الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية الأمريكية

أحمد فاروق عباس

2022 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال مهم فيما يخص الديموقراطية الأمريكية ، وهو ناتج من قراءة سير الرؤساء الأمريكيين وتاريخهم وهو : كيف تترك الإمبراطورية الأمريكية مصيرها ومقاديرها لأشخاص عليهم مئات علامات الاستفهام ، وهم بكل تأكيد ليسوا أفضل من يمثل المجتمع الأمريكي سياسيا ، وهو مجتمع ثرى - حقيقة - فكريا وعلميا ..

- فكيف لشخص مصاب بعقد نفسية لا نهاية لها ، ويكلم نفسه منفردا ، ومتهم بالشذوذ ، وسليط اللسان كريتشارد نيكسون ( كما وصفه أنطوني سمرز فى كتابه " غطرسة القوة ، عالم ريتشارد نيكسون السرى " ) أن يصل إلى المنصب الأهم فى الدولة الأهم في العالم ؟!

- وكيف لتاجر فول سوداني من ولاية جورجيا كجيمي كارتر ، كل خبراته كانت فى السياسات المحلية ومناوراتها أن يحكم القوة الأكبر في التاريخ وفى وقت توسعها العالمى ؟!

- وكيف لتلك الإمبراطورية العظمي أن تسلم قيادتها إلي ممثل فاشل كرونالد ريجان ، وصفه رئيس المخابرات الأمريكية نفسه بأنه شخص غبي يكاد لا يفهم شيئا ( والرواية لبوب وودورد فى كتابه الشهير " الحجاب " ) ، وعموما فقد مثل رونالد ريجان دوره كرئيس لأمريكا بصورة جيدة ، ولعل ذلك هو كل ما كان مطلوبا منه !!

- وكيف لتلك الإمبراطورية أن يحكمها شاب كبيل كلينتون ، قالت أمه أنها لا تعرف مع من من الرجال بالضبط كانت ليلة أن حملت به !! وفى النهاية وكحل لتلك المشكلة أخذ الطفل الصغير وليام ( بيل كتدليل ) اسم زوج أمه وقتها روجر كلينتون !!

وعندما وصل إلى البيت الأبيض فتح العنان لغرائزه الجنسية بلا قيد ولا رادع من دين أو احترام لجلال المنصب والمكان !!

- وكيف وصل إلى المنصب الأكبر في أمريكا رجل سكير تافه كجورج بوش الابن وصفه مايكل مور بصفات بشعة حتى فى سلوكه الشخصي ؟!

- وكيف وصل إلى ذات المنصب الأكبر رجل مجهول التاريخ من اب كيني مسلم كباراك أوباما ، ليس له أي تاريخ يذكر فى السياسة الأمريكية ، باستثناء أنه رجل جاء من المجهول وتم تلميع صورته بسرعة ليجلسوه فى البيت الأبيض ، فى حقبة كان مطلوبا لرجل بهذه الصفات أن يكون هو واجهة السياسة الأمريكية ؟

- وكيف لتاجر ورجل أعمال ومنظم عروض ازياء غريب الأطوار كترامب أن يحكم تلك الإمبراطورية عظيمة القوة والنفوذ ؟

الأمر متكرر إذن ، فهل أصاب الجنون تلك الدولة حتي يحكمها هؤلاء ؟!
هل هى الديموقراطية وحكمها ؟ سيقول ذلك من لم يقرأ التاريخ الأمريكي بعمق ، ولم يعرف أي شئ عن أمريكا وطبيعة الحكم والسياسة فيها ، علي الأقل فى السبعين سنة الأخيرة ، وهى السنوات والعقود التي خرجت فيها أمريكا لدور عالمي ..

إن الديمقراطيةالأمريكية تكاد ان تكون كلها شيئا مزيفا ، الغريب أن ذلك هو رأى مفكرين امريكيين من الطراز الرفيع وأشهرهم بول باران قديما ونعوم تشوميسكي الآن ، فالقوة والسلطة الحقيقية فى يد الطبقة العليا من الرأسمالية الأمريكية متحالفة مع جهاز الدولة الأمريكي بجناحيه ، الفرع التنفيذي( الجيش والمخابرات ) والفرع التشريعى( الكونجرس بمجلسيه ) ..

طيب.. وما دور الرئيس الأمريكي إذن ؟ هل هو أراجوز بلا قوة جالس في البيت الأبيض ؟
لا طبعا ، فله دوره الكبير أيضا ، فالطبقة الرأسمالية العليا وفي يديها الإعلام كله وبتحالفها مع جهاز الدولة ، وبسيطرتها علي الأحزاب السياسية وتمويلها ، وبتمويلها للحملات الإنتخابية لمرشحي الكونجرس والرئاسة تضع من تريد من الأشخاص فى المنصب الذى تريده له ، فى لحظة سياسية معينة تراها هى ، ولأهدافها هى ، فليس سرا أنها من اتت بكلينتون عام ١٩٩٢ لأنها رأت أنها به ومعه ستستطيع التعامل بشكل أفضل مع القضية التى كانت تشغلها أيامها وهي صراعها الاقتصادي الضاري مع اليابان ، فجاءت بكلينتون ووضعت له شعار حملته الانتخابية وقتها " إنه الإقتصاد يا غبي " وتركت جورج بوش الأب الخارج من انتصار كبير في حرب الخليج والذي أعلن قيام نظام عالمي جديد إلي مجاهل النسيان..
وهى من اتت ببوش الابن غطاء لمجموعة المحافظين الجدد - وهى القوة الحقيقية وقتها - التى اتت بمشروع القرن الأمريكى الجديد ، وحدث شئ مشابه عام ٢٠٠٨ عندما أتوا بباراك أوباما ذو الأب المسلم من كينيا والأم المتزوجة من مسلم من إندونيسيا ليحكم أمريكا في السنوات التي كان تركيز السياسة الأمريكية فيها علي إجراء تغييرات كبري في العالم العربي والإسلامي .. وبعد انتهاء مهمته كان الصراع الاقتصادي مع الصين قد وصل إلى حدود خطيرة مع مبادرة الصين الشهيرة " الحزام والطريق " عام ٢٠١٣ ثم خطة " صنع في الصين ٢٠٢٥ " عام ٢٠١٥ ، وبهما سيصبح وصول الصين إلي القمة العالمية اقتصاديا- وبالتالي سياسيا وعسكريا - قاب قوسين أو أدنى ، وبالتالي كان إيصال رجل يبدو متهورا ويأخذ قرارات شديدة الوقع - بخلاف نعومة أوباما- هو المطلوب ..
ومن هنا قدموا للناخب الأمريكي في الحزب الجمهورى رجلين لهما تقريبا نفس الصفات ، مع إختلاف في النبرة وهما جون ماكين ودونالد ترامب ، واختار الشعب "ديموقراطيا " ترامب ، وفى الإنتخابات العامة كان التنافس بين ترامب وابنة الدولة الأمريكية والعارفة بمقتضياتها هيلاري كلينتون ، وفي النهاية ذهب افراد الشعب إلي بيوتهم سعداء بالديموقراطية والصندوق وصوتهم الذي اقنعوهم بأنه هو من اتي بهذا المرشح أو ذاك !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رؤساء امريكا ليسوا قديسين
د. لبيب سلطان باحث أكاديمي عراقي كاليفورنيا ( 2022 / 6 / 11 - 21:44 )
استاذنا الفلضل
كون اميركا بلد مؤسسات يجعل دور رئيسها في اتخاذ قراراته ليس بصفة اجتهاد او ادلجة فهو في اغلب قراراته عليه الحصوللاعلى موافقة للكونغرس وربطها الدستور الأميركي بذكاء ان تخصيص اية اموال لتنفيذ قرار يتم فقط من خلال الكونغرس ومنه لا قيمة لقرار اطالالا يوافق عليه ولكن ماجعل اميركا تاريخيا تختلف عن دول اوروبا كونها اول دولة في التاريخ تبنت افكار الثورة الفرنسية وأهمها ان حقوق وحريات الفرد والمجتمع فوق الحكم والسلطة التي تحكم لتخدم وهو برأيي أهم انجاز عرفته البشرية منذ تأسيس الدول واشكال انظمة الحكم وقد تكرس مبدأ اللامركزية في اميركا بعد أعطاء نصف مليون قتيل في الحرب الأهلية
وكلا هاتين النقطتين جعلت من النظام الديمقراطي الأمريكي ينتقل بللتدريج الى اوروبا كما نراها اليوم ..اما مقالتكم فهي توحي كأن هناك دولة عميقة تآمرية هي التي تقوم بتنصيب الرؤساء في امريكا وكأنهم قياصرة وهو جزء من التظليل الذي يقوم به من يدعي االيسار العربي فبدلا من مناقشة انظمة ناجحة من التجارب للأنساتية لأغناء الفكر العربي يقوم
تظليله وفق نظرية المؤامرة كما في مقالتكم مع الأحترام

اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف