الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل الصعب والحل الأصعب

أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني

(Ashraf Dabain)

2022 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤكد أننا سمعنا هذه الجملة مئات المرات: الشخص الذي له نظم معرفية أكثر من الآخر هو الذي يهيمن، وهذه جملة دقيقة وصحيحة جدًا.
وهذا إن دل فهو يدل على شيئين:
١ على نطاق دولي، امتلاك التكنولوجيا والعلوم هو من يحدد الدولة التي تحكم العالم.
٢ على نطاق شخصي، امتلاك المعارف الشخصية والثقافة هو من يحدد الشخص المتفوق.
لا مكان للدولة أو الشخص "المتخلف معرفيًا" في عالم اليوم.
ليس كل شيء بالخبز، ونحن مقبلين على مشكلة تتعلق بالحبوب في العالم، وبالأخص القمح، وهذه المقولة ليست ببعيدة عن مقولة السيد المسيح التي قالها قبل ألفي عام: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، وكان الإنسان القديم يجاهد في سبيل المعرفة، فاكتشف النار واخترع الدولاب ثم الكتابة، وتقول روايات أخرى أن الكتابة ظهرت قبلا، ثم توالت الاختراع القائمة على التفكير والحاجة، إلا أن إنسان اليوم مختلف تمامًا عن الإنسان القديم، فهو إنسان يعيش ضمن قرية صغيرة أكثر همجية من إنسان الأمس بسبب التسابق المحموم على التسليح، بينما الأولوية حول الثقافة والعلوم والاختراع والمعرفة تأتي ثانيًا أو ثالثًا أو أخيرًا في سلم الأولويات، وحتى بين الأمم هذه الأولوية تأتي في آخر السلم لدى شعوبٍ معينة بينما تأتي في أولوياتها توفير الخبز وتوطيد السلطة.
إن التنمية الإقتصادية تتطلب وجود إنسان اقتصادي، وهنا يأتي الفرق بين الدولة النامية التي تنمي الإنسان الموالي للنظام، والدولة المتقدمة التي تنمي الإنسان المتمكن إقتصاديًا.
إذا ما الحل؟
الحل هو الاستثمار في الإنسان.
وهنا الفرق. لننظر لليابان التي تخلو من الموارد الطبيعية، ولكن الحكومات اليابانية ركزت على بناء الإنسان، فأخذت الموارد البشرية دور الموارد الطبيعية لتعوض هذه الخسارة، وكذلك ما حدث مع ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. ولا يأتي الاستثمار بالإنسان بالثقافة وحدها ولا بالعلم وحده، بل بحسن الإدارة مضافًا إليها الجدية، وحسن الإدارة وكفائتها لا يأتي بتطبيق العلوم الإدارية القديمة وما عفا عليها التاريخ وشرب، بل بتطبيق النظم الإدارية الحديثة.
هنا لا بد من التركيز على الانضباط من أسفل الهرم إلى أعلاه، فإن وجد التعليم ووجدت القيادة دون وجود انضباط، فإن النتيجة الحتمية الفوضى، ولذا فدور القائد هو ضبط الأمور وتنظيمها، والسير قدمًا في تنفيذ الخطط المرسومة جنبًا إلى جنب مع وجود قواعد راسخة، ورقابة محكمة.
إن قصص النجاح التي نسمعها للقادة في الغرب ليست وهمًا كما أنها ليست مستحيلة، فلكل قصة جانب حقيقي وجانب خيالي، ولكن الإنسان المثقف يستطيع وضع كل جانب من هذين الجانبين في حجمهما الصحيح في الرواية.
هذا يُشير إلى نقطة مهمة وهو الحل الصعب والحل الأصعب، فالاستثمار في الإنسان شديد الخطورة ومكلف وغير آمن سياسيًا، لكن عوائده البشرية والإنسانية والإقتصادية والاجتماعية عظيمة، اذا هو حل صعب. لكن الأصعب هو الحل السهل! نعم الحل السهل أي الاستدانة والاعتماد على القروض والمساعدات والإدارة التقليدية وترحيل الأزمات... إلخ، هذا حل سهل جدًا لكن عواقبه وخيمة ومؤكد أنها ستصل بنا إلى الأصعب لأن لا رصيد إنساني أو اقتصادي أو تنموي أو مؤسسي أو اجتماعي ليحل الأزمات الحقيقية حين تقع لا سمح الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا