الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكران الوطن

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


أعتقد أن " مسألة الوطن "هي من المسائل الرئيسية التي تُشغل بال المهاجر في المَهجر ، انعكاسا لسيرورة تقوده تدريجيا إلى ما يشبه مأزق وجودي ، نتيجة تقلص الروابط التي تشده لبلاده الأصلية من جهة و ابتعاد أبنائه عنه و عجزه عن مواصلة الظهور على غير ما هو في حقيقته من جهة ثانية . من البديهي أن المقصود هنا ليس الهجرة الموسمية و الموقتة و إنما الدائمة حيث تكون الرجعة مستحيلة أو غير مبررة دليلا على النكران .
من البديهي أن الوطن هو أكثر من مجرد مكان . فما يضفي عليه خصوصيته هو المجتمع الوطني الذي تكوّن في ارجائه و العِشرة المتاحة و التشارك في تنظيم العيش و تأمين متطلباته بحيث يشعر المرء بأن نوعا من العلاقة الوجدانية و المادية قائمة بينه و بين الآخر في الوطن ، وهي قابلة للتفعيل بحسب الظروف .
أما النكران فيتولّد عن تحول الوطن ، بدءا من مستوى القرية و المدينة حتى يشمل البلاد كلها ، إلى مجرد مكان يعيش فيه جمع من الناس لا يشكلون في الواقع مجتمعا وطنيا ، وعن تبدّل العلاقة الإجتماعية التشاركية بعلاقة تكاذب و احتيال و سلب و تطاول على حقوق الغير . بكلام آخر ،حيث يُقهر و يُذل الإنسان ، تصير البلاد " مكانا " فقط ، للزعيم و الحاكم و عراب المافيا ، .
لا نجازف بالكلام أن الحاكم الغاشم يفترس " الوطن " عتدما يحتل مساحة البلاد من أقصاها إلى أقصاها، و يفعل مايشاء دون خوف من حسيب أو رقيب . يستنير في قصوره بالكهرباء بينما الناس يعيشون في عتمة ، تتدفق المياه في حدائقة بينما الناس محرومون من مياه الشفة ، يقيم حراسه حلقات الدبكة احتفاء بتراكم غنمائمه وانجازاته التي "لا تحصى "، بينما الناس يقفون ساعات طويلة في طوابير أمام الأفران و محطات توزيع المحروقات .
مجمل القول أن الإنتماء الوطني ينبني على مبادئ لا يمكن التفريط بها في مقدمها المساواة و العدل و التشارك و التضامن والأخلاق الحسنة . ينجم عنه أن النكران مشروع حيث لا يتقيد بها الناس و حكامهم و ملوكهم و أمراؤهم . يقوم الوطن بجهود المجتمع الوطني ، اما حوكمة الحاكم "مدى الحياة" ، و الملك و الأمير فأنها توصل حكما إلى خراب البلاد و تفكيك المجتمع ، و سقوط الدولة .
تجدر الملاحظة في الختام إلى أن سلطة الحكم في كثير من البلدان تخلت عن بعض المبادئ التي أشرنا إليها أو عنها جميعا ، و بالتالي فإن المسافة التي تفصلها عن الهاوية تتناقص بتناسب عكسي مع عدد المبادئ الوطنية المفقودة و أوليتها . فمن نافلة القول في هدا السياق أن الوطن العربي " سقط منذ السبعينيات بينما " الوطن الأوروبي " آيل للسقوط بعد حين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة