الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصنيف الائتماني لمصر والمديونية الخارجية

احمد البهائي

2022 / 6 / 5
الادارة و الاقتصاد


ما نخشاه الان ان تخرج علينا وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني بتقرير قد يكون مشابه او اكثر سوء من تقرير وكالة موديز الاخيرعن الحالة الائتمانية لمصر،فقد خفضت موديز نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، ويعكس هذا الخفض تزايد المخاطر بشأن قدرة مصر على امتصاص الصدمات الخارجية لما له من تداعيات على الاستقرار المالي لمصر،هذا هو ما استندت اليه وكالة موديز في تقريرها،وهذا يعني ان التصنيف الائتماني لمصر قد يقع تحت جدول المراقبة والتعديل من جديد ،مع العلم ان ابقاء تصنيفها الائتماني لمصرللمرة الرابعة على التوالي عندB2 اي عند الدرجة الخامسة عشر في جدول التصنيف يؤكد ان الاقتصاد المصري مازال في المنطقة الغير مرغوب فيها من قبل المستثمرين باعتباره ذات مخاطرة وقد تصل الى عالية ، ويقع تحت خانة التصنيف غير استثمارية بثلاث درجات ، بإعتبار ان الوضع المالي للمقترض يتغير بشكل واضح وملحوظ ، وان القدرة على الوفاء بالتزاماته المالية حاليا قد تكون ممكنة ولكن سيواجه شكوك مستمرة وامور متعثرة تواحهه قد تؤثر على دفع التزاماته المالية .
حيث تعتبر وكالة ستاندرد آند بورز، إحدى أشهر وكالات التصنيف الائتماني عالميا، ومقرها في الولايات المتحدة ، كونها تسيطر هي ووكالة موديز على تصنيف أكثر من 80 % من إصدارات الدين حول العالم ، وقد صنفهما مجلس أوراق المال الأمريكي كأهم منظمة معايير إحصائية وطنية معترف بهما وموثوق في تقاريرهما وتوصياتهما الائتمانية، فقد اكدت وكالة ستاندرد آند بورزفي اخر تقرير لها تصنيف مصر عند BB مع نظرة مستقبلية مستقرة ، حيث دائما وابدا تربط وكالة ستاندرد آند بورز تقييم تصنيفها الائتماني لمصر بمجموعة من النقاط من اهمها *مدى مقدرة الحكومة على التوسع في الاقتصاد بشكل يطابق او قد يفوق توقعاتها،*الاستمرارية في برنامج الاصلاح الاقتصادي وقياس مدى نجاحة من خلال امكانية توفير التمويلات الداخلية والخارجية التي تحتاجها الحكومة،* قدرة الحكومة على تقليل الدين العام من سنة الى اخرى بحيث الا يتعدي 50% من الناتج المحلي الاجمالي مع العلم أن حجم الدين المصري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وصل إلى 93.5% في السنة المالية 2022 ،* عدم حدوث ضغوط تضخمية تؤدي إلى زيادة مخاطر الاضطرابات المحلية أو عدم توفر دعم التمويل الخارجي ،* عدم ضعف السيولة الخارجية وعدم الاعتماد بشكل كبيرعلى الاستثمار الغير مباشر وعلى استثمارات غير المقيمين في سوق السندات المحلية حتى لا تتحول الاستثمارات في النهاية الى قروض تضخمية، *عدم انخفاض رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي ،* مدى العلاقة مع صندوق النقد الدولي وحجم رضا الصندوق عن الحكومة.
اذا ما نخشاه كما حدث في تقريرها 14 مايو 2016 نتيجة العجزاوعدم الوفاء في تحقيق نقاط التقييم ان تخرج وكالة ستاندرد آند بورز بتصنيفها للاقتصاد المصري لمستوى طويل الاجل ومستوى قصيرالاجل كلا على حدة وليس اجمالي تحت درجة B لكلا منهما مع نظرة مستقبلية سالبة بدلا من مستقرة للمستوى طويل الاجل،وقتها ستكون واقعة مؤلمة للتصنيف الائتماني لمصر،
هذا ما نخشاه بالفعل ، لما له من تأثير سيئ على عملية الاقتراض من الخارج وجذب الاستثمارات ،فجميع دول العالم تقترض من الخارج ولكن كل ذلك يتوقف على قوة اقتصادها الذي ينعكس بوضوح من خلال تقييم تصنيفها الائتماني ، حيث عودتنا الحكومات المصرية المتلاحقة اللجوء الى الاقتراض من الخارج لسد الفجوة في مواردها المحلية، تلك الفجوة الناشئة في مقامها الاول ، نتيجة اختلال وعيوب في هيكل الاقتصاد ، وعلى رأسها الاختلال الحاصل نتيجة زيادة حجم الاستثمارات التي تنفذها الحكومة عن حجم المدخرات المحلية التي دائما في عجز عن تمويل المشروعات .
فمن يراقب الحالة خلال السنوات الماضية ، يجد ان الحكومة تحولت من حالة الافراط في الاعتماد على القروض الخارجية لسد فجوة الموارد المالية الى حالة الادمان عليها ، رغم شروط الاقتراض المجحفة وارتفاع اسعار الفائدة عليها وقصر فترة السداد ، حيث تلجأ حكومات الدول الى الاقتراض الخارجي من اجل اقامة مشروعات تتطلبها عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لتوفر من خلالها موارد مالية تستخدم لمزيد من التنمية ولسداد اقساط القروض وفوائد الدين ،وبالتالي جعل الدول ليست في حالة الى مزيد من الاقتراض من الخارج مرة اخرى ، لكن ما يحدث في مصر هو العكس تماما ، وقد يكون ذلك راجع لعدة اسباب ، منها فساد متعمد صاحب عملية التنمية او تسيير توزيع القروض ادى الى زيادة حجم وقيمة القروض الخارجية عن الحجم الامثل للاحتياجات ، او سوء الادارة وتخطيط غير سليم في تقدير الاحتياجات الفعلية من القروض ، مما يؤدي إلى سوء استخدامها وتوظيفها في تمويل مشروعات منخفضة الإنتاجية اوقد تظهر انتاجيتها المنخفضة بعد عدة عقود اوقد تكون عديمة الانتاجية أو استخدامها في تمويل الإنفاق الاستهلاكي على حساب الانفاق الاستثماري بطرق غير مباشرة، مما جعل الاقتصاد المصري عرضة لمشاكل مالية واقتـصادية نتيجة عجزها عن الوفاء بالالتزامات الناشئة عـن تلـك القروض .
من خلال مؤشر رصيد المديونية الخارجية الى الناتج المحلي الاجمالي يمكن ان تعرف مدى تأثيرالاقتراض من الخارج على حالة الاقتصاد المصري رغم ما يقال ان وضع المؤشربالنسبة لمصر في امان ،حيث الارتفاع الكبير في حجم الدين الخارجي(145.5مليار دولار)يشير الى ارتفاع نسبته الى اجمالي الناتج المحلي الاجمالي للتجاوز النسب التي حددتها وكالات المال العالمية، حيث النسب التي تقوم على مقومات داخلية وخارجية نجدها لا تتوفر في الاقتصاد المصري،لتقترب من نصف حجم الناتج المحلى الاجمالي لمصر،مما يشير الى ان الزيادة في قيمة فجوة الموارد المحلية باتت مقلقة للغاية .
ايضا من خلال مؤشر رصيد المديونية الخارجية الى الصادرات،ذلك المؤشر الاكثر اهمية عند بيوت المال العالمية ووكالات التصنيف الائتماني عند تقييم اي اقتصاد ،يتضح ان الصادرات المصرية مدينة ،وان المديونية الخارجية لمصر تقع في خانة الديون "المتفاقمة "،لتجاوزها النسبة الدولية المتفق عليها 200%وهى النسبة التي تكون عندها الديون الخارجية في خانة الديون المعتدلة ،حيث في مصر تجاوزت 350% وهى نسبة الديون المتفاقمة لتصل الى 450% ،هذا يعني ان حصيلة الصادرات من موارد النقد الاجنبي لا تفي بتمويل واردات الدولة،وبالتالي اللجوء الى الاقتراض من الخارج من جديد لسداد اقساط القروض وفوائد الدين .
لنقول في عجالة،ان الاقتصاد المصري قد يعود الى مربع الصفر من جديد ،رغم ما قيل عن ان هناك انجازات حققها برنامج الاصلاح الاقتصادي ، طالما تلك الاصلاحات بعيدة كل البعد عن علاج الاختلالات والعيوب الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري منذ عقود ،وخاصة * الاختلالات الخارجية الناجمة عن الزيادة في حجم المديونية الخارجية والزيادة في أسعار الواردات (السلع التامة الصنع والنصف مصنعة ومستلزمات الانتاج )، نتيجة لحالة الجمود التي يعانيها جهاز الإنتاج المصري ومحدودية العرض الحقيقي من السلع والخدمات، مما ترتب عليه لجوء الحكومة إلى التوسع في الواردات من الاسواق الخارجية لتلبية الزيادة المستمرة في احتياجات السكان من السلع والخدمات، مما ساهم في انتقال الزيادة في أسعار السلع والخدمات من الأسواق العالمية إلى الاقتصاد المصري،مما جعل تلبية الاحتياجات من الواردات تستنفذ الجزء الاكبر من الاقتراض من الخارج ، كما ساهمت الزيادة في حجم المديونية الخارجية في ظل محدودية حصيلة الاقتصاد المصري من النقد الأجنبي إلى عجز الاقتصاد عن سداد أعباء المديونية الخارجية من أقساط القروض والفوائد ، *ايضا الإختلالات فـي هيكـل الاسـتثمار فـي الاقتصاد المصري،حيث الاختلال الواضح في علاقة النمو بين قطاعات الاقتصاد المصري،وهذا ما تجده في قطاع التوزيع والخدمات حيث تحول المستثمرين اليه على حساب الاستثمار في قطاع الانتاج السلعي والصناعة والسياحة،ويرجع الانخفاض في حجـم الاسـتثمارات المنفـذة فـي مجالات الإنتاج السلعي والصناعي إلى عدة عوامل ، ترجع الى ارتفاع تكاليف التمويل،على رأسها ارتفـاع تكاليف استيراد المواد الأولية والسلع الوسيطة الداخلة في العملية الإنتاجية عقب تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية او مايسمي تعويم العملة ، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع أسـعار بيع السلع المنتجة محليا مقارنة بالسلع المستوردة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع الطلب داخل البلاد علـى الـسلع المستوردة في مقابل انخفاض الطلب على السلع المنتجة محليا مما ساهم في انخفاض الحافز لدى المستثمرين للاستثمار في مجالات الإنتاج السلعي،كذلك عامل الإصدارات المتوالية من أذون الخزانة وارتفاع العائد عليها ادى إلى قيام البنوك التجاريـة بالاستثمار فيها على حساب الاستثمار في الانتاج السلعي والصناعي ،وتحويل المستثمرين من خارج البلاد الى الاستثمار فيها على حساب الاستثمار المباشر نتيجة الكسب السريع المتمثل في العائد المرتفع مما تسبب فـي انخفـاض المـوارد الماليـة اللازمـة لتمويـل المشروعات الاستثمارية، ايضا عامل قيام البنوك داخل مصر بتقديم قروض وتسهيلات قصيرة الاجل نتيجة اسرعة دورانها وارتفاع ارباحها على حساب تقديم قروض طويلة الأجل للمشروعات الاستثمارية في قطاعات الإنتاج السلعي،ايضا عامل مهم التدهور المستمر في القوة الـشرائية للعملة الوطنية، والذي على اثره أفقد البنوك المحلية والوطنية جزءا كبيرا من قدرتها التمويلية مقيمة بالدولار الأمريكـي وصـلت 80% .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024


.. باريس تأمر الشركات المصنعة بإعطاء الأولوية لإنتاج صواريخ أست




.. اقتصادي ورفيق بالبيئة... فرنسا تعرض الجيل الجديد للقطار فائق


.. الأمير محمد بن سلمان: نمو الاقتصاد الرقمي بالسعودية 3 أضعاف




.. أسعار الذهب تواصل الانخفاض فى مصر والجرام بـ 3070 جنيه