الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حان وقت التغيير

صلاح بدرالدين

2022 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لن يعيد البكاء على الاطلال مانتمناه ، ولن تستقيم الأمور بالانتظار ، ولم يعد الترقيع حلا للازمة المتفاقمة في حركتنا السياسية ، علينا مواجهة الواقع المرير بحلول جذرية حاسمة ، لاعادة البناء ، والتوحيد ، واستعادة الشرعية ، ولم يبقى امامنا سوى التمسك بمشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع .
قبل نحو سبعين عاما كان الكرد السورييون ينتظرون بفارغ الصبر ولادة حزبهم المنظم الأول ، ولم تكن ولادة قيصرية ، بل طبيعية ، تم التمهيد لها نحو عشرين عاما بعد توقف حركة – خويبون – بطرق شتى ثقافية ، اجتماعية ، فكرية ، حتى توفرت الشروط الذاتية ، والموضوعية ، والتأم الشمل بين كرد جميع المناطق ، ومختلف التيارات ، والاطياف ، اما الآن فالكرد السورييون يضعون أياديهم على قلوبهم قبل شروق شمس كل يوم ، خشية اعلان حزب كردي جديد .
وقبل اكثر من خمسين عاما كانت النخب القومية السياسية ، والثقافية الحزبية والمستقلة ، تحرص على سلامة مسار حزبهم ، والحفاظ على خطه النضالي ، وان دعت الحاجة المساهمة في تصحيح أي اعوجاج ، والتصدي لاصحاب النوايا المبيتة في تحريف وجهة الحزب نحو الولاء للسلطة ، او التخلي عن المسلمات المبدئية حتى ضمن صفوف القيادة ، وكان الجمهور الوطني اللاحزبي حريصا على وحدة الحزب ، واستمراريته ، ونقائه ، بقدر أعضائه ، اما الان فاللامبالاة سيدة الموقف امام انقسامات الأحزاب ، وصراعاتها ، ومعاركها البينية بالوكالة ، ولم تعد اخبارها مثار اهتمام يذكر .
وقبل عقود كان الصراع الدائر في الحركة الكردية السورية وبكلمة أوضح بين حزبيها ( اليسار واليمين ) يدور حول فكر الحركة ، وسياساتها ، وتعريف نضالها ، وتحديد خياراتها المصيرية : هل كرد سوريا شعب من السكان الأصليين يقيم على ارض الإباء والاجداد ، ام اقلية مهاجرة ، هل ان النضال القومي الكردي جزء من نضال القوى الديموقراطية السورية من اجل إزالة الاستبداد وتحقيق التغيير الديموقراطي ، أم مجموعة موالية للنظام ، هل الحزب والحركة بمعنى أوسع حريص على تعزيز البعد الكردستاني ، ومع قيادة البارزاني الشرعية في كردستان العراق أم مع الفئة المنشقة عن الثورة ، اما الان فلاخلافات جوهرية ، بين احزاب الصراع الكردي الكردي ، الاختلاف حول المصالح الحزبية ، والنفوذ ، وتقاسم السلطة ، وواردات النفط والمعابر .
وفي المراحل الأولى – ونحن عشناها – كان الحرص شديدا على تلمس وانتهاج دروب بناء العلاقات الوطنية ، والقومية ، والإقليمية ، والاممية ، على الأسس السليمة ، من موقع شعب ، وقضية ، ومن دون الافراط باستقلالية القرار ، او التنازل عن المسلمات المبدئية ، مع تحريم أية علاقة مع الأنظمة في الدول الغاصبة لوطن الكرد ، اما منذ عدة عقود وحتى الان وبعد حلول مرحلة الانحطاط ، فالامور تجري بصورة معاكسة على أيدي الأحزاب التي فقدت الاستقلالية ، واجتازت الخطوط الحمر ، بل واساءت للانجازات السابقة ، وتجاوزت الثوابت القومية ، والوطنية ، ومن دون تحقيق اية مكاسب لمصلحة الشعب ، والوطن .
في سنوات ازدهار النضال المبدئي ، والثوري المعارض للدكتاتورية ، والاستبداد ، والمطالب بتحقيق إرادة الكرد السوريين لمصيره السياسي ، والإداري ، في اطار سوريا الديموقراطية الواحدة ، كان بناء ( الجبهات ، والتحالفات ) مطلبا ملحا بين اطراف يجمعها مشروع قومي ، وطني ، ديموقراطي ، واضح ، وموئلا لمختلف الاطياف التي تجمعها المشتركات اكثر مما تفرقها الاختلافات ، واليوم لاتختلف الأحزاب حول الأفكار ، والمواقف المبدئية ، ولو وجدت لكانت تفاصيلها مطروحة في وسائل الاعلام ، بل بشأن صغائر الأمور ، وأحزاب طرفي الاستقطاب تتشابه في عدم الاستقلالية ، والموقف من النظام ، ومخالفة وحدة الحركة الكردية عبر المؤتمر الجامع ، وحول المشروع الكردي .
في حالة التشظي الراهنة ، والانقسامات ، وتوالد الأحزاب التي لا طعم ، ولالون ، لها لن تكون الدعوة الى جمعها في ( جبهة ) واحدة خيارا سليما ولن يكون حلا للأزمة ، وفي الظروف المشخصة الان بغلبة بعض الأحزاب وتحكمها بالسلطة ، والعسكر ، والمال لن تكون هناك جبهات ديموقراطية بل ستكون نسخة سيئة من جبهة النظام ( الوطنية التقدمية ) ، والحركة الكردية تمر بظروف استثنائية ، وتحتاج الى خطوات استثنائية للانقاذ ، فماهو قائم ، من بنى تنظيمية فوقية حزبية يضر ولاينفع ، ولابد من تفكيكه ، وإعادة بنائه من جديد عبر الطرق المدنية الديموقراطية ، ومن خلال المؤتمر الجامع المنشود .
الفرق شاسع بين الحفاظ على الامر الواقع ، وبين البحث عن بديل متجدد ، ففي الخيار الأول ، وبعد الاصطدام بالجدار المسدود ، واستنفاذ طاقات الاستمرارية ، وحجج البقاء يتم اما الرجوع الى الخلف ، بالاستنجاد بالامجاد حقيقية او مصطنعة ، او مستعارة لافرق ، ويستتبع ذلك تسعير الصراعات البينية ، واضافة مواد جديدة شديدة الاشتعال ، ثم تثار العصبيات الآيدولوجية ، وحول المراجع ، والمصادر ، والشرعية ، لتصل الى حدود الاستعانة باطراف خارجية ، والاستقواء بهذا الشفيع ، وذاك المانح ، ويبقى الكردي السوري طوال المأساة وقودا في معركة الاخرين ، لاناقة له فيها ولاجمل كمايقال .
وفي الخيار الثاني وبسبب حالة العجز والجمود المشار اليها أعلاه ، ، يحصل الهروب الى الامام ، على شاكلة ( الخروج من الجلد ) ، وتناسي الماضي من دون إمكانية امحائه من الذاكرة ، والانقلاب المفاجئ على كل المشهد القديم ، وتقمص لبوس مختلفة تماما عن الألوان الحقيقية ، يجري كل ذلك بصورة مصطنعة ، وبشكل مسرحي مفضوح ، ومكشوف .
لو صفت نوايا قيادات الأحزاب ، واتسمت بشئ من الواقعية ، ولو قليل من الجرأة الأدبية ، والأخلاقية ، لما لفت ودارت هذه المسافات ، ولما كلفت تلك الجهود ، والامكانيات فقط من اجل تحسين الصورة ، وعدم الاعتراف بالفشل ، والإصرار على السير في طريق الخطأ ، والتضليل ، الطريق الأقصر والاشرف هو الاستجابة لارادة الغالبية الوطنية ، والخضوع للمصلحة القومية ، والوطنية ، وقبول المؤتمر الكردي السوري الجامع حكما ، وحلا ، ومرجعا ، وبخلاف ذلك ، فان الخيارات الأخرى لن تجلب الحلول لازمة حركتنا ، ولا لقضيتنا ، ولن تكرس الشراكة المصيرية مع السوريين ، ولن تعزز أواصر العيش المشترك مع المكونات الوطنية ، ولن تفرض طرفا بعينه ممثلا مفوضا من الكرد السوريين خاصة اذا كان ذلك الطرف حزبيا ، ومدعيا ، ومتلونا ، وغير مقبول ، وفي ذمته العديد من المخالفات السياسية ، والقضايا الجرمية ، والانتهاكات ، والتجاوز على الأموال العامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة