الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية من فصل واحد الصحراء

طلال حسن عبد الرحمن

2022 / 6 / 8
الادب والفن


مسرحية من فصل واحد








الصحراء








طلال حسن







صحراء ، سكون شامل ، فوق
الرمال يرقد رجل ، فترة صمت
صمت طويلة ، الرجل يرفع رأسه
، ويتلفت حوله في إعياء

الرجل : رمال .. رمال .. رمال ، لا شيء هنا سوى الرمال ، لقد محت الريح آثار خطواتي ، كما محت آثار الآخرين ، لا طريق إلى أمام ، لا طريق إلى الوراء ، رمال .. رمال .. رمال .. لا شيء سوى الرمال " صمت ، الرجل يتلفت حوله " لا أحد هنا ، حتى الريح ماتت ، قالوا .. ابحث عنه .. ستجده .. إنه الماء .. إنه الخبز .. إنه الأمل .. الخلاص .. لكن لا أحد هنا ، لقد جبتُ الصحراء ، فلم أجد سوى الرمال ، هل ثمة أمل ؟ هل ثمة خلاص ؟ أين هو ؟ أين الماء ؟ أين .. ؟

تنهض في خط الأفق واحة
ظليلة ، الرجل يبتسم ويصيح فرحاً

الرجل : يا للسماء ، واحة ، إنه موجود ، إنه حقيقة ، إنه هناك ينتظرني " يصيح وهو يحاول أن ينهض " لقد قطعتُ صحراء العمر بحثاً عنك ، وها أنت هناك ، تنتظرني ، امنحني القوة ، سآتي إليك ، سآتي ..

الرجل ينهض بصعوبة ، ويعدو مترنحاً نحو خط الأفق ، الواحة تغور في الرمال ، كلما اقترب منها ، حتى تختفي تماماً ، الرجل يتلفت حوله في جنون ، صمت طويل ، الرجل يقف مذهولاً ، ثم
يتداعى فوق الرمال .

الرجل : رمال .. رمال .. رمال ، لا شيء سوى
الرمال ، إنني وحيد مع الرمال ، وحيد في
الرمال ، رمال .. رما ..ل .

يرقد الرجل فوق الرمال ثانية، سكون
شامل ، كما في الحلم ، تظهر امرأة
شابة في غلالة وردية شفافة ، وتجلس
بجانب الرجل ، وترفع رأسه المتعب ،
وتضعه في حضنها ، المرأة تتأمل وجه
الرجل ، ثم تفتح أزرار ثوبها ، وتلقمه
ثديها ، تدب الحياة في الرجل ، ويفتح
عينيه ، المرأة تبتسم له ، وتمسد شعره
بيد حانية رقيقة .

المرأة : ارتو ِ .
الرجل : من أنتِ !
المرأة : لا تتكلم ، ارتو ِ أولاً .
الرجل : لكن من أنت ِ ؟
المرأة : أنت متعب ، ارتح الآن .

المرأة تضم الرجل إلى صدرها ،
وتطوقه بذراعيها ، الرجل يستسلم لها ،
ويغمض عينيه ، إظلام تدريجي ، ظلام تام.
تضاء شجرة تفاح ، ويضاء إلى جانبها
خيالا رجل وامرأة ، المرأة تمد يدها
بتفاحة إلى الرجل

المرأة : أنظر .
الرجل : ماذا في يدك ؟
المرأة : تفاحة .
الرجل : " يتأمل التفاحة " ....
المرأة : هذه تفاحتي ، أليست جميلة ؟
الرجل : جميلة جداً .
المرأة : وعبيرها ؟
الرجل : رائع .
المرأة : إن طعمها أجمل وأروع ، تذوقها .
الرجل : " يتراجع " إنني خائف .
المرأة : لا تخف ، تذوقها ، تذوق تفاحتي ، ولن
تندم " تدنو منه وتضع التفاحة في فمه "
المسها ، المس تفاحتي بشفتيك ، قبلها ،
ودع دماءها العذراء تسيل ، لا تخف ،
إنها الحياة ، هيا ، هيا .

الرجل يفتح شفتيه ، ويلمس التفاحة
في تخوف ، المرأة تدنو أكثر من
الرجل وتضمه بين ذراعيها ، الرجل
يقضم التفاحة ، ويحتضن المرأة

المرأة : ما رأيك ؟
الرجل : " يغمغم " ....
المرأة : أليست طيبة ؟
الرجل : " يغمغم مبتسماً " ....
المرأة : " وهي تحضنه " أطفِ عطشك ،
أطفئهِ .

الرجل يحتضن المرأة بقوة ، وهو
يغمغم بصوت منتشي ، إظلام تدريجي ، الرجل يتنهد بارتياح ، وهو يفتح عينيه ،
المرأة تبتسم وهي تبكل أزرار ثوبها

المرأة : تبدو الآن أفضل .
الرجل : بالفعل .
المرأة : هل ارتويت ؟
الرجل : " في تردد " نعم .
المرأة : لا تتعجل ، سترتوي أكثر .
الرجل : لقد أرويتِ عطش دمائي ، لكن ..
المرأة : " تنظر إليه " ....
الرجل : " يتلفت حوله " هذه الصحراء ..
المرأة : ماذا ؟
الرجل : رمال .. رمال ..
المرأة : لكن التفاحة ليست رمالاً .
الرجل : ....
المرأة : " في حماس " سنملأ الصحراء
بأشجار التفاح ..
الرجل : وبعد ؟
المرأة : ماذا بعد ؟
الرجل : هذه الصحراء ماذا وراءها ؟
المرأة : ابحث عما وراءها ، لكن لا تنسى
حقيقتها .
الرجل : ما هي حقيقتها ؟
المرأة : شجرة التفاح .
الرجل : شجرة التفاح ليست كل الحقيقة .
المرأة : أنت مخطيء .
الرجل : الواحة هي البداية .
المرأة : أبداً .
الرجل : ويجب أن أجدها .
المرأة : لن تجدها .
الرجل : سأعبر الصحراء .
المرأة : لقد حاول قبلك الكثير .
الرجل : هل كانوا مثلي يبحثون عن الواحة ؟
المرأة : ومثلك أيضاً لم يجدوها .
الرجل : " يصيح " لا يمكن .. لا يمكن .
المرأة : هذا هو الواقع .

إظلام تدريجي ، صمت شامل ، تضاء
شجرة التفاح ، ويضاء إلى جانبها خيالا رجل وامرأة ، المرأة ـ الخيال تمد يدها
بالتفاحة إلى الرجل

المرأة : أنظر ..
الرجل : ....
المرأة : هذه تفاحتي ..
الرجل : ....
المرأة : تنسم عبيرها ..
الرجل : ....
المرأة : تذوقها .. إن طعمها أجمل وأروع ..

الرجل ـ الخيال يعرض عن المرأة ـ
الخيال ، تضاء في البعيد صورة الواحة


الرجل : " يصيح " الواحة .
المرأة : " تصيح " كلا ، إنها سراب .
الرجل : واحتي .
المرأة : " تمد يديها نحوه " واحتك هنا .
الرجل : " يتملص من المرأة " دعيني ، يجب
أن أمضي .
المرأة :" تتشبث بالرجل " ابن ِ واحتك هنا ، لا
تمض ِ وراء المستحيل ، ازرع في هذه
الصحراء شجرتك ـ الحقيقة ، ازرع
شجرة تفاح ، أحيي هذه الرمل بأشجار
التفاح ، الشجرة هي الحقيقة .. الشجرة ..
هي .. الحقيقة .

الرجل ـ الخيال يتملص من المرأة ـ
الخيال ، ويسير كالمذهول نحو الواحة ، تسقط يد المرأة ـ الخيال بالتفاحة في يأس ، تتوهج في البعيد صورة الواحة ، تنطفيء المرأة ـ الخيال ، تغور الواحة في الرمال ، كلما اقترب الرجل منها ، حتى تختفي تماماً ، الرجل ـ الخيال وحده ، يتلفت حوله في جنون ، ثم يتداعى فوق الرمال ، سكون شامل ، وكالحلم ـ الكابوس يرتفع شيئاً فشيئاً وقع أقدام جياد ، يرفع الرجل ـ الخيال رأسه ، ثم يصرخ في ذعر ، ينطفيء الرجل ـ الخيال ، ويضاء الرجل وهو يهب مذعوراً ، ويفاجأ برجل يرتدي ملابس سوداء ،
ويتمنطق بسيف ، ويحدجه بنظرة
ثابتة قاتمة

الرجل : من أنت ؟
السياف : " لا يتكلم " ....
الرجل : تكلم ، من أنت ؟
السياف : " لا يتكلم " ....
الرجل : ماذا تريد ؟ تكلم ، تكلم .

الرجل يتلفت حوله في قلق ،
السيّاف يحدجه بنظرة ثابتة قاتمة

الرجل : أين هي ؟
السياف : ....
الرجل : أين المرأة ؟
السياف : ....
الرجل : كانت هنا .. معي .
السياف : ....
الرجل : " يصيح " ماذا فعلتَ بها ؟
السياف : ....
الرجل : تكلم .
السياف : ....
الرجل : لا تقل ، إنها لم تكن موجودة .
السياف : ....
الرجل : إن لبنها مازال دافئاً في فمي .
السياف : ....
الرجل : " يصيح " أين هي ؟ تكلم ، أين هي ؟ أين هي ؟

الرجل يتهدج صوته ، ويخفت
بالتدريج ، فترة صمت ، الرجل
يحدج السيّاف بنظرة غلّ ومرارة

الرجل : من أنت ؟
السياف : ....
الرجل : هل أنت واحد من أتباعه .
السياف : ....
الرجل : هل أنت مسخ من مسوخه .
السياف : ....
الرجل : " يصيح " هل أنت جلاده ؟
السياف : " في مرارة " أنظر ، هذه صحراؤه ، ماذا ترى ؟ رمال .. رمال ، لا شيء سوى الرمال ، وأنا ؟ هل أنا أيضاً رمال ؟
السياف : ....
الرجل : قل له ، إنني أرفضه ، وأرفض صحراءه الموات ، قل له ، إنني لن أطأ نفسي ، وأزحف إلى واحته الغائرة في الرمال .

السياّف يستل سيفه في هدوء إظلام تدريجي ، صوت الرجل
يتعالى متهدجاً غاضباً من قلب الظلام

الرجل : قل لسيد المتعفن .. إنني أرفضه .. وأرفض صحراءه .. لأني إنسان .. هل فهمت ؟ إنني إنسان .. إنسا .. ن .. إنسا ..ن .. " يصرخ " آ آ آ آ .

الرجل يصرخ من قلب العتمة ، وتسمع أصوات نزع وأنين متوجع ، صمت ، سكون شامل ، تضاء الصحراء بالتدريج ، فوق الرمال يرقد الرجل وحيداً ، وقد غرز السيف في صدره ، إظلام تدريجي ، ظلام . تضاء شجرة التفاح ، الشجرة مزهرة ، تضج بالحياة ، تظهر المرأة وراء الشجرة ، المرأة حبلى ، تضج بالحياة ، المرأة تتحسس بطنها بكلتا
يديها ، ثم تبتسم في فرح

المرأة " سيأتي .. لابد أن يأتي .. ويملأ هذه
الصحراء .. بأشجار التفاح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع