الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


74 عاما

سامر العربيد

2022 / 6 / 9
أوراق كتبت في وعن السجن


"74 عاماً"
بقلم الأسير الفلسطيني سامر عربيد
سجن نفحة الصحراوي


بعد أربعة وسبعون عاما، مازالت فلسطين تحت النكبة، والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني الأصلاني مستمرا عبر قوانين وإجراءات هذا الكيان الغاصب، فالاستعمار الاستيطاني الصهيوني الذي أنشأ في مخيلته الخرافة الأسطورية العنصرية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وروج لها في غرب تسوده العنصرية التي استندت إلى نظريات التفوق على شعوب البلدان الأخرى، مكنت هذا المستعمر من تنفيذ مخططاته بارتكاب عشرات المجازر في العام 1948، وتهجير أكثر من 800 الف فلسطيني من أرضهم، وتدمير مئات القرى والبلدات الفلسطينية وإقامة المستوطنات اليهودية على أنقاضها، والبدء في مرحلة جديدة من الصراع عبر عبرنة المكان بتغير الأسماء والمشاهد والمناظر، لتعطي إنطباعاً بأن شيئاً لم يكن، وأن شعباً لم يعش هنا، محاولاً نفي التاريخ والجغرافيا منذ الآلاف السنين، كما حاولت كل الغزوات على فلسطين عبثاً، من الإغريق والرومان والصليبين والعثمانيين وغيرهم، إلا أن شعبنا بقي صامداً، ثابتاً على أرضه ليصنع وطناً.
بعد 74 عاماً من الحفريات التوراتية في أرض فلسطين لإثبات هوية زائفه لشعب زائف، جاء علماء الآثار ومنهم "اسرائيليون"، وقالوا: إن أعمال الآباء "إبراهيم، إسحق، ويعقوب"، أسطورية والإسرائيليون لم يسكنوا مصر ولم يخرجوا منها ولم يغزوا الأرض. وليس هناك من إثبات لإمبراطورية داوود وسليمان، ولا وجود لهيكل مزعوم، ورغم ذلك ما زالت الحفريات والمحاولات البائسة مستمرة لخلق هوية خيالية مؤسسة على التوراه. هوية معلقة في السماء لا أرجل لها، وغير قادرة أن تمشي على أرض فلسطين التي أنبتت حضارة وديانات، فمن يأتي من خارج السياق الزمني والتاريخي، ليغتصب أرضاً عاش فيها عرباً (مسيحيين ومسلمين ويهود) على مر التاريخ، ويستبدله بتاريخ صراع قومي وكأنه بين عرب ويهود، إستدعاء للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي الصهيوني، سيبقى واهم ولن ينجح في إقتلاع ثقافة فلسطين التاريخية التي تشكلت على أساس التعددية والحريات، فالدين اليهودي لم يكن يوماً ولن يصبح قومية، كما يحاول المُحتل صناعته عبر سن القوانين والتي لن يكون آخرها قانون "أساس القومية اليهودية" العنصري الذي سُنّ في العام 2018. نافياً العرب مسيحيين ومسلمين من حقهم الأساس في تقرير مصيرهم الذي كفلته المواثيق الدولية والذي يشكل اليوم شعباً من خمسة عشر مليوناً نصفهم في الشتات ونصفهم في فلسطين التاريخية.
أما نحن اليوم، وبعد كل هذه السنين على مرور النكبة، مثل طائر العنقاء من رماده ينبعث من جديد، ليحلق في سماء فلسطين من جنوبها إلى شمالها، ومن بحرها إلى نهرها، ويقاتل ليستعيد أمجاد أجداده، ويحطم أساطير أعداءه التي بُنيت من وهم خيال، لا قرائن ولا دلائل مادية وعلمية، وهذا المُستعمر الغاصب يريد سرقة رواية وتاريخ وأرض ليست له، ولا يستفيد من العبر، فالعابرون لم يثبتوا على أرض فلسطين منذ القدم. وهذه الأرض لها شعبها التاريخي، ولها إسمها التاريخي أيضاً، نجده في كتابات المؤرد "هيرودوتس" قبل الميلاد، إذ سماها "بالايستينه" ونجده في الخرائط وفي النقوش على الحجر والخشب، في النصوص والنقود التي صُكت في فلسطين، بدماء شهداءها وعلى أجساد أسراها وجرحاها، تمشي في غاباتها وجبالها لتكتشف أثار قراها التي دُمرت وهُجر سكانها وبقيت شاهدة.
فبعد كل هذه الأعوام من القتل والتدمير والتهجير والعزل والفصل العنصري، مازالت الهوية الفلسطينية الجماعية باقية في ذاكرة شعب يقاتل، وهي تتجسد في أطفالنا ونسائنا ورجالنا وشيوخنا، وما حدث في النكبة عام 1948، من ترحيل لشعب لن يحدث اليوم، فالشعب الفلسطيني بإرادته الحرة، أقوى من السياسات الهمجية الصهيونية التي تحاول عبثاً إزالته ومحوه.
وعلى العالم اليوم، أن يساند شعبنا وحقه في تقرير مصيره وإستقلاله، فالتاريخ لن يرحم أحداً يصطف لرواية مُستعمر خيالية، ويترك رواية فلسطين بأعين شعب فلسطين الأصلي، بتعدد أديانه وثقافاته فنحن شعب يستحق الحياة كباقي شعوب العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت


.. حاكم ولاية تكساس يبدل رأيه في حرية التعبير في الجامعات: المت




.. الأخبار في دقيقتين | مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش غزو رفح ومف