الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتظار مسرحية من ثلاثة فصول

طلال حسن عبد الرحمن

2022 / 5 / 26
الادب والفن


مسرحية من ثلاثة فصول







الانتظار









طلال حسن



الفصل الأول



صالة ، الوقت ليل ، يدق
التلفون ، تدخل سناء مسرعة

سناء : " ترفع سماعة التلفون " الو ، وليد !
آه، لا ، لا ، أنت واهم ، الرقم خطأ ، لا
بأس .

تدخل الأم متثائبة ، سناء
تعيد السماعة إلى مكانها

الأم : سمعت التلفون يدق ، فاستيقظت من
غفوتي ، ما أبشع صوته في الليل ،
كأنه والعياذ بالله ، امرأة تصوت "
تتثاءب " خيراً .
سناء : لا شيء ، الرقم خطأ .
الأم : عمك استيقظ أيضا ، يا إلهي ، لم يكد
يغفو ، ويرتح قليلاً " تتثاءب مبتسمة "
آه هاهو يدمدم غاضباً .
الأب : " يصيح من الداخل " من على
التلفون ؟ يا للحمق ، نحن في منتصف
الليل .
الأم : الرقم خطأ ، نم أنت .
الأب : وكيف أنام ، وهذا التلفون يدق ؟ لن
يهدأ لي بال ، ما لم أكسر التلفون ،
وسأكسره ذات يوم .
الأم : كفى ، يا رجل ، أنت مريض .
الأب : قلت لكما ألف مرة ، ارفعا السماعة
ليلاً " يصيح " سناء .
سناء : " تهم أن تردّ " ....
الأم : " هامسة " لا تردي عليه " ترفع
صوتها " سنرفعها ، نم وارتح ،
الوقت متأخر .
الأب : سأنام ، سأنام إن استطعت ، لكن إياكما
أن تفتحا التلفزيون .
الأم : أي تلفزيون ؟ لقد انتهى البث .
الأب : " يدمدم " ليته يحترق .
الأم : " تبتسم " إنه يدمدم مرة أخرى ، لا
أدري ماذا جرى له ، لقد ازدادت
عصبيته ، منذ أن علم بخروج وليد "
تجلس متنهدة " مسكين وليد ، كم
نحمل وهو في هذا العمر" يتهدج صوتها
" أما عادل ، آه " تنشج " الأبناء في
هذا الزمن عذاب .
سناء : ماما .
الأم : حسن ، إنني لا أبكي " تمسح دموعها
" لم يتصل ثانية ، يا لحظي السيىء ،
ليت رجلي كسرت ، ولم أخرج تلك
اللحظة ، سيتصل حتماً وسأكلمه ، عندما
سمعت التلفون يدق ، نهضت مسرعة ،
فقد حسبته هو ، دعك من عمك ، لا
ترفعي السماعة ، فقد يتصل صباح الغد
" يتهدج صوتها " أريد أن أراه ، أن
أسمع صوته على الأقل .
سناء : ماما .
الأم : لم أعد أحتمل ، لم أعد أحتمل .
سناء : وليد قادم .
الأم : وليد .. !
سناء : نعم ، هذا ما قاله لي عندما اتصل .
الأم : عجباً ، لم تخبريني .
سناء : الحقيقة ، خشيت من عمي .
الأم : وليد أيضاً ابنه .
سناء : أنت تعرفين .
الأم : مهما يكن فهو ابنه .
سناء : أرجوك ، لا ترفعي صوتك ، فقد يسمع
عمي .
الأم : لعله يأتي اليوم ، لا ، الوقت متأخر ،
ربما غداً ، نعم ، إنه يعرفني ، كم أنا
مشتاقة إليه و .. " تنظر بحنان إلى سناء
" بنيتي ، سيعود عادل ذات يوم أيضاً .
سناء : " تطرق صامتة " ....
الأم : سيعود ، وينتهي هذا الكابوس .
الأب : " يرتفع صوت سعاله من الداخل "
....
الأم : هذا عمك ، سعاله لا يكاد ينقطع ، إنها
السكائر ، لن يتركها مهما فعلت ،
الأفضل أن أذهب " تتأهب للخروج "
ليتك تسرعين بالذهاب إلى غرفتك ، فقد
ينقطع الكهرباء قي أية لحظة .
سناء :أشعلت الفانوس ، وهو معي في
المطبخ، سأنتهي من العمل بعد قليل .
الأم : " تتجه إلى الداخل " تصبحين على
خير .

التيار الكهربائي ينقطع ،
فيعم الظلام

سناء : أوه .
الأم : ها قد انقطع الكهرباء ، يا للظلام .
يناء : لحظة ، سآتي بالفانوس .
الأم : لقد احتطت مثلك للأمر ، وأشعلت
المصباح في الغرفة " وهي تخرج "
بنيتي ، لا تتأخري في المطبخ .
سناء : نعم ، ماما " تتجه إلى الداخل " سآتي
بالفانوس " وهي تخرج " واذهب إلى
غرفتي .


الباب يُطرق ، سناء
تقبل حاملة الفانوس

سناء : " بصوت خافت " من ؟
وليد : " من الخارج " أنا .
سناء : " متمتمة " وليد !
وليد : أنا وليد .
سناء : " وهي تفتح الباب " لحظة ، لحظة
واحدة .
وليد : " يقف بالباب " سناء .
سناء : وليد .
وليد : عفواً ، أيقظتك في هذا الوقت .
سناء : لم أنم .
وليد : " يتطلع إليها " ....
سناء : خشيت أن تقف بالباب ، والبرد "
تبتسم منفعلة " وها أنا أوقفك " تتراجع
قليلاً " تفضل ، البرد شديد الليلة .
وليد : " يدخل حاملاً حقيبة صغيرة " إنه برد
الموصل ، طالما اشتقت إليه " يبتسم "
وقد رحب بي على طريقته .
سناء : " تغلق الباب " لابدّ أنك بردت في
الطريق " تضع الفانوس جانباً " لحظة"
تهم بالخروج " سآتيك بمدفأة .
وليد : " يمسك يدها " سناء .
سناء : " تنظر إليه مترددة " ....
وليد : لا داعي للمدفأة " يترك يدها محرجاً "
الجو هنا دافيء .
سناء : حسن ، سأعد لك شيئاً من الطعام .
وليد : أشكرك ، تناولت العشاء في الطريق .
سناء : شاي إذن ، سيدفئك .
وليد : لا ، أرجوك ، الوقت متأخر ، ولو إني
مشتاق إلى شايك .
سناء : " تنظر إليه دامعة العينين " ....
وليد : " محرجاً " يبدو أن أمي قد نامت .
سناء : لا ، كانت هنا معي قبل قليل ، ستفرح
جداً لقدومك .
وليد : انتظرت طويلاً ، فلتنتظر حتى الغد .
سناء : كما تشاء .
وليد : لندعها الآن ترتح .
سناء : لم أخبرها بأنك قادم إلا منذ قليل .
وليد : هذا أفضل .
سناء : أما عمي ، فلم أخبره بعد .
وليد : يا للأسف " صمت " آمل أن تكون
صحته أفضل .
سناء : " تهز رأسها " إنه مقعد ، لا يفارق
سريره،وكرسيه المتحرك.
وليد : " يطرق صامتاً " ....
سناء : لقد هدّه ما جرى لعادل .
وليد : أخبرني صديق في السجن ، أن موفق
قد عاد من الأسر .
سناء : نعم ، عاد منذ شهر .
وليد : لا بد أنه زاركم .
سناء : مرة واحدة ، بعد عودته ربما بأسبوع .
وليد : إنه أقرب إنسان إلى عادل ، وكانا معاً
خلال المعركة .
سناء : لم أره ، وكذلك ماما ، فقد انفرد عمي
به طول الوقت ومنذ ذلك اليوم ، لم
يزرنا مطلقاً .
وليد : " يرمقها بنظرة خاطفة " ....
سناء : وليد .
وليد : الوقت متأخر ، الأفضل أن أذهب إلى
غرفتي .
سناء : " ترفع الفانوس " خذ الفانوس معك
" تنصت لحظة " أظنها ماما ، لعلها
سمعت صوتك .
الأم : " تهمس من الخارج " سناء .
وليد : " يتمتم " هذا الصوت .. لم أسمعه ..
منذ سنين .

يفتح الباب ، وتدخل
الأم ، وتقف مشدوهة

الأم : وليد . ! ابني " تسرع إليه وتضمه
بلهفة" ابني ، ابني " تتأمله متشككة
ناشجة " تبدو في صحة جيدة "
تكفكف دموعها " انظري إليه ، يا
سناء ، أنظري " تتأمله ثانية " لقد
سمنت.
وليد : أرأيت ؟ للسجن في ظروفنا فوائده .
الأم : " تضمه " ابني " تنشج " كلما تذكر
أنك .. في السجن .. " صوتها يختنق "
....
وليد : لا عليك ، كل شيء انتهى ، وها أنا
أمامك .
الأم : طالما أردت أن أزورك في السجن ،
أزورك ولو مرة واحدة ، فقد خشيت أن
أموت قبل أن أراك ، لكن ماذا أفعل . ؟
أبوك ، يسلمه الله ..
وليد : تحياتك ، وتحيات سناء ، كانت تصلني
بين حين وآخر .
الأم : أبوك لم ينسك ، كان يسأل عنك ..
وليد : " يهز رأسه " ...
الأم : أنت تعرفه ، إنه أبوك ، ولم يعد له الآن
.. غيرك .
وليد : " يرمق سناء " ....
سناء : " تطرق حزينة " ....
الأم : عادل سيعود ، سيعود حتماً ، وسنعود
كما كنا ...
وليد : " ينظر إليها صامتاً " ...
الأم : لا يخلو بيت من المشاكل ، هذه هي
الحياة " تتشبث به " مهما يكن ، يا
ابني ، فهو أبوك .
وليد : " يطرق رأسه " ...
الأم : اذهب إليه ، إنه مستيقظ ، ولعله عرف
بقدومك ، اذهب ، وسلم عليه ، قبّل
رأسه ، أبوك مريض ، مريض جداً ،
حبيس السرير والكرسي المتحرك ، وقد
....

يدفع الباب ، ويدخل
الأب على كرسيه

وليد : " متردداً " أبي .
الأب : ها أنت قد عدت .
وليد : انتهت فترة سجني .
الأب : سيعود عادل أيضاً .
وليد : هذا ما أتمناه .
الأب : سيعود مرفوع الرأس .
وليد : " يلوذ بالصمت " ...
الأب : عادل رجل .
وليد : أعرفه ، إنه أخي .
الأب : لا .
الأم : أبا وليد .
الأب : " يرمقها بنظرة حادة " لست أباه ،
قلت لك هذا ألف مرة .
الأم : " منفعلة " أوه ، هذا ظلم ، لا يستحقه
وليد منك ، مهما كان الأمر .
الأب : اسكتي ، أنت لا تعرفين شيئاً .
الأم : ما أعرفه ، أنه ابني ، كما هو ابنك
ويكفيه ما عاناه حتى الآن .
الأب : لم يعان ما عاناه عادل .
الأم : وما ذنبه هو ؟
وليد :ذنبي أنني عدت حياً بعد المعركة
"يواجه أباه " وهذا ما لن تغفره لي .
الأب : أنت لم تعد ، بل هربت .
وليد : لو كان عادل .. لأختلف الأمر .
الأب : عادل لا يهرب .
وليد : أبي .
الأب : عادل رجل .
وليد : أين عادل ؟
الأب : " يصمت مذهولاً " ...
وليد : أين هو ؟ أخبرنا .
الأب : إنهم .. إنهم يعرفون أين هو ؟ وسيعود
ذات يوم ، سيعود .
وليد : ليته يعود .
الأب : أنت تكذب .
الأم : " تتمتم " يا الهي .
سناء : " تبدو متألمة " ...
وليد : عادل أخي ، ولم أكرهه ، حتى وأنت
تميزه عني ، وتسلبني حقي ، وتعطيه
له .
سناء : " ترمقه بنظرة خاطفة " ....
الأب : لا حق لك هنا ، أفهمت ؟
الأم : أبا ..
الأب : " يقاطعها غاضباً " اسكتي أنت .
الأم : دعك من الغضب ، أنت مريض .
الأب : " يزداد غضباً " هذا مرضي ، ولن
أشفى مادام أمامي " يحاول عبثاً
تحريك كرسيه " اللعنة " يصيح بألم "
خذيني إلى غرفتي ، لا أريد أن أراه .
الأم : " تسرع إليه " كفى ، كفى " تدفع
الكرسي " لا داعي لكل هذا الغضب .

الأم تخرج بالكرسي ، وليد
وسناء وحدهما ، فترة صمت

سناء : وليد .
وليد : هذا أبي ، لا جديد في الأمر .
سناء : مهما يكن ، علينا أن نتفهمه .
وليد : لعلي أمّلت المستحيل .
سناء : عادل كان كل حياته .
وليد : مسكين عادل ، إنه ضحية أيضاً .
سناء : " تواجهه " تذكر ، يا وليد ....
وليد : " ينظر إليها " ...
سناء : الحياة مسرحية ، نحن نكتبها .
وليد : ما زلت تذكرينها .
سناء : وما زلت أختلف معك فيها .
وليد : إنها مسرحية .
سناء : عبثاً نشارك في كتابتها .
وليد : لا تنسي ، لقد دخلت معهد المعلمات .
سناء : بتأثيرك .
وليد : وكنت مليئة بالحماس .
سناء : معهد الفنون ، قسم المسرح ، وسنتك
الأولى فيه ، قراءات ، وأفكار ،
وطموحات ، وكنت كأني معك فيه ،
وهكذا دخلت " بمرارة " وها هي
الشهادة ، تتعفن بين أوراقي المهملة .
وليد : هذا ليس خطأك .
سناء : وربما بتأثيرك أيضاً ، ما زلت أحلم أن
أخرج إلى الريف ، معلمة .
وليد : ليس بينك وبين حلمك سوى .. باب .
سناء : يا له من باب ، يسده الرجل ، طوقني
بفضله ، فقد رعاني بعد وفاة أبوي .
وليد : إنه يحبك .
سناء : لم أعد أفهم هذا الحب .
وليد : لقد أعطاك لابنه .. عادل .
سناء : نعم ، أنت محق . لقد أعطاني "بصوت
متهدج " وليد ، نحن لا نعيش بل
ننتظر ، أنا أنتظر ، وهو ينتظر ، وماما
تنتظر ...
وليد : سناء .
سناء : أنظر إليّ ، " ترفع الفانوس " إنني
عجوز ، عجوز في الرابعة والعشرين ،
أقف في محطتي ، أنتظر ، والسنون
تمر .
وليد : الوقت متأخر ، الأفضل أن تذهبي إلى
غرفتك .
سناء : عفواً " تمسح عينيها " أتعبتك
أوهامي .
وليد : بالعكس ، إنني بحاجة للحديث معك .
سناء : غرفتك أعددتها منذ الصباح " تقدم له
الفانوس " خذ هذا الفانوس .
وليد : أبقيه معك ، عندي قداحة .
سناء : " تتجه إلى الداخل " وضعت لك
بطانية ، فوق الفراش ، الجو بارد "
الكهرباء يضاء " ها هو الكهرباء قد
عاد .
وليد : " ينظر إليها مبتسماً " هذا من حسن
حظي ، فقد كدت أصدق أنك عجوز .
سناء : " تخرج مبتسمة " تصبح على خير .
وليد : وأنت على خير .

وليد وحده ، يقف
لحظة ، ثم يخرج

إظلام





الفصل الثاني



الصالة ، صباح اليوم
التالي ، يدخل وليد

وليد : " في التلفون " صباح الخير ، أنا وليد
،أشكرك أم موفق ، جئت البارحة ليلاً ،
ألف شكر ، من فضلك ، أريد موفق ،
خرج ؟ حسن ، قد أعرج عليه في
المحل ، إنني مشتاق إليه ، حتماً
سأزوركم في أقرب فرصة ، مع
السلامة .

وليد يضع سماعة
التلفون ، تدخل سناء

سناء : وليد ! سمعت صوتك ، لكني لم أصدق
أذنيّ " تبتسم " صباح الخير .
وليد :أهلاً سناء ، صباح النور ، مازلت
تستيقظين مع الفجر .
سناء : يا للفجر " تضحك " أنظر إلى ساعتك،
لقد تجاوزت الثامنة .
وليد : لا عليك ، هذه الساعة ، عندنا في
السجن ، بمثابة الفجر .
سناء : أرجوك ، لا تذكر السجن ، لا تذكره
ثانية ، أنت الآن هنا بيننا .
وليد : هذا ما تمنيته دائماً .
سناء : طوفت بعيداً ، وعانيت ، وقدر لك أن
تعود ، وها أنت عدت .
وليد : " بمرارة " عدت لأبدأ ، لكن ..
سناء : وليد .
وليد : ذات يوم ، أعطيتك قصة عن اوليس .
سناء : اوليس !
وليد : القائد الإغريقي .
سناء : نعم ، تذكرته ، طاف هو الآخر بعيداً ،
ثم عاد إلى بيته .
وليد : عاد ليجد بنلوب تنتظره .
سناء : " تنظر إليه صامتة " ....
وليد : إنني أحسد اوليس .
سناء : " تطرق رأسها " ....
وليد : عن إذنك ، عليّ الآن أن أذهب .
سناء : أنت لم تفطر بعد .
وليد : لدي عمل هام ، وأريد أن أنجزه .
سناء : ليتك تنتظر قليلاً ، لن يتأخر الفطور ،
خمس دقائق فقط .
وليد : لست جائعاً ، أشكرك " يتأهب للخروج
" ....
سناء : وليد .
وليد : " يتوقف " نعم .
سناء : اعذرني ، حين دخلت ، منذ قليل ،
سمعتك تتحدث في التلفون .
وليد : أردت أن أحدث موفق .
سناء : موفق ؟ آه .
وليد : عليّ أن أقابله .
سناء : سأنتظرك .
وليد : " ينظر إليها صامتاً " ....
سناء : مع السلامة .
وليد : " يتمتم وهو يخرج " أشكرك .
سناء : " تغلق الباب وتتمتم " وأنا أحسد
بنلوب، فقد كانت تعرف ، على الأقل ،
أي اوليس تنتظر .

يُفتح الباب ، وتطل
الأم ، ثم تدخل

الأم : سناء ؟ ظننتك في المطبخ ، لابد أنه
التلفون ثانية " تتثاءب " الوقت متأخر ،
لم أنم حتى الفجر ، ظل عمك يسعل
ويدمدم ، لعل الساعة قاربت الثامنة .
سناء : إنها الثامنة والنصف تقريباً .
الأم : حسن ، اعدي الفطور ، أريد فطوراً
جيداً ، باسطرمة وبيض ، هل بقي لدينا
لبن ؟ وليد يحب اللبن ، هيا ، أسرعي
" تمضي نحو الباب " سأذهب وأوقظه.
سناء : ماما ، لا تذهبي ، وليد استيقظ وخرج .
الأم : ماذا !
سناء : خرج منذ قليل .
الأم : ولم يفطر ؟
سناء : نعم .
الأم : يا إلهي ، كان عليك أن تستبقيه .
سناء : حاولت دون جدوى .
الأم : هذا أول يوم له في البيت ، ويخرج من
غير .. آه ، أرأيت شحوبه ؟ إنه
السجن، صحته ليست جيدة ولم يسمن ،
حاولت أن أطمئنه " صمت " الجو
ينذر بالمطر، أين عساه ذهب ؟ سيصاب
بالبرد .
سناء : ذهب ليقابل موفق .
الأم : موفق ؟ آه ، هذا أمر طبيعي ، موفق
صديقه ، وصديق عادل " تغالب
نشيجها " كان عادل يحبه كثيراً وكانا
معاً في الجيش ،كانا دائماً معاً .
سناء : لم نره ، منذ أن عاد من الأسر ، سوى
مرة واحدة .
الأم : لعله مشغول ، إنه الحصار ، الشباب
يركضون هذه الأيام ، وراء لقمة
الخبز، وقلما يجدون منها ما يسد
رمقهم.
سناء : وحتى في تلك المرة ، لم تتح لنا
الفرصة للتحدث إليه ، فقد انفرد به
عمي طول الوقت ، ومنذ ذلك اليوم لم
نره مطلقاً .
الأم : بنيتي ، لا تفكري كثيراً ، أنا أم ، عادل
بخير ، وسيعود .
سناء : " مترددة حائرة " نحن ننتظر .

يُدفع الباب ، ويدخل
الأب على كرسيه

الأب : سمعت الباب ، قبل قليل ، يفتح .
الأم : إنه وليد ، لقد خرج .
الأب : في مثل هذا الوقت ! " يهمهم " هم
مم.
الأم : حتى دون أن يأكل .
الأب : لم يأتِ إلى هنا ليأكل ، إنني أعرفه .
سناء : " ترمقه بنظرة خاطفة " ....
الأب : الأفعوان الأرقط ، يزحف في الظلام ،
ليصل إلى هدفه .
الأم : هدفه ! أي هدف ؟ دعك من هذه
الأوهام ، وليد ابنك ، وقد عاد من
الموت .
الأب : ليته لم يعد .
الأم : " تشهق " أبا ..
الأب : أسكتي ، أنت لا تعرفين ما يدور
حولك.
الأم : طبعاً ، فأنا على ما يبدو ، لم أعد من
هذا العالم .
الأب : " يرمق سناء " أين ذهب ؟
سناء : " لا ترد " ....
الأب : أنا لا أكلم الحائط .
الأم : " مترددة " ذهب إلى السوق .
الأب : يا للكذب .
الأم : سامحك الله .
الأب : أنت لا تعرفين حتى كيف تكذبين "
يصيح " أين ذهب ؟
الأم : " منفعلة " ذهب حيثما ذهب ، دعه
وشأنه ، إنه ليس طفلاً .
الأب : إنني لا أكلمك ، أنت حجرة في هذا
البيت ، فابقي حجرة .
الأم : " تلوذ بالصمت منفعلة " ....
الأب : " يصيح " سناء .
سناء : نعم .
الأب : لقد سمعتني .
سناء : " تواجهه صامتة " ....
الأب : أنت تعرفين ، تكلمي .
سناء : ذهب ليقابل موفق .
الأب : موفق !
سناء : هذا ما قاله .
الأب : أرأيت ؟
الأم : عجباً ، وماذا لو قابله ؟ موفق صديقه ،
وصديق أخيه عادل .
الأب : " يصيح منفعلاً " اسكتي ، لا أريد أن
أسمع منك كلمة واحدة .
الأم : " تحاول تهدئته " حسن ، حسن ، لن
أتكلم ، اهدأ ، لا تنفعل هكذا .
الأب : الهارب ، الجبان ، ربيب السجون ،
يريد الموت لعادل ، يريد الموت له ،
لكن هيهات " يحاول عبثاً تحريك
كرسيه " ربيت أفعواناً في بيتي "
بانفعال أشد " سأسحق هذا الأفعوان ،
سأسحقه .
الأم : " تقترب منه " دعني أدفع ..
الأب : ابتعدي ، لست عاجزاً .
الأم : " تتراجع صامتة " ....
الأب : " يحرك الكرسي ، ويتجه نحو الداخل
" إنني بخير ، وسأبقى بخير " وهو
يخرج " عادل سيعود .. سيعود ..
سيعود .

الأب يخرج بعجلته ،
الأم تقف مذهولة

الأم : آه يا ويلي ، من يصدق هذا ؟ سناء ،
ماذا يجري ؟
سناء : ليتني أعرف .
الأم : وليد يريد الموت ل ..لماذا ؟ لا ، لا ،
يا للجنون ، إنه أخوه ، ثم .. كيف ؟
سناء : لا أدري ، لكن ..
الأم : تكلمي ، يا سناء ، تكلمي .
سناء : أخشى أن يكون عمي قد أخفى عنّا
أمراً.
الأم : عمك ؟ لا تكوني مجنونة ، ماذا يخفي ؟
سناء : الله أعلم .
الأم : دعك من هذا ، إنها أوهام ، إنني
أعرفه.
سناء : من يدري .
الأم : سناء .
سناء : نعم .
الأم : أصدقيني ، يا ابنتي .
سناء : إنني أصدقك دائماً .
الأم : هذا صحيح .
سناء : ماما ؟
الأم : البارحة بقيتما فترة وحدكما .. تتكلمان .
سناء : " تهز رأسها " ....
الأم : ماذا قال وليد ؟
سناء : لم يقل شيئاً .
الأم : تكلمتما فترة طويلة ، وليد ابني ، وأنا
أعرفه .
سناء : أنا تكلمت .
الأم : " متشككة " ظننته كلمك عن سجنه
و..
سناء : تكلمت عن .. سجني .
الأم : " معاتبة " سناء .
سناء : وقلت له ، أتمنى أن أخرج من سجني ،
كما خرج من سجنه .
الأم : ماذا تقولين ، يا سناء ؟ هذا بيتك .
سناء : أريد أن أخرج إلى الريف ، معلمة .
الأم : ثانية ؟
سناء : إنها أمنية .
الأم : كفى ، يا بنيتي ، معلمة ؟
سناء : لعل هذا هو الحل ، لقد حصلت على
شهادة ، ولي أن أستفيد منها " يتهدج
صوتها " أكاد أموت هنا ، لم أعد
أحتمل ، إنني أختنق ، أختنق .
الأم : بنيتي ، هوني عليك ، عادل سيعود
حتماً ، سيعود ، سيعود .
سناء : " تطرق متأوهة " ....
الأم : لقد مضى الكثير ، ولم يبقَ إلا القليل ،
انتظري ، يا عزيزتي ، انتظري ، ليس
لنا إلا الصبر والانتظار .
سناء : " تتمتم بصوت متهدج " الانتظار .
الأم : أنت هنا كل شيء ، وبصراحة ، لا
أريد أن تبتعدي عني ، وخاصة إلى
الريف .
سناء : " تنظر إليها صامتة " ....
الأم : تعالي ، تعالي نعدّ الشاي ، ونفطر ،
الهموم كثيرة ، لا تنتهي " تتجه إلى
الداخل " هيا يا ابنتي، هيا .
سناء : " تسير في إثرها " أنا قادمة ، يا ماما.
الأم : نعم ، ماما ، هذا ما أريد أن أسمعه
دائماً ، تعالي ، يا عزيزتي .

الأم وسناء تخرجان ،
الصالة تبقى خالية

إظلام



















الفصل الثالث




الصالة ، الوقت ليل ، الأم
وحدها ، تجلس إلى التلفزيون

الأم : " تهتف " سناء .
سناء " لا ترد " ....
الأم : ماذا تفعل هذه البنت ؟ إنها لا تترك
عادتها أبداً ، تغطس دائماً حيث لا
أدري " تهتف ثانية " سناء .
سناء : " من الداخل " نعم ، ماما ، أنا قادمة .
الأم : أسرعي ، الحلقة تكاد تنتهي .
سناء : لحظة ، إنني أعد الشاي .
الأم : هاتيه هنا ، نضعه على المدفأة ،
أسرعي .
سناء : ها إني قادمة ، لقد انتهيت .
الأم : " تحدق شاردة في التلفزيون " آه .

تدخل سناء حاملة
قدحين من الشاي

سناء : تأخرت عليك .
الأم : لا بأس ، تعالي .
سناء : أشعلت الفانوس .
الأم : فاتك مشهد رائع ، هذه الممثلة العجوز،
ما اسمها ؟ يا ويلي " تبتسم بمرارة "
لقد شاخت ذاكرتي .
سناء : " تقدم لها القدح " شايك .
الأم : هاتيه " تحرك الملعقة في قدح الشاي "
تأخر وليد .
سناء : الساعة قاربت الحادية عشرة .
الأم : لم يأتِ حتى إلى الغداء .
سناء : " تحتسي الشاي بصمت " ....
الأم : هذه عادته ، ينسى نفسه حين يخرج ،
لكن عليه أن يتغير ، لم يعد طالباً ،
يقضي وقته في المعهد " تبتسم " ليتني
أراه يوماً ، يمثل في مسلسل من هذه
المسلسلات ، تحبه فتاة حلوة ، لماذا لا؟
إنه أجمل من بطل هذا المسلسل "
تضحك " لو يسمعني الآن لقال ، القرد
في عين أمه غزال " تصمت " لقد
تأخر " ترمق سناء بنظرة خاطفة "
سناء .
سناء : نعم .
الأم : ما الأمر ؟ أنت لا تتكلمين .
سناء : لا شيء ، أشاهد التلفزيون .
الأم : لقد انتهت الحلقة .
سناء : آه ، أعرف " ترفع قدح الشاي " ستبدأ
نشرة الأخبار .
الأم : لا جديد ، مادام الحصار مستمراً ،
اخفضي صوته قليلاً .
سناء : " تنهض وتخفض صوت التلفزيون "
....
الأم : أمي رحمها الله ، كانت تقول ، الأحلام
أوهام ، لعلها محقة " صمت " سناء .
سناء : نعم .
الأم : أهناك شيء عن عادل ؟
سناء : عادل ؟ " تجلس " لا ، أبداً .
الأم : رأيته البارحة أيضاً في منامي ، ربما لم
أكن نائمة تماماً ، لقد شخت ، وغدوت
أرى الكثير من الأحلام ، وحين
أستيقظ، لا أذكر منها إلا الشيء القليل ،
لكن هذا الحلم ..
سناء : ماما ، شايك سيبرد ، اشربيه .
الأم : " تتمالك نفسها " لقد برد " ترفع
القدح" تأخر وليد .

يدفع الباب ، ويدخل
الأب على كرسيه

سناء : عمي ! " تنهض " حسبتك نائماً .
الأب : تلفزيونكم لم يدعني أنام ، صوته يصل
الشارع .
سناء : عفواً " تتجه نحو التلفزيون " سأطفئه.
الأم : يا للعجب ، الصوت لا يكاد يسمع .
الأب : أنت صماء .
الأم : إنها نعمة ، أشكر الله عليها .
الأب : دعيه .
سناء : " تقف مترددة " ....
الأب : هذه القناة مزعجة ، غيريها .
سناء : حاضر " تغير القناة " .
الأب : ابتعدي قليلاً ، دعيني أرَ " يحدق في
التلفزيون " كلها سواء .
سناء : عمي .
الأب : " لا يلتفت إليها " ....
سناء : عشاؤك في الثلاجة ، سأسخنه إذا ..
الأب : لست جائعاً .
سناء : لم تتعش .
الأب : معدتي تؤلمني " صمت " هذا البيت
أصبح جحيماً لا يطاق .
الأم : " ترمق ساعة الحائط " ....
سناء : " بصوت خافت " ماما ، شايك .
الأم : لقد برد .
سناء : سأصب لك قدحاً غيره .
الأم : لا " ترفع القدح " خذيه .
سناء : " تأخذ القدحين " لدي بعض الأطباق
في المطبخ ، سأغسلها قبل أن أنام .
الأم : الأفضل ألا تنامي ، قد يأتي وليد بعد
قليل .
الأب : دعيها وشأنها .
سناء : " تتجه إلى الداخل " تصبحان على
خير.

سناء تخرج ، صمت ،
الأم تنهض متثائبة

الأم : سأذهب أنا أيضاً ، وأنام " تهم
بالخروج" إنني متعبة .
الأب : أجلسي .
الأم : دعني أنم أفضل ، كفانا كلاماً ، مللت
القيل والقال .
الأب : قلت لك أجلسي .
الأم : ها إني أجلس " تجلس متذمرة " خيرا
إن شاء الله .
الأب : اسمعيني ، هذا الولد ...
الأم : وليد . !
الأب : مجيئه ، وفي هذا الوقت بالذات ..
الأم : جاء إلى بيته .
الأب : يمرضني ، بل و ..
الأم : يا رجل ، اتق الله ، لقد خرج تواً من
السجن ، دعه يرتح قليلاً ، دعه يرتح .
الأب : السجن ، يا للشرف ، أنت تعرفين لماذا
دخل ابنك السجن .
الأم : ها أنت تقولها بلسانك ، ابنك ، نعم ،
ابني ، هذا ما أعرفه ، وما لا أريد أن
أعرف شيئاً غيره ، انه ابني ، مثلما
أخوه عادل .. ابني .
الأب : اسكتي ، لا أريد أن تقرني اسمه باسم
عادل .
الأم : إنهما أخوان ..
الأب : شتان ما بينهما .
الأم : والأب ، مهما كان ، لا يفرق هكذا بين
أولاده .
الأب : لا أريد ولداً جباناً .
الأم : " تنهض منفعلة " هذا موقفك منه ،
حتى قبل أن يهرب .
الأب : أعرف أنه جبان .
الأم : حين مرض وعجز عن السير ، أتذكر؟
دفعته قسراً إلى الجبهة .
الأب : لقد انتهت إجازته .
الأم : لم ترحمه ..
الأب : كان عادل في الصفوف الأمامية .
الأم : ولم يرحموه ، القي في خندقه الأمامي ،
يواجه الهجوم مع رفاقه ، فهرب ، لم
يهرب أثناء المواجهة ، بل بعد أن
انتهى كل شيء ، وجاء في إجازة .
الأب : عادل لم يهرب .
الأم : عادل ، أين عادل ؟
الأب : " يحدجها غاضباً " ....
الأم : " تنصت " الباب .
الأب : جاء ابنك .
الأم : دعه وشأنه .
الأب : اذهبي أنت ، ونامي .
الأم : دعه ، كفاه ، ما عانه ، أنه إنسان من
لحم ودم .
الأب : قلت لك اذهبي " يصيح بها " هيا .

الأم تتململ مترددة ، ثم
تخرج ، صمت ، يدخل وليد

الأب : حسن ، تكلم ، قل ما عندك .
وليد : هذا ما يجب أن تفعله أنت يا أبي .
الأب : قالوا لي ، أنك ذهبت لمقابلة موفق .
وليد : نعم ، وقد قابلته .
الأب : أيها الأفعوان .
وليد : قل لهما الحقيقة .
الأب : " يصيح منفعلاً " اسكت .
وليد : على الأقل ، قلها لسناء ، من حقها أن
تعرف .
الأب : " يحاول جاهداً أن يحرك كرسيه "
موفق يكذب ، عادل لم يقتل ، انه
موجود ، وسيعود حتماً ، سيعود ،
سيعود .
وليد : الحقيقة قاسية نعم ، ولكن لابد من
الاعتراف بها .
الأب : اسمع أيها الجبان ، لا أريد أن أراك
غداً هنا " يتحرك بكرسيه نحو الباب"
ولا أريد أن أراك ثانية ، ما دمت على
قيد الحياة .

الأب يخرج منفعلاً ،
صمت ، تدخل سناء

وليد : سناء .
سناء : عادل ! عادل يا وليد ؟ " يتهدج
صوتها" قلبي أعلمني ، أن عمي يخفي
شيئاً حول عادل " تنشج باكية " لكن..
لا .
وليد : أرجوك ، الوقت متأخر ، قد تسمع أمي.
سناء : لا ، لا ، لعل موفق مخطئاً ، نعم ، لعله
مخطئ .
وليد : قال لي ، أنه رآه ، خلال المعركة ،
يلتحم هو ورفاقه مع المهاجمين بالسلاح
الأبيض ، وقد سقط صاروخ عليهم .
سناء : " تنشج " آه .. يا ويلي .
وليد : وقال أنه رآهم جميعاً يتناثرون أشلاء .
سناء : كفى أرجوك ، كفى ، كفى .
وليد : ووقع أسيراً ، في اليوم نفسه ، ومنذ
ذلك الحين ، لم يسمع أي شيء عن
عادل .
سناء : مسكين عادل ، كم كان طيباً " تكفكف
دموعها " الآن فقط فهمت حب عمي
لي.
وليد : لا عليك ، أظنك سمعت ما قاله لي قبل
قليل .
سناء : " تهز رأسها " ....
وليد : سناء .
سناء : " تنظر صامتة إليه " ....
وليد : لقد طوفت فترة طويلة وحاولت جهدي
أن أبقى في متاهتي ، بعيداً ، لكني لم
أستطع " صمت " أنا أعرف بما
سيستقبلني به أبي ، لكني مع ذلك ..
أتيت .
سناء : " تحملق فيه متأثرة ثم تطرق " ....
وليد : ارفعي راسك يا سناء ، وانظري إليّ .
سناء : " ترفع رأسها مترددة " ...
وليد : تعالي نصفق هذا الباب معاً ، ونخرج
"صمت " بنلوب ، ماذا تقولين ؟
سناء : " تترقق الدموع في عينيها " وماذا
يمكن أن تقول بنلوب " تمد يديها إليه
" يا اوليسي .


وليد يمسك يديها
فرحاً ، إظلام تدريجي
إظلام
ستار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب


.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري




.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس