الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة على رواية حنظلة

بديعة النعيمي

2022 / 6 / 12
الادب والفن


رواية حنظلة
لبديعة النعيمي
الرواية الفلسطينية
سليم النجار
كانت ومازالت الرواية الفلسطينية تشق طريقها في فن الرواية، وتأخذ مكانتها في اليساق الثقافي، ورواية حنظلة للروائية بديعة النعيمي تاتي في هذا السياق، وافتتحت روايتها، بإهداء كخارطة طريق،( إلى الذين يرسمون على القيود أجنحة للحرية) ، بإختصار الرواية سعيت صوب الناس، وابتهجت بالحياة، وبحثت عن الأصدقاء والحب واللقاءات،( قهقه حنظلة٠٠ أتعلم! إن خالتك تدعو للرثاء يا رجل٠ إنكم في هذه المدينة مصابون بسعار الجنس ولا تمتلكون أية مشاعر٠ ثق أيها الأسود الجميل بأنُ المشاعر التي تخرج من القلب حتما ستصل إلى القلب٠ص٢٥)٠
الكاتبة بديعة النعيمي تُشير إلى غياب العقل في المقطع السردي الذي أشرت له قبل قليل، والمنطق أيضاً والإنحياز إلى الغريزة كصانعة لرؤية غير أدامية، هذا المقطع الدرامي تم استبدالة برؤية ورواية فلسطينية، أي رد فعل غير أعتيادي للكاني الذي يتصور نفسه كائن" إنساني"٠
ثمة عمليتان عصبيتان أساسيتان تشكلان نشاط الحركات الأنعكاسية ، ألا وهما الاستثارة والتثبيط، مزيج هاتين العمليتين هو ما ينتج هذه الردة ألا وهي البوهمية!
كما أن هناك مؤثرات جديدة تم توظيفها في الرواية الفلسطينية( الضوء- الصوت- السلم الموسيقي) التي تكررت عدة مرات مع لحظة ( أصبحت مسرحًا للعقبان والنسور تبحث عن جثث لتقتات ص٤٤)، بتعبير آخر فإن الصوت الطرق كالرقص ( أو أي مثير أخر)، وقد بعثت على الرقص كموقف درامي من خلال نداء باطني يتولد عنه سؤال من يرقص على من؟ ( وإستر لا زالت في ليلة حبُ حمراء، وهامان يتدلى على عود المشنقة ارقص يا حنظلة ص٤٤)٠
في الواقع أقامت بديعة النعيمي في سردها بأمر بسيط: لقد أزالت كل أكاذيب الرواية الصهيونية، ومسحت من وعي المعنى كل ردود الأفعال التي اتقنها الصهاينة في سرد روايتهم، لقد دمرت هذه الرابطة المزيفة بينهما، المعنى والأفعال، وأصرت على التعريف الفلسطيني، ( بطاقة تعريف ٠٠٠٠٠
الأسم: حنظلة
اسم الأب: ناجي مكان الولادة: يافا
اسم الأم : حياة مكان الولادة: القدس
الدولة: فلسطين
المهنة مهندس
العملية تفجير ديمونة والاشتراك مع ثلاثمائة مجاهد في انتفاضة
النتيجة: زوال الكيان الصهيوني ص١٨٩)٠
كما تجاوزت بديعة النعيمي ما كان يطرحه بعد كتّاب الفاشية التي الرحم الطبيعي للصهيونية، ويُحكى في هذا السياق أن احد الكناب الألمان المناهضين للفاشية حالة مدهشة٠ وقع صديق هذا الكاتب في قبو للعتذيب، وهناك قاموا بتعذيبه ، ولكنه استطاع تحمله، وعندما اصطدم بحقيقة انه سوف يموت، ارتجفت نفسه، جاءته فكرة الموت لأول مرة٠ أخذته على حين غرة عندما كان ضعيفا ومعذبا٠ لقد أرعبته هذه الفكرة لدرجة أنه تخلى عن أفكاره حتى ينجو من الموت، ارسل خطابا من السجن يعلن فيه توبته، هذه الصورة الدرامية الفاشية التي تروجها على ان الكلمة العليا للقوة والقهر، غير بديعة لها رأي آخر في روايتها " حنظلة"، ( لن أعترف بشيء لم افعله ولن أكون تلك السمكة التي تلقي بتفسها في مقلاتك الحارّة، وإن أردتْ أطلِقْ على صدري رصاصة وأرحني ص٧٣)٠
الفارق بين الحادثتين، العنوان الذي رصف معنى للحقيقة التي تستحق التضحية من أجلها إنها كانت موسومة بحنظلة٠

وقد برعت النعيمي في خلق وعي من خلال بناء نقدي متخيل، ( زارتني أمي في الحلم، دعتني إليها، كما فعل أبي، جدتي وجميع أمواتي حتى جدتي مقبولة زارتني إلا انت يا ناجي ص١٦٦)٠
وفي إطار فني يعمل داخل النص الروائي، انتجت معاني ما يضمن بقاءها، فالمسافة بين الباعث الروائي والتشكيل الكتابي، هو ما يفسر لنا الجهود الفنية المبذولة في الرواية، فإذا استجابت إلى الباعث الواقعي واستنامت له، فإنها ربما تخصم بذلك من رصيدها الجمالي والفني والتشكيلي٠ وهذا ما لم تفعله النعيمي، وإنحازت إلى الجمالي المقترن بالمعنى، أي أقامت علاقة جدلية بين الجمالي والمعنى،( رفع قبعته للمرة الثانية، حكّ فروة رأسه التي كانت تخلو من الشعر ثم قال ٠٠ إذن فهي مصالح متبادلة، وضحك ضحكة مصطنعة فبادله الآخر نفس الضحكة ص١٨٨)٠
وصراع الواقعي والجمالي يكمن في الأعصاب البعيدة للرواية، فإذا كان النص منشغلاً بالواقع اليومي والتسجيلي، فإنه ربما يقع في المباشرة والتقريرية، على الحدث٠ والنظم على إيقاع النص الروائي العادي، وهنا تصبح الرواية أشبه بالمقال الروائي إن صح التعبير، لكن هذا الواقع، واسشعرت الكاتبة لأصوات كامنة داخل النص، وتنبئنا من خلال رؤيتها العميفة بما يقع، ( قطط ضالة تخرج كل ليلة تحاول القيام بثورة، أقهقه قطط تقوم بثورة؟؟ ص١١١)٠
السؤال كيف حدث هذا التوظيف الجمالي؟ لا نجد صعوبة في البحث عن الإجابة ، فالتشكيل الجمالي لأبعاد النص الروائي، يتجدد بتجديد طبقات المعاني، وينهض النص الروائي على أسس فنية وجمالية، يتجدد بتجدد الحدث، وتذهب أبعد من البواعث التي أنشأتها، والأحداث كانت سببا في صياغتها،( بقيت الأيام داخل الزنزانة كان كل شيء فيها ميت، الجدران، الباب الموصد، المقعدة المقززة، الروائح العطنة، لكن كل هذا لم يكسر صمودي أو يثبط عزيمتي، فقد كانت الذكريات تفعل بي فعل هرمون السعادة ص١٠٦ ١٠٧)٠
كما وظفت النعيمي التقنيات السينمائية في نصها الروائي، واستطاعت جعل من شخصياتها الروائية مواد خام للمشاهد البصرية، وتحكمت في إيقاعها خلال عملية صعبة ومرهقة، من خلال عملية مونتاج،( ضربات متوترة ومتتالية تنهالُ على جرس الشقة٠ انقبض لها قلبه، حدّق من خلال عدسة الباب، فانسل الخوف من قلبه ٠٠ إنه مارتن٠ قال، فتح الباب بسرعة البرق، لم يكدْ يضع رجله في الشقة حتى همس في إذنه ٠٠ أبعدْ كومة الرمل اللئيمة من هنا ص١٧٧)٠
هكذا فعلت النعيمي في روايتها" حنظلة"، سردها ينبئنا من طرف خفي على تأثرها بفن السيمنا، وتوظيفها كأسلوب فني داخل نصها الروائي٠








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى