الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المأساة اليونانية في القرن الخامس ق.م

عطا درغام

2022 / 6 / 16
الادب والفن


اختلف المسرح اليوناني القديم عن المسرح الحديث في بنائه، فكان رقعة فسيحة من الأرض نصف دائرية ..علي جانب منحدر أو هضبة، ولم تكن مقاعد أول الأمر غير قطع من الأحجار نحتت في الصخر علي هيئة صفوف منتظمة تتدرج مع انحدار ذلك التل .
وكان ذلك يتوسط هذه المقاعد مساحة مسطحة دائرية الشكل ، يشغلها أفراد الجوقة أثناء العرض وتعرف بالأوركسترا تواجهها منصة مرتفعة يظهر عليها الممثلون.
وفي وسط هذه الدائرة مذبح الآلهة حيث تُقام حوله الطقوس الدينية.ومن المؤكد ان هذا المسرح لم يكن بحاجة إلي أضواء لأن العرض كان يُقدم أثناء النهار..ومن البديهي أنه لم يكن بحاجة أيضًا إلي ستار أو حيل مسرحية او غير ذلك من وسائل المسرح الحديث؛لانه لم يكن في الواقع إلا معبدًا لإله من الآلهة.وكان الحفل كله نوعًا من التعبد لذلك الإله يقيمه اليونان في أعيادهم الدينية.
وأهم هذه الاعياد هي أعياد ديونوسيوس الكبري التي كانت تُقام أواخر شهر مارس من كل عام وتستمر خمسة أيام.
ففي اليوم الأول كانت تحمل الجماهير تمثال الإله ديونوسيوس من معبد بجواره إلي المسرح، ثم يسيرون به علي طوال الطريق إلي ضاحية إليوسيس موطن الإله، ثم يعودون به مرة أخري إلي أثينا في احتفال مهيب تخليدًا لذكري هذه المدينة أول مرة.
وكان تمثال الإله ديونيوسيوس يتصدر المسرح المسمي باسمه؛إذإن اليونان كانوا يعتقدون في ضرورة حضوره لمشاهدة المنافسات المسرحية التي تُعرض فيها رقصات الديثورامبوس والمسرحيات بنوعيها،ورقصات الديثورامبوس كانت في تقدمها مجموعة من خمسة صبية يتبارون مع خمسة رجال،ويبلغ عدد الجوقات المتسابقة عشرًا.
وتستمر هذه الاحتفالات طيلة اليوم الثاني من هذا العيد،ثم يأتي دور المسرحية بنوعيها في الأيام الثلاثة الباقية، فيتسابق ثلاثة من شعراء المأساة يختارهم الأرخون،ويشترك كل منهم بأربع مآسِ تعالج موضوعات مختلفة أو موضوعًا واحدًا.
وكانت المأساة تُعرض أول النهار،ثم يأتي دور الملهاة بعد الظهر،وكان كل شاعر من شعراء الملهاة يتقدم بمسرحية واحدة ليس غير بعكس شعراء المأساة..فإذا علمنا أنه لم يكن يسمح لغير النابغين من الشعراء بدخول هذه المسابقات أمكننا أن نتصور مدي التقدير الذي يحرزه الفائز الاول بين المتنافسين.
وكلن هذا المسرح يستع لما يقرب من أربعة عشر ألف متفرج أو أكثر.وكان حضور هذه الاحتفالات مباحًا للجميع بالمجان أو نظير رسم ضئيل تفرضه الدولة، وكانت الولايات اليونانية الأخري ترسل مندوبين يمثلونها في هذه الاحتفالات،وكان يسمح بحضورها أيضًا للأجانب المقيمين في أثينا وغير المقيمين بها.
وليس هناك دليل قاطع علي أن النساء كن يرتدن هذه الاحتفالات إذ كانت لهن أعياد خاصة بهن،وجدير بالذكر ان عددًا كبيرًا من المواطنين يربو علي السبعمائه كانوا يشتركون في تقديم فقرات هذه الاحتفالات أإذ انه كان لا يسمح للمواطن بالاشتراك إلا في مجموعة واحدة طيلة أيام العرض.
وفي أواخر القرن الخامس بدأ عرض المأساة في الأعياد اللينينية التي خصصت في الأصل لعرض الملهاة، وكانت هذه الأعياد تُقام في فصل الشتاء"اواخر يناير تقريبًا"..ولما كان الطقس البارد لا يشجع الأجانب علي زيارة أثينا في ذلك الوقت؛لذا لم يهتم بهذه الأعياد سوي الأثينيون وحدهم فأصبحت أقل أهمية من أعياد ديونوسيوس الكبري.
أما هيئة التحكيم فكان أعضاؤها يختارون بالاقتراع،ولم يكن حكمهم عادلًا في بعض الأحيان إذ كانوا يتأثرون بهتاف المتفرجين وصياحهم أثناء العرض ويخافون معارضتهم.زولذا فلا نعجب إذا علمنا ان مسرحية سوفوكليس "أوديب ملكًا" لم تفز بأكثر من الجائزة الثانية، بينما مسرحية يوريبيديس "ميديا" جاءت في المرتبة الثالثة أي الأخيرة
ويتناول هذا الكتاب..المأساة اليونانية في القرن الخامس ق.م من تأليف الدكتور محمد صقر خفاجة..االعوامل التي أدت إلي نشأة المأساة اليونانية وساعدت علي نموها،كما يستعرض تاريخ أثينا في هذه الفترة لتبين الصعوبات التي كانت تحول دون تقدم شعبها ومدي ما قاسوه في سبيل تدعيم النظام الديمقراطي،والقضاء علي النظام الأرستقراطي.
ويوضح الكتاب أن العوامل السياسية والاقتصادية قد ساعدت علي نشاة المأساة،كما تعتبر العوامل الدينية النواة الأولي التي بُنيت عليها تلك المأساة.
ويناقش الكتاب خلال فصوله ،المأساة قبل إيسخولوس ثم المأساة عند كل من إيسخولوس وسوفوكليس ويوريبيديس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا