الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتجاج أنثوي... مغاير

متعب أنزو

2006 / 9 / 16
الادب والفن


دمشق......أمريكا وألمانيا .....وأماكن أخرى من العالم ... ثم دمشق مرة أخرى ، ذلك ليس اختصاراً للمنفى بأي حالٍ من الأحوال لكنه بمعنى ما الزمن القائم على الحقيقة والموثق بالعمل .
دمشق … اللغة الفوضوية المؤسسة على المستحيل ، على الأداء والفعل والانفعال وسط هالة التسارع التي تشكل الملامح ، وتفسح المجال لاتضاحها .
الإشارة إلى بدايات الدخول إلى العصر ، الذي يفترض الاندماج والمثاقفة ، الآخذ والعطاء ، وكل ثنائيات الجدل المفضية إلى أتساق هارموني مع ذات العصر .
المكان من حيث كونه ما نحب ، وما نحب هو ارثنا الحقيقي ، ما نحبه جيداً هو الذي لن ينتزع منا بسهولة .
ولأن التساؤل يبدو وكأنه عادياً ومفاجئاً في جو إشاعة الانكسار والترويج له ومن ثم الخضوع لنتائجه "بعيدة كانت أم قريبة" كذلك ضمن نسيج عربي يقنع نفسه باليأس في ظل سيطرة واضحة لثقافة استهلاكية متعفنة وعابرة في آن .

لنتخيل من الزاوية التي كانت فيها "هالة الفيصل " أي بروكلن في نيويورك , الحي الذي أنتج هنري ميلر وغيره من الكبار في الثقافة الأمريكية .... أننا نرى العربة ، بحجم سيارة التاكسي العادية التي يمكن أن نشاهدها في دمشق ، لكنها بلا أبواب ونوافذ وسائق ، وربما بلا عجلات "منطق السكون والرتابة" الذي يغلف كل شيء حتى المشاعر والأحاسيس كذلك رائحة الليمون الممزوج بالماء ، والذي تحرص بلديات المدن الغربية على غسل الشوارع به مساء كل يوم .

ليس في هذه المدن الغربية..... أو هذا السوبرماركت الضخم ... طعام أو مواد للطبخ ، أو أي شيء للاستهلاك ، سوى ما تحتاجه لدماغك وروحك وحريتك .
في سلوك اليومي لدى هالة الفيصل ، الأسئلة لا تقود إلى أجوبة لأنها تنفتح بصورة تلقائية على مشاريع أسئلة أخرى معلنة أو غير معلنة ، لكنها بشكلها ولونها الأوحد مشروعة مثلها مثل توصيفات الحرية والحدس والمطر والفن والصراخ.
المعنى ذاته الذي يقود للحديث عن الحيز العام المفقود، والذي يحتاج اليوم، في مقدّم ما يحتاج إليه لتحققه واستوائه، قدراً من التواطؤ الذي هو خارج القانون، أو المساحة الضيقة الخاصة والمخصصة للاحتجاج في الوقت الذي تتعذر فيه مفاهيم العلانية .
تقول لك هالة الفيصل من على كرسيها في فضاء المرسم لمناسبة احتجاجها على فكرة العنف في لبنان وهنا وفي الشرق عموما...هناك في النقيض اللاشرقي تستطيع أن تحتج بالطريقة التي تريد وضد من تريد ودون أن يقنرب منك البوليس وهو إن اقترب فالقوانين الصارمة تفرض عليه التسلح بالكثير من التهذيب الجم ومن ثم ينتهي الأمر بهدوء وسلام .
أما هنا ففكرة الاحتجاج على قائمة الممنوعات وأن تم التسامح به فيجب أن يكون في اتجاهات محددة .... وبصمت ..... وبالوسائل التي لا تخدش الحياء البطريكي الشرقي ودون المساس بالتابوهات المعلنة والمبوبة وفق قراءات أوليائك في الحياة والهواء والتفكير.
حساسية الجسد في الغرب , هي حساسية جمالية بالمطلق أما هنا فأنك لاتسطيع الذهاب بالجسد إلى تحقيق حقك في نقض التراكم البصري والسلفي للشرق .
الاعمال الفنية التي تقصدت عرضا في منزلي , والتي أنتجتها طوال الحرب على لبنان ...هي في الواقع ما أتيح لي من الحيز المخصص لحريتي لكي أقول لا للعنف الذي هو في حقيقة الأمر الأداة الوحيدة لكل السلطات الشرقية .
أنا أستغرب كل هذا الضجيج على حادثة تمر هناك مرورا سريعا بينا لازلت أتحمل تبعاتها هنا حتى من المقربين ...وفي المقابل أيضا لا يرى الناس هنا عريهم الذهني والروحي ..العري الذي تصدم به كل يوم كما تصطدم بالهواء .
في يقيني أن الضفاف التي وصلت إليها هالة الفيصل .... متأتيةً من خوف مُسوّغ. ‏إنما هذه المرة بشكل مختلف ومتعد لمسألة «الموت الجسدي» ليطول موت الذاكرة الجماعية؛ موت الماضي وليس انقضاءه فحسب.. وثمة خوف حقيقي من تلاشي الأحلام وصولاً إلى انعدام إمكانية الحلم، الذي عادة ما يُسرّح شعر الأحاسيس والأمل؛ فكل عارف وقارئ اليوم، في العالم العربي، يشعر بالاغتراب، يشعر بأن النسيان المتعمد يتم فرضه بالقوة والحيلة من أجل القبول بانتفاء الوصفة السحرية للحلم، أياً كان سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو فنياً.. وفي ضوء هذا الإطباق من النسيان والاغتراب الجماعيين نشعر باستحالة الحكاية، والجماعة واللغة، والأهم استحالة الإرادة.. والموت هنا قد يعني بقاء السلطة مع تواري الشرعية.. والنسيان كعملية منظمة واسعة هو القبول بهذا الموت؛ أي القبول بغياب الحقيقة.
‏ لذلك تبدو هالة الفيصل كما لو أنها قابضة على النار , فهي من جهة لا تريد أن تكون مبرمجة ضمن منظومة معدة سلفا تترتب وفقها قيمة الحياة والفن وحتى القيم الجمالية . ومن جهة لا تريد السكوت على كل ما يمكن أن يطال الذاكرة والدفء الذي ينتاهبه الرهاب في حياة المشرقين ...دون أن يكون لديها ما يسميه المغرضين مناورة حسية ومفتعلة للمفاهيم على اختلاف اقترابها من اليومي والمعاش وبالتفاصيل الدقيقة التي تدور عليها الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي