الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إصلاح الفساد من الداخل
مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب
(Mousab Kassem Azzawi)
2022 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية
حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.
فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى إمكانيات استخدام وسائل الإقناع المنطقي، والحجة الرصينة لمحاولة إقناع المتحكمين بمفاصل السلطة والثروة في المجتمع على ترشيد جشعهم في نهب المفقرين والاستبداد بحيواتهم وحقوقهم؟
مصعب قاسم عزاوي: لا بد من النظر إلى أي مبادرات تسعى لتحسين ظروف حيوات البشر من المفقرين المستضعفين في المجتمع، بغض النظر عن نهجها، على أنها مبادرات تستحق الثناء والتقدير لالتفاتها ومحاولاتها الاجتهاد لتصحيح التوازن المختل في المجتمع بين ما يحظى به الأقوياء الأثرياء، وبين حصة المفقرين المستضعفين في ذلك المجتمع التي قد لا تتجاوز حدود كونهم مادة خام لاستخراج الثروات استغلالاً وقهراً منها.
وعلى الرغم من ذلك كله، فلا بد أيضاً من الإشارة بشكل منهجي متعقل إلى أن كل تلك المبادرات التي تتأسس على طموح تأسيس خطاب رشيد منطقي عقلاني يحاول إقناع الأثرياء الأقوياء المتحكمين بمفاصل السلطة والثروة و ما يستتبعها من صناعتي الإعلام و المعرفة على استبطان مقول الرسالة المنطقية الموجهة لهم، لا بد أن يكون مآلها الإخفاق المطلق، ليس لعلة في فحوى الرسالة المنطقية والرصينة والمتعقلة والخطاب الرشيد الموجه لهم، وإنما لأن ذلك الخطاب ليس له مستقبلات بنيوية في جسد منظومات الهيمنة و نمط و علاقات الإنتاج المبتناة فيه، والتي تنظر دائماً إلى أن آليات عملها الهادفة إلى توطيد هيمنتها الكليانية وتوسعتها على مصادر السلطة والثروة، هي أس المنطق والعقلانية والرشاد وجوهره، وأن كل ما يخالف ذلك هو العوار والقصور بعينه.
وبشكل أكثر تبئيراً، يمكن تخيل أن هناك متنفذاً بعينه من أصحاب الحل والعقد القيمين على مفاصل السلطة والثروة في المجتمع قام باستبطان مقولة الرسالة الأخلاقية المرسلة إليه، وقرر التخلي طواعية عن نهج عمله في جسد نظم الهيمنة الاجتماعية، و قام بتبني نهج يسعى لأجل زيادة نصيب المفقرين المستضعفين من الثروة، و تعزيز فرص مساهمتهم في حكم أنفسهم، وصياغة نهج السلطة التي تتحكم بحيواتهم، وهو سيناريو وردي لا يحتمل تحققه بأي شكل كان نظراً لأن نظم الهيمنة تمثل منظومات وشبكات من أنماط الإنتاج وعلاقاته المتواشجة مع هياكل البنى الفوقية في المجتمع التي تعمل كوحدة عضوية لتكريس مفاعيل الهيمنة في المجتمع ومصالح الفئات المهيمنة فيه، دون أن تكون بأي شكل كان حصيلة إرادات ورؤى أفراد بعينهم. ومن ناحية أخرى، فإن ذلك المتنفذ «الخَيِّر» الذي قرر التخلي طواعية عن دوره الوظيفي في جسد آلة الهيمنة، لا بد أن يكون مصيره الحتمي نبذ صاعق من ذلك الجسد بشكل آلي في نفس اللحظة التي يقرر فيها التخلي عن دوره البنيوي وواجبه الوظيفي في جسد آلة الهيمنة السالف الذكر، هذا إن لم يتم «فرم عقله وطحن لحمه وعظمه بشفرات ومسننات» تلك الآلة المهولة عقاباً على تجرؤه على النشوز عن «واجبه المقدس» في تكريس الهيمنة والحفاظ على مفاعيلها وديمومتها.
والحقيقة أن كل الجهود الطيبة في إيصال الرسائل الأخلاقية المحقة إلى آذان القيمين على تسيير «جسد وآلة الهيمنة» لم تفلح ولن تفلح أبداً في جهودها الطهرانية؛ ولا بد لكل عاقل مجتهد في ذلك السياق أن يبحث عن الموئل الحقيقي لمقول رسالته، والذي لا يمكن أن يكون سوى جحافل المظلومين المقهورين المفقرين المستضعفين الذين يمثل تغيير موازين القوى في المجتمع، وخلخلة مرتكزات الهيمنة ضالتهم وهدفهم الأسمى حتى لو لم يدركوا ملامحه بدقة، و لم يتكشفوا آلية مقاربته بشكل عملي يحتمل أن يفضي إلى نتائج فعلية ملموسة تنعكس في تحسن مستوى حيواتهم ومستقبل أبنائهم. وهنا يكمن دور الخطاب الرشيد المتعقل المنطقي في أن يعيد توجيه بوصلته لتكون باتجاه «إسناد ودعم» جهود تلك الفئات المظلومة المستضعفة، وهي تجاهد لاستكناه آلية عمل قوى الهيمنة، وتلمس قواها الداخلية الكامنة التي يمكن أن تواجه بها قوى الهيمنة تلك، والتي قد يكون على رأس قائمتها الحقيقة السرمدية بتهالك كل قوى الهيمنة حينما ينتظم المظلومون ليعضد بعضهم بعضاً، ويبدؤون كجسد واحد يسعى «منتفضاً من ركام القهر التاريخي» لتهشيم عروش الهيمنة ورموزها ومفاعيلها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات المحلية في تركيا.. استعادة بلدية اسطنبول: -هوس- أ
.. المرصد: ارتفاع قتلى الهجوم الإسرائيلي على حلب إلى 42 بينهم 6
.. بكين تتحدى واشنطن وتفتح أبوابها للنفط الروسي والإيراني
.. الحكومة الأردنية تهاجم دعوات حماس التحريضية | #رادار
.. رمضان ومدينة المليون حافظ.. طرابلس الليبية