الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطيعُ الذّئابِ

ملاك أشرف
كاتبة ادبية

2022 / 5 / 25
الادب والفن


(1)

مكثتُ في تلكَ الأزقةِ لأنّي ذُعِرتُ أن أعودَ
وهرعتُ لأماكنٍ عدةٍ لكي لا أتفتّتُ في مكاني
حضرتُ مؤتمراتٍ، ومُحاضراتٍ، وفعالياتٍ
من أجلِ الفرارِ من ذاتي ومن ذلك المَسْكَنِ
ظنّوا أني أبحثُ عن شهرةٍ وسُّمو
غيرَ مُدركين تَبَلدُ مُحيطي، المُفعم بالسوادِ
كأنّهُ مجرةُ هرقلٍ، في جَذبِها للقريباتِ والبعيداتِ
من أهوالِ العادياتِ، المُفجعاتِ
إِرْتِحَالًا عن وَصَبٍ، يُرافقُ المُهْجَةَ الضّعفاءِ
لي وَرَقَةٌ، أرمي بين خطوطها الشّائكَ
أتحدثُ فيها عن أفكارٍ وأيديولوجياتٍ، طوقها الحرمانِ
أعتقدَ الجاهلُ، المُتكدس داخلهُ بالسوادِ
لَمْ يلقَ مثلهُ سوادًا، كظلامٍ دامس الأوصالِ
أني أتطلعُ لجمهورٍ وتصفيقٍ حارٍ وغزارةٍ من المدائحِ
لا يعلّمُ إن النّفسَ أنشرحتْ من بعد هذا السّردِ،
والفصحِ عن تراكم الآراءِ وأخبار الحياةِ
قَصَّ ما جرى في طيات الرّواياتِ،
وزحمة الأبياتِ وتمتمة حَمّاد عَجردِ.
أكتمُ وأخزنُ شجونًا، لا مُحال من جَلائها
لكنّ بشكلٍ مُتفجرٍ، حثيثٍ
تتناثرُ فيهِ الحكاياتِ على الأوراقِ
وقوفي واِرتجالي وإظهارُ الصّوتَ الرّخيمَ
ما كانَ إلا لاثبات وجودي والشّعور بنبضِ الفُؤادِ
وتدفق الحياةُ في سائر الدّماءِ
بعد صمت الأيامِ وسُهَاد الليالي
وتصوّر كيف تيّبسَ الجسدُ من الوحدةِ،
وجفاءَ الرّفاقِ وغيابَ الأحبابِ
أُرددهم واحدًا تَلوَ الآخر، وأعلمُ أنهم سَرابَ
يا زَوْبَعةً، جعلتْ أشلائي الواهنة تتبعثرُ
يا أزهارًا، رأيتُها ولَمْ أستطعْ المضي نحو رَوْنَقها؛
لأني اقتَلعتُ وانتشرتُ مع الرّيحِ الهوجاءِ
أصغيتُ إلى فتاةٍ تصرخُ:
أهوى الورودَ ومُولعةً بالوجود
الّذي يروم التّواجد والقِدمَ إزاء المحتوم،
لكنّها أدركتْ بعد لهفةٍ وصَبابَةٍ أَخَّاذةٍ
أنها لن تستطيعَ الحصول وشراءُ زهرةً واحدةً
لأنها ببساطةٍ، تخشى الواقعَ، الفاجِرَ
المُمْتَهَن، المُدعي التَّزَهُّد، الخشوع.
يالَها من صفقةٍ رابحةٍ، أقنعتْ الشّعبَ
وجعلتْ العابدَ، يستمرُ بتَداولها وتَرسيخها
ونكران الصّائبِ وتصديق المُدعي
حتى عدتْ الكذبةُ حقيقةً
ولَمْ نعدْ نُميز بين الصّادقِ والكذوب
عدنا بهذهِ المضامين إلى كنيسةِ دورهام
في زمنها المُسيطر، المُرتدي زي الصّدوق
وبمعنى آخرٍ، ثوب الطّاهرِ، الوَقُور.
أمّا عني فقتلتني الصّرخةُ الضّاربةُ
ليس لأثرها يومًا آثِرَ
يا لرمادي الّذي تلاشى من بعدها
كأنّي لَمْ أكنْ في المكانِ صَامِدا
من سيخبرها بأني وددتُ أن أخبأَ
في أشيائها زهرةً عَابِرةً، من عَابِرٍ زائلٍ
سمعَ صرختها وهمهمتها العالية
الّتي تصوّرتها خافتةً، ضَامِرةً
اِستنجادٌ وطلب المؤازرةَ
في زمن الذّئابِ وفناءِ التّابعة
المراجع الفاسقة، ليس لدهرها باقية
الحُكام الطّاغية، ليس لذهنهم صافية
اِجتاحهم الجهلُ المُرَكب فصَدوا عن الحكمةِ
فكيف لشعبٍ أن يحيا ويجعلُ الأزهارَ ظاهرةً
في وقتٍ أحزابهُ غيرَ واعيةٍ، طائحة
فأصبحَ الأفرادُ أكثر اِستبدادًا من العمامةِ الجائرة

(2)

لن أغفلَ وأسهو عن البيئةِ الظّالمةِ، النّاسية
في هروبي المُعتاد من السّائدِ على السّاعاتِ
كنتُ في اِنْتِظار رنين الهاتفِ
كنتُ أرجو اِتصالًا ما، يُعيدني إلى المُعتادِ
لكنّ دون جَدْوَى، اِنتظار مُميت آخر أبادني
وأجزم لي، أني لن أكونَ حيّةً، نَبِضة بالهناءِ
أحسبني لَمْ أولدْ من فرط الإهمالِ.
لو رن الهاتفَ، مرّةً، أقلّ من مرّةٍ
لسرعانِ ما عدتُ وغَفَرتُ لمن كانَ في قلوبهم
سوادًا، أضداد الخُلُودِ والإِغْتِبَاطِ.
لَمْ يأتِ المُنتظر، ولَمْ أتجاوزْ الفتاةَ الحليمةَ.
أتساءلُ عن كيفيةِ عدم الإصغاءِ للعَابِرِينَ،
كي لا ننهارَ في أوسَاط الطّرقِ
من شدّةِ الشَّجَنِ والكلمات التَّعِيسةِ
من ظلم الآخرين لهم ومُمارسة الاِحتيالِ
كدتُ أخشى قطيعُ الذّئابِ
المُجاور للمرءِ من جميع الجهاتِ،
في البيتِ، وفي مُخالطة الأفرادِ
الّتي تُشكل وعيهِ وتجعلهُ يدركُ الغيبَ
لا مفرَ واستقلالَ من الوَلَوجِ بين الأفرادِ
الّذين جعلونا في هَالَةٍ من الاِكْتِرَابِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: تكريمي من الرئيس السيسي عن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: نفسي ألعب دور فتاة




.. كل يوم - دوري في جمال الحريم تعب أعصابي .. والمخرجة قعدتلي ع


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بنتي اتعرض عليها ب




.. كل يوم-دينا فؤاد لخالد أبو بكر: أنا ست مصرية عندي بنت-ومش تح