الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصميم الافتراضي للمنظر السينمائي

عطا درغام

2022 / 6 / 4
الادب والفن


يعتبر الفن بصفة عامة والسينما بصفة خاصة من أكثر الأنشطة ارتباطًا بمتطلبات الإنسان؟و هما دائمًا علي علاقة وثيقة بالتجديد والتطوير. فلم تعد السينما فنًا قاصرًا علي صنع أفلام لمجرد تسلية الجماهير وإمتاعها؛ بل أصبحت من أهم وسائل الاتصال الجماهيري ذات التأثير القوي من خلال مختلف أشكال الأفلام التي تساهم بدرجات مختلفة في نشر الثقافة والوعي من خلال مضامين جديدة تؤدي إلي إحداث التنمية الحضارية في كل مجتمع.
فالسينما تستخدم لغة واحدة- لا تحتاج تعليم خاص لفهمها-كما أن يمكنها من خلال التوزيع الهائل أن تقوم بتوصيل نفس الأفكار إلي الملايين من الناس في نفس اللحظة، فهي الوسيط الأكثر مالاءمة لتعزيز التواصل والتماسك بين البشر..
وساعد التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم في استقطاب خيال كثير من العاملين في مجال السينما لإيجاد آفاق جديدة للخلق والإبداع الفني. فمنذ بداية السينما ظل الإبهار البصري هو الشغل الشاغل لأهل هذا الفن؛ لأنه يُعد من أهم وسائل جذب المشاهدنولم يكن الإبهار حكرًا علي الأداء التمثيلي فقط، بل إن التوظيف الدرامي لموقع التصوير وما يحتويه من ديكور ، بالإضافة إلي فن الحيل والمؤثرات البصرية،كانا من أهم العناصر التي ساهمت في إضفاء جو من الإبهار علي الصورة السينمائية.
وعلي الرغم من ظهور العديد من التقنيات التي ساعدت علي تحقيق الإبهار البصري للصورة السينمائية؛فإن ذلك لم ينعكس علي توفير الوقت وجهد العاملين في هذه الصناعة، أو خفض تكلفة موقع التصوير أو الديكور المستخدم فيه بشكل كبير؛لان هذه التقنيات عملت علي تطوير حرفية اهل هذه الصناعة باستخدامها كبديل لبناء المناظر الخارجية فقط، في حين أن المناظر الداخلية الضخمة- مثل القصور والقلاع- ظلت تُقام بكامل تفاصيلها حسب متطلبات التصوير، مما يتسبب في زيادة التكلفة الكلية للإنتاج ،والتي تؤثر بشكل مباشر علي ميزانية العمل المقررة.
ولكن في الفترة الأخيرة فرضت التكنولوجيا الرقمية نفسها بشدة علي صناعة السينما. ولعل الأثر الفعلي لتطوير التكنولوجيا الرقمية في مجال الصورة السينمائية هو أكبر دليل علي التأثير المتبادل بين التقنية والإبداع.
فالسهولة الكبيرة والمرونة التي أتاحتها التكنولوجيا الرقمية وتحققت في مجال الصورة السينمائية مثلت في حد ذاتها أساسًا إبداعيًا، بل التوظيف الأمثل لهذا التطور هو ذلك الاستخدام الخلاق والواعي من الفنان لتلك الإمكاناتت التي يتيحها الوسيط الرقمي الذي وفر له العناصر الضرورية لتجسيد فكرته وتأكيد الهدف الذي يمثل غايته الفنية.
وذلك من خلال العديد من الابتكارات التي وظفت بشكل فني عظيم الفاعلية ، كالصوت الرقمي المجسم، الشاشة المجسمة، الخدع والمؤثرات الرقمية .وأخيرًا ديكور المناظر الافتراضية وغيرها من التقنيات الحديثة التي لم يبلغ توظيفها حد اتلإبهار فحسب، بل يمكن القول إن بعضها بات شكلًا إبداعيًا قائمًا بذاته في العملية الفنية.
فقد ساعد استخدام الديكور الافتراضي علي الاستغناء في كثير من الأحيان عن مواقع التصوير الحقيقية، وبناء ديكور مناظر خارجية أو داخلية، أو بعض الأجزاء منهما،مما أفسح المجال للإنتاج السينمائي للوصول إلي آفاق جديدة ورحبة،وساعد علي إنتاج أفلام الخيال العلمي التي تدور عن غزو الفضاء وحرب الكواكب،وتظهر فيها الأسلحة الغريبة والمركبات الفضائية ،او إنتاج أفلام تاريخية في فترات زمنية معينة لها أنماط خاصة في مبانيها وطرزها المعمارية، خاصة أن هذه النوعية من المناظر السينمائية عالية التكاليف وعلي درجة عالية من التعقيد.
وكانت تحتاج في كثير من الأحيان إلي وقت طويل وجهد كبير وميزانيات ضخمة عند تنفيذها باستخدام تقنيات المؤثرات البصرية التقليدية، لكي يصل فنان المناظر للشكل المطلوب.
وهنا تقوم وسائل التكنولوجيا الرقمية بتنظيم عملية وضع عناصر التعبير والخيال في صورة واقعية، والعمل علي زيادة الجانب الإبداعي ورفع المستوي الفني والشكلي للمناظر السينمائية ، بالإضافة إلي خفض تكلفة إنتاج المنظر السينمائي واختصار وقت تنفيذ العمل بنسبة كبيرة.
في هذا الكتاب ( التصميما الافتراضي للمنظر السينمائي) للدكتور أشرف لبيب الذي يتناول نماذج لبعض الأفلام التاريخية،وأفلام الفانتازيا والخيال العلمي، باعتبارها مادة خصبة للمناظر السينمائية المركبة والمعقدة، حيث سعي في كتابه لإثبات أن استخدام التكنولوجيا الرقمية الحديثة المتمثلة في تنفيذ مناظر سينمائية افتراضية والتي تعبر تطورا حقيقيًا لتقنيات المؤثرات البصرية التقليدية التي كانت تستخدم كبديل لبناء المناظر الخارجية الضخمة، يعمل علي رفع المستوي الفني من ناحية، ومن ناحية أخري يعمل علي خفض التكاليف.
من أجل ذلك كانت ظاهرة وجود فن معاصر يرتبط بتوظيف التكنولوجيا الحديثة في مجال تصميم المناظر السينمائية جديرة بالبحث للوقوف علي طبيعة ذلك الفن وما يتضمنه من قيم فنية وجمالية تثري هذا المجال،وذلك بهدف النهوض بالسينما المصرية ومواكبة الدول المتقدمة والسينما العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا