الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السبهلله (17)
محمد أبو قمر
2022 / 6 / 13مواضيع وابحاث سياسية
بعد تغيير السادات للمادة الثانية في الدستور عامم 1980 وجعل مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع كان لابد للسادات أن يرحل ، فقد كان دوره قد انتهي ، وكأن من قتلوه قد تحسبوا لربما يكتشف عمق الجريمة التي ارتكبها ، خصوصا أنه كان قد قال في إحدي خطبه الأخيره إنه قد أخطأ وأن جمال عبد الناصر كان علي حق في تعامله مع الاسلام السياسي.
مع بداية عهد مبارك بدا وكأن روح أكتوبر قد ولت ، وتفرق الرجال الذين صنعوا هذه الملحمة العظيمة واختفوا كأن الزحام قد ابتلعهم ، نصر أكتوبر نفسه تم اختزاله في أغنية لصاحب الضربة الجوية ، كل الفرص التي صبر الشعب وتحمل أعباء الاستعداد للمعركة من أجلها بدت وكأنها مثل حلم ليلي أو وهم ، وكانت الفرصة الواحدة الوحيدة المتاحة في تلك الأيام هي فرصة الدخول إلي الجنة للاستمتاع بمضاجعة الحور العين لمدة سبعين سنة في كل مرة واحدة.
عموما كانت مصر منذ ذلك الحين قد تحولت إلي كيان يستحيل وصفه ، لم يكن لها قوام محدد ، ولم يكن بالاستطاعة وصفها هل هي دولة اشتراكية أم دولة رأسمالية ، هل هي دولة دينية أم دولة مدنية ، هل هي دولة ديمقراطية أم يتحكم فيها ديكتاتور ، هل تمضي وفق أهداف محددة أم تسير بلا هدي ، كل شيء كان قد دخل في كل شيء ، لكن في ذات الوقت كان كل وصف يطل من بين كل هذه الأوصاف بوجه مشوه مخيف ، فيما لم يعد يُسمع في مصر من شرقها إلي غربها غير صوت الدعاة والخطباء عبر الميكرفونات التي كانت تتكاثر بشكل مدهش .
صحيح كانت هناك انتخابات يتم تنظيمها من وقت لآخر لكن لم يكن معروفا لماذا تُجري هذه الانتخابات ، ومن أجل أي تغيير أو أي هدف تجري هذه الانتخابات ، ومن هو المفروض أن يرسب في هذه الانتخابات ومن هو المفترض أن ينجح ، إذ كان كل المرشحين يشبهون بعضهم البعض ، وكانت معظم اللافتات الانتخابية مكتوب عليها ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ) ، وكان صوت الشيخ محمد حسين يعقوب يجلجل في الميكروباصات ، بينما كانت شاشات التلفزيونات تعرض صورة الشيخ الشعراوي وهو يقول : طالما عورة المرأة قد انكشفت علي زوجها فيحق للزوج أن يفعل بزوجته ما يشاء .
أتذكر أنه في عام 1995 كان الرئيس مبارك في استقبال رجال الدين الذين جاءوا لتهنئته بمناسبة نجاته من محاولة الاغتيال التي حدثت له في إثيوبيا وكان علي رأسهم الشيخ الشعراوي الذي وجه كلمة إلي الشعب ( الذي وصفه بأنه شعب سلبي ) وإلي الرئيس مبارك نفسه الذي وقف إلي جانبه كتلميذ ، وحين تستعيد كلمة الشيخ الشعراوي في ذلك اليوم ستكتشف أن مبارك لم يكن يحكم البلاد باختيار الشعب الذي وصفه الشيخ الشعراوي بأنه شعب سلبي ، وقد كانت الكلمة في مجملها تلخص وضع السلطة السياسية كظل خافت لسلطة رجال الدين الكاسحة التي كانت تقوي كل يوم ويتعمق تأثيرها علي كل مناحي الحياة في مصر منذ تحالف السادات مع الاخوان وتمريره لمؤامرة الصحوة وتعديله للدستور.
وصف الشيخ الشعراوي للشعب المصري بالسلبية أمام رئيس هذا الشعب لا أعرف هل كان وصفا سياسيا أم وصفا دينيا ، علي أية حال فلو أن أحدا من الحضور بمن فيهم الرئيس كان يمتلك ذرة من ضمير كان قد رد علي الشيخ الشعراوي وذكّره بتاريخ هذا الشعب أو بما كان يمتلك من همة وتوقد وعقل ووعي وهو يعمل ويتحمل في صمت طيلة ست سنوات العمل والجهد في ظل حتي صعوبة الحصول علي رغيف العيش من أجل لحظة العبور التي كان يتطلع بعدها لفرض نفسه كقوة صاعدة لديها ما يمكنها من المشاركة الفعالة في صنع الحياة قبل هجوم هؤلاء الدعاة في إطار مؤامرة دنيئة لاسقاطه في هوة الضياع.
يتبع
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 2024 النشرة المغاربية الخميس 28 مارس • فرانس 24 / FRANCE 24
.. المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية تؤكد ضرورة بدء تجنيد
.. لليوم الـ11.. استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع
.. محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بضمان إيصال المساعدات إلى غ
.. غزة.. ماذا بعد؟| نحو 20? من الأمريكيين يغيرون موقفهم من حرب