الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة لاتدري .. ولا تدري أنها لاتدري

باسم السعيدي

2006 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


سأل أحد العراقيين من مزدوجي الجنسية عراقياً عركته أيام الحصار وخبز الحصة التموينية الأسود ( من فضلك قل لي قيمر عرب شيصير من إبراهيم عرب ؟؟) فوقف الأخير حائراً لايدري بما يجيب وقال أخيراً (تشابه أسماء ليس إلا)!!!.

في تصريح آخر مثير ليس مثيراً للجدل بل "لشق الجيوب ولطم الرؤوس" خرج علينا به السيد الدكتور حسين الشهرستاني وزير نفط الحكومة، يقول الشهرستاني ( إن ضغوطاً هائلة تمارس على الحكومة العراقية لرفع أسعار المشتقات النفطية ، كي تتم الموافقة على إسقاط الديون) .
وليس بمقدور أحد ممن يسكن خارج العراق فهم معاني وتداعيات هذا التصريح ، إذ أن ظاهره جيد ورشيق .. وباطنه إذا كان يعني شيئاً فيعني أن السادة وزراء حكومة ما وراء الكونكريت المسمّاة المنطقة الخضراء غير مطّلعين على أبسط متطلبات هذا الشعب المبتلى وحاجاته الأساسية والملحة التي تصل الى قوت يومه .
الذي لايعلمه السادة الوزراء ومنظِّرو الحكومة من (خريجي الجامعات الكبرى العالمية) أن مفردات تطوير وتحسين الأداء الإقتصادي تأتي بالمرحلة اللاحقة بعد تحسين أداء (ديمومة الحياة ذاتها) .

دعوني أشرح الموضوعة ببساطة متناهية :-
1 – هنالك مشكلتان مشكلة لدى الحكومة تتعلق بتطوير الإقتصاد بأساليب منها إلغاء الدعم وإسقاط الديون والقضاء على الفساد الإداري ، وأثبتت الحكومة أنها ليست بقادرة إلا على الشعب بمصادر عيشه وفشلت فشلاً ذريعاً في محاربة الفساد من خلال تفعيل دور القضاء ودور دائرة الإدعاء العام من خلال هيئة تمييع القضاء وأقصد بها هيئة النزاهة التي لاتحكمها آلية للقضاء على الفساد داخل هيئة النزاهة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الحكومة تنوي حلّ مشاكلها من خلال زيادة مشاكل الشعب.
2 – الشعب العراقي واقع تحت ضغط معضلات وليس مشكلات،فمنها الملف الأمني المتردي الذي ألقى بظلاله على تحصيل لقمة العيش التي أصبحت نوعاً من أنواع الحرب وخصوصاً بعد الحرب الطائفية الناشبة في العراق ، فأهل بغداد وديالى وقعوا في مشاكل كانوا في غنى عنها ، فمن كان منهم محظوظاً هو الذي محل عمله ومصدر رزقه في منطقة مغايرة لإنتمائه الطائفي بينما يقع منزله في منطة آمنة ، ربما يتعرض للقتل بسبب وجود مصدر قوت عياله القلق إلا أنه مطمئن على عائلته من القتل والتهجير ، وغيره كان قد وقع في المعضلة الأسوأ وهو وجود مصدر رزقه وقوت عياله ومحل سكنه في منطقة مغايرة " بيئة معادية" بحسب المصطلح العسكري ما يعني أن عليه البدء من الصفر في سلّم الحياة المتعِب هذا هذا إذا نجا هو وعياله من القتل، وحتى الذي يسكن بيئة آمنة نسبياً فهو ليس بمتجى من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة ولذلك فإن المواطن الذي كان يخرج الى الأسواق بات لايخرج إلا لماماً وبحسب الضرورة فقط ما يعني أن الإنفاق وصل حدوده الدنيا مما سبب ركوداً هائلاً .
أما الحاجات الضرورية فالأسعار تضاعفت الى عشرة أضعاف وربما أكثر في بعض المفردات اليومية وفي المحروقات وصلت الى عشرين بل خمسين ضعفاً فضلاً على زيادة أعباء الحياة بإضافة الفقرات الجديدة على كاهل المواطن كالمولدات المنزلية ومصاريفها والإشتراك الشهري في مولدات الكهربائية في الأحياء السكنية وأتاوات الحراسة غير القانونية ، كل ذلك شلّ الحياة ومصادر العيش بل بات الكفاف نفسه شحيحاً .
الأعجب أن المواطن لمّا يستفق بعد من هول زيادات اسعار المشتقات النفطية المطَّرد بمناسبة ومن غير مناسبة ، فكما يتذكر ( أولو الألباب) إن اسعار المحروقات زادت من 3-5 أضعاف بمجرد أن وضع الناخب صوته (وتقشمر) في صندوق الناخبين ، ثم في غفلة من الزمن وفي خضم أزمة المشتقات الأخيرة التي تطيح بأعتى حكومات العالم (لو كان لديها بقية من كرامة وشعور بالمسؤولية) زاد السيد الوزير سعر البنزين رسمياً وعرفياً سعر لتر البنزين من 250 الى 350 دينار .. ولم يكد يمضي شهر واحد على (حلّ) الأزمة حتى بادرنا الرفيق الشهرستاني بهذا التصريح الذي يعدُّ بمثابة حجارة أخرى على رأس المواطن البسيط من غير ذوي الحظوة والجنسية المزدوجة (والدخل المحدود) بينما مازال سلم رواتب الموظفين لايكفيهم ثلاثة أيام بينهما ليلتين .
وفي المقابل هنالك (ذوو العلاقات) الذين لايعرفون طريقة لصرف آلاف الدولارات التي يحصلون عليها من العقود الحقيقية والزائفة على حد سواء .. لايعرفون طريقة لصرفها في بلد موجوع مفجوع كالعراق فباتوا يصرفونها في دول الجوار وكلُّ حسب قدرته المادية فمنهم من يزور سورية بين الحين والآخر لتبديد الشد العصبي والنفسي الناتج من تواجده داخل العراق وآخر لديه مكنة أعلى فيذهب الى الأردن وثالث لايكتفي بهذين البلدين بل يروِّح عن نفسه في شرم الشيخ في مصر .. وأما أصحاب الجنسيات المزدوجة (من ذوي الدخل المحدود!!!!!!) فإصطيافهم وإشتاؤهم في مواطنهم الأخرى كأوروبا وأمريكا ..
يتضح من (الإغفاء الحكومي) عن رؤية كل هذه التعقيدات أنهم على صلة وثيقة بالصنف الثاني من العراقيين وليس الأول .. ونحن نعلم (العراقيين) أن مستشاري الحكومة جميعاً هم من (ذوي الدخل المحدود) ممن ينظِّر وهو مرتاح لاهم لديه ولا معاناة اللهم إلا ما يراه على شاشات الفضائيات مما يكدّر السفر والترويح أو يحرج بعضهم من خلال اللقاءات الصحفية .
المشكلة الأعظم هي أن الحكومة تنوي حلّ مشاكلها من خلال إلقائها على كاهل المواطن .. ولو تمكنت الحكومة من حلحلة معضلة الفساد الإداري وسرقة المال العام لقلنا أنها جادّة في تنقية الأجواء .. أما أن السيد وزير النفط يقلق بشأن (المخططات البيانية) لتصدير النفط وإحصاءات الدين العام ولا يعبأ بالإحصاءات التي تتحدث عن البطالة وخط الفقر وإحصاءات الإقتتال الطائفي ويغض الطرف عن الحرب الأهلية الدائرة فهذا يؤشر الى خلل كبير في إنتماء هذه الحكومة الى هذا الشعب .. بل قد يؤكد الرأي القائل ( قيمر عرب ابن عم ابراهيم عرب ؟؟؟) وهذا الرأي لم يذهب اليه العراقي الذي (أتخم من الجوع أيام حصار التسعينات) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات جديدة بشأن الهدنة في غزة


.. شاهد| مسيرة في شوارع دورا جنوب الخليل ابتهاجا بخطاب أبو عبيد




.. مقتل طيار بالقوات الجوية البريطانية بعد تحطم طائرة مقاتلة


.. دمار هائل خلفه قصف روسي على متجر في خاركييف الأوكرانية




.. حكومة السلفادور تلعن نشر آلاف الجنود لملاحقة العصابات