الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجد والخلود لك يا مظفر..

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

2022 / 6 / 1
الادب والفن


مظفر النواب فيما نشرته هنا سابقا..!
لم أعثر على كلمات ارثي بها مظفر لأنني وجدت أن الرثاء لا يليق به بقدر ما يليق به المجد والخلود التي استحقه حيا وبعد رحيله …


 



جم حمام ..5 ..( اوراق على رصيف الذاكرة) 

يمحكمة الشعب يمظلمه ابگوه
اجينه البابچ امفاريع ...
يا قصة شعبنه...وياغناني الليل
طولتي علينه المده والغيبه
اجينه اگصاده ...
للصدره عريض اوروشته هيبه
اجينه اندگلچ ابحرگه 
وانگلچ ...
على الليل اشكثر طالت تراچيبه
ولبس خزامه واوي الليل
باگ التمر والنفطات وافترن دواليبه
يمحكمة الشعب ... يل عتبتچ تنزار
وانحبها ... او نتزين بيها الگصيبه
مترادي الوكت والزاد زاد انذال
واندچت دول واجيال
واستافه الوعد يومه
وليالي الثار من دون الليالي اطوال
هلبت يلسمعت الشعب 
گلت ايزلزل الزلزال ...؟
ضغط الامر بإبهامه على زر التوقف لآلته المسجلة .. دعاني الى الجلوس وهو يستند على كوعه في السرير،، تعمد أن يسمعني ذلك المقطع من قصيدة ( حسن الشموس) بصوت الشاعر!!! قبل أن أجلس.. باغتني وهو يقول: عرفته طبعا!! 
 لا
أبتسم وهو يضيق عينيه ويطيل النظر إلي ثم قال: جن حمد فضة عرس .. جن حمد نركيله!! أليس هذا ماتردده في سهراتنا في كل ليلة؟؟ ألا تعرف هذا الشاعر!!! 
قلت في داخلي : الان بدأ اللعب الحقيقي!! لقد جاء ما كنت تنتظره..راودتني حالة من روح التحدي المغلف باليأس ..!! تذكرت قصة الذئب حين اتهم الخروف الصغير بأن أمه قد نطحته قبل عام!!
تفضل استريح ، قالها وهو يتثائب...
 هل تعلم أن كنيتك قد وصلتنا بعد يومين من التحاقك !! ثم أردف قائلا : إنك محظوظ يا رفيقي!! شدد على كلمة رفيقي .. ثم استرسل مطمئنا.. محظوظ لكونك التحقت بوحدتي وإلا فإن غيري من الوصوليين يعتبرونك صيدا دسما!! أضاف: ومن خلال علاقتنا القصيرة هذه وجدت فيك ما وجدته في أصدقاء لي في الخارج أثناء خدمتي هناك ، ومظفر النواب هذا كان أعز وأصدق وأنقى صديقا عرفته في حياتي..ولكن... قالها بحسرة ثم قال 
 أتعلم لماذا اخترتك من بين زملائك حين التقينا؟؟
سارع في الإجابة قائلا: لقد لاحظت أنك تتكلم بلهجة جنوبية!!!!! لقد كسرت الكاف حين قلت ( كلت)....!! أردف قائلا: قلت عسى أن تكون من تلك الطينة التي أحبها ولا أقصد المنطقية بل ما يحمل أبناء الجنوب من وعي وطيبة!!
عاد يسمعني الشريط المسجل من بدايته.. استطعت أن أميز صوته وهو يبدي إعجابه وتأثره بمقاطع القصيدة ويطلب من مظفر الإعادة وهو يتوسل ...


‎كانت  جلسة مع مظفر في جيكوسلافاكيا .. قال الامر معلقا .. ثم أضاف: كنت ملحقا عسكريا هناك وبحثت عنه وعن الجواهري وحرصت على بناء علاقة صداقة معهم لأنهم يمثلون عندي نبض العراق المهاجر...!! لكن هذا الكاسيت كاد أن يقودني الى مصير مجهول!!
سحب نفسا عميقا من سيجارته وأطال النظر الي ثم قال: لا أدري لماذا أثق بك وأحكي لك هذه القصة.. لكنني أرويها لك طالما أنك لست ممن يكتبوا التقارير!! اضافة الى ثقتي بك...
كنت قد أسمعت القصيدة لأحد أصدقائي المقربين وبعد إسبوع رن جرس التلفون وكان على الطرف الاخر ناظم كزار!!!
كنت في حينها  أشعل منصب ضابط التوجيه السياسي في قاعدة الحبانية الجوية.. قال أبوحرب وهو يأمرني: عقيد س تعال الان فورا واجلب معك الكاسيت!!... اتصلت بعائلتي مودعا وتوجهت الى هناك على الفور.. وجدته جالسا ومعه صدام حسين !!
علق صدام وهو يضحك : لقد أمعن مظفر بشتمنا بل لقد قام بحرق أجدادنا!!
أضاف : كان مظفر ضمن مجموعة من الكفاح المسلح في أهوار الجنوب.. القي القبض عليه وقد أعدم معظم أفراد مجموعته لكنني طلبته ورجوته أن يقبل بمنصب عال لكنه اعتذر وحين طلبت منه أن يطلب ما يريد طلب جواز سفر ووعد بأن لا يتعرض لنا فأعطيته 600 دينارا ومسدس وجواز.. أخذ الجواز واعتذر عن استلام المبلغ والمسدس....
قال الامر: أمر باستنساخ الكاسيت وأعاده لي .. في لحظة نرجسية كانت تطفو على السطح من حين لاخر !! لكنني نقلت بعد يومين من وحدتي...
احمر قرص الشمس وتوارت خلف كتف النهر المقابل.. تنفست الصعداء وأنا أوشك أن أودع يوما آخراً  من أيام القلق وأحداثه الموحشة..كان الماء ينساب  صافيا مسرعا وكانت الأسماك لا زالت تتصارع بين الحين والآخر على قطعة من الخبز وهي تطفوا .. 
جاء احد الجنود ب شبكة وألقاها على ذلك الطعم فاصطاد كمية لا بأس بها من تلك الأسماك وسوف تشوى لنا في جلسة المساء..
لولا ذلك القلق المزمن مما تخبئه الأيام لكانت الحياة في ذلك الجحر المطل على نهر الوند عزلة لذيذة.. وتخلصا من الفوضى التي رافقت تلك الحرب العبثية..وكانت بالنتيجة تمرينا لمواجهة ما أعقبها من مصائب ..!! 
كان العقيد س رجلا يمتلك حسا شعريا  وروح دعابة ودرجة متواضعة من الثقافة. وقد أضافت له فترة تحرره النسبي خارج العراق وصداقته البعض من رموز العراق الثقافية المهاجرة قدرا مضافا من تلك الثقافة والمعرفة..
روى لي مرة ساخرا، أنه كان قد حضر دعوة لرئيس أركان الجيش العراقي والوفد المرافق له من قبل قرينه الجيكوسلفاكي في أحد المطاعم.. وقد استشاط غضبا صاحبنا حين لمح أحد ضباطه يراقص فتاة في المطعم في الوقت الذي قام الرئيس المضيف برفع كأسه وهو يقف تحية للمغنية التي وقفت على المسرح لأنها ابنة مدينته !!
كان يعيش أيضاً  حالة من القلق والخوف وعدم الرضا من خلال مكانته الحزبية القيادية والحذر من اتهامه بالتهاون حين يشكو من الأمراض التي كان يحملها !! أما مسألة الرأي بجدوى تلك الحرب وما سيتمخض عنها فكانت بالنسبة له خطا أحمر لا يسمح بمناقشته إطلاقا.. تعمدت في أحد الأيام أن أسأله عن مستقبل تلك الحرب حين أخبرته بأن عبد الوهاب البياتي رفض أن يكتب قصيدة بمدحها مبررا بأن شعره يترجم الى لغات أخر، وقد تسائل البياتي؛ غداً وحين يتصالح المتحاربون ، ماذا سيكون مصير قصيدتي التي سأكتب؟؟ قفز الامر وكأن عقربا قد لدغته وهو يشير الي بالسكوت .. كان يتلفت يمينا وشمالا علما أننا كنا جالسين لوحدنا في ذلك القبو...
كانت تنتابه حالات من الوجوم والحزن وهو يستمع للجندي الذي كان يغني ..
لقد  فاجأني في إحدى الليالي بعد أن حكى لي شيئا من معاناته وغنى بنبرة حزينة إحدى القصائد التي أدمنتها:
ياهيه يا طور الحزن
موالك يفزز حنين الروح
اويبجيني !
ياهيه ذبوني طفو
هفتوا جمر اسنيني
ياهيه 
جنت الوي الوكت
تالي الوكت يلويني..

!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق