الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الراسمالية مع الحرب الحرب في اوكرانيا

محمد رضا عباس

2022 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


النظام الاقتصادي الرأسمالي لا يسمح للدولة بالتخل الاقتصادي, أي لا يمكن للدولة ان تقرر نوع الإنتاج والخدمات , ولا يمكنها التحكم بإرادة العمال , وليس لها شغل بالأسعار. أسعار السلع والخدمات يحددها السوق عن طريق المنافسة التامة بين الباعة والمشترين . الاقتصاد الرأسمالي يسمح أيضا باختصاص الدول في الإنتاج , الدول الزراعية تحتاج التركيز على الزراعة وتطويرها وبذلك يزداد انتاجها و يرتفع دخلها , فيما يدعو الدول التي تملك رأسمال الكبير بالتركيز على الصناعات الرأسمالية مثل صناعة المعدات الثقيلة , البتروكيمياويات , الصلب والحديد . واكثر من ذلك , تدعو النظرية الرأسمالية الى عدم فرض الضرائب على الصادرات والاستيرادات , أي ان السلع والخدمات تدخل وتخرج الى و من البلدان بكل حرية .
هل التزم الغرب او أصحاب النظرية الرأسمالية بما قالت النظرية ؟ كل من يراقب احداث الحرب في أوكرانيا وما اعقبها من فرض عقوبات اقتصادية غربية على روسيا سيقول لا, لم تلتزم الدول الصناعية بما كانت توعظ به من منافع للنظام الرأسمالي .
كان اول خرق للنظرية الاقتصادية الرأسمالية هو مقاطعة شراء النفط الروسي , والتي بسبب هذه المقاطعة زاد سعر البرميل الواحد باضطراد في الأسواق العالمية حتى وصل بما يقارب 122 دولار . أي لم ينتج من هدف فرض المقاطعة الا موجة غلاء في اروبا والعالم , وتكدس أموال إضافية في الخزينة الروسية . التضخم المالي وصل في الولايات المتحدة الى اعلى مستوى له منذ 40 عاما , 8.6% , فيما وصل التضخم في اوريا الى 7.5% وهو الاخر الأعلى منذ 1991 . نفط روسيا لم يتوقف بل ازداد شهر بعد شهر , حتى ازداد الشهر الماضي بزيادة قدرها 130 الف برميل , أي وصل الى 10.55 مليون برميل بعد ان كان في الشهر السابق 10.37 مليون برميل وبهذا زاد الفائض المالي في الميزانية الاتحادية مبلغ 1.495 ترليون روبل بين شهر كانون الثاني الى نهاية شهر أيار.
أسعار الغاز صعدت الى 1541.7 دولار لكل الف متر مربع , وهو اعلى مستوى منذ اندلاع الحرب , فيما يتوقع خسائر أوروبا من ارتفاع أسعار الطاقة فقط 400 مليار يورو إضافية , فيما اضطرت اروبا بدفع 95% من قيمة صادرات الطاقة الروسية لها بالروبل , وبذلك حقق الرئيس بوتين هدفه , وهو رفض التعامل مع العملات العالمية, الدولار واليورو .
بعض المصانع ذات الاستخدام الكثيف للطاقة , معامل الأسمدة, البتروكيمياويات, الصلب والحديد , أغلقت أبوابها في بعض المدن الأوروبية مسببة تسريح الاف العمال . دميتري مدفيديف نائب رئيس مجلس الامن الروسي اكد قبل يومين ان الأوروبيين يعانون من نقص الطاقة وستزداد حجمها , فيما ان الرئيس الأمريكي جو بايدن حذر كبرى شركات النفط في البلاد من انه قد بفرض حالة الطوارئ لتعزيز انتاج مصافي النفط . وبسبب ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية , اقترح الرئيس الأمريكي الى تشكيل تحالف للدول المستهلكة للطاقة هدفه هو تشكيل كارتل يتم من خلاله التحكم بأسعار النفط ولكن هذه المرة ليس من قبل المنتجين وانما من قبل المشترين , وهو خرق اخر للنظرية الرأسمالية التي ترفض الاحتكار والذي استخدمها الغرب سيف مسلط على رقبة الدول المصدرة للنفط في أعوام السبعينيات من القرن الماضي . لقد اتهموا الدول المصدرة للنفط باحتكار مادة النفط و اتفاقهم على تسعيره في السوق العالمية على الرغم من الرفض المتكرر من قبل منظمة اوبيك لهذا الاتهام .
اكثر من ذلك , الكل يتذكر قبل أيام الحرب في أوكرانيا , ان الولايات المتحدة الامريكية هي التي كانت تدعو دول اوبيك برفع أسعار نفطها في الأسواق العالمية حتى يتمكن النفط الأمريكي التنافس في الأسواق العالمية , بعد ان تم تطوير المكائن المستخدمة في انتاج النفط الصخري و تحول البلد من مستورد للطاقة الى مصدر لها . قرار الدول الصناعية بتشكيل منظمة للمستهلكين للطاقة يعارض النظرية الاقتصادية وبنفس الوقت يضيف شاهد اخر الى حماية الدول الصناعية لمصالحا بكل الطرق حتى لو تطلب الامر العمل ضد النظرية الاقتصادية والتي ظلوا يسوقون لها منذ 500 عام.
خرق اخر يقوم به الغرب للنظرية الاقتصادية , وهو الضغط على المملكة العربية السعودية بزيادة انتاجها من النفط من اجل تخفيض سعره في الأسواق . حسب النظرية الاقتصادية , فان المنتج هو الذي يقرر كمية الإنتاج وبكل حرية , وان السوق هو الذي يقرر سعره , لا ان يفرض على المنتجين بالتلاعب في حجم الإنتاج من اجل التلاعب بأسعاره.
الا ان , وبموجب وكالة بلومبرغ , ان الرئيس بايدن قد اكتشف مؤخرا ان العقوبات "المفرطة " ضد روسيا رجعت على صاحبها , حيث ان الكثير من الشركات الغربية غادرت السوق الروسية , والان ادرك ان هذا الوضع يضرب الاقتصاد الأمريكي , حيث بدء المسؤولون الامريكان يلاحظون تدريجيا ان سلاسل التوريد تتعطل وان التامين على امدادات الحبوب اصبح مستحيلا. وبالمناسبة , فان سياسة فرض العقوبات الاقتصادية هي الاخر مخالفة نظام السوق , لأنها تؤدي بالأضرار للمنتجين في الدول المحاصرة واضرار للمشترين في الدول المشاركة في العقوبات.
لا اعتقد ان العقوبات الغربية ستستمر طويلا , لان الغرب , كما هو معروف, ليس له المعدة لهضم تراجع اقتصاده , وتسريح الملايين من العمال والتي في الأخير ستتحمل تكاليف معيشتهم . لهذا السبب بدأت أصوات من أوروبا وامريكا تصرح بضرورة وقف الحرب و دعوة الرئيس الاوكراني بالتنازل عن بعض أراضيه اذا تطلب الامر. كان اول الداعين لذلك الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي قال سيتعين على الرئيس الاوكراني اجراء محادثات مع روسيا لأنهاء النزاع, فيما صرح وزير الخارجية الامريكية توني بلينكين ان واشنطن ستحترم قرار كييف الرسمية اذا قررت تقديم تنازلات إقليمية لروسيا . هذا التصريح اعاده أيضا جيك ساليفان , مستشار الامن القومي للرئيس الأمريكي والذي قال فيه , ان" الولايات المتحدة لن تضغط على السلطات الأوكرانية لتقديم تنازلات لروسيا."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل