الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة بغرفة العناية القلبية المكثفة

سامي الاخرس

2006 / 9 / 17
الطب , والعلوم


يوما أمضيته بقسم العناية القلبية المكثفة حسب التسمية الطبية بمستشفي ناصر بمحافظة خان يونس ، مرافقا لمريض ما ، هذه الرحلة القصيرة التي لم أتخيل بأي حال من الأحوال إنني سأعيشها وأشاهد بها ما شاهدت ، برغم كل ما أعرفه عن أحوال مستشفياتنا وما تعانيه من إهمال وسوء ولا مبالاة وجهل أطباء .... الخ ، لكن حقيقة لم أتصور أن هذه الحالة بمثل الصورة التي رأيت ، حيث بدأت رحلتي باتصال فوجدت نفسي أمام باب مكتوب عليه قسم العناية القلبية المكثفة ، أي اشد حالات الخطر بحسب معرفتي ، وقفت أمام الباب أبحث عن شخص استأذن للدخول وإذ بي أجد أفواجا تدخل وتخرج ، فغامرت ودخلت القسم وبدأت مشاهد الرحلة. قسم طبي خطير جدا حسب المسمي مقسما بقماش اخضر كفواصل بين المرضي ، وحالة من المرح والضحك والصوت العالي واختلاط المرضي بالزوار لدرجة عدم قدرتك علي التمييز بين المريض والأسر المصاحبة لأطفالها للزيارة ، تسترق السمع للضحكات والحديث بصوت أشبه بالصراخ ،فتميز أنين آتي من بعيد لأحد المرضي ، وممرض وممرضة يتسامران أمام شاشة التلفاز وكأن ما يدور لا يعني احد منهم ... واصلت مسيرتي وأنا التفت يميناً وشمالا حتى وصلت المريض الذي ابحث عنه فوجدته بأن وسط أبنائه والحال عما هو عليه .... لا طبيب ... لا ممرض ، فانتابني فضولا لأن أنظر لجهاز خاص بالقلب يعني بقياس النبضات وحالة القلب وضغط الدم .... الخ فوجدته لا يعمل رغم أن المريض علي جسدة الأسلاك المربوطة بالجهاز فتساءلت هل هو لا يعمل أم أنا لا دراية لي بعلم الطب ... ومن إجابة الإبن المرافق للمريض أدركت إنه لا يعمل ،وإنه أبلغ الممرض من أربع ساعات عنه ووعده بالحضور لفحصه .... أربع ساعات ، وهنا تولد لذهني سؤال أخر أربع ساعات ولم يأتي الممرض لفحص الجهاز فهل أتي طبيب للكشف علي الحالة أو الاطمئنان عليها ، فكان الرد لا ... تجاوزت حجم فلسفتي وانتقادي وأمضيت الساعات متفحصا الحالة ، سبع ساعات مرت وأنا اجلس بجوار المريض وكأنني بأحد صالات عرض الأفلام صراخ وحديث بصوت عال ...الخ من مظاهر الراحة الطبية ... قاربت أنوار الفجر ليوم جديد تتسربل من السماء وقررت المغادرة ....
هذه الرحلة القصيرة بوقتي الطويلة بحياة المريض ، لم أتشرف بها برؤية طبيبا أو ممرضا أتعب نفسه وحاول المرور علي المرضي أو الاطمئنان عليهم ... ولا زالت الزيارات قائمة ومتواصله ، فمتي ينام المريض ؟ ومتي يمر الطبيب ؟ وماذا لو توفي أحد المرضي ؟ وماذا لو اشتدت حالة مريض ؟
تساؤلات عديدة ورهيبة تطرح نفسها ... والإجابة حتما لدي السيد وزير الصحة ، وضمائر ملائكة الرحمة من أطباء وممرضين .
هذه رحلتي بقسم العناية القلبية المركزة ، والتي أدركت من خلالها سبب موت عشرات المرضي يوميا ، ولماذا افترسنا الإهمال والفوضى وتحولا لعنوان حياة في وطننا ، وما أدركته حقيقة سبب غضب المولي جل جلاله علينا.
فأين وزارة الصحة ؟ وأين ضمير أطبائنا وومرضينا ؟ وما هي الإمكانيات التي تطلبها هذه الوزارة ولماذا تطلبها ؟
فهل هانت علينا حياة الإنسان وتحولنا لأشخاص مجردين من المشاعر الإنسانية ،والمسئولية ، واضمحلت أخلاقنا لهذه الدرجة ، وكيف يعود هذا الطبيب أو الممرض ليضع رأسه علي فراشه ولم يشعر بوخزات الضمير الآتية من آنين المرضي وأرواحهم التي تزهق نتاج إهماله .........!!!!
رحلة تمنيت من المولي عز جلاله وشأنه أن تصعد أرواحنا إليه قبل أن تسلم لأيدي هؤلاء الأطباء والممرضين الذين لا ينطبق عليهم أي معني لإنسانية هذه المهنة ، بل لا بد من إعادة تأهيلهم إنسانيا قبل البحث عن مستوياتهم العلمية . فوالله إن الله لن يغفر لهم ما يفعلوه بأنفسهم وبعبادة المحتاجين لأيديهم ، ولن يبارك لهم بما يطعموه لأبنائهم من طعام نظير مهنتهم .
حسبي الله ونعم الوكيل ... بإنسان غاب ضميره ،وصمت أذناه عن سماع آنين مريض ... فالعالم يتباكى رفقا بالحيوانات ... فمتي سنرفق بأنفسنا وبإنسانيتنا .
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
وحسبي الله ونعم الوكيل .....
سامي الأخرس
17/9/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 50 شهيدا من الأطقم الطبية وفرق الإسعاف فى جنوب لبنان خلال ال


.. رينو ألبين جي تي إيه | وحدة إنقاذ السيارات | ناشونال جيوغراف




.. غداً الأحد 6 أكتوبر | رحلة علاج في القطب الشمالي | ناشونال ج


.. الدفع لصناع المحتوى المصريين بالجنيه بدل الدولار.. قرار غوغل




.. وصول مساعدات طبية أرسلتها منظمة الصحة العالمية إلى لبنان