الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبحان مقسّم الأرزاق: ليس للكفن جيوب

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



توفي قبل فترة وجيزة، وفي وقت متزامن تقريباً، شخصان، في بلدين متباعدين نسبياً، أحدهم مسؤول أمني رفيع في دولة بوليسية قمعية شهيرة بالمنطقة، تـُولي الأمن والعمل الأمني أهمية قصوى في إدارة هذه الدولة، ويعتبر الأمنيون فيها، رغم تواضع مستواهم العلمي وتدني تحصيلهم الدراسي، "نخبة النخبة" هناك، ويعتبر المركز والمنصب الأمني، وبما يوفـّر للشخص من سطوة وحظوة ونفوذ هائل، أهم من عمل البروفيسور والباحث الأكاديمي، والطبيب الاختصاصي والمهندس والمحامي، وعالم الفضاء، وهي الوظيفة الأولى من حيث المكانة الرسمية والمجتمعية، وبالتالي استطاع هذا "المرحوم" جمع ثروة طائلة "لا تأكلها النيران" كما يقال....
وأما الشخص المتوفي الثاني فهو رئيس (ملك عربي) لدولة إقليمية فاعلة ومتخمة بالثراء الفاحش والأموال الطائلة والهائلة، وفي هكذا منظومة سلطوية "ملكية" إضافة لأنها ذات تراتبية قبلية وأبوية وحكم مطلق، فلا يـُسأل بها الرئيس عما يفعل، وعادة ما تكون ثروة البلد كلها تحت تصرفه، وهي- أي الثروة - حقيقة ما جمع، ويجمع، بين الشخصين في موضوع هذه المقالة، ناهيكم عن النفوذ الذي كان لهما اثناء حياتهما، لكن الغموض يلف حجم الثروة التي جمعاها وكانت بتصرفهما وقت وفاتهما، قبل أيام، في ظل عدم وجود أي تصريح رسمي عن أرقام ثرواتهما الهائلة التي لا يمكن معرفة حجمها كما يجزم كثيرون، في ظل غياب تام للشفافية المصرفية..
وما يهمنا، الآن، هو السؤال الذي، يتردد مع كل وفاة: ما الذي ياخذه المرء معه بعد الموت؟ والأهم، إن كان ثرياً: لماذا جمع كل تلك الاموال طالما أنه لم ولن يصرفها، ولن يكون بمقدوره التمتع بها مهما بالغ في تبذيره وصرفه، ما يعزز النظرية القائلة إن المال الحقيقي الذي تملكه هو المال الذي "تأكله" وتصرفه، وليس الذي توفره، والذي لن يكون لك، ولا تعرف لمن يذهب ولمن سيؤول في نهاية الرحلة. وهنا تحضرني قصة طريفة جرت مع ثري صيني توفي عن ثروة طائلة، مثل "المرحومين" هنا، تاركاً وراءه زوجة شابة وجميلة، ما لبثت، وبعد انقnedalضاء فترة العزاء، أن قامت بالزواج، من سائقه الخاص، الذي أفنى عمرة سائقاً لمعلمه "الملياردير". وفي أمسية رومانسية حالمة وهادئة، قال السائق سابقاً، والملياردير الوريث حالياً، وبعد "صفنة" في عبثية ولا معنى، ولا جدوى هذه الحياة، مخاطباً زوجته: "لم أكن أفكر يوماً، ولم يخطر ببالي، أبداً، أن زوجك المرحوم قد قضى كل عمره وهو يعمل ويجمع المال، من أجلي، بعد أن آلت كل ثروته لي...لقد كان هو موظفاً عندي مهمته جمع وتكديس هذه الثروة لي ولم أك أنا من يعمل عنده، ومن بعدها "سيتوكل" (قالها بالصيني طبعاً)، على الله ويموت تاركاً هذا المال لي لأتمتع به بقية حياتي وأبذّره و"أتبهنك" (قالها أيضاً بالصيني) دون حسيب أو رقيب.
طبعاً، وجواباً للسؤال الكبير، فليس للكفن جيوب كي يضع المرء فيها أي قرش، ولم يأخذ أي منهما شيئاً معه سوى السمعة وعملهما، بعدما تركا كل شيء ومضيا في سبيلهما، لكن، وقريباً جداً، قد نرى، ونعرف، إضافة لعمله الأمني الرفيع، عند من، بالضبط، كان يعمل ذاك المسؤول الأمني الرفيع، الذي كان اسمه يزرع الرعب في نفس الآخرين، وقد يكشف، أيضاً عند من كان يعمل ذاك الملك العربي المرحوم طيب الذكر..وأنتم تاكدوا أيضاً، ويجب أن تعلموا، عند من تعملون، ومن تخدمون، طيلة عمركم في هذه الحياة؟
ويا سبحان مقسـّم الأرزاق....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص