الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصاصة من تجارب حياتي الماضية : القصائد المحروقة !

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2022 / 6 / 10
الادب والفن


-*لخضر خلفاوي

(…) أذكرُ لما كنت في المعتقل من تسعينيات القرن الفائت ، لمّا نفسيتي لا تسمح لي بالرسم باستخدام القلم الجاف على كل ما أحصل عليه من مساحات بيضاء من ورق العلب المُقوى ألجأ إلى كُرّاستي لأدوّن فيها شعري.. كان إبداعي يقرؤه بعض من المعتقلين في مخيّمات الصحراء الجزائرية المحاطة بأسوار عالية مسلحة البناء و الحرّاس من الجيش " الشعبي الوطني "..كانوا يمدحوني و فيهم من كان يقارنني بالشاعر العراقي الثائر " أحمد مطر ".. كنتُ أخجل و تحمرّ وجنتي السمراوين لكوني معروف بذلك الخجل ! ربما سني العشريني الطريّ له دور في ذلك .. كنت أُسعدُ لإطراءاتهم و هم يقارنون الأستاذ بشاب مبدع مغمور مقذوف في فلوات الجنوب بتهمة تحريض " الأفكار على التجمهر " في عقول عشاق الحرية و العدل ! ههههههة!!!
*
لمأساة الحكاية أني أحرقتُ كل تلك الأشعار التي هُرَّبت إليّ بعد إطلاق سراحي إثر ( الفزّاعة الأمنية ) بعد فاجعة اغتيال الرّئيس الزعيم الثوري "محمد بوضياف " من طرف حراسه الشخصيين!.. كان يوم لا يُنسى و لا يُمحى من ذاكرتي ما حييت ، كنت أتضوّر ألما و أسى و أتقطّع و أنا أُشاهدُ تلك القصائد تلتهمها سُرادقُ اللهب … كان والدي جالسا على كرسيه الواطي الخشبي بركن من أركان فناء البيت يرقبني بأهميّة بالغة مُذ أن دخلت البيت مذعورا و غلّقت الباب الرئيس بالمفتاح و أخرجت ذلك الكراس الديوان .. كان حالي يشبه الذي أخرج حزمة متفجرات و يريد إلقاءها و التخلص منها قبل أن يُقبض عليه ، رغم أن قصائدي كتبتها تحت الأسر بحبر جاف جدا بين كثبان القفار الصحراوية ؛ فكيف سيكون الحال لو كتبتها ب"قلم رصاص "!؟. سألني عمّا أودّ فعله لما نصّبتُ تلك القصعة المعدنية في وسط الحوش فأجبته عن نيتي في اغتيال كتاباتي حرقا ، فالوضع مكهرب بالخارج ! كان ينظر إليّ و هو يراني احترق ؛ لأوّل مرة استشعر شفقة أبي عليّ و على كتاباتي التي كتبتها في أحلك ظروف تجربة حياتي و هي تأكلها نار الخوف من الجلاّدين الجدد في بداية التسعينيات من القرن الماضي.. -لا نستطيع صناعة سيرة ذاتية وفق أهواءنا بل هي سيرتنا التي تصنعنا -!(…).
باريس الكُبرى جنوبا .
في 9 جوان 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان