الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليقاً حول متطلبات إصلاح خط الدولة وتصحيح الخطاب السياسي

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2022 / 6 / 11
الصحافة والاعلام


(رأي خاص)

من المؤكد، بما لا يخالط الشك أو الظن لليقين أن خط الدولة سياسياً وأمنياً وإقتصادياً يشهد أخطر إنعواج وخروج عن المسار الصحيح؛ مما يهدد بنسف وحدة البلاد وشعبها، وما لم يحدث إصلاح متفاوض عليه وفق برنامج شامل يصلح هذا الخط سنكون جميعاً أمام سيناريو مريع جداً يصعب تصوره أو توقع إحتمالات آثاره الإنسانية والسياسية؛ فمن ناحية تبرز نوايا الإنقاذيين الذين يسعون للعودة إلي سدة الحكم مجدداً من خلف الصراع السياسي المحتدم بين قوى التغيير، ومن ناحية آخرى تتضاعف عوامل ضعف مؤسسات الدولة نتيجةً تدهور الأوضاع الإقتصادية والأمنية المتصلة مباشرةً بدوائر صراعات المكونات السياسية علي المسارح السودانية، وكل هذا الوضع المرير يضاف للمطامع الدولية في القرن والساحل الافريقي، ولا ينفصل السودن عن هذه الخارطة، والمخرج الوحيد المتاح حالياً هو الحوار المأمول إنجازه بدعم من الآلية الثلاثية "الأمم المتحدة والإيقاد والإتحاد الافريقي" إضافةً لمساهمات الدول الصديقة للسودان، ويتوجب علينا إستشعار تلك المخاطر المُحّدقة بنا مصحوبة بنظرة ثاقبة للمتغيرات الدولية والصراعات العالمية في القارة الافريقية خاصةً مع هشاشة الدولة السودانية وموقعها الإستراتيجي، وهذه الحالة تحتاج لخط جديد متزن لا يتعارض عليه تحقق الديمقراطية والسلام والعدالة مع المحافظة علي أمن وإستقرار الإقليم المحيط بنا ثم تنفيذ المصالح العليا للبلاد بالتعاون مع العالم الخارجي الذي يقوم بتقديم ما يمكن تقديمه لدعم السودان من أجل العبور نحو المستقبل.

هنالك مجموعات وتحالفات سياسية متنافرة تسعى للتموضع سياسياً بانتاجها خطاب إستقطاب معطوب وممكيج بأكاذيب لا تخدم إستقرار السودان، وتستخدم آليات وأدوات مصنوعة من مواد عقلية راديكالية ومتحجرة؛ في مصارعة ضارية ومضرة بقضايا السودان، وهذا ضمن معركة صفرية لا تفرز بين الألوان السياسية والفكرية وأوضاع البلاد بل هي تهدف لتصعيد لون واحد كما حدث سابقاً، وتحاول جاهدةً لإحتكار الحقيقة وبيع صكوك الوطنية وتشويه من يختلفون معها في الرأي، وبمعنى آخر هذه المكونات تتصارع لتحقيق المكاسب السياسية ذات الأفق الضيق دون النظر لسلسلة الإنهيارات السياسية والأمنية والإقتصادية الواقعة في السودان بسبب أخطاء ممارساتها الجسيمة، وليس من حساباتها إعلاء قيم الممارسة الديمقراطية مع المخلتف عنها في الأراء والمواقف دع عنك إيلاء المتغيرات الإقليمية والدولية وموضع السودان وأوضاع شعبه أدنى إهتمامها، وهذا التفكير الإنكفائي المؤسف يُعِيد إنتاج نُسّخ من صور ماضٍ السودان السحيق المشحون بارث من النكسات بعد ثورات السودانيين الضخمة "قصيرة العمر وعميقة الصدى" ليس لفقر شعاراتها إنما لإفتقار قواها السياسية للمناعة الكافية التي تمكنها من صون تلك الشعارات بتحويلها إلي برنامج عمل للتغيير الشامل، وهذا الخط المعوج خلق دولة رخوة مضطربة ومصابة بعلل التشرزم والعنصرة والفساد المالي والإداري والإنقسام الوطني حتى علي مستوى الجغرافيا المتناقصة من وقت لآخر، وقد دون قلم التاريخ تلك النتائج السيئة علي سجلاته، ولكن للأسف الشديد ما زال البعض لا يتقبلون فكرة مذاكرة دروس التاريخ، ولا أخذ العبرة مما سبق من أجل تحقيق نجاح الفرصة الأخيرة في الإمتحان السياسي الحالي.

إستمعتُ لحديث د.إبراهيم الأمين نائب رئيس حزب الأمة القومي في حلقة حوارية أجريت معه عبر راديو سوا - برنامج المشهد السياسي بتاريخ السبت، ١١ يونيو - ٢٠٢٢م؛ متحدثًا عن إضطرابات حزام واسع محيط بدولة السودان مما جعل العالم يضع قضية السودان في إعتباره كموقع إستراتيجي لا يمكن التفريط في إستقراره أو غض الطرف عن إستمرار تدهوره، وتحدث أيضاً عن المماحكات السياسية والمؤامرات والإنقسام العميق والمعيق للتغيير والتحرر، ونوه لإصداره كتاب تحت عنوان "سودان ما بعد الثورة"، وإعترف بعدم وجود برنامج مُجمع عليه بين القوى الوطنية الساعية للتغيير، هذا مع عدة أراء قدمها خلال هذه الحلقة المهمة، وأعتقد رغم إختلافي مع د.إبراهيم الأمين في بعض النقاط التي أثارها "دون ذكرها" أن حديثه إتسم بشفافية محمولاً بذات النظرة التي تحدثنا عنها أعلاه حول الأوضاع السياسية ومآلات الصراع، وتلك نظرة ثاقبة تجاه تحليل قضايا الساعة وسط إختلالات المشهد السياسي الذي أضحى مثيرًا لإشمئزاز الكثيريين، ومن الحكمة والمنطق الإعتراف بالمشكلات وبحث الحل، ويجب إيجاد منصة للحوار الموضوعي والمنطقي بين المكونات السياسية بغية تشكيل كتلة تاريخية وإستراتيجية داعمة للإنتقال المدني والديمقراطي في مناخ خالٍ من الصراعات الضيقة المنطلقة من الأنانية والتشنج للرأي ونقض الرأي الآخر، وهذا أيضاً ما أشار إليه القائد/ مالك عقار رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال في خطاب قام فيه بنقد التجربة السياسية السودانية الملتهبة حالياً؛ موجهًا رسائل مهمة لشباب وشابات السودان من منطقة اولو، وقد قمنا باستعراض وتحليل هذا الخطاب في مقالنا أمس الأول، وذلك لإستبيان محتواه، وإستخلاص مقاصده، والبحث عن الحلول من خلال تحميع الروئ المنشورة حول الأزمة السودانية، وهنا أرى أن تطابق الأراء بشكل أو بأخر حيال هذه القضايا الوطنية مسألة جديرة بلفت إنتباه الجميع للحقائق التي يسعى البعط لطمس معالمها بحملات إعلامية غير موفقة، وأعتقد أن هذه المرحلة الخطيرة تحتاج لتفكير واسع وإجراء نقاشات جادة من قبل جميع المجموعات الشبابية المتطلعة لإحداث التغيير، وهذا ما يمكن المحافظة علي السودان.

11 يونيو - 2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في