الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسداد أم اتفاق ؟!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2022 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بدا واضحاً أن الانسداد السياسي السائد، يسهل إنهاؤه بتفاهمات تضع مصلحة الوطن فوق كل شيء من خلال تشكيل حكومة اتفاق بالذهاب إلى حكومة أغلبية موسعة، يشارك فيها من يرغب بالمشاركة، لكن بعد تحديد الكتلة النيابية الأكثر عدداً.
إن إصرار التحالف الثلاثي على المضي بسياسة الاقصاء وكسر الارادات المرتبطة بشكل أو بآخر بأجندة خارجية ، يعني أن الانسداد السياسي سيكون هو سيد الموقف وما ينتج عنه من هزات اجتماعية وامنية تعرض سيادة البلاد واستقلالها لأخطار جدية.
خطورة الأمر تكمن في إخفاق أطراف التحالف الثلاثي في الاستئثار بكل شيء تحت واجهة حكومة أغلبية وطنية، وفشل الأكراد بالتوصل إلى حلول توافقية حول المناصب في كردستان والرئيس المقبل للبلاد ، إذ أن إصرار الديمقراطي على التنافس على منصب رئاسة الجمهورية جاء كردة فعل على إصرار الاتحاد الوطني على الحصول على منصب محافظ كركوك ومناصب أخرى في الاقليم مقابل التنازل عن ترشيح برهم صالح تحديدا دون غيره

انعكست الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين حول المناصب المخصصة للأكراد داخل منظومة المحاصصة، توترا على سياسة المحاور والاستقطاب التي باتت تهيمن على الساحة السياسية في عموم العراق مع بروز أزمة بين الطرفين حول الانتخابات البرلمانية وتوزيع المال والسلطة في الاقليم .
إن ما يجري من صراع بين الحزبين الكرديين الرئيسيين داخل إقليم كردستان، ارتد على موقف كتلة الجبل الجديد وتحالفاتها داخل البرلمان، حيث إن إصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني على الامساك بكل السلطات بيده، ونقضه لاتفاق ضمني مع الاتحاد الوطني الكردستاني بشأن رئاسة الجمهورية، أنتجت استقطابات داخل باقي المكون الكردي، وبروز قوى جديدة ترفع هذه الأيام من وتيرة معارضتها لممارسات حزب السيد مسعود بارزاني.

وبالنسبة للضلع الثاني من التحالف ، التيار الصدري، يأتي الاصرار على اقصاء الاطار التنسيقي والرهان على تفتيته رغم مرور أكثر من خمسة شهور على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي كان يفترض أن تؤدي الى تغيير حقيقي، ليزيد من احتمالات انخراط العملية السياسية الى النفق المظلم ، فالمصالح الذاتية ، والـ أنا المتضخمة غرائزياً ، وبروز اشارات عن نشوء ممالك شبه مستقلة تلقي بظلالها الثقيلة على عموم المشهد العام في العراق.
أما الضلع الثالث في هذا المثلث الاقصائي وما يسمى تحالف السيادة والخلافات الحادة التي تعصف بمكوناته، والترويج لمملكة محمد الحلبوسي في الانبار ومشروعه المعلن بشأن التطبيع مع اسرائيل، يرفع من منسوب الصراع داخل المكون السني عموماً ، وبينه وبين الكتلة الصدرية التي ترفع على الدوام شعار كلا كلا إسرائيل بحيث باتت الحديث عن انفراج قريب ، والتوصل الى حل بشأن تشكيل الحكومة المقبلة ، أمراً في غاية الصعوبة.

وبينما كان مأمولا ومتوقعا أن تفضي الانتخابات الأخيرة إلى ايجاد تغيير ملموس في العملية السياسية وشخوصها استجابة للجزء السلمي المطلبي في مظاهرات تشرين ، زاد حجم الإشكاليات التي تواجه العملية السياسية أكثر بكثير مما شهدته خلال المراحل السابقة، ما يجعل تجنب المسارات الخاطئة التي أوصلت إلى محطات حرجة ومنعطفات خطيرة، أمرًا بعيد المنال، ليضع ذلك الجميع أمام تحد كبير واختبار عسير، يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة، تنطوي على تقديم تنازلات ، ومغادرة حالة الإصرار على التشبث بالسقف الأعلى للمطالب والاستحقاقات والطموحات والاشتراطات والأنانيات التي تصب في النهاية في مصلحة أصحاب الأجندة الخارجية.

إن خطورة الأمور تكمن في إخفاق الأطراف الفائزة في العملية الانتخابية بالتوصل إلى حلول توافقية ، ففي الوقت الذي تأمل قوى الإطار التنسيقي في أن يضع التيار الصدري مصلحة الوطن القائمة سيادته على وحدة البيت الشيعي في رأس أولوياته ويتم اعلان الكتلة البرلمانية الأكثر عددا من نوابهما والمستقلين كاستحقاق سياسي وانتخابي، يبقى على الفرقاء الأكراد التوصل إلى صيغة توافقية بينهما ، حتى لا يكرس صراعهما على المناصب حالة الاستقطاب السياسي الحادة ليس في كردستان وحسب بل في عموم البلاد ، و حتى لا تساعد في حالة الانقسام بين أطراف المكون الشيعي، وتفرض بالتالي الاصطفاف إلى جانب طرف كردي على حساب الطرف الآخر.
المطلوب من الأكراد والسنة في التحالف الثلاثي إدراك أن نجاح طرفي الشيعة الرئيسين في التفاهم والتوافق على آلية تشكيل الحكومة المقبلة، ومن يتولى رئاستها ومن يساهم بتشكيلها، من شأنه أن يفضي إلى حلحلة عقدة رئاسة الجمهورية.
من هنا فإن الانسداد السياسي السائد من الصعب إنهاؤه من دون تفاهمات الفرقاء في كل الفضاء الوطني، سواء من خلال تشكيل حكومة توافقية، أو الذهاب إلى حكومة أغلبية موسعة، يشارك فيها من يرغب بالمشاركة، وطبيعي أن ذلك لن يتحقق ما لم يتوصل طرفي البيت الشيعي الى تفاهم يجعل في النهاية هوية الرئيس واسمه ورسمه واضحة، ولا شك أن الاتفاق على أسس صلبة وليس التوافقات الهشة والقلقة كما في الثلاثي والتي تؤدي إلى إعادة تدوير أغلب المشاكل والأزمات، هو أفضل الحلول وأقل سوءا وخطرا، من الانسداد والذهاب إلى المجهول…

* لمتابعة نجاح محمد علي على تويتر @najahmalii








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معبر رفح.. مصر تصر على انسحاب القوات الإسرائيلية| #غرفة_الأخ


.. توتر متصاعد على الحدود اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل| #غرف




.. سماع دوي اشتباكات بعد اقتحام قوات الاحتلال طوباس بالضفة الغر


.. مسيرتان في سيدني وملبورن بأستراليا للمطالبة بوقف الحرب على غ




.. حزب المؤتمر الوطني في جنوب إفريقيا يتصدر رغم فقده الأغلبية ا