الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في ذكرى النكبة
خليل اندراوس
2022 / 5 / 27القضية الفلسطينية
تشير كلمة نكبة في اللغة العربية إلى الكارثة، لذلك يرمز بها الشعب الفلسطيني إلى تهجيره الإرهابي القسري العنصري الشوفيني الجماعي من فلسطين، وهدم معظم معالم المجتمع الفلسطيني آنذاك. وكان المؤرخ والمفكر القومي العلماني قسطنطين زريق أول من استخدم مصطلح النكبة في وصف كارثة تهجير الفلسطينيين، وقد أصدر بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان قيام دولة إسرائيل الصهيونية -القاعدة الأمامية للإمبريالية العالمية في الشرق الأوسط- كتابه التأسيسي "معنى النكبة" باللغة الإنجليزية.
كان ويكون إحياء ذكرى النكبة والكارثة وسيكون مستقبلًا رسالة كل إنسان فلسطيني بأنه لن يتنازل عن حقوقه القومية الوطنية الإنسانية في فلسطين، ولن يتنازل عن حق العودة ولن يتنازل عن حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
على مدى عقود، قام الشعب الفلسطيني في يوم ذكرى النكبة بتنظيم فعاليات وتظاهرات في إسرائيل والضفة العربية وقطاع غزة، وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية وفي جميع أنحاء العالم، وفي السنوات الأخيرة بمشاركة جماهير واسعة في دول مختلفة حول العالم. فالقضية الفلسطينية أصبحت قضية كونية إنسانية عادلة، واستشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة الذي لازمه تضامن عاملي إنساني مؤثر وكبير يؤكد مصداقية وعدالة القضية الفلسطينية الإنسانية، حيث أظهر مجددًا الوجه القبيح والعنصري والشوفيني للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، وسياسات غطرسة القوة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده. وتصريح بينيت الأخير بأنه يطالب جيش الاحتلال بممارسة سياسة "القوة المفرطة" هو دليل واضح على أن إسرائيل تمارس الإرهاب الرسمي ضد الشعب الفلسطيني.
إن ممارسة وسياسة حكومات إسرائيل المتتالية هي سياسة استعمارية، ويومًا بعد يوم يظهر الغرب الإمبريالي المرهون من قبل الصهيونية العالمية إفلاسه فيما يسمى "عملية السلام"، فهذا المصطلح أصبح مصطلحًا عبثيًا وهميًا، إذ لا يمكن أن يكون سلام إلا بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرارات التي تتعلق باحتلال الضفة الغربية وبناء المستعمرات والقدس، وقرارات الأمم المتحدة بخصوص عودة اللاجئين. وهنا أريد أن أذكر بأن قرار الاعتراف بإسرائيل كان مشروطًا بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهذا لم يتحقق منذ عام 1948، عام النكبة.
فقد عقدت لجنة التوفيق الدولية اجتماعًا في لوزان حضره ممثلو الفريقين، العرب واليهود، الذين تناقشوا حول قضية اللاجئين بصورة مبدئية، وقع الممثلون الإسرائيليون وأعضاء لجنة التوفيق الدولية بيانًا مشتركًا (والذي عرف فيما بعد "بروتوكول لوزان")، في تاريخ 12 أيار عام 1949، وقد تعهدت إسرائيل فيه أن تبحث مع لجنة التوفيق الدولية القضية الفلسطينية على أساس المقررات التي أصدرتها هيئة الأمم المتحدة في صدد هذه القضية، وذكر الموقعون على هذا البيان أن الوثائق التي سيرجعون إليها في بحث هذه القضية هي مشروع التقسيم الذي أصدرته هيئة الأمم، وذلك من أجل تعديل الحدود وإعادة اللاجئين وصيانة حقوقهم ومصالحهم. وظهر بعدئذٍ أن إسرائيل كانت ترمي من وراء بروتوكول لوزان إلى إقناع الأمم المتحدة أنها "محبة للسلام"... وراغبة في التفاهم مع العرب!... وأن طلبها الذي قدمته قبل بضعة أيام من أجل الانضمام إلى هيئة الأمم جدير بالاهتمام!... وهكذا كان، إذ ما كادت هيئة الأمم تقرر ضم إسرائيل إلى حلقتها (فعلت هيئة الأمم ذلك بناءً على توصية مجلس الأمن الذي أصدر قراره في 4 آذار عام 1949) باعتبار "أنها حقًا محبة للسلام وأنها جديرة بأن تأخذ مكانها بين الأمم المتحدة"، حتى تنكرت لبروتوكول لوزان، ولم تتقدم إلى لجنة التوفيق من أجل بحث المسائل التي ورد ذكرها في البروتوكول، لا من حيث إرجاع اللاجئين ولا من حيث تعديل الحدود" (كتاب عارف العارف -النكبة- الجزء الثالث ص 119 – 120).
وكي لا ننسى، ففي عام 1948 تم تهجير 700 ألف فلسطيني، وتم تدمير أكثر من 400 قرية فلسطينية. ويبلغ عدد الفلسطينيين المهجرين وذريتهم الآن عدة ملايين، ويتوزعون اليوم في الأردن (2 مليون مهجر فلسطيني)، ولبنان (427,057)، وسوريا (477,700)، والضفة الغربية (788,100)، وقطاع غزة (1,1 مليون)، فضلًا عن وجود ربع مليون فلسطيني على الأقل مشرد داخل إسرائيل.
وفي عام 2011 زحف اللاجئون الفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا باتجاه الحدود مع إسرائيل، ونتيجة إطلاق النار من قبل الاحتلال قتل ما لا يقل عن 12 شخصًا، فضلًا عن عشرات الجرحى، وقد وصفت وكالة فرانس برس المواجهات آنذاك بأنها أسوأ حوادث العنف منذ اتفاق الهدنة عام 1974، وهنا أذكر بأن إسرائيل منذ مؤتمر مدريد "للسلام"، وعلى الرغم من احتجاجات ونضالات الشعب الفلسطيني، تتقدم في مشروعها الاستيطاني الكولونيالي وممارسة سياسات الإرهاب الرسمي ضد الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، تستمر السلطة الفلسطينية في رهانها على ضغوط دولية أو أمريكية بهدف وقف الاستيطان، وهذا رهان فاشل، فالولايات المتحدة لا تملك سوى التمسك بمعزوفتها المتكررة عن "أزمة الثقة"، لأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط هي سياسة موجهة "عن بعد" عبر جهاز "للتحكم" من قبل جماعة ضغط أو اللوبي، وهو اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة "آيباك"، والذي وصفته "نيويورك تايمز" "باللوبي الأكثر فاعلية... والذي يتمتع بنفوذ هائل في السياسة الأمريكية في الشرق الأدنى". واليهود الأمريكيون الذين يمثلون 2,6% من السكان في الولايات المتحدة يمثلون في الواقع حسب رواية "مجلة فوربس" 20% من المليونيرات المستعدين لدفع ثمن الآراء المؤيدة لإسرائيل، من خلال لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية ومنظمة "آيباك" وغيرها من المنظمات، وخاصة "لجنة الثلاثمائة" الماسونية الصهيونية.
وكمثال على أن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأدنى، وخاصة تجاه القضية الفلسطينية، مرهونة بيد اللوبي الصهيوني الأمريكي، فإن مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبيته (98 صوتًا مقابل صوت واحد) وافق على قرار يدعو الرئيس الأمريكي إلى معارضة الإعلان من جانب واحد عن استقلال فلسطين.
وهنا أذكر بأن القضية الفلسطينية الإنسانية الكونية العادلة، والتي تتضمن عدة أبعاد وجودية بالنسبة للشعب الفلسطيني (الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، ووقف الاستيطان الكولونيالي، ووقف الحصار البربري على قطاع غزة)، وتسويتها العادلة المصدق عليها، هي وحدها التي سوف تسمح بضمان سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط، ففي النهاية، سلام الشعوب بحق الشعوب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز