الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى في السبعينيات لم يتعلم الطلاب عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

موشيه تسيمرمان

2022 / 6 / 11
القضية الفلسطينية


النزاع الصهيوني – الفلسطيني غاب عن المناهج التعليمية للمرحلة الاعدادية في التعليم الرسمي، هذا ما كتبه ألوف بن ("هآرتس"، 27/5). هذه الأقوال تناسب النقاش حول مضامين تعليم مادة التاريخ بشكل عام. والنظرة بعيدة المدى الى الماضي يمكن أن تساعد القراء على معرفة مصدر هذه الظاهرة.

أكتب هذا بناء على تجربتي منذ اكثر من خمسين سنة حول تخطيط وتنفيذ المناهج التعليمية للمرحلة الاعدادية في التعليم الرسمي، في البداية كمسؤول عن كتابة الكتب التعليمية لهذه المرحلة من قبل وزارة التعليم في سبعينيات القرن الماضي، وبعد ذلك كرئيس للجنة المناهج التعليمية لهذه المرحلة في التسعينيات.

واضعو المناهج التعليمية في السبعينيات في إطار ما اعتبر في حينه "الاصلاح" كانوا من بين آخرين، البروفيسور يهوشع اريئيلي والبروفيسور شموئيل اتينغر والبروفيسور مناحيم ستيرن، وهم اشخاص من الجانب المتنور في الخارطة، الذين ارادوا أن يجددوا دراسة التاريخ بشكل صحيح من الصف السادس وحتى الصف التاسع. ويستدل من نظرة على المناهج التعليمية في 1975 أن ليس التاريخ اليهودي وحده، بما في ذلك الصهيونية، يشمل في داخله اطارا مفاهيميا وموضوعيا عاما، بل إن النهج المتبع فيها كان نقديا ومبتكرا.

بعد مرور عشرين سنة قطعت لجنة المناهج التعليمية برئاستي شوطا طويلا فيما يتعلق بيهود الشتات غير الاوروبيين، ثقافات غير اوروبية بشكل عام ومكانة اللقاء الصهيوني – الفلسطيني. في المرحلتين فشلت المناهج في اختبار التطبيق. لا يمكن تعليم التاريخ وتجاهل روح العصر والافتراضات المعروفة وغير المعروفة السائدة في المجتمع.

وقد حدث أنه منذ مرحلة اعداد الكتب التعليمية، وبعد ذلك ترجمة المادة لمهنة التعليم، اختفت تقريبا جميع المحاولات لتغيير المسار الذي تم املاؤه بواسطة "روح العصر" منذ اقامة الدولة - وهو السعي لتبرير المشروع الصهيوني دون طرح اسئلة صعبة.

من بين كتاب المناهج، وقد فعلنا ذلك كموظفين للدولة، كان هناك من ارادوا هز الرواية بروح المنهاج التعليمي وسبقهم من ظلوا أسرى للرواية التقليدية. ولأن وحدة المناهج التعليمية كانت توجد داخل شعبها، أي أنها كانت تحت رقابة وزارة التعليم والسياسة الاسرائيلية، فان الطريقة التي "تجرأنا" فيها على طرح القضية الفلسطينية في كتاب "بداية الصهيونية" في 1975، كانت عن طريق اقتباس كتاب هرتسل "ارض قديمة – جديدة"، نفس الفقرة التي تتناول النقاش حول مكان الفلسطينيين في حلم الصهيونية.

تم سؤال الطلاب: حسب رؤية هرتسل كيف تم حل مشكلة الاستيطان اليهودي داخل السكان العرب؟ الانتقادات، سواء من الجهاز أو من المدارس في مرحلة التجريب، فرضت حذرا كبيرا، ولا نريد القول رقابة. لذلك، لم يكن من السهل تجاهل هذه المسألة. عندما تجرأ مؤلفو الكتاب التعليمي على التطرق لرئيس م.ت.ف ياسر عرفات، وحتى وضعوا صورته في الكتاب، أدى استجواب في الكنيست، "ما بعد الانقلاب"، ومعركة عامة الى فرض رقابة حقيقية، أي الى اعادة الطباعة.

نفس الامور تقال ايضا حول تاريخ المسيحية. من يقرأ الفصل الذي كتبناه عن المسيحية القديمة في 1970، قبل سنوات من صعود الليكود الى الحكم، يدرك بأن هذا الفصل، سيثور حوله هجوم كبير الآن. ولكن في حينه طلب من المؤلفين أن يزيلوا صورة كنيسة من صفحة غلاف الفصل.

لأنه لا يمكن تخيل طباعة صليب على غلاف كتاب تعليمي اسرائيلي يهودي. صحيح أننا نجحنا في حينه في وضع صعوبات امام الجهاز، لكن النتيجة واضحة وهي أن منهاجا متطورا سيفقد احتمال وجوده في مرحلة التطبيق، حتى في التعليم الرسمي غير الديني.

بعد ذلك اعتقدت بأنني أستطيع تغيير المسار كرئيس للجنة المناهج التعليمية. هكذا استمرت اللجنة في المسار الذي وضعته سابقتها. ولكن هنا عاد الخلل. ففي اختبار التطبيق، أمام ضغط الانتقاد العام، لم يترك هذا المنهاج أثره التصحيحي.

افتراض اساسي لمعالجة موضوع التاريخي اليهود لكونه جزء من التاريخ الانساني بشكل عام، تُرجم من الزاوية المفاهيمية بواسطة وضع الصهيونية بين الحركات القومية الحديثة، ووضع اللاسامية في سياق العنصرية وكراهية الاجانب والآراء المسبقة، والكارثة كمثال على ابادة شعب.

المنتقدون الذين لهم تأثير كبير هاجموا نقطة الانطلاق هذه. حسب رأيهم، كل ما هو مرتبط باليهودية هو من البداية مميز وفريد، لذلك فان مصير هذا المنهاج هو الالغاء. ولأن المنتقدين عبروا عن روح العصر والميول العامة، لم تقم قائمة لهذا المنهاج أيضًا. ليس من الغريب أن مصير المنهاج القادم لن يكون مختلفا.

اذا اخذنا في الحسبان بأن المجتمع الاسرائيلي – اليهودي هو مجتمع قومي متطرف واصولي أكثر مما كان، وروايته مهيمنة اكثر، فلا يوجد احتمال في أن التغيير الذي تم التخطيط له منذ السبعينيات سيصل في أي وقت الى مرحلة التطبيق. هؤلاء المؤرخون الذين يتعلمون من تجربة الماضي يتوصلون حقا (مثلي أنا) الى استنتاج بأنه من الافضل الانغلاق في البرج العاجي الأكاديمي بدلا من أن تجد نفسك في موقف دفاعي في نقاش عام جاهل حول السؤال العملي الذي يتعلق بتعليم التاريخ في المدارس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو