .
أدينُ بموتكَ -
لكنَّ الصمتَ يعضُّ على قلبيَ
حينَ أواجهُ أن حروفَ المرتدّينَ بدونِ حياءْ .

ولمِ الصمتُ وأولُ ساعاتِ الفجرِ تقومُ بأكفانك
في غضبٍ ، تتوعدُ كالبرق بأعلى الصحراء ،
تتسلل عبر خيامٍ يستكثرها الحكام عليك ،
تشدًّ الغدّارة في وَجدٍ ، وتقبِّلها -
والصدرُ الثوريُّ رجاءْ .
تمسحُ بابَ القدسِ بما فيك من الشوقِ لها ،
وترشُّ حدائقَها .
أقسم إن حَمَام الساحات سيعرِفُ ثوبَكَ ،
والأيتامُ سيجتمعون اليك بأمعاء فارغةٍ ،
وعيونٍ فارغةٍ ،
وأمانٍ فارغةٍ ،
وملابسَ من صدقات السِّلم .
وأنت تزور بيوت الفقراءْ .

سَيرونَكَ تحمل صرّة حزنٍ مثل جميعِ الفقراءْ .
سيرونكَ تقطعُ تذكرةً للصرةِ في الباصِ الإسرائيلي ،
وتجلسُ بين الناسِ الغرباءِ عن القدسِ .
تسافرُ في صمتٍ ،
وترى السهمَ على زاويةِ الشارعِ ،
و المرضَ العبريَّ يشيرُ إلى اللِّدْ -
السهمُ يشيرُ إلى اللِّدْ .
تكادُ تنطُّ الصرةُ كالأطفالِ ،
تشدُ على وجهكَ في فرحِ أجسامٌ تُشير إلى اللّْدْ -
و يحتشدُ الآن بعزمكَ كلُ الشهداءْ .

يَنزلُ آخرُ مَنْ في الباصِ ،
تَنزلُ أنتَ سريعَ الخُطى ،
تَخطُّ على أبوابِ مطار اللّدِ خياناتِ ذوي القربى ،
وشراكتهم للأعداءْ .
والآن فقط :
تنزعُ ثوبَك؛
أكفانَك ؛
خاتمَ عرسك -
تمسي مجهولاً .
وتوزعُ تلك الأشياءَ الربانيةَ في صرتك الزرقاء
بأرجاءِ مطارِ اللدِّ .
وبعد قليلٍ ،
حسب التوقيت الصيفي -
فأنت تحبُ التوقيتَ الصيفي -
ستفجرُ الخزاناتُ ،
وتنفجرُ الصالاتُ ،
وينفجر الحلُّ السلمي ؛
وتهتزُ اللدُ من النشوةِ ،
حين تراكَ تغادرها عَجِلا ًمتّقدَ القلبِ
وتفتحُ دفتركَ الثوريَّ لتسجيلِ أماكنَ أخرىْ .

أدينُ بموتكَ
ألّا تتفجرَ بأرضي أماكنَ أخرى .
أدينُ بموتكَ
كثرةَ ما تُحشى بالتبنٍ فقاعاتُ الصابونِ
فتُصبحَ أسماءً كُبرىْ .
وأدينُ بموتكَ أصلاً
أن الثورة تَقطعُ أرضاً لتسمى تلك فلسطين -
بديلاً عما مُتَّ لَها ، والناسُ يموتون لها ؛
ليست تلكً فلسطينُ ـ أبا مشهورَ -
ولكنَّ تلكً خياناتٌ كبرىْ .

وأطالبُ بالسيف ليغسلَ بعضَ الأوهامْ .
من كانَ مع السيدِ هنري فليرفعَ ياقتَهُ ؛
من كانَ مع الثورةِ فليرفعَ قبضَته -
قبضاتُ الثورةِ أعلامٌ .
سيرَونكَ تأتي من جهةِ القبرِ ،
تَلوحُ عليك مخايلُ أقحاحِ البدوِ .
تلفعتَ بخرقةِ خامٍ سمراء ؛
تحزَّمتَ قنابلَ في حبلٍ من مسدٍ ؛
تتربصُ حولَ حقولِ النفطِ كموعدِ عشقٍ ؛
يا ألله !
وقبلَ التنفيذِ بمملكةِ النفطِ ، وشاياتٌ حصلت:
قبل التنفيذ ، وقبل التنفيذ .
حَذارِ ،
حذارِ حذار ، أبا مشهورَ ، حذار .
وألقى الحرسُ النفطيُّ القبضَ عليكَ ،
وصارَ مصيرُكَ مجهولاً ثانيةً في الصحراءْ .

يَحضُرُ مؤتمرُ القمة للتحقيقِ ،
وتُنزعُ أكفانك ؛ تُنبَشْ .
ما اسمك ؟
لمْ تَنبسْ .
ما اسمكَ ، ها ؟
لمْ تَنبسْ .
عمرُك ؟
لمْ تَنبُسْ .
وتبسَّمتَ -
فليس هنالك عمرٌ للشهداء .
من أي بلادٍ أنت؟
تُشيرُ الى الصُرَّة :
تلك بلادي .
أشهدُ أنك منها ؛
نَشهدُ أنك منها ؛
وتَغذيتَ من البارودِ بتربتها .

نحنُ الشعبُ ،
ونَشهدُ أنك منها ، وتغذيتَ من البارودِ بتربتها .
نُقسمُ أن نسترجعَ كلَّ فلسطينَ ، أو التَدميرُ ،
ونَسفُ الآبارِ ، وحتى العودة .
السهمُ يشيرُ إلى الآبارِ ،
السهمُ يشيرُ إلى الأسماءِ الكبرى ؛
السهمُ يشيرُ إلى الدولِ الكبرى ؛
السهمُ يشيرُ إلى مكة .
السهمُ يشيرُ إلى -
إذ ذاك يغصُّ التحقيقُ ،
ويَسقطُ ريشُ الحكامِ جميعاً .
ويُصوَّتُ أن تُدفن فوراً ؛
تُدفنُ فوراً .
وتقومُ ، وتُدفن ثانيةً .
وتقومُ ، وفي يدك الصرّة ثالثةً ؛
تُدفنُ رابعةً .
تنهضُ ألفاً ،
تُدفنُ ألفاً .
تذهبُ آخرة ً وفراقا ً،
وتحاسبَ هذي الدنيا ،
حتى تشهدَ أنّك منها ،
وتغذّيتَ من البارودِ بتربتها .

مُظفَّر النوّاب

يتبع ، لطفاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم