الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوائف الحرف في مدينة القاهرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر(1841- 1890 )

عطا درغام

2022 / 6 / 3
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الدكتور: نبيل السيد الطوخي
لم يحظَ موضوع طوائف الحرف في مدينة القاهرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ( 1841- 1890) بعناية كافية من قبل الباحثين الذين تناولوا دراسة الطوائف في مصر بشكل عام علي مدار القرن التاسع عشر.
وتبدأ الدراسة بعام 1841 ؛لأنه شهد بدء إلغاء نظام الاحتكار في مصر، وبداية فرض نظام الحرية الاقتصادية مما كان له أثره في عودة طوائف الحرف إلي ما كانت عليه قبيل نظام الاحتكار.
أما عام 1890 كنهاية للبحث لأنه العام الذي انتهت فيه تلك الطوائف قانونيًا علي أثر الأمر الصادر في 9 يناير سنة 1890 ،الذي قرر حرية احتراف أية مهنة دون اشتراط أن يكون المحترف صبيًا متمرنًا، فمهد السبيل لقيام الجماعات الاختيارية بين أهل الحرفة الواحدة، وكذلك نقابات العمال الحالية،
وقُسِّمت الدراسة: (طوائف الحرف في مدينة القاهرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر(1841- 1890 ) للدكتور نبيل الطوخي ،إلي تمهيد وخمسة فصول وخاتمة، وتناول التمهيد أوضاع الحرف في مدينة القاهرة قبل عام 1841.
أما الفصل الأول: فقد تناول التنظيمات الداخلية لطوائف الحرف ،حيث كانت كل طائفة تتكون في هيكلها من ستة عناصر وهم: الصبي، والعريف،والمعلم أو الأسطي ،والمختار ،والنقيب،
وفي الفصل الثاني: تم تناول الصناعات الحرفية في مدينة القاهرة، حيث عُرض لأعداد طوائف الحرف وتصنيفها،وأهم الصناعات الحرفية التي تنوعت ،فكان منها ما يتعلق بالصناعات الغذائية مثل صناعة الزيوت، وما يتعلق بالصناعات المتعلقة بالكساء مثل صناعة الغزل والنسيج والصباغة والتطريز، أو ما يتعلق بالصناعات الخاصة بالسكن والتأثيث مثل نجارة الأثاث وصناعة الحصر،كما عرض الباحث لحرف الخدمات اليومية مثل طائفة الحمَّرة وطائفة السقايين.
ثم تعرض الفصل الثالث للصعاب التي واجهت أصحاب الحرف حيث تعددت الصعاب التي واجهت الحرفيين في تلك الفترة ما بين الضرائب التي أرهقتهم، إلي جانب مزاحمة الأجانب لهم، وتطور حياة الطبقتين العليا والوسطي، هذا ‘البي جانب صعاب أخري تمثلت في الكوارث التي ألت بالحرفيين من حرائق وسرقات.
وخُصص الفصل الرابع: لدراسة السلطة وطوائف الحرف، حيث كانت السلطة تتدخل بطريقة أو بأخري في شئون الطوائف .إما بالتوجه أو العقاب وذلك من خلال وضع وضوابط للعمل، ومعاقبة الخارجين علي القانون،وتخفيف الضرائب أحيانًا لامتصاص غضب الحرفيين وتحديد الأسعار لتحقيق قدر من التوازن الطبقي في إطار فلسفة الاقتصاد الحر إلي حد بعيد ، ثم عُرض في نهاية هذا الفصل لدور السلطة في تصفية طوائف الحرف.
وفي الفصل الخامس: الحياة الاجتماعية لطوائف الحرف، وإلقاء الضوء علي الحياة الاجتماعية للطوائف من خلال عرض للاحتفالات الأسرية التي تمثلت في الاحتفال بالزواج أو بمولد طفل وختانه،كما عرض الباحث لعلاقة الحرفيين بالطرق الصوفية ومساهمة طوائف الحرف في الاحتفالات العامة والخاصة وأخلاق الحرفيين ومسنوي معيشتهم.وعرض في الخاتمة تقييمًا شاملًا للنتائج التي تم التوصل إليها ،
وكشف الكاتب في دراسته عن طوائف الحرف في مدينة القاهرة أن تلك الفترة كانت فترة اضمحلال وتدهور بالنسبة للطوائف؛إذ أصاب الحرف في تلك الفترة مالم يصيبها في فترات سابقة من حيث كم الصعاب التي واجهت الحرفيين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وتمثلت أهم الصعاب في تدفق المنتجات والمصنوعات الأجنبية الرخيصة الثمن والمتقنة الصنع إلي الأسواق داخل القاهرة بكل حرية ويسر بعد إلغاء نظام الاحتكار في عام 1841، وفرض نظام الحرية الاقتصادية الذي فُرض علي مصر بغرض ضرب اقتصادها بالدرجة الأولي بعد أن حققت تقدمًا ملموسًا علي يد محمدعلي في النصف الأول من القرن التاسع عشر، انعكس علي دورها في المنطقة مما يشكل خطرًا علي الدول الكبري؛ لذلك عملت تلك الدول علي القضاء علي نظام محمد علي الاقتصادي والمتمثل في رأسمالية الدولة ؛ ليحل محله نظام الحرية الاقتصادية الذي يحقق مصالح الدول الكبري، وهذا ماحدث فتدفقت المصنوعات الأجنبية إلي الأسواق وضربت الصناعات الحرفية في مقتل فأصابها البوار والكساد، وقام كثير من الحرفيين بغلق دكاكينهم.
وكان من الطبيعي أن يحدث ذلك ؛فأرباب الحرف بادواتهم البسيطة لم يكونوا مهيئين تمامًا للدخول في منافسة مع المنتجات الأجنبية المتقنة الصنع، ثم أن تغير الأذواق بالنسبة للطبقتين العليا والوسطي في تلك الفترة عمل أيضًا علي تدهور أوضاع الطوائف بسبب شراء أهالي هاتين الطبقتين المنتجات الأجنبية، وما كان ذلك إلا علي حساب المنتجات الوطنية التي كسدت ولم تجد من يشتريها إلا أقل القليل، بالإضافة إلي مزاحمة الأجانب في الداخل لقمة عيشهم حيث عمل كثير من الأجانب في العديد من الحرف، وما كان ذلك إلا علي حساب الحرفيين والوطنيين هذا في الوقت الذي كان الأجانب يعفون فيه من الضرائب ، بينما يتحمل الحرفيون الوطنيون الكثير من الأعباء الضريبية.
وإذا كان يحلو للبعض أن يتهم الدولة بأنها لم تمد يد العون للحرفيين ،وأنها لم تعمل علي توجيههم أو تساندهم ؛ فإن هذا كان شيئًا طبيعيًا في ظل نظام فلسفة الاقتصاد الحر،وفي ظل هذا النظام لم يكن للدولة سوي وضع ضوابط للعمل ومعاقبة الخارجين علي القانون، أو تقوم أحيانًا بتخفيف الضرائب حتي تمتص غضب الحرفيين بعد أن كثرت شكاويهم المقدمة للسلطة بخصوص هذا الموضوع.
وزادت الأمور سوءًا بعد أن تدهورت أوضاع مصر الاقتصادية ،وغرقت في الديون،وكان هذا ما يريده لها الدول الكبري ؛ فوقعت سريعًا تحت براثن الاحتلال البريطاني الذي عمل علي قتل كل ما من شأنه أن يعود ببعض التقدم الصناعي. وليس هناك شك أن مصر قد ضُربت في حرفها علي يد المستعمر ضربة قاضية فور وصوله، وعملت الحكومة بالاتفاق مع الاستعمار- الذي كان يأمرها فتنفذ أوامره- علي القضاء علي نظام طوائف الحرف بصدور مرسوم 9 يناير سنة 1890 ،الذي اعتبره البعض بأنه كان بمثابة شهادة وفاة رسمية لنظام الطوائف، وهكذا تم إلغاء الطوائف الحرفية في عام 1890 ،ولم يكن إلغاؤها أكثر من إشارة إلي اختفاء الصناعات المحلية التي حلت محلها البضائع الأوربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط