الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليقاً حول رسائل القائد مالك عقار وتطورات المشهد السياسي السوداني

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2022 / 6 / 10
الصحافة والاعلام


(رأي خاص)

بثت المنصات الإعلامية مقطع فيديو للرفيق القائد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية والقائد الأعلى للجيش الشعبي لتحرير السودان-شمال متحدثًا من منطقة اولو - إقليم النيل الأزرق؛ حيث يتواجد هناك لتنفيذ "إتفاقية جوبا لسلام السودان - بند الترتيبات الأمنية"، وقد تطرق لمتطلبات التغيير عبر الحوار المنتج خاصةً مع تفاقم وضع السودان المأزوم سياسياً وأمنياً وإقتصادياً وسط تشنج حاد للأراء وراء متاريس الأجندات السياسية المخطوطة بعيداً عن مصالح المطهديين والفقراء، وأيضاً بعث القائد عقار رسالة مهمة لشباب وشابات السودان مفادها حثهم علي تحمل المسؤلية الوطنية والتاريخية تجاه إخراج البلاد من مأزق الإنزلاق إلي قاع مظلم، ونطالع ضمن مضامين تلك الرسالة نقدًا للتوجهات الإنكفائية الغير مفيدة للسودان من قبل بعض السياسيين الذين يحاولون تحوير الأزمات والمكاره لتمرير أجندتهم علي حساب طيف واسع من السودانيين الذين يقبعون في أكواخ وخيام معسكرات النزوح ودون النظر لمعاناة ملايين المحروميين من المأكل والمشرب ومأساة مماحكات المتشبثيين بالسلطة، والسلطة ملك للجميع، وليست حكرًا علي أحد أو مجموعات بعينها، ويجب أن تؤخذ السطلة أما بالحوار والتوافق أو بتفويض تداولي عبر صناديق الإنتخابات، وهكذا تكون الديمقراطية، وقبل كل شيئ نحن بحاجة لإعتراف بمشاكل السودان أولاً مثّل كيفية إدارة التنوع وتقبل الآخر وإنهاء سلوك التخوين وتوفير مساحة كافية لبناء الثقة ومخاطبة المشكلات بشفافية بعيداً عن توزيع صكوك الوطنية "حسب المزاج"، وهذه معضلات أضحت من أسوء الممارسات المستخدمة بكثافة في معارك تصفية الحسابات والبحث عن حصد أكبر قدر من المكتسبات السياسية، وهذا السلاح يستخدم آنيا لكن تترتب عليه عواقب وخيمة لا يمكن تداركها في حينها، ويجب مناقشة ذلك بجدية من أجل إيجاد أرضية صالحة للسلام والديمقراطية.

هنالك مشكلات كثيرة يجب علينا أن نطرحها للنقاش بلا قيد كيما نضع لها العلاج الناجع قبل أن تتحول إلي جوائح تفتك بجسد السودان، وجميعنا نتطلع للمستقبل، وقد تحدث القائد مالك عقار بوضوح عن تلك المشكلات في حين طبل البعض لها، ورغم ما أثارته تلك التصريحات من جدليات إعلامية من الأقرباء والغرباء لا نريد الخوض في تفاصيلها حالياً إنما نودُ تنشيط ذاكرة التاريخ للتنبيه بأن الشباب هم من صنعوا الثورة سواء بالكفاح المسلح أو السلمي، وعندما حمل جيل الرفيق مالك عقار السلاح وخاضوا أشرس المعارك ضد النظام البائد كانوا في ريعان شبابهم، ومنهم من رحل إلي عالم الخلود دون تردد من الموت في سبيل قضايا شعوبهم، ويجب أن لا نوزع صكوك الوطنية بمزاج، وعلينا أن نفكر ملياً، ودون تشنج فيما يدور علي الساحة السياسية وما سيكون غدٍ قبل أن نقرر ما نريد فعله حول مصير بلادنا، وما أعجب سياسات "القطع واللصق" حسب المزاج، وقد قلنا أن الحوار هو الحل، وقال البعض لا حوار؛ ثم إتهمونا بما فعلوه هم بأنفسهم في دياميس ظلام الأمس، وكأنما الحوار لفظ يستنكرونه علينا ويمدحونه علي أنفسهم، وهذه إزدواجية ومزاجية نتعجب حيالها، وهل يصح بالمنطق أن يكون "الدوح حرامًا علي بلابله وحلالاً علي الطير من كل جنس"؟ وجميعنا نعلم أن تلك الأزمات السياسية المريرة ستمر بها البلاد إلا أنها ستنتهي بجلوس الفرقاء علي طاولة الحوار الذي يجد الدعم من العالم أجمع، وسيتشكل بعد ذلك المشهد السياسي الجديد، ويجب أن لا يتكرر الوقوع في فخ الأجندة الإقصائية التي تُمكِن مجموعة من مقاليد السلطة علي حساب الآخريين، وأمامنا كجيل فرص العبور نحو دولة السلام والديمقراطية والعدالة وإمتلاك مفاتيح المستقبل.

هنالك إستجابة لمبدأ الحوار من جميع المكونات السودانية مع تباين وجهات النظر بخصوص الإجراءات التأسيسية للحوار، ورغم إختلافنا السياسي الواضح مع بعض المجموعات إلا أننا نثمن عالياً الخطوات المتخذة للسير نحو مسارح الحوار بغية الوصول للتوافق من أجل إنهاء تلك الأزمة المأساوية والعودة إلي مسار الديمقراطية الإنتقالية وبناء دولة ذات مؤسسات مدنية وعسكرية وقضائية حرة ونزيهة يسودها حكم القانون، ونتابع نتائج تحرك الحكومات الصديقة للسودان والهيئات الدولية المهتمة بقضايا السلام والديمقراطية والأمن الدولي، وهذا الإهتمام نقابله بترحيب، ويجب توظيفه وإستثماره بما يُمكِن إحداث التغيير الجذري الذي يحتاج لمشاركة فاعلة من المجموعات الشبابية والنسوية دون فرز، والحوار الذي لا يضع لهذه المجموعات برنامج مقنع لن يحقق إستقرار للبلاد؛ لذلك يستحسن الإستماع لحديث القائد مالك عقار في هذا الصدد لفتح مناقشة جادة حول التجربة السابقة ونتائجها، ويتوجب علينا الإستفادة مما حدث سابقاً لإجتناب تكرار تلك الأخطاء السياسية الجسيمة، وإجتذاب طيف واسع من الفاعليين في الحركات الشبابية والنسوية للمشاركة الحقيقية في العملية السياسية الجارية بكافة مستوياتها، ويجب أن لا تترك الساحة لمجموعة محدودة الرؤية تحدد مصائر السودانيين بقرارات وإجراءات صفوية لا تلامس قضايا الشعوب بل تهدف لتكوين منظومة بيرقراطية متسلطة تعيد السيطرة علي السلطة والثروة وتتجاهل الذين شاركوا بفاعلية في صنع التغيير عبر تراكم النضالات في الريف والمدينة، وهذا ما لا يمكن أن يكون البتة إذا نظرنا لحجم الإستنارة التي أحدثتها تجارب التاريخ في المجتمع، ونرجوا أن ينهي هذا العام أخر فصول الصراع السوداني، وسنعمل مع حلفائنا لإنجاز برنامج جديد لإدارة الدولة ويبدأ ذلك بإكمال تنفيذ إتفاقية السلام في الترتيبات الأمنية والسياسية وتهيئة المناخ العام لعقد المؤتمر القومي الدستوري الذي نأمل أن يأتي بالإجابة علي سؤال "كيف يحكم السودان وليس من يحكمه"، وهذا ما يصعب الوصول إليه إلا عبر ولوج مناضد الحوار الشامل، والتغيير لا يتحقق بالضربة الواحدة لكن تعدد الضربات كفيل بتحقيق ذلك، وهذا هو تصورنا لما يحدث الآن في الساحة السياسية، وتطلعاتنا لما لبناء أعمدة سودان الديمقراطية والسلام.

10 يونيو - 2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل