الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حروب السيد حسن نصر الله

درويش محمى

2006 / 9 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


الحرب الأخيرة التي خرج منها حزب الله خاسراً ، وخرج منها لبنان البلد اكثر خسارة ، والوحيد الذي لم يخرج بعد من الحرب ، ومن الخفاء الى العلن ، هو السيد حسن نصر الله ، سيد الحرب ومفجرها .

الحروب كما هو معهود ، لها تداعياتها واستحقاقاتها ، واولى تلك الاستحقاقات تفرض عادة على القادة ، في مواقع صنع واتخاذ القرار والمسؤولية ، فاما يكرمون ويبجلون ويمدحون اذا هم فلحوا او يعاقبون ويذمون اذا هم طلحوا ، فمنهم من يرفع ويمنح الاوسمة ، ومنهم من يستقيل ويحاسب ويعتذر ، وفي خطبة سابقة ومن جملة استحقاقات الحرب الاخيرة ، اعترف السيد حسن نصر الله ضمنياً ولو بخجل ، بخطئه في تقدير عواقب خطف حزبه لجنود اسرائيليين ، الامر الذي ادى الى نشوب الحرب الاخيرة ، الخاسرة والمكلفة للبنان ، واعتبر الكثيرون وانا احدهم ، انها خطوة شجاعة تحسب للسيد ، ولو لم تصل الى الاعتراف الصريح والاعتذار الفصيح ، كما كان يفترض ، وانتظرنا الخطوة الثانية والخطاب الثاني ، لربما يبادر السيد بالاعتذار للشعب اللبناني ، ويعمد لنزع سلاح حزبه ، ويستغفر ربه ، وينخرط بالدولة اللبنانية ، ولكنها جاءت معاكسة تماماً ، وادعى السيد نصر الله ، النصر بدل الاعتذار.

التحولات المفاجئة والطفرات التي تطرأ على المواقف السياسية ، غالباً ما تصاحبها الازمات الحادة ، والتحول الذي اصاب كلا الحليفين ، التيار العوني حيث كان تحولاً اختيارياً " ونحن لسنا بصدده" ، والتحول الاخر كان من نصيب حزب الله بسبب حربه الاخيرة المغامرة ، وتداعيات تلك الحرب .

فمسألة نزع سلاح حزب الله ، مسألة وقت ليس الا ، فلم يعد للحزب وقيادته اي مبرر للأحتفاظ بترسانته العسكرية ، بوجود قوات دولية تفصل لبنان عن اسرائيل ، ويجافي المنطق اعادة حزب الله الكرة ثانية ، وخطف جنود اسرائيليين ، والقيام بمثل هذه المجازفة ،لانه مدرك لعواقبها مسبقاً ، كذلك ليس بامكان دعاة التسليح والحرب التحجج اليوم بمزارع شبعا المحتلة، المشكلة التي ستجد الامم المتحدة والمجتمع الدولي لها حلاً سلمياً، سلاح حزب الله الذي تسبب بالحرب ، والمرفوض من الاغلبية اللبنانية ، والمتمثلة في المجلس النيابي اللبناني ، من الطبيعي نزعه لتلافي حروب خاسرة جديدة تجتاح لبنان ، ونزع سلاح حزب الله من الضروريات بعد زوال حجة المقاومة والتحرير، واعادة سلطة الدولة اللبنانية اليوم تعتبر من البديهيات ، ومصادرت قرارات الدولة في اعلان الحرب والسلم ، تعتبر تجني فاضح وفظ على ارادة الاغلبية من الشعب اللبناني .

مواقف حزب الله والسيد حسن نصر الله خلال الحرب ، ليست كما هي عليه اليوم ، فلا صمته السابق ولا حديثه اللاحق يتفقان مع تداعيات الحرب ونتائجها، عدم تهجمهه على حكومة السنيورة واطراف 14 اذار، لم يكن كما اشار السيد نصرالله ، بدافع الخوف على وحدة الجبهة الداخلية ، ولا "طولة البال"، بل كان لانقاذ ما يمكن انقاذه ، واستغلال الجهود الناجحة لحكومة السنيورة ، التي اثمرت عن ايقاف الحرب ، وحديث السيد نصر الله وتصريحاته النارية الاخيرة ، مجرد محاولة للهروب من استحقاقات الحرب التي تسبب بحدوثها ، فالدعوة لاسقاط حكومة السنيورة وتشكيل حكومة جديدة ، والتهجم على رئيس الحكومة وقوى 14 اذار، واتهامه لهم بالعمالة لصالح الامريكان ، ومواقفه الحالية بمجملها ، لكانت اكثر من عادية ، وعبارة عن صدى ايجابي لعراقة الديمقراطية اللبنانية ، لو ان حزبه لم يمتلك ترسانة عسكرية ، اقوى وأكبرحتى مما تمتلكه الدولة اللبنانية نفسها .

الجميع يترقب وينتظر دخول حزب الله للمعترك السياسي ، وقبوله بالامر الواقع ، وان يتحول من منظمة عسكرية الى حزب سياسي لبناني ، ماعدا ايران والنظام السوري وربما اسرائيل ، ولكن في حال اصرار حزب الله التمسك بسلاحه ولترسانة العسكرية السورية الايرانية التي بحوزته ، فهو يعلن عن افتتاح بداية مرحلة خطرة مقبلة على لبنان، سلاح حزب الله اليوم يشكل خطورة بالغة اكثر بكثير من الماضي، لانها لن تكون سبباً لنشوب حرب قصيرة الامد مع عدو خارجي ، وخسائرها لن تكون مقتصرة على بضعة الاف من الضحايا ، بل قد تشكل سبباً لنشوب حرب داخلية اهلية طائفية طويلة الامد ، وضحاياها بمئات الالاف ، فالمغامرة ولنسميها المجازفة التي اقدم عليه حزب الله ، وتسببت في الحرب الاخيرة ، من الممكن ان تتكرر مرة اخرى ، وتتسبب بحرب اهلية مدمرة .

مواقف حزب الله الحالية ، والتي بدأت تتوضح البعض من ملامحها و تفاصيلها ، بعد التصريحات الاخيرة لامينه العام ، غير مشجعة ومشوشة ، وتحمل في طياتها امرين لا ثالث لهما ، اما انها تعكس مخاض مرحلة تحول ايجابي في سياسة حزب الله ، وبشائر التغيير لنهجه ومواقفه ، والتسليم بنزع سلاحه ، وعبارة عن حملة تحضير وتأهيل للرأي العام ولأنصار الحزب ومريديه ، لتقبل المرحلة القادمة وما تحمله من تغيير ، واما هي محاولة يائسة ، للإتيان بحكومة تقبل التفاوض معه للابقاء على سلاحه ، وبالتالي إدخال لبنان الى نفق مظلم ، قد لا يخرج منه سالماً .

حزب الله امام امتحان عسير، اما ان يتلبنن ويدخل معترك السياسة اللبنانية ويتحول الى حزب سياسي ، بارادته او من دون ارادته ، ويتنازل عن عسكريتاريته مثله مثل غيره ، او يتبلقن ويجر لبنان الى حروب ليست خاسرة فقط بل قاضية وقاتلة ، فايهما افضل يا ترى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح