الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعصار

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لا نبالغ في القول أن البشرية تتعرض لزوبعة لا ندري بعد درجة شدتها و لاحدود الخسائر التي قد تترتب عنها ، لا سيما أنها متعددة الأوجه ، فهي وبائية بالمعنى الصحي للتعبير ، و اقتصادية تتجسد بالمنازعة على الموارد الطبيعية و الثروات الأحفورية و بالحصارات المضروبة حول بعض البلدان بهدف ايذاء شعوبها و إبعادها أو إلغائها ، و هي أيضا عسكرية على نطاق واسع ، كأن الخلافات بين الدول جميعا ، عاودت بعنف ، دفعة واحدة .
الجدير بالملاحظة هنا ، أننا نجد في أصل هذه الأوبئة و الأزمات الإقتصادية و الحروب ،الدول الكبرى عموما ،و المعسكر الغربي المنضوي تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية خصوصا . بكلام اكثر صراحة ووضوحا ، نحن حيال صراع بين الدول الكبرى لإختيار الدولة " الفحل " و إخضاع الدول الأخرى " المتفحِّلة "له .
من البديهي أن ترجمة ذلك في المفهوم الجيوستراتيجي ، نفوذ واسع و ارتهان و ابتزاز و تبعية ، يمليها جميعا ميزان القوى الدولي على أساس مكافأة الطاعة و معاقبة العصيان في عالم الحيوان .
نضع هذه التوطئة في سياق التفكّر في تتابع النكبات التي أشرنا إليها أعلاه ، عن قرب ،كما لو أن الإفقار مواصلة للحرب العسكرية أو تمهيد لها ، مثل حضور "خطر الوباء " الدائم في الإعلام الرسمي ( على مدى العقدين الماضيين ، أنفلونزا الطيور ، انفلوزا الخنازير ، جنون البقر ، سارس -1 ، ايبولا ، شيكنغونيا الخ ) ، قبل وقوعه فعليا تحت عنوان ، " الكوفيد 19 ّ حيث كانت السياسات العلاجية و الوقائية المتبعة ، في الدول الكبرى تحديدا، مثيرة للعجب إلى حد الذهول ، لما اعتراها من اجراءات متناقضة و غير منطقية أحيانا ورافقها إعلام مغلوط في اكثر الأحيان .
أما و قد خفت حدة الأصابات بالكوفيد 19 ، توازيا مع اشتعال الحرب في أوكرانيا ، فإن المضايقة والإرباك مستمران ، حيث أن الإعلام الرسمي الذي استنفد موضوع " الأمراض المعدية " مؤقتا ، توكل مسألة الحرب ، في مقاربة مختلفة كليا عن مقاربة حروب المعسكر الغربي (حلف الناتو) خلال الأعوام الثلاثين الماضية.
مهما يكن فإن اللافت للنظر هو أن جميع نيران الخلافات الخامدة بين الدول اتقدت فجأة . حيث استدعي على عجل الوسيط الأميركي ـ الإسرائيلي لمعالجة الوضع المتأزم بين لبنان و إسرائيل ( الدولة الكبرى في المعسكر الغربي ) التي تريد استغلال بئر نفط أو غاز في البحر و حرمان لبنان من حقوقة في مياهه الإقليمية ، إلى جانب ذلك تحشد تركيا قطاعات من جيشها على حدود سورية الشمالية من أجل احتلال أراض تعتبرها ضرورية لضمان امنها القومي ، و يبدو في السياق نفسه أن المباحثات توقفت بين دول المعسكر الغربي و ايران حول الملف المسمى " الملف النووي "، نجم عنه كالعادة استعراضات عسكرية في إيران و إسرائيل . و في الأجواء نفسها تقوم كوريا الشمالية بإظهار قوتها الصاروخية ، و يعلن الرئيس الأميركي بأنه سيزود أوكرانيا ودول البلطيق ، باسلحة متطورة ، بعيدة المدى ، و فتاكة وذات فعالية تدميرية شاملة ، بحسب المصطلحات التي تتردد في إعلام المعسكر الغربي المهيمن عالميا .
نحن إذن امام مشهد ورشة تفكيك عالمية دون التوافق مسبقا على خطة إعادة التركيب و التنظيم ، فكل من اطراف النزاع الرئيسيين يرى الأمر من وجهة نظره فقط ، و بالتالي فإن وقوع صدامات مباشرة وغير مباشرة فيما بينهم ليس مستبعدا ، لا سيما أن جميعهم يعلنون إقلاقا للناس ، أنهم جهزوا صواريخهم بالذخيرة النووية .
من المفترض أن هذا الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة الأميركية و روسيا ، فهو لا يعني " عالم الحيوان " و حسب ، و إنما أيضا الذين لم يبق لديهم ما يسدون به جوعا و عطشا و يدفعون به عنهم متوحشا كاسرا من النوع الذي يتكاثر إذا عم الجهل و الظلام ، و بالتالي ستجد السلطة الصهيونية الفرصة سانحة لكي تتفحّل وتفرض هيمنتها على الناس في بلدان المشرق العربي .
لا بد في الختام من الإشارة إلى أن الفوضى و الخراب هما أكثر ضررا بالناس الضعفاء الجهلاء الذين ليس بمقدورهم الحصول على رؤية شاملة للوضع و تنظيم أنفسهم كجماعة حيث يكون التضامن ضروريا ، بينما لا يتأثر بالفوضى الذين ينظرون إليها من أعلى و يملكون الوسائل اللازمة للقيادة في جميع الظروف .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم