الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في الذكرى الثلاثون لانتخابات برلمان كوردستان
سربست مصطفى رشيد اميدي
2022 / 5 / 25مواضيع وابحاث سياسية
مرت علينا يوم 19/5/2022 ذكرى مرور ثلاثين سنة على تاريخ اجراء اول انتخابات لتاسيس برلمان لكوردستان العراق، والذي كان يسمى لدى تاسيسه بالمجلس الوطني لكوردستان-العراق. وقد حلت تسمية برلمان كوردستان-العراق بموجب المادة الاولى من قانون التعديل الرابع رقم 2 لسنة 2009. وقد جاءت هذه الانتخابات بعد فرض قوات التحالف الدولي منطقة حظر طيران شمال خط العرض 36 على حكومة صدام حسين على اثر صدور قرار مجلس الامن رقم 688 في نيسان سنة 1991 واقامة منطقة امنة في كردستان العراق. لاجل ضمان عودة النازحين الكرد على الحدود التركية والايرانية، بعد الهجرة المليونية خوفا من انتقام القوات العراقية للمدنيين بعد اعادة فرض القوات العراقية سيطرتها على المدن والقصبات الكردستانية في انتفاضة اذار المجيدة سنة 1991، وكان هذا التحالف قد شكل لغرض اخراج القوات العراقية من الكويت التي قامت باحتلالها في اب سنة 1990.
والمعروف انه في تموز سنة 1991 اندلعت ما سميت بالانتفاضة الثانية في مدن اربيل والسليمانية ودهوك وكوي سنجق وجمجمال وكلار وغيرها، والتي كانت تدار امنيا بشكل مشترك من قبل القوات العراقية وقوات البيشمركة التابعة لاحزاب الجبهة الكردستانية، التي تاسست من الاحزاب الكردستانية (الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الشيوعي العراقي، حزب الشعب الديمقراطي الكردستاني، الحزب الاشتراكي الكردي(باسوك)، الحزب الاشتراكي الكردستاني)، قم انضمت اليها لاحقا كل من (حزب زحمتكيشان الكردستاني) و(الحركة الديمقراطية الاشورية). وقد تم اخراج القوات العراقية بعد الانتفاضة الثانية من مدن وقصبات كردستان بدعم ومساندة قوات التحالف الدولي التي كانت متواجدة في المنطقة، التي انشات مركز التنسيق العسكري لها في مدينة زاخو. وفي خريف سنة 1991 وعندما تيقنت الحكومة العراقية انها لا تستطيع اعادة فرض سيطرتها على المنطقة الامنة، ولارباك الجبهة الكردستانية التي بدأت بادارة المنطقة منذ حزيران 1991، فاقدمت على سحب الجهاز الاداري لمؤسسات ودوائر الدولة ومن ضمنها المدارس والجامعات في المنطقة، واقامت مراكز ادارية لها في محافظتي نينوى وكركوك. ازاء هذا الوضع ونتيجة ظهور صراع ومنافسة بين الاحزاب المؤتلفة في الجبهة، ورغبة قيادة الجبهة في مغادرة (الشرعية الثورية) الى (شرعية دستورية)، ولايجاد حلول لموضوع اقامة ادارة محلية، فقد قررت الجبهة الكردستانية وباقتراح من السيد مسعود البارزاني تنظيم انتخابات لتاسيس مجلس تشريعي لمنطقة كردستان، ينبثق منه حكومة محلية لادارة المنطقة الامنة في محافظات دهوك واربيل والسليمانية واجزاء من محافظة كركوك. لذلك تم تشكيل لجنة لوضع قانون انتخابي من قبل قيادة الجبهة الكردستانية، حيث نتيجة ذلك تم اصدار قانون انتخابات المجلس الوطني لكردستان-العراق رقم 1 لسنة 1992، وايضا قانون انتخاب قائد الحركة التحررية الكردية رقم 2 لسنة 1992، من قيادة الجبهة الكردستانية. وبعد ذلك ولاجل تنظيم هذه الانتخابات فقد تم تشكيل اللجنة العليا للاشراف على انتخابات اعضاء المجلس الوطني وقائد الحركة التحررية الكوردية، متكونة من عدد من القضاة والقانونيين وممثلي الاحزاب السياسية، هذه اللجنة عملت على وضع الاجرائات التنفيذية والقيام بالاستعدادات اللوجستية لاجل تنفيذ عمليتي الانتخاب. وحدد يوم 17/5/1992 موعدا لاجراء الانتخابات، لكن نظرا لانه تبين ان الحبر الذي تم شرائه ليضع على اصابع الناخبين لضمان عدم تكرار التصويت فانه يمكن ازالته بسهولة، لذلك تم تاجيل الانتخابات لمدة يومين لتجرى في يوم 19/5/1992، بعدما اعلن ان جامعة صلاح الدين قد اوجدت البديل لذلك الحبر، ويقال انه تم استخدام نفس الحبر، وفعلا نوعية الحبر المستخدم لم يكن جيدا. وعلى الرغم من ابداء عدد من الاحزاب المؤتلفة داخل الجبهة الكردستانية وخارجها للعديد من الملاحظات على القانون رقم 1، الا انه لم يتم اجراء اية تعديلات على القانون. وجرت الانتخابات في ظل زخم جماهيري وفرح شعبي عارم بسبب كونها كانت تجرى انتخاب اول هيئة كردستانية من قبل الشعب، بالاضافة الى اجراء هذه العملية في ظل استمرار نظام صدام حسين بالحكم في بقية مناطق العراق، وهو اللذي كانت اثار جرائمه تجاه ابناء شعب كردستان والعراق لازالت شاخصة اومستمرة، وان رائحة الغازات الكيماوية لقصف حلبجة والعديد من المناطق الكردستانية كان لا يزال موجودة في سماء كوردستان، وعمليات الانفال سيئة الصيت، ضحايها كانوا ولا زالوا مجهولوين. بالاضافة الى ان هذه الانتخابات نظمت في ظل عدم ارتياح واضح لدى الانظمة الحاكمة في الدول التي اقتسمت اراضي كوردستان وهي تركيا وايران وسوريا والعراق، لكن بتواجد قوات التحالف الدولية حينئذ التي كانت لها مراكز مراقبة على مقربة من المدن الكردستانية، والتي كثفت طياراتها طلعاتها في سماء المنطقة قد منعتهم من اقتراف اي اعتداء. تلك الانتخابات في حينها كانت قد فسحت المجال امام امال وتطلعات ابناء الشعب الكردستاني بامكانية العيش في ظل ادارة كوردستانية، مما يمكن ان تكون الاساس الذي يمكن ان يبنى عليها كيان كردستاني مستقل، وبالتالي كانت تلك الانتخابات قد فسحت المجال امام عقود من الظلم والاضطهاد الذي عانى منه ابناء كوردستان لتتحول الى امال بالتحرر والسلام.
لكن من الضروري الاشارة الى انه شابت العملية عددا من الخروقات والتحديات، حيث لم يكن هنالك سجل ناخبين، بل تم الاعتماد على هوية الاحوال المدنية وقاعدة بياناتها في كل دائرة احوال مدنية على حدة، ونظرا ان الكثير من الناخبين العائدين من تركيا وايران لم يكونوا يمتلكون هوية الاحوال المدنية فكان يكفي بجلب كتاب تاييد من دائرة احوال مدنية ما ليتمكن بواسطتها من التصويت، ونتيجة لذلك لم يكن تخمين عدد الناخبين في كل محافظة دقيقا، وهكذا الحال بالنسبة لمراكز الاقتراع ال 178 التي تم انتشارها في عموم مناطق كوردستان، والذي كان عدد ناخبي بعض منها يصل الى سبعة الاف ناخب ولربما اكثر نظرا للعدد القليل لمراكز الاقتراع. حيث تم تخمين عدد الناخبين ب 1112000 ناخب بحيث قد تم تحديد 178000 ناخب في دهوك، وفي اربيل ب340000 ناخب، وفي السليمانية ب450000 ناخب، ومناطق كركوك 144000ناخب. بالاضافة الى ان وضع نسبة 7%من الاصوات كعتبة انتخابية يتطلب على القوائم الانتخابية تجاوزها لدخول المجلس، فقد كان واضحا ان القصد منها هو ضمان تخطي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني فقط لهذه النسبة وتمثيلهما لوحدهما في المجلس الوطني الكردستاني، بالاضافة الى الخمس مقاعد التي خصصت لتمثيل المسيحيين. وقد دخلت المنافسة الانتخابية عدد من القوائم الانتخابية وهي، الحزب الديمقراطي الكردستاني وقائمة الاتحاد الوطني الكردستاني مع زحمتكيشان، والقائمة المشتركة للحزب الاشتراكي وباسوك، وحزب الشعب الديمقراطي الكردستاني، والحزب الشيوعي العراقي، والاسلاميون، والديمقراطيون المستقلون، الحركة الديمقراطية الاشورية. وقد بلغ عدد المصوتين 984012 مصوتا، حيث كانت نسبة التصويت هي ب 88,49% من عدد الناخبين (المخمن) وهو 1112000 ناخب.
وقبل اجراء الانتخابات وقع رؤساء الاحزاب المؤتلفة في الجبهة الكردستانية (وثيقة شرف) تعهدوا فيها باحترام العملية الديمقراطية والانتخابية الجارية وما سيتمخض عنها من نتائج وسيرضون بحكم وقرار الشعب في عملية انتخابية نزيهة ومحايدة. لكن بعد واثناء يوم الاقتراع اصدرت عدد مدن الاحزاب السياسية وقياداتها بيانات اشاروا فيها الى حدوث خروقات في مناطق مختلفة، منها حزب الشعب، والمرشح لقائد الحركة التحررية الكردية السيد محمود عثمان، والحزب الشيوعي العراقي، وايضا كل من الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني اتهم احدهما الثاني باقتراف عمليات تزوير في مناطق نفوذه، واكثر تلك الخروقات كان التصويت المتكرر والتصويت بالانابة بالاضافة الى احتمال عدم توفر شروط الناخب لدى البعض من المصوتين. لكن جميع تلك الاحزاب اعترفت بالعملية الانتخابية باعتبارها اول ممارسة ديمقراطية، وعلى امل ان تحل بعض الاشكالات والخروقات في اجتماع الجبهة الكردستانية للمصادقة على نتائج الانتخابات. لكن نظرا لاندلاع خلاف اخر بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على نتائج الانتخابات، لان الحزب الديمقراطي الكردستاني كان قد حصل على نسبة 45,05 % من اصوات المقترعين، في حين ان الاتحاد الوطني كان قد حصل على نسبة43،61% من اصوات المقترعين، ونتيجة تطبيق وجود نسبة 7% من الاصوات كعتبة دخول، فقد تم اعادة توزيع نسبة11% من الاصوات للاحزاب التي لم تصل الى تلك النسبة على الحزبين الرئيسيين حسب نسبة اصواتها، بحيث بلغت نسبة اصوات الديمقراطي 50،8% من الاصوات في حين بلغت نسبة اصوات الاتحاد 49,2% من الاصوات. ونظرا لوجود مخاوف من ان يتطور هذا الخلاف الى اندلاع اقتتال داخلي، فقد تم الاتفاق على توزيع عدد مقاعد البرلمان المائة مناصفة بين الحزبين، على ان تنظم انتخابات اخرى بعد خمسة او ستة اشهر، مع اجراء الجولة الثانية لانتخاب قائد الحركة التحررية الكردية. ومن الجدير بالذكر ان المقاعد الخمسة المخصصة للكلدواشوريين قد فازت الحركة الديمقراطية الاشورية باربع مقاعد في حين ان قائمة اتحاد المسيحيين الكردستاني قد حصل على مقعد واحد.
اما بخصوص نتائج انتخابات قائد الحركة التحررية الكردية فقد حصل السادة المتنافسون الاربعة على النتائج التالية: السيد مسعود بارزاني 466819 صوتا، والسيد جلال الطالباني على 441507 صوتا، اما السيد عثمان عبد العزيز فقد حصل على 38965 صوتا، في حين ان السيد محمود عثمان كان قد حصل على 23309 صوتا فقط. ونتيجة لذلك لم يحصل اي منهم على الاغلبية المطلقة لاصوات المقترعين حسب المادة 8 من القانون رقم 2 لسنة 1992، ليفوز بذلك المنصب.
من هنا فان وضع نسبة 7% كعتبة قد ادت الى عدم تمثيل اغلب الاحزاب الكوردستانية في المجلس الوطني، ومن ثم قادت الى عقد اتفاق بمناصفة مقاعد المجلس بين الحزبين الرئيسيين، وباعتقادنا ان ذلك كان ضمن اهم الاسباب التي ادت تدهور الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في كوردستان العراق، وانها كانت سببا في تقسيم كامل الجهاز الاداري نتيجة تطبيق سياسة الفيفتي- فيفتي، بحيث وصلت الى ادنى درجة وظيفية في الدوائر والمؤسسات الحكومية. وقد كان عدد الوزراء في اول حكومة هو 16 وزيرا وكان رئيس الوزراء من حصة الاتحاد ونائبه من حصة الديمقراطي، ومنحت ست وزراء لكل حزب، مع منح وزارة واحدة لكل من احزاب زحمتكيشان والشيوعيين والمستقلين والحركة الديمقراطية الاشورية، لكن كل حزب كان يتعامل مع الوزير او وكيله الذي كان بنظر حزبه بمثابة الوزير وله نفس الصلاحيات. فكان ذلك سببا في وصول الادارة والحكم في كردستان العراق الى طريق مسدود، نتيجة للصراع الحزبي والحكومي الذي احتدم في كافة قطاعات الدولة والمجتمع لمحاولة التفرد بالسلطة والحياة الحزبية، ولم يتم الالتزام بتفاهم قيادة الجبهة الكردستانية بخصوص تنظيم انتخابات ثانية، واجراء الجولة الثانية لانتخاب قائد الحركة التحررية الكردية بين كل من السيدين مسعود البارزاني وجلال الطالباني باعتبارهما حصلا على اعلى اصوات المقترعين. كل ذلك ادت الى اندلاع قتال بين عدد من قوات الاحزاب السياسية اولا ومن ثم الى اندلاع قتال داخلي شامل بين الحزبين الشريكين في الحكم، الديمقراطي والاتحاد في بداية ايار سنة 1994 واستمرت لاكثر من اربع سنوات، ولا زالت اثارها في الانقسام والتناحر الحزبي شاخصة لحد الان. ونتيجة لذلك الاقتتال لم تجرى اية انتخابات للمجلس الوطني لغاية سنة 2005 بعد اسقاط نظام الحكم في العراق في نيسان 2003، لتجرى مع مع انتخابات الجمعية الوطنية ومجاس المحافظات غير المنتظمة في اقليم، وقد تمديد فترة ولاية جميع الدورات الانتخابية لبرلمان كردستان لاسباب عديدة ولكن اهمها هي الخلافات السياسية في الاقليم.
وحيث انه تم تحديد يوم 1/10/2022 كموعد لاجراء انتخاب اعضاء الدورة السادسة لبرلمان كوردستان، لكن نظرا لعدم تفعيل المفوضية العليا المستقلة للانتخاب والاستفتاء بعد انتهاء فترة ولاية مجلسها في نهاية سنة2019، ووجود مطالب لاجراء تعديلات على القانون رقم 1 لسنة 1992 الذي خضع لسبع تعديلات منذ صدوره. لكن نظرا لعدم انعقاد برلمان كوردستان لجلساته ولبقاء فترة اربعة اشهر تقريبا على موعد اجراء الانتخابات، فنعتقد انه من المستبعد امكانية اجرائها في ذلك التوقيت.
وبخصوص تعديل القانون الانتخابي او اصدار قانون جديد، فمن الضروري الاشارة الى ان القانون رقم 1 لسنة 1992 قد تم وضعه في مرحلة زمنية كانت عملية تنظيم الانتخابات تختلف في كثير من الاجرائات والتنظيم عما هو عليه الان، بالاضافة الى ان الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية كانت مختلفة ايضا. لكن تعديل القانون، او تشريع قانون انتخابي جديد في هذا التوقيت سيؤدي الى تاجيل الانتخابات، في حين ان الوقت كان سانحا لذلك في السنوات السابقة. لكن في حال تشريع قانون انتخابي جديد فمن الممكن فرز المواد القانونية التي تتعلق بعملية الترشيح واعداد سجل الناخبين، وعملية عد وفرز الاصوات، والنظام الانتخابي، والمخالفات والجرائم الانتخابية، والشكاوى والطعون، واعلان النتائج والمصادقة عليها، وغيرها، لتوضع في قانون خاص، ومن ثم اجراء التعديلات المقترحة عليها حسب الاليات المتبعة في النظام الداخلي لبرلمان كوردستان. اما بقية المواد القانونية المتعلقة بتشكيلة وعمل واختصاص برلمان كوردستان فتبقى على حالها، ويبقى القانون رقم 1 لسنة 1992 نافذا نظرا لما له اهمية وباعتباره بمثابة القانون التاسيسي لاقليم كوردستان، ولانتخاب اول سلطة كردستانية منتخبة.
اما بخصوص النظام الانتخابي الذي هو نظام التمثيل النسبي بموجب القوائم شبه المفتوحة، وبصيغة الباقي الاقوى بالنسبة للمقاعد التي تبقى شاغرة بعد عملية التوزيع الاولى، ويعتبر اقليم كوردستان دائرة انتخابية واحدة، ويمكن للمرشحين المستقلين الدخول في المنافسة الانتخابية. وقد عمل هذا النظام بشكل طبيعي منذ تطبيقه، ولم يلاقي صعوبات كثيرة، لكن من الضروري الاشارة الى ان جعل الاقليم دائرة انتخابية على الرغم من مزاياه الكثيرة، واهمها فسح المجال امام الاحزاب التي اصواتها مبعثرة لتجميع اصواتها والفوز بعدد من المقاعد بما يناسب كتلة اصواتها، وايضا ان النائب يمثل الناخبين بمجموعهم، وان القوائم الانتخابية تنافس على النطاق الوطني الكامل في الاقليم. لكن النائب لا يمثل منطقة جغرافية بعينها، اي ان ذلك يؤدي الى فقدان التمثيل الجغرافي لكل نائب، مما يؤدي الى ضعف الرابط بين الناخبين والنائب، حيث من الصعوبة على الناخبين(محاسبته) بعدم التصويت له مستقبلا، مما يؤثر ذلك حتى على أداء النائب في البرلمان. ولا بد من الاشارة ايضا الى ان الدورة الاولى لبرلمان كوردستان كان اكثر اثرا وفاعلية من الدورة الثانية، والثانية اكثر من الثالثة وهكذا، ولعل السبب في ذلك هو عدم اهتمام الاحزاب الفاعلة في الاقليم باهمية البرلمان مما ادى الى عدم اختيار قيادات الصف الاول في كل حزب للترشح لعضوية البرلمان، في حين ان المسئولين الحزبيين الكبار كانوا ممثلين في الدورة الاولى للبرلمان. لكن بالاضافة الى ذلك فان لشكل القائمة الانتخابية باعتبارها قائمة شبه مفتوحة لها اثرها ايضا في ذلك على عكس القوائم المغلقة.
وحيث انه توجد مطالبات بتقسيم كوردستان الى اربع دوائر الانتخابية، او تطبيق النظام الانتخابي الذي طبق في انتخابات مجلس النواب في 2021 وهو نظام الصوت الواحد غير المتجول، حيث تم تقسيم محافظة اربيل الى 4 دوائر انتخابية، ومحافظة السليمانية مع حلبجة الى 5 دوائر انتخابية، في حين قسمت محافظة دهوك الى 3 دوائر انتخابية. لكن من الضروري الى ان تقسيم كوردستان الى اربع دوائر سيكون تقسيما يفتقر الى العدالة في عملية التقسيم بين حجم الدائرة وايضا بالنسبة لعدد نفوسها او ناخبيها، حيث ان محافظة حلبجة لا يتعدى عدد المقاعد التي يفترض ان تخصص لها عن مقعدين فقط على عكس العدد الكبير للمقاعد الانتخابية للمحافظات الثلاثة الاخرى، لكن تقسيم الاقليم الى ثلاث دوائر انتخابية او اضعافها ممكن على الاقل من الناحية الفنية. وحيث انه هنالك اختلاف في وجهات النظر بين الكتل البرلمانية بهذا الخصوص واذا كان لا بد من اجراء تعديلات على القانون الانتخابي، او اصدار قانون امنحابي جديد، فمن الممكن ان نفترح نظاما انتخابيا يوفق بين مزايا الدائرة الانتخابية الواحدة وبين مزايا الدوائر المتعددة في ان واحد، وهو نظام التوازي الانتخابي. وذلك بجعل كردستان دائرة انتخابية واحدة يخصص لها نسبة من مقاعد البرلمان لا تقل عن 20% ولا تزيد عن 3030%، تضاف الى هذه النسبة عدد المقاعد المخصصة لكوتا المكونات، مع اضافة مقعد واحد لكل من الايزيديين والكورد الفيلية والكاكائيين. ويكون النظام الانتخابي المطبق لتقسيم هذه المقاعد هو نظام التمثيل النسبي وفق صيغة سانت ليكو الاصلي أو الباقي الاقوى، وبموجب نظام القوائم المغلقة. اما لما تبقى من المقاعد فيقسم الاقليم اما الى ثلات دوائر انتخابية او ضعفها او الى 12 دائرة انتخابية حسب التقسيم الذي تم على اساسه انتخابات مجلس النواب لسنة2021، ويكون النظام الانتخابي المطبق بالنسبة لتوزيع هذه المقاعد هو نظام الكتلة، او نظام الصوت الواحد غير المتحول. بالاضافة الى ضرورة تغيير عدد من الاحكام في القانون الانتخابي، التي تتعلق بعملية عد وفرز الاصوات، واختيار موظفي الاقتراع، وغيرها من المواد والاحكام التي تشكل بنية اي قانون انتخابي.
في الختام فان مرور الذكرى الثلاثون لانتخاب اول برلمان لكوردستان العراق، لا بد ان يشكل مناسبة وباعثا لايجاد الحلول المناسبة للمشاكل السياسية والاقتصادية والمعيشية لابناء الاقليم والعراق عموما، وان يتم اللجوء الى الحوار وصولا لحلول مشتركة ومرضية لاغلب الاطراف، وان يكون صندوق الاقتراع هو السبيل الوحيد للوصل الى السلطة او الاستمرار فيها او تغييرها، وعبر تطبيق قانون انتخابي متطور وفاعل، مع ضمان وجود هيئة انتخابية مهنية وكفوءة تتسم بالحيادية والنزاهة والشفافية، بالاضافة الى ضرورة ضمان مراقبة محلية ودولية فاعلة للعملية الانتخابية.
المصادر:
1- روود هوف، ميخيل ليزينبرك، بيتر مولر، انتخابات برلمان كوردستان العراق، ترجمة صفوت رشيد صدقي، مطبعة أزمر، السليمانية، الطبعة الثانية 2013.
2- كريم احمد، المسيرة، مطبعة شهاب، اربيل 2006.
3- سربست مصطفى رشيد، الوجيز في النظم الانتخابية- العراق نموذجا، مطبعة روزهلات، الطبعة الثانية 2021.
4- قانون انتخاب برلمان كوردستان رقم 1 لسنة 1992 المعدل.
5- قانون انتخاب قائد الحركة التحررية الكوردية رقم 2 لسنة 1992.
6- قرار مجلس الامن رقم 688 الصادر في 5/4/1991.
7- بيانات عدد من الاحزاب الكوردستانية اثناء انتخاب الدورة الاولى لبرلمان كوردستان.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. عاجل | خامنئي يتحدث عن الرد الإيراني على إسرائيل ويوجه رسالة
.. فائق الشيخ علي: حزب الله إنتهى وصواريخ إيران لم تجرح إسرائيل
.. أبرز ما جاء في رسائل خطبة المرشد الإيراني
.. ارتفاع غير مسبوق وباء الكوليرا في السودان.. ما القصة؟
.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه أهداف إسرائيلية في الجليل