الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بن-غفير يحرّض ويجعجع والحكومة تنفذ

عايدة توما سليمان

2022 / 6 / 17
القضية الفلسطينية



يعتقد الكثيرون من اليسار الصهيوني واليمين العربي (على شاكلة الموحدة) أن "حكومة التغيير" ضرورة، وربما هي ليست أفضل ما طمحوا له، ولكنها الأقل سوءًا. صحيح، فهذه الحكومة قائمة على القاسم المشترك الأدنى، والذي يمكن استنفاده في العبارة "فقط ليس نتنياهو"، وأطراف الحكومة المختلفة أيضًا ما زالوا يدّعون بحماس أنه لولا هذه الحكومة لعاد نتنياهو ومعه بن-غفير إلى سدة الحكم. ولكن المشكلة أنه في ظل هذا الترهيب من البديل المحتمل، تقوم حكومة بينيت-لبيد، وبدعم من حزبي العمل وميرتس، بفعل ما يدعو له بن-غفير ويصرخ لأجله.

بحسب معطيات منظمة "بتسيلم"، فقد قتل الاحتلال منذ تشكيل "حكومة التغيير" 102 من الفلسطينيين على أيدي الشرطة، الجنود والمدنيين الاسرائيليين، وهدمت اسرائيل أكثر من 579 مبنى في المناطق الفلسطينية المحتلة. بحسب معطيات منظمة "هموكيد"، فإن 640 فلسطينيًا رهن الاعتقال الاداري دون محاكمة. وبحسب حركة "السلام الآن"، فقد أقرت الحكومة منذ اقامتها خططا لبناء 7292 شقة سكنية في المستوطنات، وأعلنت بشكل رسمي عن عدد من المناقصات لبناء 1550 شقة سكنية اضافية. وتشير بيانات المكتب المركزي للإحصاء أنه فور تشكيل الحكومة في النصف الثاني من عام 2021 كانت هناك زيادة بنسبة 43% في عمليات البناء في المستوطنات مقارنة بعددها في النصف الأول من ذات العام.

كما كان عضو حزب العمل "اليساري المعتدل" عومر بارليف، هو من سمح بإقامة مسيرة الأعلام الاستفزازية التي تخللتها أعمال عنف ضد المواطنين الفلسطينيين وهتافات عنصرية مثل "الموت للعرب". على الرغم من اعلان بارليف دعمه لحل الدولتين، إلا أن ذلك لم يمنعه من الموافقة على مسيرة تحريضية تحمل طابعًا معاديًا للفلسطينيين، وبرّر ذلك بأن هذه المسيرة هي "تقليد سنوي يحمي شرعية السيادة الاسرائيلية" في القدس الشرقية المحتلة أساسًا. في أيام بارليف أيضًا، هاجمت الشرطة الاسرائيلية بوحشية نعش الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة بحجة رفع العلم الفلسطيني. هذا العلم ذاته الذي أزيل عن بناية في رمات-غان بعد أن رفعته منظمة "محازكيم" إلى جانب العلم الاسرائيلي. لكم أن تتخيلوا دولة نووية عظمى تعاني من رهاب العلم، العلم الفلسطيني. كما كان بيني غانتس، وزير الجيش في "حكومة التغيير"، قد أعلن عن 6 منظمات حقوقية فلسطينية على أنها منظمات ارهابية.

في ائتلاف "اللا-خيار" من المهم أكثر لنواب اليمين أمثال نير أورباخ وأييلت شاكيد الحفاظ على الفوقية اليهودية والعمل على توسيع الاستيطان، من أن يكون مهمًا لنواب حزب العمل، يش-عتيد، الموحدة، ميرتس وكحول لفان الحفاظ على العدل، المساواة وانهاء الاحتلال. وهذا ما حصل عندما تغيب نواب يش-عتيد وحزب العمل الأسبوع الفائت عن التصويت على قانوني لجان القبول ومنع رفع العلم الفلسطيني العنصريَّين، وبالتالي السماح بمرورهما.

قبل أيام، فشلت الحكومة فشلًا ذريعًا في محاولة تمديد أنظمة الفصل العنصري الاسرائيلية التي تنص على قانون واحد لليهود وآخر للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ بينما صوّت نواب اليمين المتطرف ضد القانون، صوت معظم نواب أحزاب "الوسط واليسار" في الائتلاف الحاكم لصالح تمديد أنظمة التفوق اليهودي، وكل ذلك باسم الاستقرار والضرورة السياسية. حول ذلك كتب ميخائيل بن يائير، المستشار القضائي الأسبق للحكومة، "هناك خط رفيع يفصل بين اليسار واليمين في الحكومة بما يتعلق بالمستوطنات: اليمين يدعمها واليسار متصالح معها: فعليّا، الاختلاف غير موجود".

لا شك أنه من المهم محاربة فساد نتنياهو الأخلاقي والسياسي، لكن يجب أن نذكّر أولئك الذين نسوا أو اختاروا الهروب من قضايا العدالة وحقوق الإنسان، بأن الفساد الأخلاقي الأخطر هو الاحتلال والفصل العنصري. منذ تشكيل الحكومة الحالية، تحولت القوى التي حاربت الاحتلال في السابق إلى ورقة تين لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي. الجرائم التي كانت تُرتكب في الخفاء تُرتكب الآن علانيّة. أولئك الذين دخلوا الحكومة من أجل ضبط الجناح اليميني فيها يساهمون في الواقع في تعميق الاحتلال وإخراس الانتقادات تجاه سياسات إسرائيل ويشرعنون تعزيز سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

معظم المواطنين اليهود في الدولة غافلين عن العنف اليومي في الأراضي المحتلة، إما لكونه مريحا لهم أو لكونه غير مرئي وطبيعي في نظرهم. الائتلاف صامت في وجه حملة القتل اليومي للفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو يعطي بهذا الصمت الضوء الأخضر للاستمرار بارتكاب الجرائم. الاستيلاء على الأراضي، التوسع الاستيطاني، التطهير العرقي لسكان مسافر يطا، استمرار الحصار الغاشم على قطاع غزة، هدم البيوت بالجملة، تصفيات واعتقالات بدون محاكمة ودعم إرهاب المستوطنين – هذا هو الوجه الحقيقي "لحكومة التغيير".

بعد 55 عامًا من الاحتلال العسكري وعقود من الاضطهاد القومي والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطنيني، أصبحت الآن الفوقية اليهودية "طبيعية" وبديهية، والأسوأ من ذلك عندما يكون "اليسار الصهيوني" ومعه حزب عربي بمثابة جدار دفاعي للاستعمار الاسرائيلي.

إذا ما استمرت القائمة العربيّة الموحدة في التصويت لصالح المشروع الاستيطاني، واستمر حزب العمل بدعم العنصريّة الممأسسة وغض النظر عن جرائم المستوطنين، وإذا ما استمر حزب "ميرتس" في تأييده لتوسّع نظام الأبارتهايد، سوف تشتد دائرة العنف الدمويّة التي يدفع ثمنها العرب واليهود على حد سواء بشكل يومي.

يوم الأربعاء الفائت، عقد في الكنيست مؤتمرًا بمناسبة مرور 55عامًا على الاحتلال وأكثر من سبعة عقود على النكبة، عرضنا خلاله لمن لا يريد أن يرى كيف تبدو الحياة في ظل الاحتلال والحكم العسكري. سنذكّر دائمًا إسرائيل والعالم أن نظام الفصل العنصري هذا ليس قضاء ولا قدر. سوف نذكرهم دومًا أن هناك بديل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان