الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع التعليم الجامعي والبحث العلمي بالمغرب، موضوع قديم بصياغة جديدة (كليات العلوم القانونية نموذج دراسة).

محمد أوبالاك

2022 / 6 / 9
دراسات وابحاث قانونية


واقع التعليم الجامعي والبحث العلمي بالمغرب موضوع قديم بصياغة جديدة
(كليات العلوم القانونية نموذج دراسة).

تطفو فوق السطح سنويا وعند انتهاء الامتحانات الجامعية لانتقاء المقبولين لولوج سلك الدكتوراة بالمغرب، احتجاجات واستنكارات صامتة أو معلنة للمترشحين غير الموفقين، قد تصل أحيانا إلى حد رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم المختصة (غالبا ما تكون الدعاوى أمام المحاكم الإدارية)، وهي احتجاجات واستنكارات ودعاوى قضائية، تدور في فلك التساؤل عن طريقة/طرق تنظيم الامتحانات الكتابية والشفوية، وعن كفاءة اللجان التي تسير أطوار هذه الامتحانات، كما يتم التساؤل حول المعايير المبهمة التي يتم من خلالها ترسيخ عملية الانتقاء، وغالبا ما يصطدم الطالب/المتقاضي المرشح، باستنكاف الجامعة وتسترها وراء السلطة التقديرية غير المراقبة قضائيا، للتملص من تبيان معايير قبول فئة على حساب فئة أخرى .
غياب المكاشفة يؤدي إلى اتهام الجامعة المغربية بالتحامل أحيانا، وبإيقاع نفسها في مغبة الشبهات، أحيانا أخرى، وذلك بالموازاة مع القيمة العلمية للمرشحين المقبولين ولمشاريع الأطاريح التي يتقدمون بها، فالتستر وراء النزاهة والكفاءة العلمية للجنة المكلفة باختيار المقبولين لولوج سلك الدكتوراة، لا يبرر التشبث بسلطة تقديرية عرجاء، تتحدى بها مختبرات البحث العلمي في مجال الدكتوراة، المتقاضي والقاضي على السواء، فتنصب الجامعة نفسها - بذلك -، خصما وحكما في نفس الوقت.
تنتج هذه الممارسات غير المسؤولة، أفواجا من حاملي الدكتوراة تنتهي علاقتهم بالمراجع العلمية وبالقلم وما يجمع بينهما من بحث علمي، بانتهاء سنوات البحث والتصويب والتحيين، وتوشيح مشوار البحث بالمناقشة وإعلان النتيجة المنتظرة: "ميزة مشرف مع التوصية بالنشر"، وهي مدة قد تتراوح في أقصى تقدير بين ثلاث سنوات وستة سنوات، وهو ما يجعلنا أمام معضلة أكثر فداحة من فداحة استئثار مختبرات ومراكز الدكتوراة بسر معايير الانتقاء، واختبائها وراء السلطة التقديرية غير المراقبة قضائيا، إنها معضلة ضعف البحث العلمي وانتاج المقالات العلمية ذات قيمة علمية ومعرفية معينة .
ينتهي البحث العلمي بترقية الموظف الحاصل على الدكتوراة، وبنجاح حاصل الدكتور - المحظوظ- في اعتلاء كرسي التدريس بالجامعة، فلا نرى - بعدها- أي مقالات محكما، أو مؤلفات تصلح لتكون مراجع جامعية، تكفي الحاصل على شهادة الدكتوراة، الدرجة العلمية المتحصل عليها، ثم تعليق شهادة الدكتوراة على حائط المنزل، وما يتخللها من شرب كؤوس الشاي المزينة بلحظات انتشاء وتفاخر أمام الخاص والعام، بالحصول على أعلى شهادة علمية وعروفة إلى حد الآن، فبدل انتاج المعارف، يتم انتاج أساليب المفاخرة الفارغة .
قليلون هم الدكاترة، الذين ينتجون مقالات علمية ومراجع جامعية، وقليلة هي المقالات والمراجع الجامعية الأصيلة، التي لا تصطدم مع واقع حال الاقتباس والسرقات العلمية، ونسب مجهود الآخرين إلى الشخص، الباحث عن المقال المعد سلفا، والفكرة المستهلكة، بدل التنقيب عن الفكرة الجديدة المنتجة خارج الصندوق، والفكرة غير معادة التدوير .
دعنا نقرب الصورة أكثر، ونجعل من كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب نماذج دراسة حية، لواقع من التراجع العلمي والتردي المعرفي، فعلا، لقد انتهى عصر الأساتذة الجامعيين من النخب المغاربة والأجانب، الذين أسسوا منذ فجر الاستقلال للدراسات الجامعية في الشعب القانونية (القانون الخاص والقانون العام والعلوم السياسية والاجتماعية)، ناشرين مبادئ الاستقلالية عن التوجيهات العليا، رافضين لتدخل غير المختصين في تعيين العمداء ورؤساء الجامعات ورؤساء مختبرات ومراكز البحث العلمي، لقد كانوا بحق أساتذة نشر أخلاق قبل أن يكونوا رجال علم، ارتجلوا المحاضرات، وصاغوا المقالات، وانتجوا المراجع، التي نهل منها الطلاب، يوم كانت الجامعة جامعة، والأستاذ أستاذا، والطالب طالبا.
أصبحنا أمام جامعة مدجنة سياسيا، وفكر محنط علميا، وأساليب هجينة في انتقاء المقبولين لولوج سلك الدكتوراة وتبرير معايير قبولهم، لما لا، والوزارة الوصية عن التعليم العالي والابتكار بالمغرب، لا تحرك ساكنا بالرغم من كثرة الشكايات والمقالات الصحفية التي تدق جرس الخطر، والقضاء الإداري الذي لازال مترددا في تحطيم جدار السلطة التقديرية ومنع الرقابة على القرارات المتخذة من مراكز ومختبرات الدكتوراة، في حق كل من سولت له نفسه رفع دعوى قضائية، للمطالبة بتغيير الأمر الواقع .
لماذا تبقى دار لقمان على حالها، والواقع الجامعي والبحث العلمي بالمغرب المهين، يصطدم بالواقع العلمي العالمي المشرق، الذي كان ولازال في تطور مستمر، يسارع سبل التطور والتقدم في سبيل ارساء دعائم تعميم الفكر الرقمي المستند على تقنيات البلوك- تشين والذكاء الاصطناعي؟
فعلا إنه واقع مخجل، يصعب معه اقتراح صور موضوعية لتطوير أساليب الانتقاء بناء على إقدام الطالب الباحث، في إقناع اللجنة العلمية (مركز أو مختبر الدكتوراة)، بجدوى مشروع الأطروحة المقترحة، بدل الإجابة على سؤال الامتحان الكتابي - المتخلف والبليد- المصاغ بشكل "حق أريد به باطل"، وهو عادة ما يكون عبارة عن سؤال - كمين -، يحتمل أكثر من تناول، وتجوز فيه أكثر من إجابة، لينتهي بأكبر قدر من السرية في التصحيح وتقييم قدرات الطالب المرشح، لما لا، والخلطة السحرية لمعايير الانتقاء والقبول، صولجان في يد حراس المعبد، ولا رقابة قضائية تحد من الاستنكاف والتحدي الذي تبديه مراكز ومختبرات الدكتوراة، كلما ووجهت بضرورة تبرير معايير و طرق الانتقاء.
لا ننكر أن واقع التعليم الجامعي ومعه واقع البحث العلمي بالمغرب، يصطدمان بعدة إكراهات ذاتية وموضوعية، لكن هذا لا ولن، يحد من الدور الإبداعي الجريء لحملة مشعل التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب، في محاولة للتخلص من السبات والتواكل وتكرار المكرر واجترار المجتر، واختيار - بدل عنه- ، السير قدما في الدرب الصعب، لانتاج نخبة علمية فذة، تقترح مشاريع دكتوراة بفكر مستنير، ومنطق علمي وموضوعي واضح، علمية، تسهل عملية الانخراط في أجواء الطفرة الرقمية، وعوالم المحيط الافتراضي، التي تجتاح العالم من حولنا.
وفي انتظار الإعلان عن امتحانات مقبلة لولوج سلك الدكتوراة، بنفس العقليات وبنفس الأساليب، التي تواجه بنفس طرق الاحتجاج والتنديد، نتمنى للجميع حظا موفقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية