الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكتب وأمحو

علوان حسين

2022 / 6 / 11
الادب والفن


أنقضى الليل بطوله وعمقه وكثافته وظله الثقيل وأنا أستدر عطف الكلمات , أستدرجها تارة ً مرخيا ً صنارتي كما يفعل صياد غشيم مع سمكة ماكرة . أكتب سطورا ً ثم أمحوها لأكتب غيرها أنتقيها كما ينتقي الجواهرجي أحجاره الكريمة يقلبها بين يديه بحب وحنو يصنع منها قلادة من لؤلؤ ٍ وياقوت وحبات ماس تضيء عنق امرأة يزيدها فتنة ً وجمالا ً . ليت لي مراس وخبرة الجواهرجي , موهبته في إختيار حباته المصقولة والمشغولة برهافة وخيال فنان أنا الذي شحت الكلمات وإضمحلت من ذاكرته وخياله البليد . أردت أن أصف غيمة ً يسرح بي خيالي لأصف تلك المرأة الثاوية في ذاكرتي . على الورقة أرسم شجرة تخرج من بين أصابعي امرأة شعرها الغصون تشاكس الريح تتساقط أيامها في الخريف كالورق اليابس وتظل خضراء حول خصرها يلتف نهر تنحني في حالة عناق ليشرب النهر حنانها ولا يرتوي هل كان سرب العصافير عشاقا ً لم يجدوا غير شجرة ٍ وحيدة ٍ في العراء كي يبنوا أعشاشهم في قلبها ؟ جسد يعانق جسدا ً , غريق يعانق غريقا ً خشية الضياع أليس العناق هو الغرق ؟ نحب البحر فنغوص حتى أعماقه ونهوى امرأة ً فنذوب في عشقها حتى نكون معا ً جسدا ً وروحين . ماذا لو أغفلت امرأة موعدها الأول ؟ لو كانت عاشقة ما أغفلت موعدها , في حالة السهو والنسيان لا مغفرة لها , يغفر لها الحب لحظة يلامس قلبها وتعض على أصبعها ندما ً يغفر الحب الكثير . العاشقة أتخيلها امرأة مخبولة تجوب الطرقات ليلا ً باحثة ً عن شبح حبيب ٍ رأته ذات يوم ٍ في أحلامها . يتسلل صوت قحطان العطار أشم فيه عطر خزامى ورازقي أرى من خلاله سماء خضراء مطرزة بالنجوم الماسية ويهطل مطر حنون , تهطل العذوبة كأني أقطف النعناع من صوته . أشرب كأسي ممزوجا ً بالحلاوة والحزن الشفاف كأني أرشف الموسيقى في كأس مليء بالقُبل لا أدري أين يأخذني صوته لأجد نفسي مرميا ً بين النجوم ؟
أبحث عن القمر في وجهها لم أجد قمرا ً ولا وجها ً لتلك المرأة النائمة في المرآة . بدر الذي رضع الحرمان من ثدي ٍ أعجف ٍ هزيل منح العالم أعذب الشعر وأجمله . أنا بعده رضعت من الثدي ذاته هو أخرج الأقمار من صدره , صير دمعه لؤلؤا ً كيف غدا دمعي حجرا ً لماذا لم تغد ُ الكلمات بين يدي َ طيورا ً ملونة ً ؟
لم يترك لي بدر سوى كلمات ٍ لا تقل شيئا ً ماذا أفعل بكلمات ٍ لا تقل ما أريد ؟ أكتب وأمحو كلمات ٍ تهيج كبحر ٍ صغير ٍ خائف ٍ ثم سرعان ما تخبو آخذة ً معها الموج والبحر والزبد . أفنيت حياتك تعيش وهم الحب , أفرطت به ولم تنله هكذا أنقضى العمر وهما ً أو توهما ً . السيء في الأمر أن الحظ نفسه سيء والحب أبن الحظ لا شك في ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تعالوا واكتشفوا الجزائر-.. خطة لتطوير المواقع التاريخية وال


.. نصيحة من الفنان العراقي علي جاسم لشذى حسّون... -وشو بتريد أن




.. الفنان محيي إسماعيل يقدم نصيحة لمذيعة صباح العربية


.. أسباب ابتعاد الفنان محيي إسماعيل عن التمثيل المسرح




.. محيي إسماعيل: أنتظر الاتصال بالجهات الإنتاجية للبدء في فيلم