الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبهلله (18)

محمد أبو قمر

2022 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كان من الطبيعي أن ينشأ صراع علي السلطة بعد موت عبد الناصر ، وفي مثل هذه الصراعات تكون المصالح الوطنية معرضة دائما للخطر ، لكن ما هو غير طبيعي بالمرة أن يضحي الرئيس في صراعه علي السلطة بدعوي الحفاظ علي المصالح الوطنية لا بالمصالح الوطنية فقط ، وإنما يضحي بالشعب ، ويضع الوطن بتاريخه وقواه الفكرية والعلمية والأخلاقية والقانونية والفنية والإبداعية في مهب الريح.
لم يحلم الاخوان منذ نشأة عصابتهم في العشرينات بهذه الفرصة التي منحها إياهم الرئيس السادات في السبعينات ، كانت قد مرت خمسين سنة وهم يقتلون ويتآمرون ويتسللون ويستخدمون كل الوسائل الدينية دون أن يتمكنوا من إحداث عملية اختراق ذات قيمة نوعية للضمير الشعبي حتي جاءتهم الفرصة التي منحها لهم السادات مجانا ودون حتي تعهد منهم بالحفاظ علي حياته هو شخصيا.
لم يضيعوا الوقت ، اكتسحوا الجامعات ، استولوا علي جميع النقابات ، اخترقوا جميع المؤسسات بما في ذلك مؤسسة الأزهر ، صارت لهم خلايا في الجيش ، وفي الشرطة ، وأصبحت لهم مساجد خاصة في كل ربوع الوطن ، جندوا عملاء لهم في مختلف وسائل الاعلام ، في جميع الأندية ، في الجمعيات المختلفة ، في القضاء ، ولا حاجة هنا لإيراد أمثلة أو ذكر أسماء فالأحداث التي مرت بها البلاد منذ لحظة التحالف مرورا بالعمليات الارهابية وبالمؤامرات التي تم اكتشافها وحتي أحداث يناير وصولا إلي أسود وأبشع حدث في التاريخ المصري عند استيلائهم علي السلطة ، كل ذلك قد أظهر بجلاء أن حتي بعض من كان السادات يخشاهم وتحالف مع الاسلام السياسي لضربهم فوجئنا أنهم قد سقطوا في أحضان الاخوان ، وأظن أن الجميع قد شاهد الأخ صاحب أعلي حنجرة ناصرية وهو يجلس بعد ثورة يناير كالتلميذ البليد أمام المرشد في مكتب الإرشاد عارضا خدماته عليهم وكله أمل أن يحوز رضاهم عنه.
ما فعله السادات ومبارك من بعده كان بمثابة تسليم مفاتيح الوطن لمن أرادوا تحويله إلي غرفة عمليات دينية مزودة بأدوات ومحاليل وعقارات مستخرجة من أشد جوانب التراث دموية وجنسية وخرافية لاستعمالها في إجراء جراحة نزع مخ وضمير الشعب ، وربما تكشف الدراسات الأمينة لوقائع الحياة المصرية ( سياسية وثقافية وإعلامية وتعليمية وقانونية وحتي اقتصادية ) خلال الفترة منذ دستور 71 وحتي الآن ربما تكشف هذه الدراسات أن عملية نزع المخ وتشويه الضمير وإبطال العقل قد نجحت نجاحا مذهلا إلي درجة أن مجمل عمليات التحديث الاقتصادي والعلمي والتعليمي التي نشهدها الآن تُبني علي أرض عائمه وأنها بلا قوائم أو ركائز ثابتة تحميها من الانهيار السريع إذا ما تغيرت الظروف السياسية كما حدث لعديد من التجارب النهضوية التي حدثت فيما قبل هذه التواريخ السوداء.
من باستطاعته القول الآن أن تحالف السلطة مع الاسلام السياسي الارهابي في السبعينات قد انتهي تأثيرة في الحياة المصرية أو أن أوراقه قد تمزقت إلي الأبد؟.
نحن نضرب الارهابيين ونتحمل تكلفة ذلك من أرواح أفضل شبابنا ، لكن الفكر الارهابي بناء علي صك التحالف القديم مازال موجودا في المؤسسات التعليمية ، في المؤسسات الثقافية ، في الإعلام ، في مؤسسات الدولة المختلفة بما في ذلك مؤسسة الأزهر ، هذا الفكر موجود في الحياة المصرية دون أي مقاومة ذلك أن التيار الصحوي مازال يفسح الطريق أمامه بتسفيهه للعلم ، وبتكفيره للمفكرين ، وبنشر خرافاته ، وبسيطرته الكامله علي وجدان ووعي المصريين ، ثم إن الدستور بوضعه الحالي قد جعل من الحرام والحلال أساسا لكل تقييم سلوكي ، وصارت الفتوي بديلا عن القانون ، وفي أحسن الأحوال صار القانون تابعا ذليلا للأراء الفقهية التي ضربت عنصر الزمن في مقتل واستحضرت الماضي ليأكل الحاضر ويجعل من عملية الدخول في معترك الحضارة الإنسانية محض وهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ