الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة المحورية بين العلوم الانسانية والعلوم التطبيقية ح2

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2022 / 6 / 4
الادب والفن


• التكنولوجيا والتصدع العظيم:/

وتبقى كل هذه الاخلاقيات تعطي واقعا حول اوضاع المجتمعات ، فالمشكلة التي تواجه الانسان المعاصر هي كيف يستطيع التعامل مع دراما التغير التكنولوجي وتعديل رؤيته الى العالم الجديد السريع التغيروتحديد وادراك وضعه الخاص في هذا العالم بل وفي الكون بأسره ذلك ان اهم ما يميز المجتمع المعاصر هو سيطرة التكنولوجيا بحيث يبدو الانسان كما لو كان عبدا خاضعا لها تماما ومسلوب الارادة امام سطوتها وليس المقصودمن التكنولوجيا هنا الالات والاجهزة وما شاكلها من المنجزات المادية التي حققها التقدم العالمي الحديث وانما المقصود في المحل الاول هو التكنولوجيا باعتبارها اسلوبا للتفكير والسلوك والعلاقات الاجتماعية وقوة هائلة افلحت في ان تسبغ نوعا من الدقة والكفاءة على العقل الانساني بشكل غير مسبوق في نظرته الى العالم وتناوله شؤون الحياة اليومية .
بعبارة اخرى ان اسلوب الحياة والرؤى التكنولوجية المعبرة عن هذا الاسلوب تؤدي الى تصدع المفاهيم الاجتماعية وتصدع كبير في الرؤى المعرفية الفكرية وتصدع القيم كذلك، وتعبر هاناه ارنت في كتابها (الحالة الانسانية )(The Human Condition) الذي ظهر عام 1958 ان المشكلة الاساسية للوضع الانساني هي انه في الوقت الذي يزداد فيه شعور الانسان بالقوة لاعتماده على الكشوف التكنولوجية والبحث العلمي تتضاءل قدراته على التحكم في نتائج افعاله مما يعني تراجع وتقلص دوره في حياة المجتمع كما تتضاءل حريته السياسية وهذه مأساة الانسان في المجتمع التكنولوجي المعاصر .
ويعبر الدكتور احمد ابو زيد عن حالة الاغتراب هذه قائلا ((والواقع ان الانسان المعاصر يعيش الان في عالم تكنولوجي يسيطر عليه فيه الشعور بالاغتراب عن الذات اذ يجد الفرد نفسه موزعا بين اتجاهات مختلفة وتيارات متضاربة بحيث لا يكاد يستبين لنفسه طريقا يسلكه بارادته الحرة الطليقة بل انه لم يعد يدرك طبيعة كيانه او عالمه الداخلي وهو وضع يكتنفه الظلام على ما يقول (جيريمي جريفث في نشرة صدرت عن Foundation for Humanitys Adulthood تحت عنوان point in the Human Journey فالانسان المعاصر يعيش في وهم كبير اذ يتصور انه يدرك كل ما يدور حوله بينما هو غائب في حقيقة الامر عن ادراك ماهية وكنه الاشياء بما فيها كنه ذاته نتيجة ذلك الانبهار بالتقدم التكنولوجي ، الذي يصرفه عن التفتيش في اعماقه الداخلية لمعرفة حقيقة ابعاد وضعه الانساني في هذا العالم واختيار الطريق الذي يوحي به تكوينه الداخلي الخاص فهناك فضاء ومساحة واسعة خالية تفصل بين العالم التكنولوجي الخارجي السطحي والعالم الداخلي العميق )) والتساؤل الذي يشغل البال اليوم حول حقيقة واقع الانسان الان وفي المستقبل وكيف يمكن له ان يحتفظ بانسانيته في عصر تحكمه التكنولوجيا وتتحكم فيه لدرجة ان اصبح الانسان يحاول اعادة تشكيل تكوينه ويحتفظ بالاخلاقيات الانسانية العالية ويبتعد عن الاخلاقيات المسببة للتصدع العظيم.ولكن هل تفلح التكنولوجيا فعلا في اعادة صياغة الانسانية حسب شروطها ومتطلباتها الخاصة ؟ وما نوع البشر الذين سوف يعيشون ويزدهرون في هذا العالم التكنولوجي السريع التغير الذي لا يكاد يشبهه اي شيء حدث في الماضي اذ تتفتح كل يوم مجالات وافاق جديدة تتطلب من البشر اعادة النظر في مسار حياتهم والتخطيط لها من جديد بشكل مستمر حتى لا تتجاوزهم الاحداث خاصة في هذا الزمن الذي يتميز بتدفق المعلومات الغزيرة من كل انحاء العالم وامكان التأثر بها بحيث تتراجع ملامح الوضع الانساني امام الهجمة الاعلامية والمعلوماتية وقدرة التكنولوجيا الجديدة والمتطورة على توفير مسارات ومبادئ وقيم جديدة لم يكن للمجتمع الانساني عهد بها من قبل ووقوع الانسان فريسة التعارض بل والتناقض بين ما تفرضه التكنولوجيات الحديثة من هيمنة تيارات العولمة التي تعمل على ازالة الحواجز الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين شعوب العالم والرغبة في احتفاظ تلك الشعوب بذاتياتها وهوياتها الثقافية المتمايزة التي تمد الفرد بالمبادئ والقيم والمثل العليا التي يرتكز عليها وضعه في المجتمع والذي يتمسك به اشد التمسك لانه هو جوهر وجوده كأنسان مع اعتزازه الشديد بهذه الانسانية .
كذلك فان القيم والتكنولوجيا ترتبط مع بعضها ارتباطا وثيقا فقد ادت التكنولوجيات الجديدة على راي ابو زيد الى استبدال علاقة الانسان بالالة بعلاقة البشر بعضهم مع بعض وهذا حسب راينا يؤدي الى التصدع واسهمت بذلك في تغيير النظرة الى القيم التي تحكم السلوك الاجتماعي واقتضت في رأي الكثيرين قيام قيم جديدة تراعي الاتجاهات والافكار والعلاقات القائمة الان والتي تختلف في جوانب عديدة عما كان سائدا في الماضي غير البعيد فقد غيرت هذه التكنولوجيات اساليب التفكير والطرق التي يتعرف بها المرء على ذاته وادراك هويته وتقدير معايير الحكم على تصرفاته في عالم يعاني من كثير من مظاهر التفكك والتفسخ وانعدام التوازن واضمحلال دور ووظيفة عدد من النظم والمؤسسات الاجتماعية الاساسية بما فيها مؤسسة العائلة التي ظلت تعتبر حتى وقت قريب الركيزة الاساسية التي يقوم عليها البناء الاجتماعي بأسره وقد ساعد التقدم الهائل في وسائل واسليب الاتصال وبخاصة بعد انتشار الانترنت وما ترتب عليه من تدفق المعلومات من كل انحاء العالم بغير توقف ودون قيود على تأثر انساق القيم التقليدية في كثير من المجتمعات على مستوى العالم بافكار واتجاهات غريبة على تراثها التقليدي وانحازت الاجيال الجديدة الى جانب التيارات الفكرية الحديثة التي اخذت تفرض هيمنتها على المناخ الثقافي العام ان اخوف ما نخاف عليه من انجراف الشباب والاجيال نحو مجتمع المعلوماتية وبدون اعتبار لماضي وتراث وحاضر مما يؤدي الى تفاقم التصدع وتدهور المجتمعات لذلك فان الاجيال الجديدة التي يطلق عليها احيانا اسم (اولاد الفضاء المعلوماتي) الذين نشأوا مع الانترنت والثورة الالكترونية يأخذون القيم الاجتماعية المتوارثة والتي تحكم غالبية الناس الان على انها مجرد شعارات او على افضل تقدير مبادئ استاتيكية تفرض على الناس والمجتمع السكون والجمود في عصر ملئ بالحركة والتغير المستمر وتنسى ان الافراد هم القوة الدافعة الى الحركة والعنصر المنفذ لها وان لهم الحق على هذا الاساس في اختيار نوع الحياة التي يحيونها وتحديد الصورة النهائية لهذه الحياة التي تموج بالحركة والتغيير الذي هو سمة التقدم . فعلى الاجيال ان تنتبه الى الاليات المجتمعية التي تحكم المجتمع اليوم والا انجرفت نحو الهاوية والتصدع وهذا ما يخاف عليه ومنه في مجتمعاتنا التي تنغمس في المعلوماتية بعيدا عن المشاعر الانسانية .لذلك فان التصدع تاتي مكافحته من رؤى التغيير المجتمعية التي تتبناها المجتمعات مزاوجة من خلالها بين التراث التنويري والحضارة الرائعة والتطور والتكنولوجيا التي تسهم اسهامات كبيرة في التقدم العلمي الكبير والانساني .






• رؤى حول التصدع في نقض نظرية نيتشة
• هل توجد سلوكيات عالمية متشابهة ؟

ان التحول نحو مجتمع المعلوماتية ساهم في ظهور نماذج من البشر في اليابان يدعون (الهيكوكيكو ) شغلهم الشاغل عالم الانترنت حتى انهم انقطعوا عن العالم الخارجي ولم يستطيعوا ان يمارسوا أي دور اجتماعي واصيبت خلاياهم الدماغية بالفتور ،الهيكوكيكو هؤلاء يوجد نماذج كثر منهم في العالم العربي وهؤلاء شغلهم الشاغل هو الجات وعالم الفيس بوك حيث التواصل الرقمي مع الاخرين وانقطاع التواصل الاجتماعي مع الناس المحيطين أي البيئة المحيطة بل ان الدردشة والجات اصبحت حتى من خلال الموبايل أي عالم متنقل مع الانسان مما سيؤدي في نهاية المطاف الى تفكك الصلات الاجتماعية تفككا كبيرا بسبب التكنولوجيا والمعلوماتية وتصدع هذه القيم سوف يؤدي الى انه من الصعب معالجتها .
• يحدثني صديق لي انه يستعمل الجات عبر الهاتف لمدة تتراوح من العاشرة ليلا وحتى الخامسة صباحا أي بمعدل يومي 6 ساعات في الليل فقط هذا من دون اوقات النهار المتقطعة هذا الانشغال اثر حتى على تعليمه من حيث لا يشعر حيث لم ينجح في سنته الدراسية ،انه لا يعرف السبب الرئيسي لرسوبه هو الجات والتعلق سايكولوجيا به الا انه وحسب تعلقه الكبير وتفكيره الذي ما انفك عن الجات طوال فترة دراسته لم يسمح له بالتفكير الجدي بوضع دراسته وقراءته مما سبب رسوبه وقاد هذا الرسوب الى تصدع العلاقة الاجتماعية بينه وبين امه التي تطمح إلى رؤيته ناجحا .
اذن يتبين ان المعلوماتية او التكنولوجيا تقود الى تصدع العلاقات الاجتماعية اما بسبب مباشر من قبلها او بسبب غير مباشر كما في الحالة التي عرضنا لها في اعلاه.
ان اثر التكنولوجيا في عزل الناس عن المحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه واضح جدا ولكن قد يتسائل سائل :ان انترنت يعطي آلية تواصل كبيرة جدا تتمثل بالسرعة والدقة في ايصال المشاعر والرسائل بين الناس ولكن هذا التواصل يفتقر الى دفء العلاقات الحميمية التي تتولد من خلال المقابلة المباشرة او حتى التراسل بالخطابات والرسائل الورقية المكتوبة والمفارقة هنا هي ان الوسيلة التي يفترض بها توطيد وتعميق التواصل بسهولة ويسر وكفاءة هي الاداة التي تؤدي الى العزلة وتدهور العلاقات الاجتماعية بالرغم من كل المظاهر التي توحي بعكس ذلك بالنتيجة نفهم ان التكنولوجيا تغير من الانسان حتى يصبح هو بحد ذاته ما يشبه الالة ويستجيب لمتطلبات الالة ويترك حتى مشاعره وأحاسيسه الإنسانية وما دمنا نتحدث حول اسباب التصدع للقيم الاجتماعية فيذهب بعض الباحثين والمفكرين الى ان التحولات الثقافية الحضارية الواسعة هي التي سببت التصدع العظيم أي تحول العلاقات الزوجية المتماسكة والانضباط الجنسي الذي يبقى تحت المراقبة العائلية هي الصورة المعبرة عن مفهوم الرقابة الاجتماعية للحياة المجتمعية هذه التحولات نراها اليوم على شكل تصدعات في العالم الغربي بشكل معلن وفي الشرق وخصوصا مجتمعاتنا بشكل سري ومتقن وفي حالة تفشي السرية يصار الى معاقبة المتحابين او أصحاب العلاقات الجنسية غير الشرعية بأشد العقوبات المجتمعية ،فالرقابة الأبوية يجب التخلص منها ونحن اليوم بحاجة إلى رقابة غير مباشرة (in-dir-ect) هذه الرقابة غير المباشرة تعطي رؤية واضحة لكيفية التعامل مع الأبناء او العائلة وبالتالي عدم تصدع الروابط الاجتماعية بين العائلة والأب او بين الأب والابن او البنت هذا من باب الحفاظ على القيم المجتمعية ومن دون هذا الباب سوف تنهار هذه القيم لان الضغط يولد الانفجار أي ان الرقابة لو كانت صارمة واصبحت تمارس تحت سلطة الاب او التهديد او تهديد الاخ سوف تتسبب بمسألتين:
الاولى :
انهيار القيم الاجتماعية الرابطة بين العائلة كأفراد وتبادل الكراهيات بين أفراد العائلة .
الثانية :
تصدع القيم الاجتماعية التي ندافع عنها تحت يافطة الرقابة بل العمل بالضد من هذه القيم والاتجاه اتجاهات مغايرة تماما لما نبغي.
فالتصدع العظيم كمصطلح يقع على مجتمعات باكملها ينطلق من تصدع القيم الصغيرة انطلاقا الى ما يقود الى تصدع المجتمعات ككل فالتصدع بالغرب بدأ نتيجة التراجع والانحدار في القيم الاخلاقية الفيكتورية كما يسميها فرانسيس فوكوياما ،تراجع هذه الأخلاق بدأ بمجموعة من التطورات الفكرية التي اتخهذت طريقها في نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين وبموجة ثانية من التطورات حدثت في أربعينيات القرن العشرين.
لقد بدأت الافكار الغربية وعلى اعلى المستويات الفكرية ترى انه لا توجد اعتبارات او ارضية عقلانية تفرض وجود سلوكيات متشابهة واكثر من عبر عن هذه الفكرة هو الفيلسوف الالماني(فريدريك نيتشه) الذي طرح نظريته التي ترى :ان الإنسان هو وحش ذو خدود حمراء وانه عبارة عن حيوان يخلق القيمة وان لغات الخير والشر التي يتحدثها البشر على اختلاف ثقافاتهم الإنسانية ليست سوى نتاجات للارادة وليس لها جذور في الحقيقة او المنطق ولكن لو جئنا وناقشنا هذه المسألة وطرحنا سؤالا هل صحيح لا توجد اعتبارات او ارضية عقلانية تفرض وجود سلوكيات عالمية متشابهة ؟ والجواب يكمن في مناقشة هذه الرؤية النيتشوية وتفنيد ما ذهب اليه نيتشه وذلك لان السلوكيات العالمية ممكن ان تتشابه ولكن الاختلاف يكون نسبي اما انه لا توجد اعتبارات او ارضيات عقلانية تفرض وجود سلوكيات عالمية متشابهة فهذا من الاشكاليات الكبيرة التي وقع بها نيتشه والدليل على صحة ما نذهب اليه ان الصدق سلوك انساني يشترك فيه المواطن العالمي فالصدق قيمة ممدوحة عند كل البشرية وركزت عليه الاديان كجانب انساني كما نرى عند البوذية والمسيحية واليهودية وغيرها مما يبين ان القيم والسلوكيات هي مشتركة بل ان العالم اليوم بحث في الاسليب الاخلاقية المشتركة بين ابناء العالم الانساني فمثلا ظهرت مجموعة من العلماء اسسوا معهدا اسموه معهد الاخلاقيات الكوكبية The institute of the Global Ethics ارادوا من خلاله التركيز على المعايير الاخلاقية المشتركة بين ابناء كوكب الارض كالصدق والتسامح والاخلاق الفاضلة والضوابط الاجتماعية في السلوك المشتركة بين البشر ومثل وجود هكذا معاهد تسقط نظرية نيتشة السابقة .وهنا استند الى راي لفوكوياما حول نشوء التصدع حيث ان الانتقال برأيه من القيم الاخلاقية الى ما هو ضدها قد بدأ بالحدوث منذ ثلاثة اجيال قبل حدوث التصدع العظيم ثم وفجأة ازدادت سرعة التغيرات بشكل هائل من غير المعقول ان نتصور ان الناس في العالم المتقدم قرروا فجأة وببساطة ان يغيروا ارائهم ونظرتهم بشكل كامل وفي مدة زمنية لا تتجاوز عقدين او ثلاثة عقود نحو قضايا جوهرية مثل :الزواج والطلاق والانجاب والسلطة والمجتمع. وفي راينا ان من اهم اسباب التصدع بالاضافة الى ما ورد في البحث هو انهيار العلاقات العائلية حيث ان تاثير الاباء على الابناء كبير جدا وبعض الاحيان يدفعهم الى افعال اجرامية من خلال الاهمال والتصادم مع الابن وسلوك الابوين المنحرف والمشاكل بين الابوين او غيابهما بالنتيجة فارتفاع معدلات الجريمة تسهم اسهامة كبيرة في نشوء التصدع او التصدع داخل العائلة وتهشم العلاقات الاجتماعية الذي يسهم في نشوء التصدع الكبير داخل المجتمعات والجرائم الصغيرة تقود الى الجرائم الكبيرة التي امتدت عبر العالم واصبحت المافيات العالمية تتاجر بها ومن الصعب السيطرة عليها عالميا ومنها جرائم الاتجار بالبشر التي اثارت قلق المجتمع الدولي نظرا لما تنطوي عليه من خرق لكل القيم الانسانية والاخلاقية والخروج على مبادئ حقوق الانسان التي اقرتها المنظمات الدولية لذا عقدت هيئة الامم وبعض وكالاتها المتخصصة عددا من المؤتمرات في السنوات الاخيرة للنظر في هذه النوعية الجديدة من الجرائم انتشرت نتيجة تصدع القيم الاجتماعية عالميا وكان من هذه المؤتمرات مؤتمر بالرمو 12-15 ديسمبر /2000 عن (حكم القانون في القرية الكوكبية) واحدا من اهم هذه المؤتمرات اذ اثيرت فيه مسألة التعاون الاقليمي ضد الجريمة المنظمة وبخاصة في مجالات الاتجار بالبشر واساءة استخدام قطاع البنوك وامكان التوصل لطريقة لتوحيد الجهود ومساندة منظمات وهيئات العدالة الجنائية وقد حدث في مؤتمر بالرمو ان وقفت السيدة امينة تيتي اتيكو ابو بكر مؤسسة (المنظمة النيجيرية لمنع الاتجار بالنساء وتشغيل الاطفال) منبهة الى ضرورة العمل على احكام الرقابة على تجارة الجنس في العالم وقد ذهبت في ذلك الى انه بالرغم من كل الجهود التي بذلت في محاربة الرق فلا تزال تجارة الرقيق قائمة بالفعل في كثير من انحاء العالم ومن الدراسات المهمة جدا في مجال علم الجريمة التي تسبب التصدع العظيم والتي توضح اهمية التنشئة الاجتماعية المبكرة في الطفولة هي دراسة شيلدون واليانور غلويك حيث قاما باصدار كتاب عن الموضوع وعن النتائج التي توصلا اليها هو كتاب ((اسرار جنوح الاحداث)) وقد قام الباحثان بدراسة طويلة الامد حيث تابعا مجموعة من الصبيان من منطقة فقيرة في بوسطن حتى بلغوا سن النضوج في محاولة للتعرف على الاسباب التي تدفع بعضهم الى ارتكاب الجرائم وبعضهم الاخر الى العيش حياة ناجحة ومثمرة وكانت احدى الحقائق التي توصلت اليها الدراسة ان الاولاد الذين ارتكبوا الجرائم كانوا يواجهون مشاكل مستمرة في مرحلة النضوج مثل تصرفات اجرامية وفشل زواج والادمان على المخدرات والكحول وعدم القدرة على الاستمرار في العمل وغيرها وهذا يعني ان الميل الى ضعف السيطرة على النفس يظهر ويتطور في مرحلة مبكرة نسبيا لدى الانسان وهذا هو احد اهم اشكال راس المال الاجتماعي الذي توفره العائلة .
وقد توصل عالما الجريمة ترافيس هيرشي ومايكل غوتفريدسون الى هذه النتيجة حيث يرى هذان العالمان حسب فوكوياما انه سيكون من المفيد التحدث عن اعمال اجرامية اكثر من تصرفات فردية في ارتكاب الجريمة وذلك بسبب ان سياق الحياة لاولئك الافراد قد تقرر من خلال تربية وتنشئة الاباء لاولادهم في مرحلة مبكرة من اعمارهم وقد اكد باحثان اخران هما رولف روبر وماجدا ستوهامر-لوبر في دراسة مستفيضة واسعة تاثير الاباء على دفع الابناء نحو الافعال الاجرامية من خلال الاهمال والتصادم مع الابن وسلوك الابوين المنحرف والمشاكل بين الابوين وغياب الابوين .
ويثير فوكوياما سؤالا مهما :هل يفسر انهيار العائلة الارتفاع الكبير لمعدلات الجريمة في البلدان المتقدمة بعد عام 1965؟ مما لا شك فيه ان تدهور الحياة العائلية الذي بدأ في هذه الفترة مسؤول عن ارتفاع معدلات الجريمة وهناك دلائل عملية تؤكد العلاقة بين الاثنين وغالبا ما يكون انهيار العائلة عاملا مهما يفسر العلاقة بين الفقر والجريمة فالعوائل الفقيرة هي ليست فقط اغلقت امامها فرص العمل بسبب قلة المؤهلات او عدم وجود المواصلات بل هي غالبا ما تكون عوائل بدون اب في البيت قادر على التشجيع واشاعة النظام واعطاء المثل الاعلى لتنشئة الابناء من الناحية الاخرى فان العلاقة الاحصائية بين انهيار العائلة والجريمة ليست بالوضوح الذي تبدو عليه للوهلة الاولى بسبب وجود عوامل اخرى عديدة لها علاقة تبادلية مع انهيار العائلة مثل الفقر والمدارس السيئة والجيرة الخطرة والتي لها تاثير على تنشئة الاطفال وتربيتهم وغالبا ما يكون من الصعب تفكيك خيوط هذه العوامل المتشابكة المختلفة ويختلف ذلك ايضا حسب البلاد ففي السويد مثلا يلعب المجتمع خارج العائلة الجيران والشباب الاخرين والمدرسين وغير ذلك دور اكبر اهمية من دور العائلة في تنشئة الاطفال مما هي الحال في الولايات المتحدة لذا فان النتائج والاثار السلبية المترتبة على تنشئة وتربية الطفل في عائلة احادية الوالدين في مثل هذه الظروف تكون أقل وطأة .بالنتيجة فان الانهيارات العائلية التي تاتي بسبب الجريمة او ما شاكلها تؤدي الى التصدع العظيم باقوى مجالاته الفكرية المسببة لتصدع المجتمعات وتصدع حتى الحضارات ويبقى الحل بيد ابناء المجتمع بمكافحة اساليب الجريمة وما يتبعها ويحيطها من مشاكل هذه المشاكل تؤدي الى تصدعات مجتمعية كبيرة جدا . وتبقى نهضة المجتمعات مرهونة بضرب التصدع واسبابه والاهتمام باساليب بنائية جديدة .




ثانيا: الاستكشافية
قد يبدو هذا العنوان ليس واقعيا تماما في مجاله ، الا اني تقصدته لانني مر بي واثناء تصفحي لعدد ناشيونال جيوغرافيك العربية عدد فبراير /2018 جهاز اسمه (ليدار) وهو من صنع التكنولوجيا (ليدار) او ما يسمى ب(جهاز تحديد المدى بالضوء المرسل من الجو) والمعروف بأسم(lidar) الذي تعمل تقنيته عن طريق ارسال نبضات ليزر من طائرة او مروحية او طائرة مسيرة اليا ثم يستقبل الجهاز البيانات الراجعة حول المسافات في الاسفل .
ما يهمنا هنا هو ليس كيفية اشتغال الجهاز ، بل ما هي علاقاته ومساسه الكبير بحياة الناس ومدى استفادتهم منه، ان تقنية ليدار ليست مجرد صور ملتقطة بل هي تمثيلا هندسيا شديد الدقة ، لمدينة قيد الحركة تبين فيها انحدارات الرصيف الطفيفة ، ومسار مياه الفيضانات وترصد تلوث الهواء كذلك ، مما له علاقة مباشرة بحياة الانسان .
• اهم فوائد (ليدار) :ـ
1- سلامة البناء: قد يسبب حفر انفاق القطارات وقنوات الصرف الصحي في المدن اضرارا للبنايات التي تعلوها، وقد يساعد تقييم واجهات المباني اثناء الحفر في تحديد الاجزاء الهشة من المواقع التاريخية .
2- التخطيط الحضري: اسن ستتمدد الظلال ؟ وهل سيكون شارع ما في مهب ريح تزعج المارة اثناء مشيهم ، واين يحتمل ان يبدأ الفيضان؟ يمكن لاصحاب مشروعات الاعمار الافادة من هندسة دقيقة لتفاصيل حياة مدينة من المدن.
3- حركة ذوي الاحتياجات الخاصة : ان حافة رصيف مرتفعة واحدة او عتبة قد يحولان دون عبور ذوي اعاقة حركية الى مطعم او مقهى ، قد تفيد البيانات المجمعة في انجاز تعديلات جديدة او تستعمل في تطبيقات هواتف نقالة تقترح افضل الطرق.
4- تشذيب الاشجار: تحدد خريطة شاملة لمدينة ما أي الاشجار قد تتشابك مع اسلاك الكهرباء ، وينبغي تشذيبها قبل هبوب العواصف التي قد تسقطها على البيوت او السيارات.
وهكذا نرى اثر التكنولوجيا الكبير في معالجة مشاكل الناس وفي التدخل بتفاصيل دقيقة جدا في هذا المجال.












المحور الثالث:

الركائز المنهجية للتاريخ حسب فرناند بروديل ...
انتقد الفيلسوف الايطالي بروديل نموذج التاريخ التقليدي وبنى صورة جديدة لتأريخ ممكن ، تأريخ مرتكز على الوثائق الجغرافية ، يقول بروديل" ان البحر المتوسط هو افضل وثيقة تاريخية تعكس ماضيه وحاضره " اي / ان البحر بكيانه الجغرافي والمائي واتجاه الريح التي تحكم امواجه وحركة السفن التجارية التي تسمح بتحقيق اتصال حضاري بين عدة مجتمعات حول محيطه وايضا مواقع مدنه ومرافئه ، كل ذلك يقدم وثائق غنية بالعناصر وبالمعطيات التي تمنح الباحث امكان بناء افكار وتفسيرات مقاربة للموضوعية في ميدان التاريخ ، اذن نحن امام اتجاه الريح وحركة الامواج وحركة السفن وتكنولوجيا هذه الحركة واثرها في رسم ملامح البحر والحضارات التي تشكلت عنده وحوله ، فعندما يتحدث بروديل عن دور للبحر المتوسط في تشكيل حضارات متوسطية واسهامه في بلورة بناها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وعندما يستنتج دور مساحة المكان وتاثيرها في بطء او سرعة تحقق تبادل حضاري بين الشعوب فهذه في نظري حديث عن فيزياء البحر وعن تكنولوجيا السفن وعن جغرافية المكان ، حيث " تحول الاهتمام من الفرد الى العناصر الجغرافية ، ومن النصوص المكتوبة الى الوثائق المكانية ، ومن العقل الفردي الخالق لحضارة ما الى العقلية الجمعية الساعية الى تحقيق توازن وقطيعة ما ، انه منهج يتضمن حتمية ما ، لكن من دون ان يهمل نشاط الافراد ومحاولاتهم المتكررة لتحقيق تغيير وتقدم ما في المجتمع وعبر التاريخ "

وقد حضرت في عام 2006 مؤتمر في روما بايطاليا عنوانه " الميدلنك" وكان يجمع الشعوب التي تتشاطئء البحر المتوسط ويتحدث عن مشاكلها وارائها بالاحداث العالمية وحقوق الانسان والمرأة والطفل والعنف وغيرها من المواضيع المهمة التي جمعت الوفود المشاركة . وهنا فان لهذه الدول المتشاطئة على البحر المتوسط ثقافات ورؤى وافكار ويجمعها مناخ واحد يؤثر في بعض اخلاقياتها وافكارها هو مناخ البحر المتوسط.
بل يكاد التاريخ تتشاطره هذه الدول ، فعلى سبيل المثال نجد الرومان حكموا اجزاء كبيرة من بلاد المتوسط وما زالت اثارهم شاخصة في كل من تونس وليبيا والاردن (على الرغم من انها دولة غير متشاطئة الا ان مناخ المتوسط يمر بها ) وهكذا .
• البحر تاريخ: هذا عنوان لقصيدة الشاعر الكاريبي "ديريك والكوت" ان البحر محور التاريخ، حيث يحفظ البحر الذكريات في قاعه، كما يحتفظ بجثث البحارين والعبيد سابقا والكنوز ، الى ان يخرجها البشر الى النور ، واعادة احياء هذه الذكريات هي موضع اهتمام المؤرخين ، وبذلك يعتبر البحر واجبا وتحديا في الآن نفسه. يقول ديريك والكوت:
أين شواهدكم، معارككم، شهداؤكم؟
أين ذاكرتكم القبلية ؟ ايها السادة
في القبة الرمادية ،البحر ، البحر
قد اقفل عليها .البحر هو التاريخ ( وهو شاعر كاريبي حائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1992 ) وحيث ان ثلاثة ارباع الكرة الارضية تغطيها مياه البحر والمحيطات ، ربما يكون وصفها بالكرة المائية او البحرية اقرب الى الحقيقة .




























المحور الرابع
: استبداد التكنولوجيا ...
نحن امام سلطة تكنولوجيا كبرى متحكمة اليوم في العالم وافرزت انماط عنفية تتجلى هذه الانماط بالاسلحة الفتاكة ، وبالانماط العنفية المتأتية من الاستخدام المفرط غير الصحيح للتكنولوجيا ، ويمكننا دراسة ظاهرة العنف في العالم المعاصر فهاجس القلق على مستقبل المجتمعات المعاصرة ، فالبعض يخشى من توحش الرأسمالية المعاصرة وسحقها للافراد والمجتمعات والثقافات العديدة والبعض يخشى من ان تتحول الاختلافات الثقافية الى حروب ثقافية والبعض يخشى من التكنولوجيا واستخداماتها المدمرة وانتشار العنف في كل مكان بفعل بيع الاسلحة والاتجار بها وتحول المشكلة البيئية الى ظاهرة قد تدمر الكرة الارضية .لذلك نحن بحاجة الى تحليل الازمات ووضع الامكانات الحقيقية في هذا المجال ، فهذا فرنسيس فوكوياما يتخوف مما يسميه" عواقب الثورة البيتكنولوجية" وكيف ان هذه البيوتكنولوجيا "قد استباحت طبيعة البشر وكرامتهم وانفلتت من عقال السياسة " الامر الذي دفعه للتاكيد على اننا لسنا عبيدا لتقدم تكنولوجي محتوم اذا كان هذا التقدم لا يخدم غايات الانسان الامر الذي يستتبع التنبه الى ان التلاعب بالبايلوجيا قد يقودنا الى عالم ما بعد الشر وهو عالم تختفي فيه البيولوجية التقليدية للانسان ويكثر فيه التهجين ، الامر الذي قد يؤدي الى انهيار فكرة الانسانية المشتركة ، ولذلك نجده يركز على ضرورة التمعن جيدا في معاني الثورة البيوتكنولوجية والاحاطة بتداعياتها السلبية ونتائجها الكارثية على مستقبل الانسان والانسانية ، غير ان المخاوف لا تقتصر على هذه الثورة بل تمتد الى التكنولوجيا ذاتها بوصفها التقنية التي امدت الحروب بكل انواع الاسلحة ومن مختلف الاصناف حتى وصلنا الى حافة "الابادة الذرية" وقد حدد الان تورين ان الدولة والنظام الرأسمالي تحولا الى " مؤسسات قهرية " وانا ارى ان جزء اساسيا من تحول الدولة الى مؤسسة قهرية بالاضافة الى عوامل عدم الاصلاح وانحراف المفاهيم الحداثية والتنويرية عن مشروعها الحقيقي الذي وجدت لاجله هو استخدام العنف بواسطة التكنولوجية وبشكل مطرد "فمشكلة المجتمع ما بعد الصناعي تعود الى ان هدفه الرئيسي هو زيادة رقابة الربح الراسمالي على العمل العمالي وانه حد من حقوق الافراد ، الامر الذي يمكن ان يدفعنا الى الاستنتاج انه مجتمع متناقض مع فردانية حقوق الانسان" فالصراع اليوم الذي يجب ان يخوضه الجميع هو بين هذا المجتمع الغارق في هيمنة من قبل قوى السوق والعنف والحروب وبين قوى الحداثة التي تشكل عقلانية وحرص على حقوق الانسان شاملة عناصر مركزية فيها .

فاذا كان هابرماس يشتكي من ان العلم المعاصر وتقنياته قد ساعدا الانسان في مراحل سابقة على السيطرة على الطبيعة ،فان هذا العلم اليوم يساعد الانسان على السيطرة على اخيه وتحويله الى اداة وتفسير ذلك بالنسبة الى تورين هو : ان العلم المعاصر الذي هو احد اهم مظاهر العقلانية ،قد ابتعد عن هدفه الاسمى الذي هو الذات الفردية وغرق في هيمنة مؤسسات المجتمع ، الامر الذي يتطلب العودة الى الحداثة واعادة تعريفها من جديد ولذا نجد تورين ينسب نفسه الى تيار متجدد حاول منذ بداية الحداثة ان ينبه ويؤكد على خطر المجتمع ومؤسساته وايديولوجياته ومنافعه على الذات الفردية ويحمل تبعات هذا التهميش والتدمير للانا للمفكرين اصحاب النزعة الاجتماعية الكلية "الذين قدسوا مصالح المجتمع الرأسمالي ومصالح الامة والقوميات والهويات على حساب مصالح الفرد وحقوقه وجعلوا من الدولة خالقا للحداثة وليست مندوبها " اما الغالبية العظمى فقد اكتفت بمجرد ادانة صعود الهمجية الحتمي او السلطة المطلقة او راسمالية الدولة الاحتكارية والملاحظ للسياسات المعاصرة للولايات المتحدة سرعان ما يلمح سهولة تخليها عن مبدأ " التعددية الثقافية " على راي الان تورين بحيث لم يعد المطلوب فهم الاخر والتعرف على الاختلافات معه بل العمل على محاربته واخضاعه ويبدو ان هذا التوجه هو ما اجج الصراع بين الغرب والاسلام ونحن نختلف مع راي تورين هذا لان الولايات المتحدة كسياسة دولية لها تعترف كليا بالاخر ولكنها تحارب الارهاب على مستوى اخر فالارهاب اليوم يعصف بالجميع بما فيها الولايات المتحدة نعم هي دعمته في فترة من الفترات لضرب الاخر المختلف معها بالسياسات ولكنها عملت على محاربته فهي اليوم تحارب داعش في العراق وسوريا على سبيل المثال باستراتيجية ضعيفة للغاية ، وتعترف بالاخر فالمسلمين في اميركا تعاملهم الحكومة الامريكية افضل معاملة وتعترف بحقوقهم الدينية والشعاراتية على الرغم من وجود التمييز في المجتمع الامريكي تجاه المسلمين خصوصا الفترات الاخيرة وبعد تفشي الارهاب الاسلامي.
كما ان استبداد التكنولوجيا سيقود حتما الى فقد معاني إعادة الاعتبار الى الذات وفهمها وإعطاء الفرد حقوقه كاملة بعيدا عن سطوة المجتمع المتأتية من استخدام التقنيات الكبرى ، حيث ان الذات يجب ان تعيش وسط عالم التقنية والأسواق والحروب والهويات واشكال الإنتاج والعولمة ،ليس بوصفها ظواهر حتمية او خارج إرادة البشر ،او ان تيار التطور والتقدم لابد من ان يفرضها علينا ،بل لا بد من ان نعيش معها.
وهذا هو المهم بالنسبة الى تورين، بوصفها ظواهر من صناعة البشر وانها ناتجة عن أعمال البشر واخطائهم ،الامر الذي يزيد من ثقة الذات بنفسها على تغيير تلك الأوضاع أولا، ويرفع من شعورها بالمسؤولية تجاه ماسي العالم المعاصر ثانيا ، ولعل هذا ما يفسر ارتفاع وتيرة الاحتجاجات والتحذيرات التي اخذت تظهر هنا وهناك فالان تورين يدعو الى ان تتكيف القوانين والأنظمة سواء كانت الهية ام اجتماعية مع ذات الانسان وهمومه وحقوقه، وليس ان نتكيف نحن مع قوانين الهية ام وضعية ،لذلك نجد تورين كثيرا ما يشيد بالحركات التي تدفع الافراد الى مقاومة السياسات الدولية ومواجهة ضغوط المال وقوى الحرب أي:مواجهة استبداد التكنولوجيا الذي يقود الى "قوى الحرب"لذلك رفض تورين أطروحة "ماركيوز"الذي قال ان التكنولوجيا ابتلعت كل شيء وحولت الانسان الى سلعة.

وفي مجال استبداد التكنولوجيا يقول الفيلسوف رسل " ان من سوء الحظ ان يضع العلم الحديث في ايدينا وسائل قوية لاشباع غرائزنا المخربة ، فلم تدرس مع مزيد الاسف مشكلة ايجاد سلم موطد بين غرائزنا المخربة هذه وبين ضرورة توجيهها انشائيا، وقد اخذت هذه المشكلة بالتعقيد مع تقدم العلم وزاد نتيجة لذك تقدم الجانب المخرب بالنسبة للجانب الباني ، وذلك لان الانسان في الوقت الحاضر يستطيع ان يقتل ما يقرب من نصف مليون شخص في لحظة قصيرة ، بينما لا يستطيع الانسان انتاج الاطفال الا بالسرعة التي كان اسلافه ينتجونهم بها، ولما كان الانسان لا يستطيع خلق نصف مليون طفل بالسرعة التي تنسف فيها القنبلة الذرية مثل ذلك العدد من الناس، اصبح الاعتماد على النشاط التطوري للانسان في الوقت الحاضر غير كاف لحفظ النوع فلا بد من وجود التطور الاجتماعي" وهنا يقول نوري جعفر في نفس السياق معتبرا ان الحروب الكثيرة التي اعتمدت على العلم ومنتجاته حدت بالكثير من المفكرين المعاصرين ، وفي مقدمتهم الاستاذ رسل ، الى ان يصموا العلم بأنه اداة هدامة، لقد فرض بعض مفكري القرن التاسع عشر بان تقدم العلم سوف يقضي على الفقر والجهل والمرض وسيزيد من التفاهم والتعاون بين الاجناس البشرية ويعتبر العالم نوري جعفر ان كلا الرأيين فيه تطرفا وشيئا من الصواب في الحكم اما وجه الصواب فناتج عند حملة الرأي الثاني عما قام به العلم من التثقيف والقضاء على كثير من الخرافات ومساعدته في جعل الامم تتعاون اكثر من قبل في مكافحة الطواعين والامراض المعدية ، ودرجة الصواب عند دعاة الراي الاول هو اثر العلم الحديث في الحروب والتدمير .
غير ان هناك خطأ مشتركا يشير اليه العالم نوري جعفر عند اصحاب هذين الرأيين هو ان حسنات العلم وسيئاته ليست متعلقة بالعلم نفسه ولكنها تتبع قصد الشخص الذي يستعمل العلم، فليس العلم مسؤولا ع ذلك (ان خيرا وان شرا) وانما المسؤول هو الانسان الذي يستعمل العلم، فالطائرة مثلا لا تلقي من نفسها القنابل على المدن المكشوفة في الحرب كلا ولا هي من نفسها تنقل المسافرين او تسعف المرضى بالادوية والطعام وانما هي الة تفعل هذا وذاك تحت امرة من يوجهها من الناس، فالعلم سلاح ذو حدين (مثل النار او الماء) قد يكون سيدا عنيدا او خادما مطيعا للناس، ثم ان سوء استعمال العلم لم يكن كما يدعي برتراند رسل ناتجا عن غرائزنا المخربة وانما ينتج كما يقول نوري جعفر عن تأخر مقاييسنا الخلقية وسوء انظمتنا الاجتماعية والسياسية اذ ليست الحرب ظاهرة نفسية بقدر ماهي حادثة اجتماعية ، ولا يتحارب الناس لانهم مزودون بغريزة المقاتلة بل يتحاربون لتضارب مصالحهم الاقتصادية والسياسية . " والملاحظ لراي العالم نوري جعفر يتضح له الدقة والموضوعية في قراءة هذه العلاقة بين العلم والاستبداد والتخريب من جهة اخرى فنوري جعفر عزا التخريب الذي يقع بسبب العلم ليس سببه العلم وانما سببه مستخدم العلم (الانسان) وهذه نظرة واقعية واقرب الى العقل مما قاله برتراند رسل.
اما التداخل بين الثقافات العلمية والانسانية :

ويفسر تورين هذا التداخل بين الثقافات والعنف على المستوى الدولي بانه يعود الى ابدال الولايات المتحدة رؤيتها المدنية برؤية عسكرية في علاقاتها مع الاخرين اي ما اسميته " استبداد التكنولوجيا" بحيث لم يعد في وسع الشعوب والمجموعات الاخرى "الدفاع عن نفسها الا بطريقة ذاتية تتمثل في العودة الى تأريخها او انتمائاتها العرقية ، وعندما تنمو هذه الذاتية التي تجعل من الهوية شرطا اساسيا في فراغ سياسي تنذر العلاقات بين الامم بالتحول الى حرب خصومها يتحددون بعباداتهم ودياناتهم وشرائعهم" اذن تحدي الاخرين ومحاولة السيطرة عليهم كلها جاءت بفعل التكنولوجيا وسلطتها الكبيرة في هذا المجال ، ان العنف بكافة اشكاله قد تزايد وللاسف فان للتكنولوجيا حصة الاسد في تحقيقه ويبدو ان موقف المثقفين من العنف والحروب قد طرح في الفترة الاخيرة بوصفه موضوعا مثيرا للجدل ، وقد تبين لتوماس سويل في كتابه" المثقفون والمجتمع" ان اعداد المثقفين المؤيدين للحروب بوصفها الوسيلة الانجع لحل الخلافات لا يستهان بها ، وانها ترتفع وتنخفض عكسيا حسب وتيرة العنف بمعنى انه كلما ساد الهدوء والسلام مال المثقفون لتأييد استخدام العنف في حل الخلافات وكلما زادت الحروب والدمار اخذ اولئك المثقفون يتحفظون على دعوات استخدام العنف ، وهذا ما يفسر ان المثقفين المؤيدين للحرب العالمية الاولى كان اكثر بكثير ممن كان مؤيدا للحرب العالمية الثانية ، نحن اليوم نجد ان العلم خرج عن المهمة الاساسية التي وجد من اجلها واصبح علما مستخدما للعنف كوسيلة في بعض مهامه لاسيما عندما اوجد الاسلحة الفتاكة ، فحولنا التكنولوجيا الى استبداد نعاني منه اليوم .
• الفيروسات تشكلنا من العدم وتحافظ علينا ، وبالتالي فهي تنفي عنا فرديتنا التي ندعي....!!
وفي ذات السياق حول التداخل بين الثقافات العلمية والانسانية سنكون امام الروح العلمية وهي الاساس في تطور المجتمعات ،الا ان ايقاظها على مستوى التعليم في البلاد العربية يعتبر عند بعضهم غير مقبولا، لانها تفتح اذهان الطلبة حول اسئلة علمية عميقة تتعلق بأصل الكون، اصل البشر ، اصل الحياة ، على وجه الارض، وغيرها من الاسئلة المتعلقة بنظرية التطور وغيرها والتي من الممكن ان تؤثر وبشكل كبير على وعي الطلبة ، وتاخذ بهذا الوعي نحو التطور الكبير الذي يعيشه الغرب بعيدا عن المعتقدات الدينية العتيقة التي تختلف في نظرتها بالاجابة عن اصول ما ذكرناه.
وايقاظ هذه الروح يتشكل عبر احداث الوعي حولها وكذلك تشجيع طلبة العلم، والتلامذة على حد سواء، على البحث حول اجوبة الاسئلة ، فكشوفات العالم حول هذه المواضيع ما زالت مستمرة وبقوة مطردة .
فالعلم يعتبر مثلا " انه على الرغم من خوفنا من الفيروسات بوصفها عوامل مسببة للامراض، فانها تصنع العجائب ، اذ ظلت تحدد مسار التطور منذ بداياته الاولى ، فنحو 8% من حمضنا النووي /البشر، ياتي من الفيروسات التي اصابت اسلافنا القدامى، وادخلت مورثات فايروسية الى جينوماتهم ، ويقوم بعض هذه المورثات اليوم بأدوار مهمة في المراحل المبكرة من نمو الجنين والمشيمة التي تحيط بالجنين" فكيف سيتعرف التلاميذ على هكذا افكار علمية مهمة اذا لم يكن هنالك تسليط ضوء عليها، ومتابعة حثيثة ، (( اننا نعيش في عالم من الفيروسات، فالفيروسات متنوعة الى حد يستعصي على الفهم، ووفيرة العدد الى حد يفوق الحصر ، فمن الممكن ان تحتوي المحيطات وحدها على جسيمات فايروسية ، اكثر من النجوم في الكون، المرئي وقد تحمل الثدييات مالايقل عن 320 الف نوع مختلف منها ، وعندما تضاف تلك التي تصيب الحيوانات غير الثدية والنباتات والبكتيريا الارضية ، وكل مضيف اخر )). بالتالي وحسب وصف كوامن السابق ، فما كان لحياتنا ان تستمر من دونها، ولم نكن لنخرج من الوحل البدائي من دونها، فقد نشأ من الفيروسات طولان لجزيئات الحمض النووي يستقران اليوم في جينات البشر ، ورئيسات اخرى ، ومن دونهما، وهذه حقيقة مذهلة سيكون الحمل مستحيلا وهناك الحمض النووي الفيروسي الذي تحتضنه مورثات /جينات، الحيوانات البرية ، ويساعد على تجميع الذكريات وتخزينها، وهذه حقيقة مذهلة اخرى ، في فقات بروتينية صغيرة ولا تزال مورثات اخرى مكتسبة من الفيروسات تسهم في نمو الاجنة ، وتنظيم الجهاز المناعي ومقاومة السرطان، وهي تاثيرات مهمة ، والنتيجة التي وصل اليها العلم بخصوص الفيروسات هي : انها قامت بأدوار ، حاسمة في اطلاق العنان للتحولات الكبرى ، في تاريخ التطور ، ومن شأن التخلص من جميع الفيروسات ان يتسبب في انهيار التنوع ، البيولوجي الهائل الذي ينعم به كوكبنا تماما كما يحدث لمنزل خشب عندما يقلع كل مسمار منه على نحو مفاجئ... حسب كلام كوامن .
ويستمر العلم ليجيب عن كثير من الاسئلة المهمة ، التي يجب ان يحدث الوعي حولها الناشئة اذ يجب الرجوع الى اربعة مليارات سنة ، الى عصر كانت فيه الحياة على الارض قد انبثقت لتوها من طهي غير مكتمل للجزيئات الطويلة ، والمركبات العضوية البسيطة والطاقة. ونحن امام عدة اشكال اولى من الحياة ، وهي الفيروسات التي لم تعتبر حتى الان احدى اشكال الحياة ، وتفرعت منها البكتيريا والعتائق ARCHAEA وهما نطاقان من نطاقات الحياة الخلوية الثلاثة ، والنطاق الثالث هو : حقيقيات النوى EUKARYA وقد نشأ في وقت لاحق ويشمل البشر وجميع الكائنات الاخرى ، المكونة من خلايا ذات تشريح داخلي معقد ، وهذه هي الفروع الثلاثة لشجرة الحياة ، وهنالك ثلاثة فرضيات تفسر وجود الفيروسات ادعو لمراجعتها في مقال ديفيد كوامن ،المشار اليه، وتأتي المفاجئة الكبرى لتكون الفيروسات جزءا من الجينوم البشري، وهذا ما اكتشفه (تيري هايدمان) للمورثة (سينسيتين -2) SYNCYTIN-2، فقد كان هايدمان وفريقه البحثي قد توصلوا اليها من خلال فحص الجينوم البشري(جميع حروف الشفرة البالغ 3 مليار حرف، بحثا عن امتدادات للحمض النووي تشبه نوع المورثة الذي قد يستخدمه الفيروس، لصنع غلافه ووجدوا عددا منها ، يناهز العشرين، ثبت ان اثنين منها كما قال هايدمان على الاقل على جانب كبير من الاهمية ، وكانت اهميتهما تكمن في قدرتهما على اداء وظائف الحمل الاساسية لدى البشر ، وكان هذان الوعان هما : سينسيتين -1 وسينسيتين -2.
نحن امام الفيروسات التي تدخل في خلايانا التناسلية وتؤدي دورا في نشأتنا فقد اثبتت الدراسات ان بعض الفيروسات القهرقرية تصيب الخلايا التناسلية ، ( الخلايا التي تنتج البويضات او الحيوانات المنوية ) وهي بذلك تقوم بادخال حمضها النووي في الجينوم الموروث للمضيف، وتلك الامدادات المقحمة هي فيروسات قهقرية اخلية المنشأ، (مستوعَبة) وعندما تدمج في الجينوم البشري تعرف بأسم الفيروسات القهقرية داخلية المنشأ HERVS وعلينا ان نتذكر بأن 8% من الجينوم البشري يتكون من هذا الحمض النووي الفيروسي الذي انسلّ الى سلالتنا بواسطة الفيروسات القهقرية على مر مسار التطور ، والمورثة سينسيتين -2 هي من اكثر المورثات المقحمة اهمية ، اما اصلها ووظائفها وجوهر هذا الامر يكاد يكون بسيطا على راي كوامن (فقد ولجت مورثة ساعدت فيروسا في بادئ الامر على الاندماج مع الخلايا المضيفة ، الى جينومات حيوانية قديمة، ثم عدلت بغرض انتاج بروتين مشابه يساعد على دمج الخلايا، لأنشاء بنية خاصة حول ما اصبح يعرف بالمشيمة اذ اتاح امكانية جديدة ، لدى بعض الحيوانات ، وهي الحمل الداخلي، وقد كان هذا الابتكار مهما الى حد كبير في تاريخ التطور ، اذ مكن الانثى من حمل جنينها من مكان الى اخر ، داخل جسمها، بدلا من تركه عرضة للمخاطر في مكان واحد كما هو حال البيض في العش) ويضيف كوامن (استبدلت اول مورثة من هذا النوع الناشئ من فيروس قهقري داخلي المنشأ في نهاية المطاف بمورثات اخرى مماثلة لكنها اكثر تناسبا مع هذا الدور ، ومع مرور الوقت ، تحسن تصميم هذا النمط الجديد من التكاثر وتطورت المشيمة ومن بين هذه المورثات الفيروسية المكتسبة مورثة سينسيتين -2 وهي احدى مورثتي سينسيتين لدى البشر ، التي تساعد على دمج الخلايا لتشكيل طبقة مشيمية الى جوار الرحم، وتسمح هذه البنية الفريدة التي تؤدي دور الوسيط بين الام والجنين، بدخول المواد المغذية والاوكسجين ونقل الفضلات وco2 الى الخارج، وحماية الجنين، ان هذا التصميم الفعال يكاد يكون معجزة اذ حول فيه التطور مكونا فايروسيا الى مكون بشري) وهكذا فنحن البشر من اصل فيروسي يتمثل في كوننا نحمل ما نسبته 8% من الجينوم البشري هو حمض نووي مستمد من الفيروسات القهقرية ونصفه نقلونات . يقول كوامن "لعل فكرة فردية الانسان بحد ذاتها فضلا عن تفوق الانسان ، ليست كما نميل الى الاعتقاد" ص47 م س .
وعد ان تطرقنا الى الجانب الايجابي من الفيروسات اذ هي تشكلنا من العدم وتحافظ علينا نأتي الى الجوانب السلبية منها ...
من هذه المرونة التطورية التي ساهمت بتشكيل نوعنا والحفاظ عليه " ان بأمكان الفيروسات في بعض الاحيان، تبديل العوائل، اذ تنتقل من نوع واحد من الكائنات الى نوع اخر ، وتنجح بصفتها مسببات امراض في المضيف الجديد غير المألوف ، وهذا ما يسمى بالفيض او العدوى الممتدة ، وهي الطريقة التي تنشأ بها معظم الامراض المعدية الجديدة ، التي تصيب الانسان مع فيروسات مكتسبة من مضيف حيواني غير بشري، داخل المضيف الاصلي المعروف علميا بأسم المضيف المستودع، من الممكن ان الفيروس قد استقر بهدوء ، باعداد منخفضة وتأثير ضعيف، على مر الاف السنين، وربما وصل الى تأقلم تطوري، مع المضيف المستودع، حيث قبل الامن مقابل عدم التسبب بمشكلة ، لكن داخل مضيف جديد كالانسان لايظل الاتفاق القديم ساريا بالضرورة ، فقد يتكاثر الفيروس بوفرة مسببا الازعاج او الالم للضحية الاولى ، واذا لم يقتصر الفيروس على التكاثر فحسب بل يتمكن ايضا من الانتشار ، من انسان لاخر وبين بضع عشرات من الافراد الاخرين فذاك تفشي، واذا اجتاج مجتمعا او بلدا يصبح وباء اما اذا طوق العالم فيصبح جائحة وها نحن نعود الان الى فيروس ،سارس، كوفيد الخ." .
المصادر

فرانسيس فوكوياما، التصدع العظيم النظرة الانسانية واعادة تشكيل النظام الاجتماعي، ت:عزة حسين كبة ، بيت الحكمة ،بغداد ، 2004، ط1، ص30 .
- دكتور احمد ابو زيد، الوضع الانساني في عصر التكنولوجيا، مجلة العربي ، العدد 578، يناير ،2007، ص33
- د.احمد ابو زيد، قيم جديدة لعصر جديد ، مجلة العربي، العدد 580، الكويت، مارس 2007، ص 33
- الزمان الدولية ، العدد 3904، 22/ايار / 2011، الف ياء ، ص 9
- ياسر جاسم قاسم ،اليات المفكر المصلح للنهضة بمجتمعه،جريدة المنارة ،
- فرانسيس فوكوياما، التصدع العظيم ،الفطرة الانسانية واعادة تشكيل النظام الاجتماعي ،ت: عزة حسين كبة ، دار الحكمة ،بغداد، 2004،ص89
- د.احمد ابو زيد، اتجاهات جديدة في الجريمة المنظمة، مجلة العربي، العدد 575، اكتوبر، 2006،ص32.
- مدن بعيون ليدار، دانيال ستون، ناشيونال يجوغرافيك العربية ، فبراير، 2018، العدد 89، ص 9
- مجلة عالم الفكر ، العدد 4، 2015
- المصدر السابق نفسه.
- فوكوياما، نهاية الانسان ،عواقب الثورة البيوتكنولوجية ، ص212
- المصدر نفسه، ص304
- موران ادوجار، بودريار ، جان :عنف العالم، ت: عزيز توما، ابراهيم محمود، دار الحوار للنشر والتوزيع ، اللاذقية ، 2005، ص158
- الان تورين ،براديجما جديدة لفهم عالم اليوم ، ص136
- الان تورين ، مصدر سابق.
- الان تورين نقد الحداثة ، ت: انور مغيث ، المجلس الاعلى للثقافة ، القاهرة ، 1997، ص135-136
- المصدر السابق نفسه، ص206
- الان تورين ، براديجما جديدة لفهم عالم اليوم، ص30
- د.رشيد الحاج صالح ،العودة من المجتمع الى الفرد، المقولات الثقافية لفهم عالم ما بعد الحداثة عند الان تورين، مجلة عالم الفكر، العدد4، م3،ابريل (يونيو) ،2015، ص68
- هامش للدكتور نوري جعفر ورد في كتاب السلطة والفرد لبرتراند رسل والذي ترجمه العالم نوري جعفر ، بغداد، الجمل، 2005، ص33.
- المرجع السابق، ص64
- مجلة ناشيونال جيوغرافيك، العدد 25، هكذا ترسم الفيروسات معالم عالمنا، ديفيد كوامن، ابو ظبي، 2021 ، ص 28.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم