الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تغيرت طبيعة الوظائف وهل ستتغير مع وبعد جائحة كورونا ؟

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2022 / 5 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر


مع التحول التكنولوجى (التقنى أو الرقمى) الذى حدث ويحدث منذ بداية عصر العولمة منذ حوالى ثلاثين عاما عبر الانترنت وتطور الاتصالات والأجهزة الذكية تغيرت أيضا طبيعة الوظائف ، بل إن بعض الوظائف طالها الاندثار والبعض ينتظر دوره فى الاندثار أيضا وهو آت لا محالة ، إلا أن جائحة كورونا ساهمت فى تسريع وتيرة التغيير فى الوظائف لانتشار التباعد الاجتماعى وبالتالى إنجاز الأعمال من المنزل باستخدام التكنولوجيا مما جعل البشر يعتمدون بصورة أكبر على التكنولوجيا وهو ما جعل بعض الدول وعلى رأسها الصين ومن بعدها الولايات المتحدة تخصص مبالغ ضخمة للتطوير التكنولوجى ، بل إن الشركات الكبرى نفسها بدأت تعى تلك التغيرات الحضارية فبدأت تخصص مبالغ ضخمة لعمليات التطوير التكنولوجى وصل إلى تغيير المنتجات والمهام والأهداف .
إن التغيرات فى الوظائف تمت وتتم للأسباب الرئيسية التالية :
- إحلال روبوتات او أجهزة ذكية محل الإنسان فى العمل ، وقد بدأ الإحلال تدريجيا فى النقل والتحرك والتوصيل الداخلى والقيام بالأعمال الصعبة والخطيرة فى الشركات ثم امتد إلى خارج الشركات ووصل إلى مرحلة السائق الآلى فى السيارات العادية ، ومن المنتظر أيضا أن يمتد عمل الروبوت إلى الإشراف الأمنى وإلى الشارح والمرافق ليس على البوابات فقط بل فى المخازن والمعارض والمولات ثم يصبح الروبوت هو المهنى وهو خادم المنازل ، ومع كثرة استعمال الروبوتات والأجهزة يخسر البشر العاديون ملايين الوظائف سنويا حتى أن بعض الدول مثل السويد وغيرها بدأت تعد القوانين لتقليص ساعات العمل مع المحافظة على الرواتب حتى لا يفقد البشر وظائفهم أمام تغول الأجهزة والروبوتات القادم بصورة مرعبة خلال السنوات العشر القادمة .
- اقتران الوظائف بالتكنولوجيا جعل الوظيفة العادية فى طريقها للإنقراض ، فالطبيب العادى غير مطلوب بينما الطبيب الذى يستطيع التعامل مع الأجهزة التكنولوجية ويتقنها هو المطلوب وهو الذى يربح ويرتقى لإمكانية التوصل بسرعة إلى الأمراض وتحديد العلاج الأفضل ، وهكذا يكون المحامى والإدارى والمحاسب وغير ذلك من المهن والوظائف ، فالموظف الذى يتقن التعامل مع التكنولوجيا والبرامج المتطورة فى الشركات والمصالح سيبقى بينما سيندثر من لا يستطيع التعامل مع التكنولوجيا فى كل المجالات المدنية والعسكرية وحتى المجتمعية والثقافية والفنية والرياضية لإن التطوير والإبداع أصبح معتمدا بصورة كبيرة على المعرفة المتنامية عبر الوسائل التكنولوجية المختلفة.
- التفاعل عن بعد أضاف ميزة للمهن الوظيفية التى تحتاج إلى العمل من المنزل أو التفاعل والظهور عبر المنصات التكنولوجية واستخدام الكاميرات عن بعد ، وبالتالى من لا يتقن تلك التكنولوجيات يفقد ميزة وظيفية أمام من لا يتقنها حيث تحولت اللقاءات والاجتماعات والمحاضرات والدروس ومعظم البرامج التدريبية إلى الواقع الافتراضى بدلا من الواقع العملى وتحول التواصل إلى برامج الكترونية.
- التحول الرقمى للكتب والصحف والمعرفة أعطى ميزة لمن يستطيع الوصول إلى المعرفة عبر الطرق الحديثة بينما يصعب الأمر الآن على كبار السن وعلى المعاقين الذين لا يستطيعون الوصول إلى المعرفة الرقمية وهو ما يجعل هناك تفاوت معرفى رقمى يجعل الشباب يحلون تدريجيا محل كبار السن المنغلقين تكنولوجيا مما يؤثر على المجتمعات .
- التعامل مع التكنولوجيا اختصر الزمن وبالتالى قلص فارق الخبرة لصالح الوصول إلى المعرفة ، مما يعنى عدم تقدير الخبرة الطويلة فى كثير من المهن ، فالخبرة التى تصل إلى خمس سنوات مدعومة بالتكنولوجيا أفضل من خبرة عشرين عاما بلا تكنولوجيا مما أثر كثيرا فى الأجور والمخصصات والفرص أيضا.
- اعتماد الإبداع كأحد عوامل التطور التكنولوجى أعطى فرصة وأفضلية للمبدعين على حساب الأشخاص العاديين وبالتالى علت أجور المبدعين ومكانتهم الوظيفية على حساب غيرهم وهى نقطة إيجابية ولكنها سلبية فى نفس الوقت للتفاوت الكبير فى الدخل بين المبدعين وغير المبدعين بل ومحاولة الأسر تقليص مرحلة الطفولة لدى الأطفال أمام التعليم التكنولوجى الإبداعى.
- تطور طريقة الاتصالات جعل من لا يتقن ميزة التواصل عبر البرامج الحديثة مثل الإيميل وبرامج التواصل الاجتماعى وعبر برامج اتصالات مثل واتساب وغيره يفقد قدرته على التواصل الوظيفى ويصبح مهددا فى وظيفته لعدم قدرته على التواصل مع الرؤساء ومع فريق العمل .
- التطور التجارى العالمى الرقمى وتنامى الأعمال المرتبطة بكلمة "الكترونى" مثل التسويق الالكترونى والتجارة الالكترونية وبرامج خدمة العملاء الالكترونية والبيع الالكترونى والشراء الالكترونى جعل موظف المبيعات والتسويق والمبيعات والمشتريات وحتى موظف الموارد البشرية العادى مهدد فى وظيفته لصعود تلك المفاهيم وتأثيرها الآن على العالم واقتناصها كمّا أكبر على حساب ما لا يرتبط بكلمة إلكترونى وبالتالى تحول العالم التجارى بصورة عامة إلى صورة إلكترونية فى البيع والشراء وتحويل الأموال وإصدار الفواتير والائتمان ومعظم الأنشطة التجارية . ولم يقتص الأمر على التجارة بل امتد التواصل إلى العلم والبحث العلمى والسياحة والتعليم بين مختلف بقاع العالم متخطيا حاجز القوميات وحاجز اللغة أيضا لوجود برامج تقوم بالترجمة الفورية .
- تنامى العولمة التكنولوجية جعل العالم كله مترابطا بصورة أكبر وبالتالى تحولت المنافسة الوظيفية إلى منافسة عالمية أو على الأقل منافسة قومية ، فشاغل الوظيفية يمكن أن يكون من نفس الدولة أو من خارجها او على الأقل من محافظة أخرى ولكنه أكثر مهارة تكنولوجية وأفضل وظيفيا مما يصعب الأمور على أصحاب المهن التقليدية ، بل إن الأعمال التى كانت تعتمد على القدرة البدنية نفسها تم استبدالها بآلات ورافعات وأجهزة تفوق قدرة الإنسان فى الحمل والنقل والعمل بلا كلل أو ملل .
إذن نحن فى مرحلة جعلت كل ما يحيط بنا مرتبط بالتكنولوجيا ومن بين ذلك الوظائف التى هى مصدر الدخل الرئيسى لمعظم سكان العالم ، ومع تلك المرحلة أصبح لزاما على كل منا تطوير معارفه بصورة تكاد تكون يومية ليواكب التطور العالمى ويعطى نفسه أفضلية وظيفية أمام العالم المتسارع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله