الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانية

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2022 / 6 / 13
الادب والفن


٢
في البداية كان علي أن أتخلص من الإستحالة المنطقية لإنجاز هذا المشروع بالنسبة لكل من لا يصدق أولا يؤمن بهذه الخرافة، وعملية التضاهر بمحاورة الله في مقابلة وهمية تدخل ضمنا فيما يسمى بالتضليل الصحفي أو الكذب المبتذل، وهذا في حد ذاته يلغي قيمة كل ما يمكن أن يقال. غير أنه هناك إستحالة أخرى، ميتافيزيقية هذه المرة وتتعلق بالكثير من القراء وربما الأغلبية منهم والذين يؤمنون بالله وبأنه سميع عليم مجيب من ناحية، ولكنه من ناحية أخرى لايتصل إلا بمن يختاره من المصطفين والمقربين ولا يمكنني كصحفي مغمور من الإدعاء بمحاورة جلالته. وهؤلاء سيتهمونني بالكفر والزندقة والمروق، والبعض الآخر بالسطحية وضحالة الفكر وحب الظهور، وبعضهم سيطالب بإغلاق الجريدة، وبعضهم -الأكثر حكمة- سيقول: من يدري ربما في النهاية سيهديه الله إلى الصراط المستقيم ويرمي بنوره وضياءه في قلبه المعتم. وهناك بالتأكيد عشرات الإحتمالات الأخرى التي ليست لدي القدرة على معرفتها في الوقت الحاضر. فهل هذا مبرر كاف لعدم محاولة المستحيل؟ في الحقيقة لا أدري، ولكن رغم ذلك لا بد من المحاولة أو على الأقل التضاهر بالمحاولة إذا أردنا تخيل أي عالم آخر نسافر إليه لنتنفس بعض الهواء النقي خارج هذه المقبرة.
ومنذ اليوم التالي بدأت في التفكير في بناء برنامج عمل دقيق ومفصل للنجاح في الإتصال بالمعني والحصول منه على الموافقة على هذا اللقاء. وكما هي العادة في مثل هذه المشاريع، بدات بتجميع المعلومات الأولية المتعلقة بسيرة الحياة : تاريخ ومكان الميلاد، الظروف الإجتماعية والإقتصادية للمرحلة التاريخية والعلاقات المتشابكة بينها وبين تطور الشخصية المعنية حتى المرحلة الراهنة. غير أنه منذ البداية واجهتني مشكلة مصادر المعلومات القليلة وعدم دقتها وتناقضها في أغلب الأحيان، نظرا لبعد المسافة الزمنية بيننا وبين تاريخ ميلاد هذه الشخصية المحترمة، ولعدم وجود سجلات ولا بلديات ولا إدارات محلية في ذلك الوقت لتسجيل وتوثيق أحداث من هذا النوع، بالإضافة إلى إشكالية اللغة وتغير الأسماء نطقا وكتابة على مدى السنوات والقرون. استمر بحثي عن أصول الله وجذوره فترة طويلة واختلطت علي الأمور حيث اكتشفت وجود المئات والآلاف من الآلهة والتي يرجع أصلها إلى عدة آلاف من السنين، فهناك الآلهة السومرية والبابلية والفرعونية واليونانية والرومانية ناهيك عن آلهة الهند والصين وأمريكا الجنوبية والآلهة الأفريقية المتعددة. وركزت البحث في النهاية على مكان ميلاد الله الذي يعنينا أي الجزيرة العربية. والأمر أصبح أكثر تعقيدا حيث أن الجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تعج بدورها بالآلهة من كل نوع وكانت القبائل العربية تجمّع آلهتها المختلفة في مكان يسمى الكعبة، كان هناك حسب المصادر أكثر من ٢٢ كعبة ووصل عدد الآلهة إلى أكثر من ٣٦٠ إلها في كعبة مكة وحدها منهم يغوث، إساف، نائلة، دوار، ذو الخالصة، عائم، طاغوت، ذو الشرى، ود، سواع، يعوق، نسر، وهُبَل، وهو أحد المعبودات المهمة لدى العرب القدماء، وكان صنم قبيلة كنانة وعبدته قريش كذلك لكونهم من كنانة، وهو تمثال على شكل إنسان وله ذراع مكسورة، قام العرب بإلحاق ذراع من ذهب بدلا منها. كان موجودا داخل الكعبة وقد كان يطلق عليه لقب صاحب القداح حيث كان العرب يستشيرونه لمعرفة المستقبل. وكذلك مناة واللات والعزى، أما الله فيبدو أنه كان إلها مثل بقية الآلهة إلا أنه كان أكبرهم حسب بعض المصادر وهو إله القمر وسيد الآلهة متخصص في الخلق والرزق والتكاثر والخصب حيث يتحكم في الزرع والمطر وربما لهذا السبب بقى الهلال رمز هذه الديانة وكذلك تقويمها القمري. ولا شك في وجود علاقة بين "الله" و "يهوه" العبراني والذي حرم اليهود نطقه لقداسته ولكونه دليلا على رفض الله لأن يكون له إسما «أكون الذي أكون» وفضلوا كتابة وقراءة كلمة "أدوناي" والتي تعني السيد أو الرب مكان كلمة " يهوه "
في نهاية الرحلة وصلت إلى النقطة التي ابتدأت منها ووجدت نفسي أدور في دائرة مغلقة، فـ "الله" هو الـ "إله"، أي الإله مضافا إليه " أل " التعريف وفي هذه الحالة علي أن أتعرف جميع الآلهة وأعرف أصولهم وجذورهم واحدا واحدا والعلاقة التي تربطهم الواحد بالآخر. غير أن هذا لم يكن مقصدي في البداية، إنني فقط كنت أريد قراءة نبذة مختصرة عن الله ومعرفة بعض تفاصيل حياته لمساعدتي في إنجاز مقابلتي معه وتوجيه الأسئلة التي يجب توجيهها دون الخوض في التفاصيل الغير مجدية. هناك إذا آلهة متعددة، بل ما يشبه القبائل الإلهية المتناحرة، كل يحاول السيطرة على منطقة من مناطق النفوذ، غير أنه في النهاية يبدو أن أحد هذه الآلهة العديدة تمكن من الإنفراد بالسلطة نهائيا وتخلص من جميع منافسيه دفعة واحدة ، وإن أحتفظ ببعض المساعدين مثل الملائكة والأنبياء والأولياء وأعلن نفسه إلها واحدا وحيدا لا إله إلا هو وتمكن من السيطرة على السماء والأرض وعلى عوالم السر والعلن، على الإنس والجن وعلى الدنيا والآخرة، وهو الإله الذي ما يزال يمارس السلطة حاليا ويمارس سلطانه وجبروته على مئات الملايين من فقراء البشر وأغنيائهم وعلي أن أقابله لأوجه له بعض الأسئلة في إطار عملي الإعلامي.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نظرة الغرب للثقافة السعودية تغيرت في السنوات الأخيرة


.. بدء امتحان اللغة الأجنبية الأولى للثانوية العامة..التعليم: و




.. عمرو الفقي: التعاون مع مهرجان الرياض لرعاية بعض المسرحيات وا


.. ثقافة البرلمان تشيد بتفاصيل الموسم الثاني لمهرجان العلمين وت




.. اللهم كما علمت آدم الأسماء كلها علم طلاب الثانوية من فضلك