الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هويّة حمراء؟!

سليمان جبران

2022 / 6 / 18
سيرة ذاتية


سليمان جبران: هويّة حمراء؟!
[ ورقة أخرى من "هذيك الأيّام" ]

في هذه الأيّام، لا يذكر "الهويّة الحمراء" إلّا قليلون. بعض كبار السنّ، مثل حضرتي، الذين عاشوا سنوات الاحتلال الأولى، وما زالتْ تلك الفترة مطبوعة على صفحة ذاكرتهم.
بعد الاحتلال مباشرة، لم يكنْ عرب هذه البلاد يفهمون معنى النظام الديمقراطي، ولا معنى المُواطن وحقوق المواطن. ما دمنا شعبا محتلّا هُزم في ساحة القتال فكلّ ما يفعلون بنا جائز!
كان للشّيوعيّين فضل كبير يومها على العرب الذين بقوا هنا في بيوتهم، ولم يرحلوا عنها، مثل كثيرين من إخوتهم، المنثورين في كلّ الدنيا. الشيوعيّون هم الذين عرّفونا أنّنا مواطنون في دولة ديمقراطيّة، ولنا فيها حقوق المواطنة، مثل اليهود نظريّا. وإنْ لم نكُنْ مواطنين متساوي الحقوق يوما. في نظر الدولة العليّة كنّا دائما رعايا لا مواطنين!
ذكرتُ في موضع آخر، كيف كان أهل المستعمرة المجاورة، "حوسن"، المقامة على أرض سحماتا، يطردوننا بالبواريد الملانة من الأرض الوعريّة، لمنعنا رعاية مواشينا فيها!
في تلك الأيّام البعيدة، بعد قيام إسرائيل مباشرة، وزّعوا على العرب الباقين في بيوتهم ولم يرحلوا، "قسائم"! ورقة لا تكاد تختلف عن الورقة التي يستخدمها التجّار اليوم، مكتوب عليها اسم الشخص واسم عائلته وأولاده، أظنّ. طبعا كانت للعرب في تلك القسائم بادئة، يومها 20 تعرّف بقوميّة حامليها! حتّى في هذه الأيّام، سمعتُ أنّ الهويّات العربيّة لها بادئة يعرَّفون بها. لكنْ أنا لا أعرفها في هذه الأيّام!
هذه "القسيمة" تعرّف بصاحبها، مثل الهويّة اليوم تماما. يحملها العربي حيثما توجّه ويعرَّف بها. وكان من حظّ الوالد أنْ أودع قسيمته تلك عند كاتبة الحاكم العسكري العربيّة[ اسمها محفوظ في ملفّات التحرير] لتجديد تصريحه فأضاعتْها. وفهمنا نحن أنّ الوالد سيحصل لاحقا على "هويّة حمراء" لا تمنح حاملها نفس حقوق حاملي الهويّة الزرقاء. كان الوالد كثير السفر إلى لبنان و"التهريب"، فظنّنا أنّ في ذلك سببا كافيا لمنحه الهويّة الحمراء بالذات. يعني مواطنة ناقصة!
عشنا في بيتنا فترة صعبة، لا أذكر مدّتها، والوالد لا يحمل قسيمة أصلا، مواطن نكرة! كنّا ننتظر بفارغ الصبر، توزيع الهويّات بدل القسائم على العرب، لنعرف مصير الوالد. طبعا لم يكنْ هناك أيّ سبب لمنح الوالد هويّة حمراء، لكنّنا في تلك الأيّام كنّا واثقين أنّهم يفعلون بنا ما يجدّ على بالهم.
فترة الانتظار هذه، والقلق طبعا، كانتْ خاتمتها توزيع الهويّات الدائمة على العرب، والوالد تسلّم "هويّة زرقاء"، فكان ذلك يوم عيد في البيت: هويّة الوالد زرقاء!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة