الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظل الماركسية هي الخيار والاشتراكية هي البديل

فرحان قاسم

2022 / 6 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ان فترة 1495-1648 هي لحظة انتصار الراسمالية على احد المعوقين اللذين واجها تحولها الى طبقة مهيمنة في اوربا وهما : الأيديولوجيا الدينية المسيحة والاقطاع الذي تبناها كايديولوجيا رسمية . اذ انهار دورالكنيسة الاقتصادي والسياسي بعد معاهدة وستفاليا في المانيا بعد حروب دينية مدمرة كلفت الكثير من التضحيات حيث اتفقت الدول على :
تأسيس الدولة القومية إيذانا بانتهاء الدولة الكنسية السياسيي . 2- علمنة " مصادرة " أراضي الكنيسة " فخرجت من دورها الاقتصادي . 3- فصلت الدين عن الدولة فتحولت الكنيسة الى احدى مؤسسات المجتمع ) . في هذه المرحلة اجهزت الطبقة البرجوازية على اية علاقة للكنيسة في شؤون الدولة .
من عام 1648 – 1848 اجهزت البرجوازية على ما تبقى من العلاقات الاقطاعية عبر سلسلة من الثورات الاجتماعية لعبت فيها الطبقة العاملة وفقراء المدن والفلاحين ادوارا مهمة في إنجاح تلك الثورات و لعب هذا الصراع في بلورة الصراع الطبقي بشكل واضح بين الطبقة البرجوازية المهيمنة والطبقة العاملة والشرائح الأخرى المتحالفة معها فتوفرت العوامل الموضوعية والذاتية لظهور فلسفة الطبقة العاملة واقتصادها السياسي الماركسسي . وهذه الحقائق التاريخية التي كثيرا ما تم اغفالها لغرض التعمية الأيديولوجية تشير الى :
الطبقة البرجوازية بفعل عوامل اقتصادية أصلا وسياسية واجتماعية هي التي أبعدت الدين عن أي دور اقتصادي او سياسي .
حينما ظهرت الشيوعية ولاسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية واجهت عدوا واحد وهو الطبقة البرجوازية ودعت العمال والفقراء من كافة الطوائف والأديان للانخراط نحت وحدة الكفاح ضد الراسمالية
لم يكن لدى الشيوعية اية مشكلة مع الدين ولم تدخل في تفاصيل تحليلية للظاهرة الدينية الا في حالات خاصة
تم استخدام الدين ورقة ضد الشيوعية من قبل ماكنة العمل الأيديولوجي البرجوازية وغيرها جاء بعد احتدام الصراع بين الراسمالية والاشتراكية . ذلك
رغم مرور اكثر من ( 170 ) عاما على ظهور الماركسية فانها ما زالت تحتل موقعا هاما في جميع المنابر والمجالس سواء تلك التي تتبنى الماركسية منهجا ام تلك التي تقف موقف العداء لها وقد ازدادت أهميتها بعد تعمق الازمات الاقتصادية ، ما جعل الفيلسوف الفرنسي ( هابرماس ) يقول " ان شبح ماركس سيظل شاخصا فوقنا" . ".
لغرض التعرف على طبيعة الماركسية فمن المفيد ان نبدا بما طرحه المفكر الللبرالي الفرنسي ريمون ارون حول تعريف الماركسية ( يمكن تعريفها بجملة او بايام او بسنين) وتعريف لينين لها ( الماركسية فلسفة الطبقة العاملة ) وموقف ( غرامشي ) من الماركسية بان " كل شيء قابل فيها للنقاش الا كونها فلسفة الطبقة العاملة " . كما عرفها ( تيري اغلتون) انها نقد الراسمالية .
الماركسية . كمنهج اعتمدت على مثلث نظرية المعرفة الماركسية : من التامل الحسي الى التفكير المجرد ثم الممارسة . تبدا المعرفة بدراسة الواقع وتنتهي بتطبيق النظريات عليه. اذن لماذا ظهرت قراءات متعددة للماركسية : قراءة لينين ، برنشتاين ، كاوتسكي ، غرامشي ، تروتسكي ، مدرسة فرانكفورت . هل هذه التعددية ظاهرة موضوعية او رغبوية ؟ هل تحقق منافع للماركسية ام العكس ؟ هل هذا التنوع مرتبط بالمفهوم الماركسي عن الصراع كمصدر للتطور ام الفكر الماركسي استثناء ؟ ماهو مقياس ومعيار صحة النظرية ؟ .
من المعروف ان الممارسة بالنسبة للماركسية هي المعيار الحاسم لصحة او عدم صحة النظرية ، ولكن الممارسة تكلف الكثير من الخسائر في الوقت والتضحيات لكي تصل الى الحقيقة . فكم تكبدت الحركة الاشتراكية من خسائر جراء طروحات ( باكونين ، برودون ، لاسال ، ثم برنشتاين ، كاوتسكي ) . لا بد من التمييز بين التحليل المبدع الذي يساهم في تطوير الماركسية على ضوء المتغيرات الواقعية الملموسة وبين التحليلات الخاطئة . ان سعة الأفق في التحليل واستخدام نظرية المعرفة الماركسية نفسها في التحليل سيساهم في التقرب من الحقيقة ويقلل من الخسائر.
توصل الاقتصادي الفرنسي الراسمالي الميول في كتابه " راس المال في القرن الحادي والعشرين " الى عائد راس المال اكبر من النمو الاقتصادي . وهذا يطابق قانون ( التراكم الراسمالي ) الذي توصل اليه ماركس قبل بيكيتي قبل ( 165 ) عاما .
من اهم إنجازات ماركس الفلسفية انه ربط المادية بالديالكتيك فانتج لأول مرة في تاريخ الفكر الفلسفي الديالكتيك المادي الذي اطلق عليه بليخانوف و جوزيف ديتزغن لاحقا مفهوم المادية الديالكتيكية وهو حجر الزاوية في الفلسفة الماركسية . ولم يقتصر ماركس على هذا وانما دفع المادية الديالكتيكية الى الحقل الاجتماعي فانتج لنا المادية التاريخية التي ربطت الفلسفة بالتاريخ . وحقق ماركس إنجازه الكبير الاخر في الحقل الاقتصادي حين ربط الاقتصاد السياسي بقوانين التطور الاجتماعي ، فاصبحت العلاقة الجدلية بين النظرية والتطبيق هي جوهر الفلسفة الماركسية .
ان ماركس هو اول من ادخل مفهوم الممارسة في نظرية المعرفة ، واصبح النشاط النظري مترابطا مع الممارسة والنشاط المباشر الذي يمارسه الانسان على بيئته ، ومن خلال ذلك التفاعل بين النظرية والتطبيق تتكشف صحة المعرفة .
قال ماركس " ان مدفعية الراسمالية تدك اسوار اكثر الأمم بربرية وتجبرها تحت طائلة الفناء على تبني نمط انتاجها " وان " المجتمعات الراسمالية الأكثر تقدما هي القادرة على تجاوز هذا النظام حين يستنفد قدرته على التطور " .
اعتمدت نظرية ماركس في السياسة على كيفية الانقضاض على النظام الراسمالي كخطوة أولى لتغيير العالم ، أي البحث عن الوسائل التي تحاول البحث عن الوسائل التي تساعد على تحويل المنجز النظري في حقل الفلسفة والاقتصاد الى واقع يعيشه المواطن في ظل الانتقال الكيفي من الراسمالية كتشكيلة اقتصادية اجتماعية الى الاشتراكية كخطوة أولى نحو الشيوعية .
يمكن القول بان براكسس ماركس كانت مرنة ، وحدثت فيها انتقالات كبيرة . وواجهت محاولات ماركس وانجلز في مجال ممارسة النظرية الكثير من المصاعب والعقبات منذ البداية لاسباب عديدة ، وعلى راسها عدم اكتمال أدوات التحليل النظرية للظاهرة الراسمالية قبل الشروع بكتاب راس المال ، ما جعل روح التفاؤل التي غلبت عليها الرغبوية تطغى على طروحات ماركس وانجلز قبل ثورة 1848 ، فقد ذكر انجلز " ان التاريخ بين اننا نحن أيضا لم نكن على حق ، وان وجهة النظر التي كنا نتمسك بها كانت وهما من الأوهام ، وان التاريخ غير تماما الشروط والظروف التي ينبغي للبروليتاريا خوض النضال في ظلها ، فان وسيلة النضال التي استخدمت في عام 1848 قد شاخت الان من جميع النواحي . واكد نفس الفكرة ماركس " ان تطور الجمهورية البرجوازية التي انثبقت عن ثورة 1848 آلت الى اقتصار السيادة الفعلية في يد البرجوازية الكبيرة بينما جميع الطبقات الاجتماعية الأخرى – الفلاحون والبرجوازيون الصغار التفوا حول البروليتاريا . " وبين التاريخ ان إمكانية تحول ثورة الأقلية الى ثورة الأكثرية ليس الا وهما . اذ لم يكن من الممكن في 1848 التوصل الى التحول الاجتماعي بمجرد الهجوم المفاجئ " .
كم حاول جهاز الأيديولوجيا الراسمالي والديني والقومي وبعض الاتجاهات الاشتراكية تشويه الماركسية لكن الواقع الحي وتطوراته تثبت يوما بعد يوم صحة منهج ماركس الذي يستند أصلا الى نقد الواقع وليس الركون له . .
على عكس ما توقع المنظر البرجوازي ( فرانسيس فوكوياما ) من انه بعد الانهيار سوف تتمكن " الديمقراطية اليبرالية من ان تحدد فعلا الشكل النهائي لاي حكم انساني ، أي انها نهاية التاريخ ، والديمقراطيات اليوم لم تعرف المظالم ولا المشاكل الاجتماعية الخطيرة" . وكم هللت الدوائر الأيديولوجية المعادية للفكر الاشتراكي لهذا الفراغ وكانت تتوقع ان العالم سيسير في طريق الخلاص من مظاهر التخلف والتمايز الذي ينخر في المجتمعات البشرية ، وقدمت وعودها لبلدان الأطراف بان مستقبلا زاهرا سيطل على الأبواب ، لكن هيمنة الليبراليين الجدد على السياسات الاقتصادية افضى الى خلق مناطق واسعة تسودها الفوضى والحروب الاهلية ، و تزعزعت النظم السياسية في بلدان الأطراف . فرغم رحيل النموذج السوفييتي وهيمنة النظام الراسمالي والتقدم التكنولوجي الهائل في حقول الاتصالات ونقل المعلومة وصناعة المعرفة ، و هيمنة الشركات متعدية الجنسية فاننا نرى تمايزا يتعاظم بين الطبقات الاجتماعية داخل جميع البلدان ، وتزداد الفوارق بين دول المركز و دول الأطراف وبين المدن والارياف ، وتزداد نسب البطالة والفقر والامية و يجري تدمير منظم ومتواصل للبيئة ، إضافة الى انتشار الحروب الاهلية وتعاظم النزعات الشوفينية والطائفية . و تعاظم ظاهرة " عولمة السلاح " ، وتهريب المخدرات و تجارة الجنس .
ولا بد من التطرق الى اهم المتغيرات على المستوى الدولي لانها ستشير وبوضوح الى
عمق الازمة التي تعيشها الراسمالية ، ومن تلك المتغيرات في البلدان الراسمالية :
التحول العمودي والافقي في القطاعات الاقتصادية . اذ كان تسلسل القطاعات الاقتصادية في البلدان الراسمالية من حيث حجم العمالة خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر على الوجه الاتي: القطاع الزراعي يليه القطاع الصناعي ثم قطاع الخدمات ، بينما نراه في عام 2010 يصبح على الشكل الاتي قطاع الخدمات يشكل 80% من حجم العمالة في أمريكا و 17% للقطاع الصناعي و3% للقطاع الزراعي . وهذا التحول يشمل جميع البلدان الراسمالية المتطورة و قسم كبير من الدول الأخرى
التحول في القطاع الديموغرافي اذ " زاد سكان الكرة الأرضية من 600 مليون نسمة عام 1700 الى 7 مليار نسمة عام 2012
والمتغير الاخر الذي لايقل أهمية عن تحول القطاعات الاقتصادية في عصرنا الراهن ، هو ما يجري من اعادة " التمايز الاجتماعي على المستوى الدولي " ، بدرجات تجاوزت جميع المراحل التاريخية التي مر بها الانسان على الكرة الأرضية ، ما يشير بما لا يقبل الشك على الطبيعة الاستغلالية الأكثر شراسة التي تميز بها النظام الراسمالي " فالاوضاع المعاشية لغالبية السكان تتدهور وتتسع مساحة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ، ويموت يوميا 100 الف انسان بسبب الجوع رغم توفر غذاء يكفي لاشباع 12 مليار انسان حاليا اي يكفي لاشباع ضعف سكان الارض تقريبا وان 20% من السكان يهيمنون على 83% من الدخل العالمي و بلغ مجموع الفقراء في العالم عام 1998 مليار ومئة وتسعة وثمانين انسانا .
لم تبرز الحاجة الى الفكر الاشتراكي كما تبرز اليه هذه الأيام ، بسبب عجز الراسمالية عن تقديم حلول لازماتها التي أصبحت تهز اركان العالم ، وأثبتت تنبؤات فوكوياما خطلها ، اذ عادت الازمات تعصف بالنظام الراسمالي ، وعادت الامبريالية لنفس مناهجها القديمة ، ليس فقط في شكل الاستعمار المباشر كما حصل في أفغانستان والعراق ، ولكن أيضا في الصراع بين القوى الامبريالية على الاسواق والطاقة والنفوذ.
واجهت هذه اللوحة الماساوية التي خلفتها العولمة الراسمالية في ظل القطبية الأحادية حركة رفض جماهيرية واسعة عمت جميع انحاء العالم ، واخذت اشكالا وأسماء متعددة ، منها حركات مناهضة ضد الراسمالية واقتصاد السوق ، وحركات اخرى تعارض
التلوث البيئي ، وحركات أخرى تناهض التهميش الاجتماعي على مستوى البلدان او على مستوى تهميش بلدان الأطراف من قبل بلدان المركز ، والغالبية العظمى من الاحتجاجات والاضرابات والانتفاضات قامت بسبب البطالة والفقر وارتفاع الأسعار ، حيث وصلت نسب البطالة والفقر والغلاء درجات غير مسبوقة جعلت من المستحيل على غالبية الناس تحملها فعبرت عن ذلك بمشاركة واسعة في اية حركة اجتماعية تدعو لمعالجة تلك الظواهر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دع الحقائق تقود لنتائج
طلال بغدادي ( 2022 / 6 / 13 - 01:42 )
إن تكييف الوقائع وإجبارها على المرور بين نقطتي البداية والنهاية التي يختارها الباحث لإثبات وجهة نظره لا علاقة له بالبحث العلمي.

بدلاً من ذلك ، دع الوقائع تقود إلى النتائج

يحصل هذا في كل كتاباتك


2 - هل الاشتراكية هي البديل؟
طلال بغدادي ( 2022 / 6 / 13 - 01:47 )
لا يهمني التعريف النظري الأكاديمي أو التسويقي لمفهوم الاشتراكية

التعريف التطبيقي العملي الذي مارسته كل الانظمة الاشتراكية ( الاتحاد السوفيتي و دول حلف وارسو) ولازالت تمارسه دول مثل كوبا و كوريا الشمالية

اقصر وادق تعريف--- ( السيطرة على وسائل الإنتاج والتوزيع من أجل إحكام قبضة السلطة على المجتمع ) ---انتهى


3 - مقالة مبدعة
فريد عبدالله ( 2022 / 6 / 13 - 07:42 )
دراسة مبسطة ودقيقة وسهلة ومختصرة للماركسية . كلها تدل على سعة معرفتك وقوة تحليلاتك للواقع . تحياتي للأستاذ التربوي فرحان قاسم المحترم


4 - هل التطور الأقتصادي للغرب في ازمة
د. لبيب سلطان باحث عراقي كاليفورنيا ( 2022 / 6 / 13 - 12:48 )
الأستاذ الفاضل
تورد في نهاية مقالتكم امران متناقضان
الأول:توردون ان الرأسمالية تعيش في ازمة عميقة وتستشهدون عليه ان هناك تغييرا بنويا حصل في المحتمعات الرأسمالية بحيث ان 3% تستطيع اطعام 97% و17 % من العمالة الأنتاجية تنتح بما تصدره امريكا لقرابة خمسة مليارات نسمة في العالم و80% يعملون في قطاع الخدمات فأين الأزمة ؟ وفق المنهج الماركسي تدل هذه الأرقام على قفزات كبيرة في تطوير وسائل الأنتاج والتي حدد دورها ماركس حين ربطها بدرجة تطور المجتمعات وعليه فهذه انجازات كبيرة وليست ازمة بنيوية او عابرة وهذا
التناقض هو مع الماركسية نفسها الذي ورد في مقالتكم وهوموقف لمؤدلج في معاداة الغرب حتى وان تم التضحية بالمقولات الماركسية
الثاني: طرح البديل الأشتراكي لمعالجة ازمة الرأسمالية التي بدأت تهز اركان العالم و كما تعلمون انه على مدى مئة عام لم يشهد العالم مثالا واحدا ناجحا للنموذج الأشتراكي لأدارة الأقتصاد فكيف يكون هو البديل واثبتت التجارب فشله وهاهي الصين مثلا تخلت عنه لتحقق تقدماولكن المجتمعات الغربية تأخذ من الفكر الأشتراكي ليس ادارة الدولة للأقتصاد بل من خلال اقامة خدمات اجتماعية متقدمة

اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام