الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جراديغ بغداد عبر حقبتين، بين التسلية البريئة وممارسة الرذيلة!!

عدنان سلمان النصيري

2022 / 6 / 1
كتابات ساخرة


ليالي صيف بغداد في العهد الملكي ولغاية بداية العهد الجمهوري في الربع الاول من ستينات القرن الماضي، اتسمت بإقامة (الجراديغ) ومفردها (الجرداغ)، وهو عبارة عن غرفة او مخدع على شكل كوخ مسقف السطح، يشبه الكباري المقامة على شواطئ السباحة، وتكسى هيكليته المكونة من جذوع أشجار (القوغ) بالحصران المنسوجة من أشرطة سيقان القصب (المضغوط والمشقوق) ، وتدعى بـ(البَواري) ومفردها (باريّه).
وغالبا مايكون مفتوحا من جهة إستقبال هبوب نسيم النهر، أو يكون مثل الغرفة مغلقا بالقفل والمفتاح على بعض الاحتياجات والمستلزمات الضرورية في داخله.
وقد اعتاد البغداديون من شرائح المثقفين والرياضيين والأدباء على إرتيادها لقضاء سهراتهم فيها مساءً هرباً من شدة حر العراق.بعد اختيار الترخيص لاماكنها من البلدية، وبمسافات متباعدة لفسح ممارسة الحرية الشخصية للاخرين والحرص على اتباع اللياقة بعدم الازعاج .
وكان إرتيادها يشكل تقليدا لبعض الاسر البرجوازية في العهد الملكي، ومنهم الاسر اليهودية البغدادية التي كانت مهتمة اكثر من غيرها بتعليم أبناءها وبناتها للسباحة.. وهم يصطحبون معهم مالذ وطاب من طعام وفواكه ومشروبات مفضلة لتلك الامسية إضافة لكل مايحتاجونه من أدوات لعب ولهو وطرب لقضاء أمتع الأوقات البريئة لأغلب العائلات والعناويين. ومن المهم بالذكر كان للسمك الطازج المستخرج بالصيد من نهر دجله يشوى على الحطب بالطريقة العراقية الذي يدعى بـ(المسكوف).
ولكن بعد اعلان الجمهورية بصيف تموز ١٩٥٨، التي كان من اول أهدافها القضاء على الطبقة البرجوازية والرأسمالية. وبث ممارسة الحرية والديموقراطية بين كافة افراد الشعب العراقي. كانت للطبقات الفقيرة التي تشعر بالتهميش، من اول الشرائح التي أخذت على عاتقها بالاستئثار بممارسة هذا الحق بالحرية وإقامة الجراديغ بشكل عشوائي وغير مسبوق في الانتشار والتزاحم بالتلاصق.. بعد ان اتسعت النشاطات الحزبية والمهنية والنقابية بشكل كبير مما اضفت بمظاهرها على العلاقات الاجتماعية بين مختلف الشباب البغدادي وضيوفهم من المحافظات الاخرى.. وبحصول التقدم بمجالات فرص التعيين والعمل ازدادت مدخول الفرد وتشجع على ممارسة الكثير ماكان يحس بالحرمان منه.. وخصوصا بعد الإفراج عن قيود محلة الكلجية (سيئة الصيت بالدعارة).. وكما يذكرنا حدث هدم سجن الباستيل بالثورة الفرنسيه.. اصبحت المنافسة بممارسة الدعارة إلى اعلى مستوياتها المقرفة داخل مدينة بغداد.. ومنها مجمعات الجراديغ المزدحمة على شواطئ ابي نؤاس والاعظمية.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد ازدادت الموبقات بكل أشكالها في هذه الآمنة، إضافة للجرائم بالاغتيالات والغرق وحرق الجراديغ تصفية للحسابات والثارات ، التي كانت باغلبها دواعي للمنازعات الشخصية حول( گحبة او لوطي) (أجلكم الله).. قبل أن يصل الأمر إلى تصفيات سياسية من داخل الاحزاب ومن خارجها في مراحل متأخرة.
وبعد ثورة ٨شباط ١٩٦٣.. جاءت حكومة البعث لتراهن على الاصلاحات السياسية والاخلاق الاجتماعية بتولي مشروع اجتماعي مزعوم، بإشراف مباشر من وزارة الداخلية ووزيرها (صالح مهدي عماش).. وكأن من اول خطواته بعدم السماح بنصب الجراديغ وممارسة فوضى الحرية كما كان يحدث في حكومة قاسم.. و مطاردة وجود العاهرات في الشوارع العامة والقيام بملاحقة الفتيات اللائي يرتدين موضات الميني جوب والمكروجوب.. لتنتقل الدعارة الى وكالات ودكاكين خاصة بالنخاسة ترتبط بشكل مباشر مع المخابرات والامن وبدعم خاص من بعض مسؤولي الدولة الكبار، داخل بيوت عدد من القوادات المعروفات في بعض احياء بغداد مثل (ام نضال) و(أم غانم) وغيرهن في شارع النضال وشارع ٥٢ وكم ساره.
ًََــ ــ ــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا