الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسيقي مصر والسودان شواهد حضارية وثقافية

عطا درغام

2022 / 6 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


مصر والسودان يربطهما كثير من الروابط التاريخية والفكرية والثقافية، تجمعهما علاقات تجارية وثقافية وسياسية واجتماعية بالنسب والمصاهرة ـوأطلق قدماء المصريين علي السودان"أرض الأرواح" أو "أرض الله" بعد أن أبهرتهم خيراتها ، فهما بذلك دولتان حضاريتان جمعهما نهر النيل الخصيب علي رافديه الممتدين من الجنوب إلي الشمال.
والسودان الشقيق هي البعد الإستراتيجي الجنوبي لمصر عبر العصور، والروابط المصرية السودانية تضرب في عمق التاريخ، ليس التاريخ وحده وإنما الجغرافيا أيضًا والذي يُقصد بها المعني الحرفي"وصف الأرض" حيث جمعت دولتين شقيقتين يحدهما فاصل حدودي من صنع البشر، فلم يجرؤ أحد أن يغير تلك المعالم الجغرافية الطبيعية التي رزقنا بها الله في قلب أفريقيا.
فالجغرافيا ومصطلح الچيوستراتيچي يدفعنا لتفهم معني الإستراتيچية والأمن القومي من المنظور الجغرافي وفقًا لجغرافية المكان،فرغم الحدود الدولية لكنها تظل رهينة الانصهار التاريخي والآمال المشتركة بين البلدين.
فليست الجذور وحدها هي الجامع لكليهما ، وإنما التقارب والتجانس المجتمعي والثقافي والحضاري والتاريخي، بل والواقع الذي وحَّد بين هذين القطرين داخل نسيج وطني واحد لفترات طويلة من الزمان كان عاملًا مشتركًا لهذا التآذر والتآخي فيما بين الشعبين، ونتيجة للتدخلات الاستعمارية والأهداف الخارجية تم السعي لتقسيم دول الوطن العربي.
ويبقي السؤال هل هذا التقسيم الحدودي لجغرافيا المنطقة لعب دورًا في إبعاد الروح الإنسانية التي تسير في بوتقة واحدة بشعور الأمة العربية؟ بالتأكيد إنها محاولات لتشتيتها ورغم هذا ستظل الشواهد الحضارية والثقافية هي الغالبة والمسيطرة علينا كأصحاب أهداف مشتركة ونسيج عرقي واحد.
فالوطن واحد والبلدان قد تتعدد ،ولكن يستمر حلم العروبة متغلغلًا في أحشاء أبناء هذه الأمة يراودهم أينما كانوا ويوحد تشرذمهم إن وجد. ولعل من أبرز أوجه الاندماج والمزاوجة الطبيعية الزراعية نتيجة لجريان شريان الحياة الذي وهبنا الله إياه والتفاف الشعبين حوله جعل الروابط الإنسانية تتأصل في نفوسنا بروابط عديدة مشتركة أولها الوطن مما كان له أكبر الأثر علي الشعبين الذين تعاملا مع الزراعة، وكان تعايشهم حول نهر النيل من أهم تلك العوامل؛ فأثر علي الطابع الثقافي للمواطنين ، ومن ثم ظهرت انعكاسات هذه الحضارة القديمة علي أبنائها في التعبير عما يجيش داخلهم من فنون وآداب تعبر عن المصير المشترك والأهداف الوطنية المتقاربة يجيش داخلهم فيما بين محافظات جنوب مصر وما بين السودان الشقيق.
ومن ضمن أشكال التفاعل المشترك الموروثات الثقافية والشعبية والتراث الفني المتقارب. وبالقطع أنها تشمل علي الموسيقي كواحدة من أصدق أنواع الفنون وأكثرها قربًا من البشر ، والمعبرة عما يستشعرونه في الأفراح والأتراح حيث كان لها في النفس مكانة ولا تزال.
وهذا الكتاب استطاع مؤلفه الدكتور عبدالله شمو برصيده الفني الكبير وخبرته في هذا المجال أن يغوص في بحر الموسيقي السودانية التي تقترب كثيرًا من موسيقانا النوبية تحديدًا، ومروًا بالموسيقي التراثية المصرية، وأشهر إيقاعاتها.
وانتقل بنا المؤلف بإبداع فيما يرتبط بين البلدين مع ذكر عدد من الموسيقيين لأغنيات كبار المشاهيرنولم يكتف المؤلف بهذا القدر ، وإنما طاف علي بعض الأحداث الوطنية نتيجة لما تحدثه السياسة من انعكاسات علي الفنون جميعها، ومن ضمنها أثرها المباشر علي الموسيقي والغناء،كما وضع مجموعة من الأغنيات المعبرة عن وادي النيل الذي هو نهر الحياة والقلب النابض لمصر والسودان.
قسَّم الكاتب كتابه إلي ثلاثة عشر جزءًا تطوف ما بين إيقاعات ودروب وألحان وأغنيات أثرت الحياة الموسيقية العربية بشكل أو بآخر،كما يُعد هذا الكتاب هو باكورة مثل تلك الأنواع الموسيقية التي تعكس حال الموسيقي في إحدب الدول العربية الشقيقة في سلسلة عالم الموسيقي التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب