الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خجل أنا من إنسانيتي!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2022 / 6 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يجب ذبحه، وقتله، والحُكْم عليه بالإعدام شنقا في ميدان عام، أو جلده خمسمئة جلدة، أو وضعه في زنزانة منفردة حتى يموت، أو .. أو ..

كلمات قصيرة؛ لكنها تصف بوضوح مجرى نهر الدم في الشريان البشري الذي يقطع عالمنا العربي.

والتهمة قد تكون التطاول على الوطن، أو استبدال الجنسية ولعب كرة القدم باسم فريق أجنبي، أو انتقاد أحد الصحابة، أو عدم الاقتناع بالدين، أو إنكار ما هو معلوم بالضرورة مثل تعدد الزوجات وغطاء الرأس، والتسامح مع ملحد، وتهنئة جارك الذي يؤمن بالثالوث، وإنكار عذاب القبر...

خرفان وذئاب يتبادلون مواقعهم؛ شماتة وفرحة تلتصقان بمُخاط المُخّ، ولكن المهم تلك القسوة الدراكيولية التي أصابت المسلمين.

إنه شخص يستحق التعذيب بغير محاكمة، فــ( إلا رسول الله)؛ فهي الخط الأحمر حتى لو تسامحنا مع الديكتاتور والطاغية والسفاح واعتقال أبنائنا واغتصاب أطفالنا وحبس نسائنا في بيوتهن، والتعاون مع العدو، والتنازل عن الأرض والمياه والخيرات والكرامة والحرية والتجسس لصالح الاستعمار.

لهذا ليس غريبا أن أكثر المُشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي تحظى بها المصارعات ونهش اللحوم وافتراس الحيوانات المتوحشة لأجنة صغيرة من حيوانات أليفة، والجنس العنيف وأخبار الاعتداء على الأطفال وزواج المحارم والاغتصاب الجمعي.

حتى مذابح وقتلى الحروب لم تعد تثير اهتمامنا، بل قد نتلذذ بها أو لا نكترث لمشاهدتها كأننا منبهورون بمصارعة الثيران.

الخطب الدينية بها من قطع الرقاب أكثر مما بها من الشفقة والتسامح، ويمكن للجماهير العريضة والمهووسة والهستيرية أن تتظاهر غاضبة لأنك ترحمّت على من يعتنق دينا آخر، لكن تخرس بجُبن خانع إذا رأت حاكمها يقطع رقاب أبنائها.

مقاطع الفيديوتيوب تحولت إلى سلخانة تجمع ملايين اللايكات، أو إلى حفل اغتصاب أطفال يسيل له لعاب البيدوفيليين الجُدد.

أحكام الإعدام الظالمة والتي تفتقر لمحاكمة عادلة تُسعد الجماهير التي تطالب بمضاعفة الظُلم حتى تشفي غليلها ، دون أن تعرف السبب!

هل صحيح أننا مرضى فاشيون أو ساديون لم يعد هناك أمل في علاجنا؟

هل حُكامنا وقضاتنا وسجانونا وقاتلونا ومغتصبونا أتوا من أرحام نسائنا أم من أدغال ومستنقعات وكواكب بعيدة واختلطوا بنا كأنهم بشر؟

في كل يوم، وكل ساعة، وكل دقيقة تطارد أعينَنا، وأسماعَنا حكايات حقائق وحوادث ومقدسات يندى لها خجلا جبينُ الحيوان المفترس والجائع!

أنا خجل.. خجل.. خجل من أن الله خلقني إنسانا، ونفخ رحمته في روحي، وأرسل أنبياء ورُسُلا ومصلحين وقديسين لتقويمي، وفرض علي عبادته فاستبدلت بها عبادة القسوة والوحشية والتكفير والوشاية والكراهية ومقارنة الأديان والخضوع لمغتصبينا!

الإنسان الجديد المفترس يحاصرنا في كل حياتنا حتى أنه اقتحم فكرنا وعقولنا واستقر في جماجمنا وشرب من دماء ضحايانا، ثم عبد اللهَ وتوجّه بعدها إلى القصر ليمسح حذاء السيد!

أترككم الآن حتى أتلذذ بحُلم قتل من يختلف معي، أو يعتنق دينا آخر، أو يناهض خادمي في قصره المعمور بالخيرات و.. الجُثث.

لم يعُد لدَينا صبرٌ للانتظار حتى يوم القيامة؛ فاخترعنا عذابَ القبر في البرزح، وأتينا بالله وملائكته في وجبة تعذيب لا تنتهي قبل يوم الحشر فعقولنا لا تستوعب الجمال والحب والرحمة وسكون الموت حتى البعث!

خجل أنا من بشريتي وإنسانيتي فهي لا تليق بي؛ إنما بسكّان الغابات والأدغال والمستنقعات.

طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 13 يونيو 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م