الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صباح عراقي

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2022 / 6 / 5
كتابات ساخرة


تغفو عيون العراقيين في الليل في اخر النهار بحثا عن راحة النفس و الجسد بعد يوم مضني و مزدحم بالاحداث اليومية التي تتكرر يوميا وكأنها مهام وهموم واجبة التنفيذ و يجب التعامل معها ، معضمها مشاكل عليه ان يجد الحلول لها و وظائف عليه ان يؤديها لتستمر الحياة الى يوم اخر جديد ، العراقي يؤدي مهامه اليومية متأملا و متفائلا بأن يحصل ما يغير نمط الحياة المزدحمة بالاحداث اليومية الموسومة بالقلق و التوتر مع شيء كثير احيانا من الخوف وغياب راحة البال لمختلف مستويات المعيشة الاجتماعية.
العالم متفق على ان واحدة من نِعم الخالق الى البشر هي النوم ، الذي يعطي الانسان تجديد لنشاطه و حيويته ، و تبدأ احلام العراقي و تفاؤلاته في اول لحظات نومه وكله أمل ان لاتنقطع الكهرباء ليهنأ بنوم هاديء ، كي يبدأ يومه الجديد من جديد على أمل انه قد استعاد بعض من النشاط والحيوية التي استهلكها في النهار السابق ، فينام و هو مشغول البال في ما سيحصل غدا و تتصارع احلامه في الامل و التفاءل بأن سيصحو على عالم افضل ، ثم يغفو وينام و يحلم.
من افضل واسعد لحظات الصباح عند العراقي حين يصحو على صوت منبه سيارة الازبال الذي يصم آذان من هم في داخل البيوت ، فتجد الكل يسعى و بنشاط الى اللحاق بالزبال لأستثمار مروره مع سيارة جمع النفايات ليتخلص من نفايات المنزل و خصوصا فضلات المطبخ ، اما اذا جاء منبه عربات تجهيز الغاز بعده او قبله واحيانا (معاً) فتلك الفرحة الأعظم رغم ان عليه ان يصحو بسرعة و يستعد بالهندام الملائم ليسرع الى التلويح الى سائق عربة الغاز الذي قد لايسمع صوت صاحب المنزل بسبب ضوضاء المنبهات ويمر بسرعة وتذهب محاولة اللحاق بعربة الغاز سداً ، واذا اسعفه الحظ فعليه حمل او دحرجة أنبوبة الغاز الفارغة ليستبدلها بالمليئة ، وطبعا عليه ان يدخل في جدال ومفاصلة مع صاحب عربة الغاز للوصول الى سعر مرضٍ ومقبول مع الدعاء الى الله ان تكون انبوبة الغاز مليانة و مليانة بغاز التدفئة و الطبخ وليس سوائل اخرى فقط لزيادة الوزن .
او قد يصحو العراقي بأن يفتح عينيه وهو يتأمل السقف وقد غرق في سريره وهو يتصبب عرقا بسبب حر الصيف الشديد وانقطاع الكهرباء وان عليه ان ينهض لتشغيل المولدة لان صاحب مولدة الشارع لا يشغل صباحا و ينتظر لتشغيلها أشتداد الحر بعد الظهر ، وكم كبيرة هي الفرحة حين يصحو بوجود الكهرباء الوطنية ، لكن هذه الفرصة قد تنقلب نقمة اذا صحى وكانت الكهرباء الوطنية شغالة لكنه مع ذلك غارق في سريره بعرق حر الصيف ليفهم و يستنتج بعد لحظات ان المبردة تدفع هواء حار ، فتتراكم الاحتمالات في رأسه لعدد من الفرضيات و الاسباب التي سببت ذلك ، والطامة الكبرى حين ينهض ليجد ان سبب ذلك هو انقطاع الماء و نفاذ خزان ماء سطح المنزل . اما اذا كانت المشكلة في مبردة الهواء فعليه ان يعيد حساباته لتخصيص وقت فورا لعلاج مشاكل الصيانة و التصليح . كل هذه الاحداث و الاحتمالات اصبحت بديهيات ، شطبها العراقيين من قائمة الهموم واعتبروها روتين يومي يحيا معه العراقي بكل ود و حميميه حتى باتت تشغله عن هموم الدنيا و تطورات الحضارة كما في أمم و شعوب العالم المختلفة التي تنعم بالخدمات التي توفرها لهم حكوماتهم .
هذه هي اهم ما يفرح به العراقيين حين يبدأون صباحهم ، ويشعرون بسعاد ما بعدها سعادة اذا كانت الامور ايجابية في معظم الاحداث الصباحية اليومية ، واذا تجاوز العراقي هذه الهموم الصباحية فأنه سيتفرغ ويستعد بعدها لمئات الهموم اليومية التي سيواحهها في الشارع و محل العمل والعلاقات في التعامل مع الشخوص التي سيواجههم خلال اليوم ، وهناك احتمال ان العراقي اذا تجاوز هذه الهموم الصباحية كلها ، فأنه قد يصحو على غبار محلي او عاصفة رملية تحجب الرؤيا و قد تحجب الهواء للتنفس والاحساس بالحياة في ضل الحرية المزيفة التي يتغنى بها القذرين من حكام الوطن و سياسييهم و معمميهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الفنان الراحل أحمد سامي رحمة الله عليه ??


.. من سوريا إلى الولايات المتحدة.. رحلة شغف بالموسيقى والجيتار




.. فنان بولندي يحتج وحيدا أمام السفارة الإسرائيلية في وارسو


.. أحمد بدير وإدوارد يؤديان واجب العزاء في زوج الفنانة بدرية طل




.. برغم إصابة قدامها الفنانة وفاء عامر تقدم واجب العزاء في زوج