الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو هيئة دول جديدة متحدة 3 الصين وهيئة الأمم المتحدة

كامل عباس

2022 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


نحو هيئة دول جديدة متحدة
الحلقة الثالثة
الصين وهيئة الأمم المتحدة
الصين بلد يقع في اسيا وليس في اوروبا , وهي على رأس الشرق بالمعنى الفلسفي اكثر مما هو بالمعنى الجغرافي , وهذا يلتقي الى حد كبير مع تاريخ الصين القديم المتأثر بأديان مثل البوذية والكونفشيوسية والهندوسية تعتبر الانسان مثل سائر المخلوقات أحد مكونات الطبيعة وليس سيدا لها وجميع حكماء الصين القدامى رأوا ان السلطة على الأرض يجب ان تكون سلطة اخلاقية تحكم بالفضيلة وليس بالقوة ,وسواء صح هذا التحليل ام لا فإننا لا نستطيع أن نتجاهل الفروق التي ظهرت بين روسيا والصين منذ أواخر القرن العشرين وحتى الآن والتي أدت الى هزيمة التيار الاصلاحي في روسيا والانقلاب كليا على ماضيها الاشتراكي السابق , في حين انتصر التيار الاصلاحي في الصين اواخر السبعينات وبدأ بإصلاحاته على ارضية ما يسميه الاطار العام للمنظومة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية , بدأ الاصلاح بالأراضي الزراعية سُمح فيها للمزارعين بامتلاك الأرض التي يعملون بها . الاصلاح شمل كل الميادين بما فيها مؤسسات الدولة القديمة لتصبح مؤسسات ذات طبيعة استثمارية وبأعوام قليلة انتشلت الدولة الصينية ملايين الناس في بلدها من الفقر وادى النمو فيها لأن تصبح في أوائل القرن الواحد والعشرين قوة اقتصادية تكاد تكون الثانية في العالم . يمكن تشبيه النهضة الصينية الحالية بنهضة امريكا بعد الاستقلال . لقد ارسلت قيادة الحزب الشيوعي الجديدة الالاف من طلابها المخلصين للحزب و لعملية الاصلاح الجارية فيه الى أمريكا لنقل كل منجزاتها في حقل التخطيط والتأمين والبنوك والذكاء الصنعي وكل منجزات التكنولوجيا المتطورة العصرية وعادوا الى بلدهم لوضع كل علمهم في خدمة النمو الاقتصادي للصين .
أذكر هنا - وانا المتابع للتطورات في الصين منذ اوائل القرن - ثلاثة من الطلاب عادوا من أمريكاعام 2018 وتقلدوا مناصب مرموقة في الصين واظنهم ما زالوا في مناصبهم حتى الآن هم
1- لي كه تشيانغ . نائب رئيس الوزراء خريج جامعة هارفارد أنفق أكثر من ثلاثين عاما في التخطيط طويل الجل للتنمية , يتمتع بفهم عميق للكيفية التي تعمل بها قوى السوق .
2- يي جانغ . محافظ بنك الشعب الصيني , خبير اقتصادي خريج الولايات المتحدة .
3- شو تشينغ . خبير اقتصادي خريج جامعة اكسفورد, رئيس لجنة تنظيم العمل المصرفي والتأمين , يتمتع بخبرة في القيادة الاقليمية والعمل المصرفي المركزي وتنظيم الأوراق المالية .
من يقرأ كل مؤتمرات الحزب الشيوعي الصيني منذ وفاة ماوتسي تونغ وحتى الان سيجد فيها اصرار الحزب على الاندماج بالاقتصاد العالمي على اساس السوق مع التمسك بإدارة الدولة لهذا الاقتصاد بما يخدم الصين اولا والعالم ثانيا . انقل هنا فقرة من التقرير الذي قدّمه الأمين العام شي جين بينغ للمؤتمر التاسع عشر الذي عقد هذا العام و وفيه اصرار على متابعة النهج الاصلاحي في الصين .
(تدعو الصين شعوب الدول إلى توحيد الجهود لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية وتشييد عالم نظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والرخاء المشترك وكذلك الانفتاح مع التسامح. وندعو إلى ضرورة الاحترام المتبادل والتشاور المتكافئ ونبذ عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة بحزم، وسلوك طريق جديد للتواصل بين دولة وأخرى، يتمثل في "الحوار لا المجابهة والشراكة لا الانحياز"والى دفع تطور العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر انفتاحا وشمولا وأفضلية عامة وتوازنا وفوزا مشتركا. وإلى احترام تنوع حضارات العالم، وتجاوز الحاجز الحضاري بالتبادل الحضاري، وتجاوز التصادم الحضاري بالاستفادة المتبادلة حضاريا وتجاوز التفوق الحضاري بالتعايش الحضاري. كما ندعو إلى ضرورة المواظبة على الرِفق بالبيئة، والتعاون في مواجهة التغيّر المناخي وحسن صيانة الكرة الأرضية التي تعتمد عليها حياة البشرية كلها).
يتحدث الكثيرون في امريكا حاليا عن عودة الى عبادة الفرد في الصين كما كان الأمر عند الشيوعيين على زمن ستالين وماوتسي تونغ .
لكن القيادة الصينية تدافع عن نفسها على الشكل التالي كما فهمت من أدبياتها :
في ظل عالم سريع التغير لم تعد امريكا قادرة على ادارة العالم عبر احادية قطبية نشات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ولكنها مصرة على ذلك حتى ولو لزم المر لاستعمالها قوتها العسكرية , اذاء ذلك ارتأت القيادة الصينية للعمل على دعم عملية اتخاذ القرار بسرعة لمواجهة التحديات وبالتالي فتح الطريق امام شي ونائبه لمواصلة نهضة الصين هو وكل الكوادر المجربة والمقتنعة بالخط الاصلاحي . ان الصين مثلها مثل أمريكا واوروبا أصبحت أكبر من أن يُسمح لها بالفشل وقيادتها الحالية مسؤولة عن تطور نظام حكم قادر على تسليم التغيرات البنيوية لاقتصادها ومجتمعها في حين يعمل على ضمان المساءلة الفعالة , هل سيستطيع النظام الصيني التكيف مع التحديات طوية الأجل ذلك متروك للمستقبل . لكن سلوك امريكا تجاه دولتنا لايشي بأي رغبة لمساعدتنا على ذلك وهو ضار بها وبنا وبمستقبل العالم .
أجرى نائب رئيس مجلس الأمن في روسيا، ورئيسها ورئيس وزرائها السابق، دميتري مدفيديف، مقابلة مع قناة الجزيرة، بثته في 4 يونيو/ حزيران الحالي، يتمحور مضمونه على أن مبرر حرب روسيا على اوكرانيا هو فتح الطريق بالقوة نحو كسر احادية قطبية في العالم الحالي باتجاه تعددية قطبية نصل فيها إلى "هندسة نظام أمني عالمي جديد"، يقوم على التوازن ومراعاة مصالح الجميع.
انه كلام حق يراد به باطل وسلوكها يفتح الطريق نحو جهنم على البشرية .
واقع الأمر وحقيقته ان محرك تاريخنا المكتوب هو القوة العسكرية العارية وقد توهمنا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ان الدول القوية ستتنازل عن استعمال القوة لتفسح المجال لحل النزاعات بين الدول على اساس القانون الدولي لكن شيئا من هذا لم يتم فقد استمر الصراع كما كان على اساس حرب باردة بين المنتصرين تتحول الان الى حرب ساخنة جديدة . لم تستطع الهيئة الجديدة ومعها التراث التاريخي الانساني ان تؤثر في سلوك الدول المتطورة القائم على قوتها العسكرية لا في السابق ولا في الحاضر مع كل اسف وسلوك روسيا في اوكرانيا خير شاهد عل ذلك
. اما الآن وقد دخلنا في عولمة جعلتنا رغما عنا نعيش في قرية كونية واحدة كل المؤشرات فيها تشير الى أن استمرارها مرهون بالاعتماد على القوة الاقتصادية وليس العسكرية .
واقعنا الحالي فيه دولتان قويتان الآن
الدولة الأمريكية التي ما تزال تحتل المرتبة الأولى من حيث القوة العسكرية والاقتصادية لكنها تعاني في الداخل من ركود قاتل وانقسام يصل الى حد التهديد بحرب اهلية مما يجعل امكانية ان تفقد ذلك المركز كما فقدته روسيا سابقا وارد تماما
الدولة الصينية التي تجري فيها نهضة اقتصادية حالية جعلتها تحتل المرتبة الثانية وهي تطمح الى ان تنافس امريكا على قيادة العالم عن طريق مبادرتها المسماة الحزام والطريق
امريكا والصين تتشابهان الى حد ما في واقعهما الحالي .
امريكا تقف على رجل واحدة جوهرها سياسي .
الصين تقف على رجل واحدة جوهرها اقتصادي .
ان طموح الدولتين مشروع تماما
من أجل ذلك لا بد من عودة امريكا الى لبرالية قرن الأنوار لبرالية الرئيس الثاني والثلاثين فرانكين روزوفلت للتخلص من واقعها السيء ولتقف من جديد على رجلين هما الحرية الاقتصادية والسياسية أي الى لبرالية اجتماعية وسياسية معا .
اما الصين فان نهضتها لن تستمر الا اذا عكس الاقتصاد القوي الحالي نفسه على الارض الصينية في البلاد لتتحول الصين الى دولة ديمقراطية ولو بالتدريج بحيث تقف على رجلين هما الحرية الاقتصادية والسياسية .
هل سيتغلب المنطق الانساني على منطق القوة . وتتجه الدولتان للتنافس فيما بينهما على اساس اقتصادي وليس على اساس عسكري من دون ان تتدخل كل دولة بشؤون الدولة الثانية الداخلية وتفسح الدولتان المجال الى عالم قائم على تعدد الأقطاب يتعاون مع بعضه في هيئة جديدة لمصلحة الجنس البشري أم ان حربا عالمية جديدة ستدمر هذه المرة حضارتنا , هذا هو السؤال ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل