الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث مع دعاة التطبيع

محمد رضا عباس

2022 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


السواد الأعظم من الكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية رحبت بقانون تجريم التطبيع العراقي مع الكيان الصهيوني , حتى وان اختلف البعض منهم بأسباب التشريع , فمنهم من قال ان قانون العقوبات البغدادي 201 كان كافيا لردع من يدعو الى التطبيع او يدعو التعاون مع الكيان الصهيوني , اخرين قالوا انه جاء لترضية ايران , واخرون قالوا انه جاء من اجل ردع إقليم كردستان العراق ووقف علاقته المتميزة مع إسرائيل ومن ثم تحريم تصدير نفط الشمال لها. مع كل هذه التحفظات , فان ان ردود الفعل الإيجابية للعراقيين تؤكد ان القضية الفلسطينية مازالت باقية وقوية في وجدان العراقيين , وانهم ينظرون لها على انها قضية إنسانية قبل ان تكون دينية , وبالتأكيد كل من لا يقف مع الحقوق والإنسانية , فان موقعه سيكون على الجانب الاخر .
الحديث هنا ليس مع من رحب بالقانون , حيث ادوا الواجب الإنساني والأخلاقي عليهم تجاه الشعب الفلسطيني , وانما الحديث مع بعض العراقيين الذين رفضوا القانون , وبالفم المليان, وبحجج واهية اوهن من خيط العنكبوت . وانا شخص قد واكبت القراءة على المواقع الإخبارية قبل وبعد تغيير 2003 , لاحظت ان اغلب الرافضين للقانون هم من جيل العقوبات العالمية ضد العراق بعد احتلال الكويت والتي طالت 12 عاما , ذاق العراق خلالها كل أنواع القهر والحرمان والماسي . وجاء التغيير , وجاءت معه الديمقراطية المنفلتة , وجاء معها سياسيون لا يفقهون من السياسة الا الخلافات وجمع مال الحرام , وتركوا الشارع العراقي يغمره فيضان العمليات الإرهابية , تراكم النفايات , ازدهار تجارة الأعضاء البشرية, ازدهار تجارة المخدرات , انتشار النزاعات العشائرية , وانحدار خطير في الخدمات الحكومية وبشكل مخيف.
هذه الظروف تصبح حاضنة مثالية للنباتات الضارة , وفي الحالة العراقية خروج مجموعة منه تختلف في توجهاتها مع توجهات الشعب العراقي وتصبح تطالب بمطالب غريبة عنه . هذه الشريحة من المواطنين اصبحوا ليس ضحية الظروف البائسة التي تمر بالعراق بعد التغيير , وانما أيضا اصبحوا ضحية الاعلام المعادي , الاعلام الغير وطني الذي يضخ المعلومات غير الدقيقة او المعلومات الدعائية وبشكل جميل وراقي يداعب عقول العراقيين . وهكذا , اصبح بعض من العراقيين يرددون ما يردده الاعلام الغربي , ضاربين عرض الحائط تاريخ وثقافة العراقيين. الاعلام الغربي رفض القانون العراقي الرافض للتطبيع معتبره خطوة نحو عدم استقرار الشرق الأوسط وحجر عثرة امام التقدم والازدهار في المنطقة . ولكن عدم استقرار المنطقة امنيا وسياسيا و تراجعها اقتصاديا ليس كان البارحة , وانما هذه التراجعات في المنطقة جاءت مع تأسيس دولة إسرائيل.
ومع رفض الدول الغربية القانون الجديد , وانزعاج الولايات المتحدة " الشديد" من هذا القانون , ظهر الانزعاج " الشديد" أيضا على وجوه الداعمين للتطبيع في العراق, واصبحوا يحررون الفرضيات تلو الاخرى على أسباب القانون , فمنهم من يقول ان القانون جاء " رد فعل " السيد الصدر ضد ايران . أي ان الصدر أراد ان يثبت لإيران رفضه للكيان الصهيوني بعد ان اتهم السيد بمجارات السيد البارزاني والسيد الحلبوسي , واخر يأتي بفرضية معكوسة تماما من الفرضية الأولى ليقول " قاد البرلمان العراقي الى اصدار مثل هذا التشريع هو ايران , حيث ان ايران بالتحديد مع حزب الله اللبناني وأيضا قوى التي تعتبر نفسها قوى ممانعة ينسجم مع اتجاهات ". اخر افترض ان القانون " فاتحة خير" عسى وان تسرع الدول الرافضة للقانون مثل بريطانيا وامريكا سحب الثقة من القادة , واسقاط النظام . واخر واعتقد انه شيوعي او رئيس حزب شيوعي عراقي جديد يصرح بانه لا ضرورة للقانون , لان هذا القانون " ليس له أي ربط او صلة بحاجات جماهير العراق".
بقى ان نقول للسادة المطبعين ذو القلوب الطيبة , ان قضية فلسطين , قضية فلسطينية ,عربية , إسلامية, و إنسانية , وان الوقوف مع مغتصب ومهما كانت المبررات سيكون وقوف غير انساني . المبررون للتطبيع انما ينكرون حق 8 ملايين من الفلسطينيين من تأثروا مباشرة وغير مباشرة سلبا بالاحتلال الصهيوني لبلدهم . وان رفضك للنظام القائم في العراق لا يعطيك الحق بتأييد التطبيع , على حساب قيمك وقيم اغلب الشعب العراقي. الاحتلال شكل إهانة للشعوب العربية والإسلامية على حدا سواء, القبول بالتطبيع يعني قبول والموافقة على جميع الجرائم التي وقعت بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة لها. التطبيع يعني الموافقة على استباحة أراضي الغير , ويصبح النضال من اجل التحرير مجرد عمل إرهابي كما يصفه الاعلام الغربي. بكلام اخر , اصبح كل من حمل السلاح من اجل تحرير ارضه من الاولين الى الاخرين مجرد إرهابيين , بما فيهم الرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن الذي قاد حرب التحرير ضد بريطانيا العظمى. ولو سالت أي امريكي " هل كان واشنطن إرهابيا ؟" و بكل تأكيد سيكون جوابه "كلا" . اذن , في السياسة هناك " واوي حلال وواوي حرام", وعلى الراقصين للتطبيع فهم قضية "الواوي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون