الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقاص نفقة الأولاد بين قضاء محكمة التمييز وتفسير المحكمة الاتحادية العليا

سالم روضان الموسوي

2022 / 6 / 3
دراسات وابحاث قانونية


أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها العدد 33/اتحادية/2022 في 19/4/2022 وقضت فيه بدستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 1000 لسنة 1983 الذي أجاز زيادة نفقة الأولاد وعلى وفق النص الاتي (تجوز زيادة نفقة الأولاد، كما تجوز زيادة نفقة العدة ما دامت المطلقة في عدتها، وذلك تبعا لتغير الأحوال، وتعتبر زيادة موارد المكلف بالنفقة سببا من أسباب زيادتها ) وكان المدعي طالب الحكم بعدم دستورية القرار أعلاه قد استند إلى ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الاتحادية بان القرار أجاز طلب زيادة نفقة الأولاد ولا يسمح بطلب انقاصها، وقد ساق المدعي في أسباب طلب الحكم بعدم الدستورية عدة أسباب إضافية أخرى يرى بانها تعزز طلبه بعدم الدستورية، وحيث ان قرار المحكمة الاتحادية العليا قد رد الدعوى لان القرار (1000) لسنة 1983 لا يخالف نصوص الدستور، وبما ان محكمة التمييز الاتحادية مستقرة على عدم جواز طلب انقاص النفقة بعد زيادتها أو عند فرضها، حتى لو حصل نقص في موارد الأب المحكوم بالنفقة، او حصول تدني في أسعار الأشياء الداخلة في مكونات المعيشة والمسكن، لذلك لابد من قراءة ما ورد في القرار للوقوف على الأحكام التي قضى بها وعلى وفق الاتي:
1. ان محكمة التمييز الاتحادية استقرت على عدم جواز انقاص نفقة الأطفال وهذا ما ورد في عدة قرارات ومنها قرارها العدد 6211/هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية/2016 في 28/9/2016، وفي هذا القرار الاتي (بان أحكام القرار1000 لسنة1983 أجاز زيادة النفقة للأولاد دون انقاصها) وأكدت هذا الاتجاه في قرار اخر بالعدد 7478/هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية/2021 في2/6/2021.
2. فسرت المحكمة الاتحادية نص القرار (1000) لسنة 1983 بالاتي (اذ تجد هذه المحكمة ان النص المطعون فيه لا يمنع من انقاص نفقة الأولاد عند إقامة الدعوى) وهذا التفسير على نقيض ما فسرته محكمة التمييز الاتحادية عند تطبيقها لأحكام القرار (1000)، وهذا ما يوجب ان يزال التناقض بينهما، لان من يقيم الدعوى يخضع لأحكام قرارات محكمة التمييز الاتحادية، وليس لتفسير المحكمة الاتحادية العليا حتى وان تمسك به المدعي في أي دعوى تقام لاحقاً.
3. جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا قول اخر حيث اعتبرت تفسيرها لنص القرار (1000) ملزم ولا يجوز لأي سلطة او جهة إعطاء معنى مغاير للنص يتجاوز أو يخالف الاطار الذي أوضحته هذه المحكمة في تفسيرها، وعلى وفق ما ورد في ذيل الصفحة (7) ومقدمة الصفحة (8) من قرارها انف الذكر.
4. في ضوء الاتجاه الوارد بان تفسير المحكمة الاتحادية العليا ملزم، فان ذلك يعني ان محكمة التمييز الاتحادية ملزمة بالأخذ به واتباعه، ولا يجوز لها ان تحيد عنه او تخالفه، وعلى وفق ما تقدم ذكره، لكن ماذا لو ان محكمة التمييز الاتحادية، لم تاخذ به ولم تلتفت اليه ولم تعمل على العدول عن استقرارها القضائي السابق، حينئذ من هي الجهة المكلفة بالزام محكمة التمييز الاتحادية؟ لأنها محكمة مستقلة وتمثل اعلى هيئة قضائية في القضاء الاعتيادي وعلى وفق ما ورد في المادة (12) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل.
5. اذا اتبعت محكمة التمييز الاتحادية تفسير المحكمة الاتحادية العليا المتعلق بالقرار (1000) لسنة 1983، فهل هذا يعني إنها تخضع لولايتها وانها بدرجة ادنى منها في سلم التدرج القضائي، مع الالتفات إلى ان المحكمة الاتحادية العليا لم تنظر الدعوى بموجب القرار محل التعليق باعتبارها جهة طعن بقرار صادر عن محكمة التمييز الاتحادية، وإنما نظرت في طعن بعدم دستورية تشريع نافذ، وحتى نقول اننا أمام تبعية لولايتها مثلما عليه الحال قرارات (الهيئة القضائية للانتخابات) المشكلة في محكمة التمييز بموجب المادة (2) من قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015 ، حيث أجاز القانون الطعن بتلك القرارات أمام المحكمة الاتحادية العليا وعلى وفق ما ورد في المادة (14/رابعاً) من قانون الأحزاب، وفي هذه الحالة تكون المحكمة الاتحادية رقيب على قرارات الهيئة التمييزية المختصة بالانتخابات، وانها ملزمة باتباع ما تقرره المحكمة الاتحادية العليا.
6. ان محكمة التمييز الاتحادية العليا عند ممارسة مهامها في الرقابة على الأحكام التي تصدرها المحاكم الأدنى درجة منها، هي رقابة قانونية ومهمتها تتعلق بتفسير النص القانوني عند التطبيق وعلى وفق ما ورد في المادة (203/1) من قانون المرافعات، وهذا يعني إنها مستقلة عن أي جهة أخرى في قراءتها للنص القانوني وتفسيره، فكيف سيكون لجهة أخرى فرض تفسير عليها، مع ان الدستور يؤكد على ان القاضي مستقل في عمله القضائي ولا يخضع لأي سلطة أخرى، وان تفسيره يعبر عن اجتهاده القضائي في تفسير النص القانوني، فكيف ستلتزم بتفسير صادر عن جهة أخرى، لان المحكمة الاتحادية تتعامل مع تفسير النص الدستوري بصفته العمومية، بينما محكمة التمييز الاتحادية تتعامل بتفسير النصوص القانونية في ضوء وقائع تفصيلية تخص أشخاص بعينهم وهم اطراف الدعوى.
وفي الختام لابد من الانتظار حتى نرى كيف ستتعامل محكمة التمييز الاتحادية مع تفسير المحكمة الاتحادية العليا التي قضت بوجوب الالتزام بتفسيرها، فاذا أخذت به محكمة التمييز الاتحادية ما هو موقفها من استقرارها القضائي السابق، وهل نكون أمام تحول في فهم اعلويتها وانها أصبحت في درجة ادني من المحكمة الاتحادية العليا على خلاف ما ورد في المادة (12) من قانون التنظيم القضائي، أما اذا استمرت محكمة التمييز الاتحادية على وفق استقرارها القضائي باعتبار ان تأويل وتفسير النصوص القانوني من مهامها في الرقابة القانونية على قرارات المحاكم، فهل يشكل ذلك خرق للإلزام الوارد في قرار المحكمة الاتحادية العليا ونص المادة (94) من الدستور، لذلك وحتى صدور قرار تمييزي تجاه ما تم عرضه سنبقى نرقب الأحكام لنرى ما سيكون العمل عند إقامة الدعوى وحتى يعلم المحامي والمواطن كيفية التعامل مع النص القانوني الوارد في قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (1000) لسنة 1983
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام


.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف




.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة


.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال




.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح