الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تتحمل تكلفة تَغَيّر المناخ

بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)

2022 / 6 / 17
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


"يؤدي تكثيف تغير المناخ إلى زيادة الضغط على المنظومة الإنسانية ، التي لم تعد قادرة على توفير استجابة مناسبة. وهذا ما أكدته الدراسة حول "زيادة الاحتياجات المالية الإنسانية المرتبطة بالكوارث المناخية الشديدة خلال العشرين عامًا الماضية" التي أنجزتها منظمة "أوكسفام" - Oxfam - والمنشورة في غضون شهر يونيو 2022.

لقد تصاعدت الاحتياجات التمويلية للنداءات الإنسانية للأمم المتحدة بسبب الظروف المناخية القاسية في جميع أنحاء العالم بنسبة 819٪ خلال عشرين عامًا. وقد زادت هذه الاحتياجات المالية في المتوسط من 1.6 مليار دولار سنويًا بين عامي 2000 و 2002 إلى 15.5 مليار دولار سنويًا بين عامي 2019 و 2021.

إن ما يقرب من نصف "النداءات على مدى السنوات الخمس الماضية لم يتم تلبيتها" ، وهو ما يمثل فجوة تمويلية تقدر بما بين 28 و 33 مليار دولار. وهناك عشر دول ، معظمها في إفريقيا ، قلقة بشكل خاص من هذه النتيجة ، على الرغم من أنها مسؤولة فقط على 1.4 ٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون - CO₂ العالمية ، وفقًا لتقرير "أوكسفام".

إن تكلفة الاحتباس الحراري أكبر بكثير من مقدار هذه طلبات المساعدة، التي تقدرها "منظمة أوكسفام"، أنه بحلول عام 2030 ، ستتراوح الخسائر والأضرار المرتبطة بالاحتباس الحراري في العالم بين 290 و 580 مليار دولار.

علما أن هذه التقديرات لا تشمل ما تحدثه الكوارث من حيث الأرواح البشرية والهوية الثقافية والمعارف الأصلية المحلية وصحة الإنسان والتنوع البيولوجي وتدهور الأقاليم. على سبيل المثال ، في عام 2021، اضطر ما يقرب من 60 مليون شخص إلى مغادرة أماكنهم الأصلية في جميع أنحاء العالم ، ولا سيما بسبب تجدد الصراعات والكوارث المناخية.

فمع كل كارثة مناخية - في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء - فإن أفقر الناس هم الأكثر تضرراً.
وهذا في وقت لا يزال تمويل الاستجابة الإنسانية في حالات الطوارئ غير كافٍ إلى حد كبير، وذلك بفعل عدم التزام الدول الغنية - على الرغم من كونها مسؤولة بشكل أساسي عن تغير المناخ - في تمويل الخسائر والأضرار.

لقد تضاعفت احتياجات نداءات الأمم المتحدة لحالات الطوارئ المتعلقة بالطقس القاسي 8 مرات بنسبة 800٪ على مدار العشرين سنة الماضية.

منذ عام 2017 ، قدمت الدول الغنية 54٪ فقط من المبالغ التي طلبتها النداءات ، وهذا ما ترك عجزا قدره 33 مليار دولار.

علما أن نداءات الأمم المتحدة لا تغطي سوى التكاليف الاقتصادية للكوارث المتعلقة بالمناخ والخاصة بالأشخاص الأكثر ضعفاً. ويتلقى المساعدة شخص واحد فقط من كل 8 من المتضررين.

تقدر التكلفة الاقتصادية العالمية لظواهر الطقس "المتطرفة" في سنة 2021 وحدها بنحو 329 مليار دولار ، وهي ثالث أكبر تكلفة على الإطلاق. ويمثل هذا المبلغ ما يقرب من ضعف المساعدات التي قدمتها الدول الغنية في نفس العام للدول النامية. علما أن أفقر البلدان هي أول من يتأثر بأزمة المناخ على الرغم من كونها مسؤولة عن جزء ضئيل فقط من الانبعاثات العالمية. فحاليا، على سبيل المثال ، أفريقيا مسؤولة فقط عن 4٪ من تلك الانبعاثات العالمية.

تعالج نداءات الأمم المتحدة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحًا ، لكنها لا تغطي سوى جزء ضئيل من التكلفة الحقيقية للخسائر والأضرار التي يلحقها تغير المناخ بالاقتصاد العالمي. وهكذا ، فإن المبالغ التي رصدت لنداءات الأمم المتحدة هذه قد بلغت بالكاد 474 مليون شخص منذ عام 2000 ، بينما تشير التقديرات إلى أن 3.9 مليار شخص يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل قد تضرروا من الكوارث المرتبطة بالظواهر المناخية "المتطرفة". كما تعد الخسائر والأضرار غير الاقتصادية عميقة وخطيرة ، وتشمل الخسائر في الأرواح البشرية وفقدان الهوية الثقافية ، وصحة الإنسان ، والتنوع البيولوجي...

ستستمر تكلفة تأثيرات المناخ في الارتفاع مع كل جزء من درجة الاحتباس الحراري الإضافية. فالدول الغنية - المسؤولة عن حوالي 92٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتراكمة عبر التاريخ و عن 37٪ من الانبعاثات الحالية - لا تدفع ثمن الضرر الذي تسببه ، بينما تستمر البلدان والشعوب الأكثر فقراً في العالم في تحمل وطأة الأزمة.

وترى الكثير من الجهات والمنظمات المسكونة بضرورة الحفاظ على البيئة والقلقة جدا بفعل درجة تدهورها الخطير جدا الذي نعاينه حاليا بجلاء، تجمع على أن أقل ما يمكن التوصية به، والحالة هذه :
- يجب أن تلتزم الدول الغنية بالتمويل "الثنائي" للخسائر والأضرار، وهذا علاوة على الحفاظ على البيئة المستدام والالتزام بالمساعدة الإنمائية الرسمية.
- كما يجب على جميع الحكومات إنشاء آلية لتمويل للخسائر والأضرار، بناءً على المساهمات السنوية وبناءً على مسؤوليتها التاريخية وقدرتها الاقتصادية.

تسبب الانبعاثات ارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي - درجات حرارة لا تطاق ، أحداث مناخية قاسية متكررة ، ارتفاع منسوب مياه البحر. والعواقب المتوقعة لظاهرة الاحتباس الحراري ليست مشجعة. وهذا أمر مقلق لامحالة، لكن الذي يقلق أكثر هو الخشية أن يؤدي استهلاكنا غير المنضبط للوقود الأحفوري إلى دفع مناخنا إلى حالة من الفوضى بدون رجعة. وعندها، لن يكون هناك أمل في الخروج من هذا الدوامة.

وللتذكير، إن الأرض قد شهدت تغيرات كبيرة في نظام المناخ في الماضي. وهذا بفعل الاختلافات في مدار كوكبنا أو زيادة في نشاطه البركاني. لكن الاحتباس الحراري الذي نشهده اليوم غير مسبوق، لأنه ناتج عن أنشطة بشرية محضة.

فما هي ،يا ترى، المسارات المحتملة المختلفة للمناخ العالمي اعتمادًا على الخيارات المتاحة؟
فمهما كانت الخيارات- إن لم تكن سريعة وجذرية - سيصل يومًا ما إلى حدودها وسيظل المشكل قائما وسنظل نعيش حالة انتظار الأسوأ.
حسب الخبراء، في أفضل السيناريوهات، سيستقر المناخ عند متوسط درجة حرارة جديدة أعلى مما نشهده اليوم. و درجة الحرارة هذه، هي التي تم الإعلان عنها على أنها سبب الظروف الجوية الصعبة لجزء كبير من كوكبنا. لكن هذه الظروف ستكون مستقرة.
أما بخصوص أسوأ السيناريوهات، إن النظام المناخي يسير نحو حالة من الفوضى، مع ظروف جوية لا يمكن التنبؤ بها على الإطلاق، والتي تتغير من عقد إلى آخر، بل حتى من سنة إلى أخرى! وهي قادرة على التحول من السخونة الشديدة إلى البرودة الشديدة في رمشة عين. سلوك فوضوي ، يصبح من المستحيل تمامًا توجيهه. مما قد يضع حدا لكل أمل في جعل الأرض كوكبًا صالحًا للسكن مرة أخرى. وفقًا للخبراء ، يمكن أن يحدث هذا إذا تم تجاوز عتبة درجة حرارة معينة. ومن هنا تأتي الحاجة إلى بذل كل جهد ممكن لتجنب ذلك. ولتحقيق هذا المرمى ، يجب دائمًا استخدام الحل الفريد نفسه: الحد فورًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة