الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتطلب تغيير اسم الحزب الشيوعي العراقي ؟

يوسف ابو الفوز

2006 / 9 / 17
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


يستعد الحزب الشيوعي العراقي لعقد مؤتمره الوطني الثامن ، مواصلا تقليدا حزبيا دأب عليه بفحص ومراجعة وتدقيق سياساته وبرامجه وانظمته . ومنذ المؤتمر الوطني الخامس ، الذي اطلق عليه " مؤتمر الديمقراطية والتجديد " ، المنعقد في 1993 ، والحزب يواصل سعيه لترسيخ قيم الديمقراطية في حياته الداخلية واعادة النظر بالكثير من المفاهيم الفكرية وتقاليد العمل التي عفا عليه الزمن . ودأب الحزب الشيوعي العراقي في مختلف مراحل نضاله ، ورغم كل الظروف المحيطة التي عمل وناضل فيها ، على اشراك ليس جماهير الحزب من الاعضاء والاصدقاء ، في مناقشة وثائقه ومراجعتها ، بل والمؤازرين والمثقفين والمتابعين من ابناء الشعب العراقي انطلاقا من حرص الحزب على تمتين علاقاته بالجماهير. تحضى موضوعة اسم الحزب الشيوعي العراقي باهتمام الكثير من المتابعين لسياسة التجديد في حياة الحزب ، وتناولت بعض الاصوات والكتابات هذه الموضوعة ، وتنوعت في الطروحات التي تناولتها ، ومعطية اسبابا عديدة ، لكنها تشترك في رؤية ضرورة تغيير الحزب الشيوعي العراقي لاسمه وضرورة اعتماد اسم اخر ليكون متوافقا مع التغيرات التي حصلت في العالم ، والتغيرات التي يفترض ان يقدم الحزب عليها . واعتمادا على مساهمة قدمتها شخصيا عشية انعقاد المؤتمر الوطني السادس للحزب ، ونشرت في صحافة الحزب الشيوعي العراقي ايامها ، اعود من جديد لاقدم افكارا حول هذا الامر وارجو ان تساهم في اغناء الحوار.
تشير الوثائق المقدمة للمؤتمر الوطني الثامن ، الى ان الحزب الشيوعي العراقي يسترشد في سياسته وتنظيمه ونشاطه " بالفكر الماركسي وسائر التراث الاشتراكي " ، فهو يحدد كونه حزبا ماركسيا ولكنه ايضا لا يغلق الباب امام الانفتاح على المدارس الاشتراكية الاخرى . والفكر الماركسي هنا هو غير الاشتراكي، لان الماركسية كنظرية هي خلاصة الفكرالاشتراكي بمدارسه المختلفة من قبل ماركس ، واذ صاغها ماركس وانجلس بنظرية متكاملة فانهما قدما منهجا جديدا علميا لحزب من طراز جديد هو : الحزب الشيوعي . والحزب الشيوعي العراقي اذ يعلن هويته الفكرية كحزب ماركسي ويعلن الاشتراكية هدفا له فهو ينسجم بذلك مع اسباب وجوده كحزب شيوعي . الاشتراكية بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي كهدف ليست حلما طوباويا ، انها مطلب جماهيري ، وان فشل النموذج السوفياتي في بناء الاشتراكية ، حتى بعد سبعين سنة من التطبيق ، ليست نهاية التاريخ ولا العالم ولا حلم البشرية . عمل ماركس وانجلس طوال اكثر من نصف قرن على تطوير النظرية التي وضعاها وذلك بالارتباط الوثيق مع كافة ظواهر عصرهما الاجتماعية ، وباسم لينين اقترنت مرحلة اخرى من تطوير الماركسية في الظروف التاريخية المعاصرة له ، والان نعيش مرحلة جديدة لا تتطلب الذعر من انهيار تجربة ، رغم كل اهميتها ، هي ومضة في عمر الانسانية ، ولا نزع الجلد او جلد النفس والتنصل من الماضي ، بل العمل والعمل بشجاعة استنادا الى وجهة نظر الحياة ـ الممارسة ، على حد تعبير لينين . وفيما يتعلق بالحزب الشيوعي العراقي الذي لم يتسلم مقاليد الحكم مرة واحدة كي تضع دعواته لبناء الاشتراكية محل الاختبار الحقيقي فان الشئ الاكثر واقعية باعتقادي هو ليس مراجعة اسم الحزب وتغييره ، فلو غير الحزب الشيوعي العراقي اسمه وظل محافظا على كل المفاهيم وتقاليد العمل التي تجاوزتها الحياة ولم يعش عملية تجديد حقيقية وعميقة فان هذا يذكرنا بالقول المنسوب الى لينين ( ان طلائك للدار لا يعني امتلاكك دارا جديدة ) .
كل مهتم بتاريخ الحركة الوطنية في العراق يعرف حقيقة ان الخلايا الشيوعية الاولى في العراق حين توحدت في اذار 1934 عملت تحت اسم " لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار " ، وفقط في تموز من نفس العام ظهر اسم الحزب الشيوعي العراقي . وصار هذا الاسم يوما بعد يوم راية خفاقة للنضال الوطني العتيد ، ومحركا لكل الهبات والانتفاضات الشعبية ضد الاستعمار ومن اجل تغييرات عميقة لعراق جديد ، وصارت الحكومات الرجعية المتعاقبة تعتبر كل مناضل من اجل حقوق الشعب وكل مطالب بالتغيير : شيوعيا ، ورغم ان ارهاب وقمع النظام الديكتاتوري المقبور ، كان ذو طابع شمولي ، وكان الموت ينتظر اي معارض مهما كان شكل وحجم معارضته ( وصلته بالنظام ) فان العدو رقم واحد لنظام صدام حسين هو الحزب الشيوعي العراقي ، ولنتوقف كمثال عند الضربة الكيمياوية ، التي وجهها النظام الديكتاتوري في يوم 5/6 / 1987 الى مواقع البيشمه ركة ـ الانصار الشيوعيين في منطقة بهدينان في وادي زيوة ، فهي كانت الضربة الكيمياوية الاولى ، التي وجهت الى قوى معارضة عراقية بل وسبقت توجيه الضربات الكيمياوية الى مدينة حلبجة ومناطق اخرى في كوردستان وفي مناطق الاهوار جنوب العراق .
يقول شكسبير في مسرحية روميو وجوليت ( ان الشئ الذي نسميه " زهرة " يظل يفوح شذى حتى لو اسميناه باي اسم اخر) هذه الحقيقية تقودنا الى واقع ان احزابا شيوعية عريقة تعمل تحت اسماء مختلفة ( التقدم والاشتراكية ، الطليعة ، ... ) احزابا لا تنعت نفسها بكلمة "الحزب " ، بل تطلق على نفسها تعبير مثل " جبهة " او " حركة " او " المنبر" ، لكن في كل الاحوال عند الحديث او الكتابة عنها ، فانها عند الاصدقاء والخصوم : "الحزب الشيوعي " . لانها تتبنى هذا الفكر ، والحزب الشيوعي العراقي ومنذ التاسيس وطول تاريخه لا يملك " عقدة الاسم " وتخبرنا مسيرته النضالية انه حاول نيل شرعية العمل السياسي العلني تحت اسماء مختلفة مثل "حزب التحررالوطني " او " اتحاد الشعب ". ان كل الاحزاب الشيوعية التي " صُدمت " عند انهيار النموذج السوفياتي للاشتراكية وغيرت من اسمائها ، وحتى تلك التي لم تكتف بتغيير الاسم فقط وذهبت ابعد من ذلك لتكون اكثر " انفتاحا " وليبرالية فان وسائل الاعلام لا تستطيع عند الحديث عنها الفكاك من كلمة " الشيوعية " ومرادافاتها مصحوبة بكلمة " سابقا " التي صارت تعبيرا ثابتا لدى الكثيرين . ان الحزب الشيوعي العراقي لو غير اسمه وحمل اي اسم اخر ، مثلا "الاشتراكي الديمقراطي " فسينسحب عليه ذات الامر .
ان اسم الحزب الشيوعي العراقي الذي مد جذوره عميقا في تربة العراق وقلوب المخلصين من ابناء الشعب العراقي ، الذين غذوه بخيرة ابنائهم ، صار راية نضالية ، ورمزا وطنيا رسخ في وجدان الشعب وهوساته وامثاله وحكاياته وفي قصائد الشعراء واغانيهم ، هذا الاسم كان ولا يزال منارة للحركة التقدمية والديمقراطية وصماما اساسيا للتحالفات الوطنية الجادة ، والمطلوب ليس اعادة النظر في اسم الحزب الشيوعي العراقي ، بل المطلوب مواصلة المسيرة الجادة التي بدأها المؤتمر الوطني الخامس في اعادة النظر بالمفاهيم التي تجاوزتها الحياة وتعميق الممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية ، وتدقيق سياسة التحالفات الوطنية ، وايجاد خطاب سياسي يتلائم والواقع الجديد الذي يعيشه شعبنا بعد زوال النظام الديكتاتوري وبعد كل المتغيرات والكوارث التي مر بها ويعيشها وطننا ويعاني منها ابناء شعبنا .
اختم سطوري بمفارقة عن شيوعي عراقي مقيم خارج الوطن ، احتد حين نوقش تغيير اسم الحزب امامه وصرخ : " شنو القصة ، غادرت العراق شيوعي تريدوني ارجع اشتراكي ديمقراطي " !

سماوة القطب
12 ايلول 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ